بعد شهرين من عودته إلى أحضان عائلته، إثر اختطافه رضيعاً قبل أكثر من 20 عاماً، ما زال موسى الخنيزي يعيش مرارة ما حدث له، ليس فقط بسبب تغييبه قسرياً عن والدته ووالده وأهله، ولكن لرعونة الحياة التي أُجبر على العيش فيها.
لكنّ والده علي منصور الخنيزي قاد مع آخرين من ذوي المخطوفين مبادرة للبحث عن مخطوف آخر، هو نسيم الحبتور، قضت بتقديم مكافأة لمن يساعد السلطات في العثور عليه. واليوم، وبعد صدور بيان النيابة العامة السعودية بتجريم الفاعلين والادعاء عليهم، قدّم الخنيزي مبادرة أخرى، تعهد من خلالها بالسعي الجاد من أجل الحصول على تنازلات عن الحق الخاص من ذوي المخطوفين السابقين: نايف القرادي، ويوسف العماري، وولده موسى الخنيزي، بشرط قيام المتهمة وشركائها بالكشف عن كامل المعلومات بشأن بقية المخطوفين، حتى يتسنى لهم العودة لذويهم.
وقال الخنيزي لـ«الشرق الأوسط» إنه يشترط أن «يتعاون المتهمون مع القضاء بشكل أكبر، ويكشفوا عن بقية المعلومات التي يملكونها بشأن المختطفين الآخرين، ومن بينهم اليمني نسيم الحبتور، وكذلك ابن آخر لسيدة عربية أنجبت توأماً، وفقدت أحدهما بعد ولادته بساعات، وأبلغت حينها أنها توفي وتم دفنه».
وبيّن الخنيزي أن المتهمين في القضية لديهم كثير من الأسرار، وقد أنكروا كثيراً من الوقائع، وهذا ما أوجد شهود زور في القضية، أعلن عنهم بيان النيابة العامة السعودية، من بينهم أحد الهاربين إلى خارج المملكة الذي تم طلبه عبر الإنتربول.
وشدد على أنه تلقى كثيراً من المعلومات في أثناء مبادرته السابقة، بتقديم مكافأة مالية قيمتها مليون ريال، من أجل الحصول على معلومات تؤدي إلى الوصول إلى المختطف اليمني نسيم الحبتور، حيث تركزت المعلومات على وجود حالات خطف بطريقة خطف الأطفال الثلاثة نفسها، سواء من المستشفيات أو من في الأماكن العامة، حيث كان اختطاف الحبتور من كورنيش الدمام وهو في سن 16 شهراً تقريباً.
أما ابنه المخطوف موسى الخنيزي، فأكد أنه سعيد بالتخلص من حياته السابقة التي وصفها بـ«السيئة» بكل ما تعنيه الكلمة، حيث كان يرى أشياء في طفولته خصوصاً لا يمكن رؤيتها من قبل أي شخص، حتى البالغين، مما سبب له متاعب نفسية.
ومن جانبه، بيّن يحي القرادي، وكيل وعم المختطف السابق نايف القرادي، أنهم سيوافقون على مبادرة الخنيزي، على أن تفي بالشرط الذي ذكره، وهو قيام المتهمين بالإفصاح عن المعلومات المتعلقة بمختطفين لم يتم الوصول إليهم إلى الآن، مشدداً على أن الأمر لا يتعلق بانتقام شخصي، بل بمحاربة هذا النوع من الجرائم التي تمثل فساداً في الأرض، حيث إن الحق العام لدى القضاء السعودي الذي أثبت عدالته، وأعلن لائحة الاتهامات تجاه المتهمين بهذه القضية التي كانت بكل تأكيد بناء على أدلة دامغة فصلت فيها النيابة.
وأكد القرادي أن خطف ابن شقيقه تسبب بمتاعب كبيرة في العائلة على مدى 27 عاماً، وكانت سبباً رئيسياً في تعرض شقيقه والد نايف إلى مرض القلب، ووفاته على أثرها مؤخراً قبل اللقاء بابنه.
