أقدم بائع جرائد في ميدان التحرير يشخص أزمة صحافة مصر مع «كورونا»

بائع الجرائد ناصر شعبان في ميدان التحرير
بائع الجرائد ناصر شعبان في ميدان التحرير
TT

أقدم بائع جرائد في ميدان التحرير يشخص أزمة صحافة مصر مع «كورونا»

بائع الجرائد ناصر شعبان في ميدان التحرير
بائع الجرائد ناصر شعبان في ميدان التحرير

وباء «كورونا» الذي يشغل معظم سكان الأرض حالياً، بعد قتله للآلاف، لم يتوقف تأثيره عند حدود مستشفيات الحجر الصحي فحسب، بل امتد ليشمل مناحي الحياة كافة، ومن بينها الصحافة الورقية التي تلقب بـ«صاحبة الجلالة»، والتي كانت تعاني في الأساس بمصر قبل أزمة كورونا من عزوف القراء عن شراء نسخها المطبوعة، فكيف حالها الآن في ظل أزمة كورونا؟
قبل أربعين عاماً، اختار العم ناصر شعبان ميدان التحرير (بوسط القاهرة) ليبيع به الصحف والمجلات، ما أتاح له مشاهدة الأحداث السياسية والاجتماعية كافة التي مرت بها العاصمة المصرية عن قرب خلال العقود الأربعة الماضية، قبل أن يتابع أصداء جائحة كورونا من المكان ذاته.
يرتشف عم ناصر الذي يعد أحد أقدم بائعي الصحف بميدان التحرير بالقاهرة، كوب الشاي ويتأمل... تبدل المشهد أمامه من رجال ونساء يغوصون بوجوههم في قلب الصحيفة إلى رجال ونساء أعينهم مسمرة في شاشات الهواتف، وحركتهم محمومة، فلم تعد الجرائد لديهم طقساً يومياً.
رحلة شاقة يخوضها يومياً من منزله في مدينة السلام (شرق القاهرة)، تستغرق ساعتين صباحاً وساعتين مساء، رغم إعاقته التي ولد بها في قدميه، والتي تمنعه من السير بشكل طبيعي. منذ عام 1980، بدأ عم ناصر رحلته مع الصحافة، قادماً من محافظة أسيوط (صعيد مصر)، وهو بعمر 15 سنة، لينضم لإحدى مؤسسات التأهيل المهني للمعاقين، حيث تم علاجه ليتمكن من السير بـ«عكازين».
يروي: «تعرفت على بائع صحف محطة مترو «السيدة زينب»، ووافق على أن أساعده في البيع، أذكر جيداً النداءات (إقرا المساء) حين كنت أعمل في الجرائد المسائية، ولم تكن هناك نسخ مرتجعة من الجرائد الأربع الرئيسية: الأهرام والأخبار والجمهورية والوفد».
ويعود الرجل الخمسيني بذاكرته إلى ثمانينيات القرن الماضي: «بدأت العمل بميدان التحرير عام 1982. أبيع صحف (الأهرام والأخبار والجمهورية والوفد والشعب)، ثم زادت الصحف في التسعينيات، وانضمت الصحف الخاصة، كلما زادت الجرائد زاد تعبها، من حصرها ورصها للعرض للجمهور، ثم جمعها صباح اليوم التالي، وإعادة المرتجع منها». يضحك ثم يضيف: «الجرائد بضاعة لا تفسد».
لا يهم رياح أو شمس حارقة، يتابع عمر ناصر عمله، وقد بات رمزاً من رموز الميدان، بل كانت «فرشة» الجرائد محطة أساسية لأديب نوبل نجيب محفوظ، إذ يقول: «كان المقهى المفضل لمحفوظ (علي بابا) على بعد خطوات مني. أذكر أن سعر الجرنال وقتها كان 20 قرشاً. كان محفوظ يتسم بالهدوء الشديد، يأخذ 5 جرائد، ويعطيني الجنيه، ويمضي للمقهى».
«الجرائد في زمن كورونا حالها يصعب على أي حد»، يقول بأسى كبير، مضيفاً: «ليست الجرائد اليومية التي تعاني من عزوف القراء، بل أيضاً المجلات الأسبوعية والشهرية... كانت للمجلات الفنية (شنة ورنة). أما الآن، فالشباب يتابعون الفنانين من (فيسبوك). كما أن المجلات العربية غابت منذ شهرين بسبب الحظر الجوي، لذلك أتمنى من الله أن تنتهي أزمة كورونا، وتعود الحياة إلى طبيعتها مجدداً».
ووفق ناصر، فإنه الآن لا يبيع سوى 40 صحيفة كل يوم. فرغم أن مبيعات الصحف ازدادت قليلاً قبل تفاقم أزمة كورونا بمصر، بسبب شغف الناس بمتابعة كل ما يكتب عن الفيروس، فإنه لا يبيع حالياً إلا بنحو مائة جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، خصوصاً بعد فرض حظر التجول، لا سيما أنه يعتمد في بيع صحفه فقط على كبار السن.
أيام لا تنسى عايشها عم ناصر مع الصحف: «أكثر يوم بعت به جرائد خلال 40 سنة كان يوم اغتيال الرئيس السادات، كانت الناس تتسابق للحصول على نسخة، أما وفاة مبارك فتابعها الجميع على الإنترنت».
يذكر: «قبل الإنترنت، كان الناس يتزاحمون على الصحف في تمام الثامنة مساء، كانوا يقفون في طابور لشرائها، واستمر هذا الوضع حتى أواخر التسعينيات، فكنت ألقي بجسدي على الجرائد حتى لا تسرق».
تدور السيارات في الميدان، وتدور معها عجلات الزمن مسرعة، بينما يحاول عم ناصر ضبط إيقاعها. يتذكر ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، ويقول: «كانت الجرائد تُخطف، خاصة يوم تنحي مبارك، بعت ما يزيد على 20 ألف جريدة».
قبل أن ينفض عنه غبار المارة والسيارات، يترك العم ناصر الميدان في الخامسة مساء، قبل ساعتين من بدء حظر التجوال.
يخشى عم ناصر من تقلبات الزمن، متمنياً اهتمام الحكومة المصرية بباعة الصحف: «ليس لنا نقابة، وللأسف ليس لنا مهنة أخرى، في وقت انخفض فيه عدد باعة الصحف بشكل كبير جداً في مصر» بحسب وصفه.



تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
TT

تميم فارس: «ديزني+» تعرض محتوى يلائم ثقافة المنطقة ويحترمها ويراعيها... ونعمل على توسيع شراكاتنا

شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)
شعار "ديزني +" كما بدا في مناسبة الاطلاق قبل سنتين في دار الأوبرا بدبي (رويترز)

شدد تميم فارس، رئيس «ديزني+» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، على أن منصة «ديزني+» مهتمة بالعمل على «تقديم محتوى يلائم ويحترم ويراعي الثقافة المحلية للجمهور» في المنطقة. وأشار إلى أن «ديزني+» ماضية قدماً ليس فقط في تقديم أفلام ومسلسلات مشهورة مع ضمان ملاءمتها واحترامها للثقافة المحلية، بل إن «جميع المحتوى الموجه إلى الجمهور تجري مراجعته بدقة لتحقيق هذه الغاية».

تميم استهلّ اللقاء بقوله «أولاً وقبل كل شيء، يسعدني أننا أطلقنا منصة هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهذه المنطقة غنية بالثقافة والتراث والتقاليد. ولقد كان بمثابة حلم يتحقق أن نقدّم هذا المحتوى المميز إلى الجمهور المحلي العاشق للسينما والترفيه».

وتابع، من ثم، ليتطرّق إلى مواجهة بعض التحديات خلال هذه الرحلة فيقول: «ونحن بعد سنتين تقريباً على إطلاق (ديزني+)، نواصل - مثلاً - التعلّم من جمهورنا، وتنقيح محتوى المنصة؛ كي يراعي الثقافة المحلية للمشاهدين في المملكة العربية السعودية. ويشمل هذا نهجنا المحلي للمحتوى، وهذه أولوية كبيرة بالنسبة لنا».

إطلاق «ديزني+»

تميم فارس شرح أن «ديزني+» منصة توفّر خدمة عرض المحتوى الترفيهي حول العالم، منذ إطلاقها في عام 2022 في 16 سوقاً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها «تعرض مجموعة واسعة من أشهر القصص من إنتاج شركة (والت ديزني)، بما في ذلك الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية والأعمال الأصلية الحصرية من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) وغيرها الكثير».

