ضغوط الكتل السياسية على الكاظمي لتمرير مرشحيها تفجر خلافات بينها

TT

ضغوط الكتل السياسية على الكاظمي لتمرير مرشحيها تفجر خلافات بينها

حتى الآن، كل شيء يسير لصالح رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي. الكاظمي يواجه نوعين من الشروط من البيوت الرئيسية الثلاثة (الشيعي والسني والكردي). ففيما تكاد شروط الكتل الشيعية الرئيسية تتمحور حول انسحاب القوات الأميركية من العراق، بوصفها الشغل الشاغل لهذه الكتل، قبل أسماء الوزراء، فإن المرشحين للوزارات يكادون يكونون هم الشغل الشاغل للكتل السنية مع الثوابت المعروفة لديهم، وهي المهجرون والنازحون وإعمار المدن المحررة. أما الكتل الكردية، فإن همها الرئيس مع مرشحيهم للحقائب الوزارية ضمان حصة الإقليم الكردي من الموازنة، بما في ذلك رواتب الموظفين.
مع ذلك، فإن السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر، المعروف باطلاعه على تفاصيل وخفايا الأمور في الوسط السياسي، فاجأ الجميع، أمس، في تغريدة له على «تويتر»، كشف فيها عما سماه افتتاح «مزاد لبيع الحقائب الوزارية» للحكومة، التي يعمل الكاظمي على تشكيلها. ومع أن الإعلان عن مزاد من هذا النوع ليس جديداً، لكن أي رئيس وزراء حالي أو سابق مكلف، أو اعتذر عن التكليف، لا صلة له بهذا المزاد. فهذا النوع من عمليات البيع والشراء تجري عادة داخل الكتل والمكونات في العادة، بينما تكون حصة رئيس الوزراء هي السيرة الذاتية للوزير المرشح الذي يتوجب عليه قبوله، إما اضطراراً بتقديمه له في الساعات الأخيرة، حيث لا وقت لديه لدراسة سيرته، أو تفخيم سيرته، بحيث يقبله في النهاية من بين ثلاثة مرشحين يراد تمرير أحد بعينه.
ويكشف الشابندر عن وصول «خبراء تقييم الحقائب بطائرة خاصة على نحو عاجل مع وجود تسهيلات خاصة، نظراً لعدم وجود تخصيصات مالية بسبب تدني أسعار النفط».
وبصرف النظر عمن يعنيه الشابندر بهذه التغريدة، فإن ما يجري على أرض واقع الحراك السياسي لا يزال يتحرك في إطار الشروط السياسية التي بدأت تنعكس خلافات داخل البيوت الرئيسية المكونة للعملية السياسية، إن كانت ضغوطاً على المكلف، أو ضغوطاً داخل الكتل نفسها، بين حمائم وصقور مرة، أو بين أكثرية وأقلية مرة أخرى. الكتل الشيعية، وعلى لسان النائب في البرلمان العراقي عن «تحالف الفتح» نعيم العبودي، لا تبدو أن لديها شروطاً خاصة بها بقدر ما تتركز شروطها على كيفية التعامل مع الثوابت التي سبق لها أن أعلنت عنها، وهي الانسحاب الأميركي من البلاد. ويقول العبودي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «(كتلة الفتح) أخبرت رئيس الوزراء المكلف بأنه هو من يختار الوزراء دون شروط مسبقة من قبلها عليه، طبقاً للمعايير التي وضعها المكلف من نفسه من نزاهة وكفاءة والتمتع بروح القيادة»، مبيناً: «إننا سوف نذهب مع رئيس الوزراء بهذا الاتجاه، دون ضغوط، وأعتقد أن مثل هذه الإرادة متوفرة لدى غالبية الكتل حتى الآن بهذا الاتجاه». كردياً، ورغم ظهور خلافات حزبية بين «الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الأمر الذي دعا رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، إلى المطالبة بالكف عما سماه السجالات السياسية، فإن الموقف الداعم للكاظمي لم يطرأ عليه تغيير، إن كان بشأن حصصهم من الوزارات، أو طريقة توزيعها. في مقابل ذلك، فإن الخلافات داخل البيت السني أعادت إلى الواجهة من جديد قضية المدن المحررة، وطريقة تمثيلها، بين جبهتين؛ الأولى يمثلها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي يتزعم «تحالف القوى العراقية»، مقابل تحالف آخر يتزعمه خميس الخنجر وأسامة النجيفي. الجبهة المناهضة للحلبوسي أعلنت أنها شكلت جبهة جديدة هي جبهة المدن المحررة، التي أعلنت عن حدوث انشقاق داخل «تحالف القوى» الذي يتزعمه الحلبوسي. لكن النائب عن محافظة الأنبار والقيادي في «تحالف القوى» يحيى غازي، نفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أي «انشقاق داخل تحالف القوى العراقية الذي يعد الرقم السني الأصعب في المعادلة السياسية العراقية اليوم». ويضيف غازي أن «الجبهة التي تدعي تمثيل المدن المحررة دائماً ما تعلن عن نفسها عند كل مكلف لتشكيل الحكومة، في محاولة منهم لعرض خدماتهم من أجل الحصول على مناصب سياسية بحجة تمثيل المكون»، كاشفاً أن «العكس هو الصحيح، حيث إن هناك نواباً خرجوا من تحالفنا خلال الفترة الماضية عادوا إلينا الآن، وبالتالي أصبح تحالفنا أكثر تماسكاً من ذي قبل».
بدورها، نفت «جبهة الإنقاذ والتنمية»، التي يتزعمها أسامة النجيفي، والتي قيل إنها جزء من جبهة المدن المحررة، أن تكون لها علاقة بأي تمثيل سياسي جديد. وقالت الجبهة، في بيان، أمس، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «لم تكن الأهداف التي رفعتها (جبهة الإنقاذ والتنمية) النابعة من قاعدتها الفكرية والمبدئية، إلا استجابة لنبض أبناء الشعب، وتحسساً للآلام والأزمات التي عاشوها، والانغلاق الذي عانت منه العملية السياسية، لذلك كانت الجبهة بأحزابها وشخصياتها وكوادرها أمينة على التمسك بحق الشعب في الكرامة والسيادة، ومحاربة الفساد والتبعية، مدافعة عن حقوق المظلومين الذين تعرضوا للتهجير والاعتقال والإخفاء القسري، مطالبة بإنهاء معاناة النازحين، وبناء وإعمار ما دمره الإرهاب والعمليات العسكرية ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، داعمة للحراك الشعبي ومطالبه العادلة بوطن وحكم رشيد، وانتخابات نزيهة مبكرة بإشراف ومشاركة الأمم المتحدة».
وأضافت الجبهة أنها «تؤكد أن لا تغيير في مواقفها، بل إنها تزداد تمسكاً بها ما دامت المعاناة قائمة، وتقييمها للأمور يستند على مصلحة الشعب بالدرجة الأساس، لذلك كانت ولا تزال بعيدة عن كل جهة أو شخصية ساهمت بالفساد أو إهدار الحقوق، فالجبهة لا تتجاوز ثقة جماهيرها»، مبينة أنه «ورد اسم الجبهة ضمن تجمع سياسي حديث، ما يدعوها إلى نفي قيامها بأي تحالف ترى أن الوقت والظروف الموضوعية غير ملائمين له، وتؤكد مرة أخرى أنها بعيدة تماماً عن البحث عن فرص أو مناصب حكومية، إذ إن همها الأول والأخير تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها، وهي نابعة من مصلحة الشعب وتطلعاته الحرة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.