وبيّن أن نايف لم يفصح لهم عن كثير من المعلومات عن حياته السابقة لأنه لم يفق إلى الآن من الصدمة التي مر بها، من حيث الاختطاف بعد ولادته بقرابة 6 ساعات، وبقائه مع المتهمة بالخطف أكثر من 26 عاماً، إلا أنه بيّن أنه من المعلومات التي أفصح عنها أن المتهمة كانت متشددة تجاههم، وتتسلط عليهم، ولا تسمح لهم بالتأخر بعد خروجهم، وكانت تتحكم بجميع ما في المنزل، حتى ابنها الأكبر محمد، والمتهم اليمني الذي بقي قرابة 20 عاماً.
وبرر دفاعهم عن المتهمة في الأيام الأولى من اكتشاف خطوط القضية بأن نايف ويوسف العماري وموسى كانوا في حالة الصدمة النفسية، وأكد لهم نايف أنهم لم يحظوا بالتأهيل الكافي قبل الانتقال لأسرهم الحقيقة، متمنياً أن يتم التأهيل قريباً من هول الصدمة.
وأشار يحيى قرادي إلى أنهم موجودين هذه الفترة في جازان، وسيعودون إلى المنطقة الشرقية بعد نهاية أزمة كورونا، من أجل تصحيح الشهادات الدراسية لنايف، وتحويلها إلى اسمه الحقيقي، بدلاً من اسمه السابق الذي كان تحت اسم أحد المتهمين الرئيسيين في الاختطاف، كما سيتابعون مواضيع كثيرة بشأن مستقبل نايف «عملياً»، خصوصاً أنه تعود على الحياة بالشرقية، ومن الصعب تقبل العيش فجأة في بيئة جديدة، وإن كانت بيئة والديه.
أما يوسف العماري، فكشف عن عدة جوانب في حياته السابقة، خصوصاً ما يتعلق بخشيته من التعرض للقبض من قبل رجال الأمن دون أن يكون لديه «هوية إثبات شخصية»، مبيناً أنه كان يذهب إلى أحد الأندية الرياضية، قرب مقر سكنه السابق، من خلال مبالغ يقترضها ممن تربوا معه.
وأكد أنه تعرض لكثير من حالات «التنمر» من أقارب المتهمة حينما يتم زيارتهم، مما جعله يقرر عدم الذهاب مرة أخرى، إلا أنه كان يتم الضغط عليه لتكرار ذلك.
ونفى بشدة أن يكون قد التحق بالتعليم بأي شكل من الأشكال، والحال نفسه لموسى، مبيناً أنه تعلم اللغتين العربية والإنجليزية من خلال الممارسة والألعاب الإلكترونية، لكنه بدأ جدياً في تعلم الكتابة.
وكان الابن البكر للمتهمة بالخطف قد أوضح أنه فوجئ بحديث والدته عن أن الثلاثة الذين كان يعدهم إخوته هم «لقطاء»، مبدياً حسرته لفقدان من عدهم أشقاءه ورفقاء دربه في ظروف دراماتيكية.
بقيت الإشارة إلى أن مصادر «الشرق الأوسط» أوضحت أن المقيم اليمني أقر بأنه شارك في عملية خطف موسى الخنيزي، من خلال انتظاره للخاطفة في مواقف المستشفى، وذلك خلال جلسات استجوابه في النيابة العامة، مدعياً أنه لم يشارك سوى في هذه الجريمة.
«خاطفة الدمام» وأعوانها أمام مبادرة تحدد مصير بقية الضحايا
«أسرار كثيرة» حفّزت الخنيزي على إطلاقها مقابل التنازل عن الحق الخاص
«خاطفة الدمام» وأعوانها أمام مبادرة تحدد مصير بقية الضحايا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة