«كورونا» يودي بحياة المغني الفرنسي كريستوف

صاحب «كلمات زرقاء» التي تتحدث عن لغة العيون

«كورونا» يودي بحياة المغني الفرنسي كريستوف
TT

«كورونا» يودي بحياة المغني الفرنسي كريستوف

«كورونا» يودي بحياة المغني الفرنسي كريستوف

بعد نقله من مستشفى في باريس إلى آخر في مدينة برست (غرب البلاد)، أعلن أمس عن رحيل المغني الفرنسي كريستوف بعد إصابته بمرض «كورونا». ويبلغ الفنان الراحل من العمر 74 عاماً، وهو معروف لدى أجيال متعاقبة من الفرنسيين بصفته صاحب أغنيات شهيرة استقرت في الذاكرة الجمعية. ويأتي انطفاء كريستوف ليضيف اسماً جديداً إلى قائمة المغنين والعازفين والملحنين الذين أودى بهم الوباء العالمي، ومنهم الكاميروني مانو ديبانغو، والأميركيين لي كونتز وبيل وذرز، والمارتنيكي باتريك فرانكفورت عضو فريق «جيبسون براذرز».
دخل كريستوف، واسمه الأصلي دانييل بيفيلانكا، المستشفى في الـ26 من الشهر الماضي بسبب ضيق في التنفس. وكان من ضمن عشرات المرضى الذين تم نقلهم بقطار مجهز طبياً إلى مدينة برست (غرب البلاد) لتلقي علاج بجهاز للتنفس الصناعي. وتواترت بعد ذلك أنباء متقطعة، قبل أن ينشر صديقه القديم بيير ليسكور، رئيس مهرجان «كان»، تغريدة تفيد بوفاته، حيث كانت بجواره ابنته لوسي.
تميز كريستوف بقامته النحيلة وشاربه الرفيع وشعره الأشقر الذهبي. وخلال نصف قرن من اشتغاله في الفن، حافظ على صورة «العاشق اللاتيني» المرهف الذي يجيد التعامل مع النساء. ورغم أنه من جيل جوني هاليداي، فإنه لم ينل مجداً مماثلاً. ومع هذا، تمكن، وهو في سن الخمسين، من تحقيق نجاحات كبيرة، بعد أن غامر ودخل ميدان الإنتاج الموسيقي الذي راهن فيه على كل ما يملك. وأنتج كريستوف أسطوانات شاركه فيها مغنون آخرون، كما أدى في أغنياتها التحية لمن يحبهم من المغنين العالميين. وبلغت به المغامرة حد استضافة النجمة إيزابيل أدجاني في واحدة من أغنياته، عام 2008.
واصل الفنان العمل، ووقف على مسرح «الأولمبيا»، وأدى أدواراً في مسرحيات استعراضية. كما أصدر في العام الماضي أسطوانة مزدوجة، جمع فيها بعض أعماله وأعمال غيره من الأسماء الجديدة. وهو اعتاد، طوال مسيرته، على أن يكتب كلمات أغنياته ويضع ألحانها بنفسه. ومن أشهرها «آلين» التي تصدرت المبيعات في عدة دول لدى صدورها منتصف ستينيات القرن الماضي. كما يحفظ الفرنسيون له «كلمات زرقاء»، وهي أغنية وضع موسيقاها وأداها بعد أن أخذ كلماتها من صديقه الموسيقار جان ميشال جار. وكان جار آنذاك كاتب أغانٍ ولم يدخل ميدان التأليف الموسيقي بعد. وحققت الأغنية انتشاراً واسعاً عندما صدرت في السبعينيات، بفضل لحنها العذب وكلماتها الرومانسية التي تتحدث عن التواصل بلغة العيون: «قلت لها كلمات زرقاء - كلمات تقال بالأعين - إن الكلام يبدو لي سخيفاً - أمام جملة غير مفيدة - تكسر اللحظة الهشة للقاء».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.