السودان يسترد عقارات بملايين الدولارات من رموز عهد البشير

لجنة اجتثاث آثار النظام السابق تفضح {زيف} شعاراته الدينية

السودان يسترد عقارات بملايين الدولارات من رموز عهد البشير
TT

السودان يسترد عقارات بملايين الدولارات من رموز عهد البشير

السودان يسترد عقارات بملايين الدولارات من رموز عهد البشير

أعلنت لجنة حكومية مسؤولة عن إزالة آثار نظام «الإخوان المسلمين» المسمى «الإنقاذ»، استرداد عقارات وأصول بملايين الدولار، كانت ملكا للدولة قبل أن يتولى عليها رموز ومحاسيب حكم الرئيس السابق عمر البشير، من بينها هيئة النقل النهري التي تقدر أصولها بنحو 450 مليون دولار.
واستردت الحكومة أيضا المئات من قطع الأراضي السكنية المسجلة بأسماء قيادات إسلامية معروفة وعوائلها، تبلغ مساحتها قرابة 250 ألف متر، وتقدر قيمتها أيضا بملايين الدولارات.
وقال نائب رئيس لجنة تفكيك نظام البشير، عضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن لجنته استردت عددا من الممتلكات الكبرى، تم بيعها لمحاسيب النظام المعزول تحت اسم «الخصخصة والتخلص من القطاع العام».
وتعهد الفكي باسترداد أموال الشعب التي سطا عليها رموز النظام المعزول من الإسلاميين، وأضاف: «نحن مفوضون من الثورة، واللجنة تعرف أهميتها بالنسبة للسودانيين، وهي لجنة مع لجان أخرى تسعى لتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة».
وأوضح أن قلة لا تتعدى 2 في المائة استولت على مقدرات البلاد وتركت الشعب فقيراً، وسخر من محاولات ربط نظام الإسلاميين بالإسلام، مشيرا إلى أن اللجنة استردت المئات من قطع الأراضي المسجلة باسم رموز النظام، ومن بينهم الأمين العام لمنظمة الدعوة الإسلامية عطا المنان بخيت، وهي المنظمة التي تم حلها الأسبوع الماضي، ومدير عام الشرطة الأسبق محمد نجيب الطيب وعقيلته هند مصطفى.
وقال المتحدث باسم اللجنة صلاح مناع، إنهم استردوا «مؤسسة النقل النهري» باعتبارها واحدة من المؤسسات الاستراتيجية التي دمرها النظام، وخصصها لأفراد محددين من محاسيبه، وإعادتها لوزارة المالية السودانية.
وبحسب مناع تقدر قيمة أصول مؤسسة النقل النهري بنحو 450 مليون دولار، تم تخصيصها لعدد من الموالين النظام وشركائهم الإقليميين، على عهد وزير المالية والأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن المتهم الأول في البلاغ.
وقال مناع إن كلا من رئيس اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام، ووالي الجزيرة الأسبق الشريف أحمد بدر عمر، ووزير الدولة بالمالية الأسبق أحمد مجذوب وأعضاء مجلس إدارة شركات، شركة النيل والشركة السودانية للنقل النهري، وغيرهم، ضالعون في فساد تدمير مؤسسة النقل النهري الشهيرة.
وألغت اللجنة تسجيل منظمة «أنامل» الخيرية، واتهمتها بجمع أموال باسم المرأة والأطفال وتبديدها، والحصول على قطع أراض وعقارات من بينها مستشفى يخدم جنوب الخرطوم، لم تكمل بناءه.
بدوره، قال عضو اللجنة وجدي صالح، إن اللجنة استردت ممتلكات منظمة «معارج للسلام والتنمية»، وتخص أسرة الرئيس المعزول عمر البشير، وتملك 14 عقارا، بينها مدارس وأندية ومحال تجارية في منطقة «كافوري» الراقية.
وأوضح صالح أن اللجنة استردت 71 أرضا مسجلة باسم الأمين العام لمنظمة الدعوة الإسلامية عطا المنان الحاج بخيت، والذي شغل أيضا منصب وزير الدولة بالخارجية.
كما استردت اللجنة 129 قطعة أرض سكنية مسجلة باسم مدير عام الشرطة الأسبق الفريق محمد نجيب الطيب، وعدد 131 قطعة أخرى مسجلة باسم زوجته هند مصطفى.
واستردت اللجنة ما نسبته 73 في المائة من أسهم صحيفة «الرأي» العريقة، مسجلة باسم عبد الغني أحمد إدريس «صهر القيادي الإسلامي غازي صلاح الدين العتباني» وخالد غازي صلاح الدين العتباني، ومحمد غازي صلاح الدين العتباني، وحولتها لوزارة المالية.
وتوعدت اللجنة بالعمل خلال فترة الإغلاق الكامل للخرطوم، وعدم التوقف حتى استرداد المؤسسات الكبرى التي استولى عليها محاسيب نظام الإسلاميين المعزول، تحت أسماء عديدة من بينها التمكين والخصخصة، والتخلص من أصول الحكومية، والفساد والإفساد.
وقال رئيس اللجنة عضو مجلس السيادة الفريق أول ياسر العطا، إن اللجنة التي يترأسها لا تعمل على التشفي من أحد، بل تعمل وفق القانون، وأضاف: «نطمئن الجميع أننا نعمل داخلياً وخارجياً، بتوافق تام، وبكل الدقة والحكمة من أجل استرداد كل أموال وإمكانيات وقدرات الشعب السوداني»، وذلك رداً على إشاعات أطلقها إعلام الإسلاميين بأن اللجنة منقسمة على نفسها.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.