ثم ذكر أن كثيرين اعتادوا مشاهدة الأفلام الكلاسيكية من «ديزني» بدءاً بـ«الأسد الملك» و«علاء الدين»، ووصولاً إلى «موانا» و«إنكانتو». بالإضافة إلى عرض هذه الأفلام العائلية المفضلة على «ديزني+»، فهي متوافرة كذلك للمشاهدة بخياري الدبلجة باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى المعاصرة.

وبعدها علّق من واقع تجربته الشخصية: «أنا مثلاً، نشأت على مشاهدة الكثير منها مدبلجاً بصوت أشهر الممثلين والممثلات مثل محمد هنيدي ومنى زكي وعبلة كامل وخالد صالح، والآن أُتيحت لي فرصة مشاهدتها مرة أخرى مع ابني زين على المنصة».

ثم لفت إلى أن «ديزني+» تقدّم محتوى جديداً باستمرار، بما في ذلك الإصدارات السينمائية الحديثة والضخمة الصيفية، وكان آخرها فيلم «قلباً وقالباً 2» من إنتاج «ديزني» و«بيكسار» على «ديزني+» في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد بأن «هذا الفيلم تصدّر قائمة أفلام الأنيميشن الأعلى تحقيقاً للإيرادات على الإطلاق، وجارٍ الآن عرضه حصرياً على (ديزني+)... وفي الواقع، يجري عرض أعمال (ديزني) السينمائية كافّة على منصة (ديزني+) في نهاية المطاف».

تميم فارس، رئيس "ديزني+" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (ديزني)

التكيّف مع المشهد التنظيمي الإقليمي

من جانب آخر، بالنسبة إلى الامتثال للقوانين المحلية للبث، أكد تميم فارس أن «فريقنا الإقليمي في (ديزني+) يقدّر الثقافة العربية تماماً، وأنا بصفتي أباً عربياً، أشارك تجربة شخصية مع ابني زين البالغ من العمر 7 سنوات؛ إذ نشاهد المحتوى معاً أو يشاهده بمفرده أحياناً. لذلك، أحرص على أن يكون ما يشاهده آمناً ومناسباً لثقافتنا العربية، ويتماشى مع قيمنا وتقاليدنا وأعرافنا».

وأردف: «وكما ذكرت سابقاً... المحتوى هو الركيزة الأساسية لكل ما نقدّمه. ومنذ إطلاق المنصة، أنشأنا فريق امتثال متخصصاً على المستوى المحلي، وهو الفريق المسؤول عن مشاهدة المحتوى المعروض ومراجعته وفحصه بدقة. ولا يُجاز شيء إلا بعد تأكد هذا الفريق من أن كل كلمة تُنطق أو تُترجم أو تُدبلج تتوافق أو يتوافق مع قيمنا العربية وتقاليدنا. ولا بد أن يتوافق المحتوى الموجه إلى الجمهور الأصغر سناً مع هذه الإرشادات ليصار إلى عرضه على (ديزني+)».

وفي الاتجاه نفسه ركّز تميم على أنه «بالإضافة إلى فريقنا، ونظراً إلى أنني أب عربي لابن صغير، أدرك أن ابني يستطيع مشاهدة مسلسلاته وأفلامه المفضلة ضمن بيئة آمنة ومناسبة لكل أفراد العائلة من دون استثناء، وذلك من خلال تمكين الوالدين من ضبط إعدادات المشاهدة بسهولة مطلقة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده الأطفال، بما في ذلك خيار إعداد حسابات خاصة بهم وحمايتها من خلال رمز سري».

وأضاف شارحاً: «وحقاً، نحن نولي أهمية قصوى للحفاظ على صدقنا وأصالتنا تجاه جمهورنا العربي، ونلتزم بتقديم محتوى عالي الجودة يتماشى مع قيمنا العربية الأصيلة. وبصفتي أباً، أشعر بالطمأنينة لمعرفة أن أطفالي يستمتعون بمحتوى آمن ومناسب لأعمارهم».

استراتيجيات «ديزني+» في المنطقة

وحول استراتيجيات «ديزني+» في منطقة الشرق الأوسط، أوضح أن المحتوى الذي تقدمه المنصة كفيلٌ بالتأكيد على مدى نجاحها، وقال: «منصة (ديزني+) تعرض ثمانية من أفضل عشرة أفلام تحقق أعلى مستوى مبيعات حول العالم التي تُعرض تقريباً معظمها بشكل حصري على (ديزني+)، ويمكن لمشاهدي المنصة مشاهدة آلاف المسلسلات والأفلام من إنتاج (ديزني) و(بيكسار) و(مارفل) و(ستار وورز) و(ناشيونال جيوغرافيك) والمحتوى الترفيهي للبالغين من (ستار). إننا نقدم حقاً المحتوى الذي يناسب تفضيلات الجميع من الفئات العمرية كافّة ومختلف شرائح المجتمع».

وزاد: «إننا نحرص دوماً على عرض الأعمال الجديدة على منصتنا، لكننا ندرك في الوقت نفسه أن خيارات مشاهدينا المفضلة تتغيّر وتتوسع لتشمل رغبتهم في مشاهدة المحتوى العالمي أيضاً». وتابع: «لقد بادرنا مثلاً إلى تنظيم مجموعات متخصصة في الكثير من المدن السعودية، للتفاعل مع المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي والوقوف على المحتوى الذي يشاهدونه عبر المنصة. وفي الوقت نفسه، نحرص دوماً على الاستفادة من عملائنا المحليين والارتقاء بإمكاناتنا والمحتوى الذي نقدمه إليهم؛ كي ننجح في توفير خدمات تلبي احتياجات المنطقة».

المحتوى المحلي

تميم فارس قال إن «ديزني+» تتطلع لمزيد من الأعمال والإنتاجات التي تعزّز مكانتها في المنطقة، وبالتحديد على المستوى المحلي، «على سبيل المثال، أعلنا شعارنا الجديد الذي يضم للمرة الأولى على الإطلاق كلمة (ديزني) باللغة العربية. وبادرنا إلى إطلاق أول حملة إعلانية ننتجها محلياً على الإطلاق، ويشارك فيها فريق عمل سعودي بامتياز يضم أشهر صناع المحتوى المحليين، لتعزيز شعور المشاهدين على مستوى المنطقة بالشمولية والانتماء».

ثم أضاف: «وثانياً هناك المحتوى الذي تقدّمه المنصة؛ حيث نؤكد مواصلة التزامنا بتقديم محتوى جديد ومتنوع والحفاظ على مكانتنا الحالية، من خلال إضافة أعمال جديدة إلى مكتبتنا الضخمة من المحتوى الذي نعرضه للمشاهدين كل يوم... ونحرص على تقديم المحتوى الترفيهي الذي يرتقي إلى مستوى تطلعات المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتفضيلاتهم، بدءاً من الأعمال العالمية التي تحقق نجاحاً كبيراً وصولاً إلى المحتوى المحلي المدبلج باللغة العربية».

ومع تشديده على أن جميع الأفلام والمسلسلات والبرامج التي تُعرض على «ديزني+» تتوافق بالكامل مع المتطلبات التنظيمية المحلية السعودية، أوضح تميم أن المنصة تسعى باستمرار إلى عقد مزيد من الشراكات مع أبرز الشركات المزودة لخدمات الاتصالات، مثل شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو»، وشركة اتصالات «زين» في الكويت، لتوفير مجموعة من خيارات الاشتراك، وتتطلّع إلى مواصلة عقد مزيد من الشراكات خصوصاً في السعودية في المستقبل القريب.

واختتم بتسليط الضوء على عروض الأفلام الوثائقية المرتبطة بالمنطقة، فقال: «نعرض حالياً فيلم (كنوز الجزيرة العربية المنسية) على منصة (ناشيونال جيوغرافيك)، لتمكين المشاهدين من رؤية ثقافتهم الغنية وتراثهم العريق من زاوية مختلفة، وننظر أيضاً في فرص توسيع نطاق المحتوى الذي نقدمه إلى المشاهدين، من خلال بناء شراكات واتفاقيات تعاون مع مجموعة محلية من صناع المحتوى وشركات الإنتاج».