خبراء روس يستبعدون قدرة تركيا على «عزل الإرهابيين» في إدلب

جدل في موسكو حول تجنيد مقاتلين سوريين لإرسالهم إلى ليبيا

TT

خبراء روس يستبعدون قدرة تركيا على «عزل الإرهابيين» في إدلب

استبعد خبراء روس أن تكون تركيا قادرة على «عزل الإرهابيين» في شمال غربي سوريا، في وقت أثيرت سجالات في موسكو بسبب نشر معطيات أخيرا، عن قيام شركات خاصة شبه عسكرية روسية بتجنيد أعداد من المقاتلين السوريين وتحضيرهم للانتقال للقتال في ليبيا.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية أن شركة «فاغنر» التي يديرها رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين المعروف بتسمية «طباخ الكرملين» أطلقت نشاطا واسعا في الفترة الأخيرة لاستقطاب شبان في المناطق السورية الخاضعة للقوات الحكومية، وشرعت في تدريب أعداد منهم تمهيدا لنقلهم إلى ليبيا.
وتجنبت الأوساط الرسمية الروسية التعليق على هذه المعطيات، لكنها تحولت إلى مادة للجدال في وسائل الإعلام. وكتبت صحيفة «كوميرسانت» أن المعارك في ليبيا متواصلة برغم موافقة أطراف النزاع الليبي على هدنة إنسانية من أجل مكافحة فيروس كورونا، ولفتت إلى أن «قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، سيطرت هذا الأسبوع، على المنطقة الساحلية من مصراتة إلى الحدود مع تونس. في وقت تواترت التقارير التي تزعم أن روسيا جندت مرتزقة سوريين وأرسلتهم إلى ليبيا لتعزيز مواقع الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر».
ولفتت الصحيفة إلى أن «العلاقات بين حفتر والقيادة السورية ليست سراً، خاصة بعد استئناف عمل السفارة الليبية، التي لا تمثل الآن مصالح طرابلس إنما شرق البلاد، رسمياً في أوائل مارس (آذار) في دمشق».
ونقلت عن أحد قادة المعارضة السورية المسلحة، العقيد فاتح حسون، تأكيده لـ«كوميرسانت» أن لدى المعارضة معلومات مؤكدة تفيد بتجنيد «مئات الشباب السوريين في منطقة القنيطرة من قبل (الشركة العسكرية الروسية الخاصة) فاغنر، وفي دير الزور أيضا، بدعم من حكومة بشار الأسد». وبالإضافة إلى ذلك، وفقا للمصدر المعارض، فإن شركة «فاغنر» تخطط لنقل حوالي 3500 جندي من القوات الخاصة السورية إلى ليبيا عملا بالاتفاقيات المبرمة بين دمشق والمشير حفتر والقاهرة. ويزعم أن من المقرر إرسالهم جواً إلى مصر، ثم نقلهم عبر الحدود المصرية الليبية.
ولكن «كوميرسانت» شككت بالمعطيات ورأت أنه «بالنظر إلى حالة الجيش السوري، يصعب تصديق مثل هذا الاتفاق». وذكرت مع ذلك، بمعطيات نشرتها وسائل إعلام في وقت سابق أشارت إلى «زيارة سرية إلى دمشق في أوائل مارس قام بها رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل والتقى برئيس الأمن القومي السوري علي مملوك». وقالت بأنه لا يمكن استبعاد أن مثل «هذه التقارير تُستخدم لتبرير التحالف العسكري بين طرابلس وأنقرة».
وكانت وسائل إعلام روسية تحدثت أخيرا، عن أن شركة «فاغنر» ما زالت تحتفظ في سوريا بأكثر من ثلاثة آلاف من المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية وخصوصا في مناطق المنشآت النفطية. ونقلت شهادات عن بعض المقاتلين السابقين في هذه المجموعات قالوا فيها بأن خسائر هذه المجموعات في سوريا تبلغ أضعاف الأرقام التي تسربت في السابق. علما بأن تقارير كانت تحدثت عن مقتل نحو 500 من المرتزقة الروس في سوريا منذ انخراطهم في الحرب في أواسط العام 2015.
على صعيد آخر، قلل خبراء روس من احتمال تمكن تركيا من ضبط الوضع في إدلب، وتنفيذ التزاماتها وفقا للاتفاقات مع روسيا، وخصوصا في الشق المتعلق بفصل المعارضة المعتدلة عن المتشددين وعزل مقاتلي «جبهة النصرة». وجاءت هذه التحليلات بعد مرور يوم واحد على إعلان دبلوماسيين روس أن موسكو تعول على تحرك تركي أكثر نشاطا في هذا الاتجاه.
وقال خبير المجلس الروسي للشؤون الخارجية أنطون مارداسوف، لـصحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا»: «إن دمج المعارضة في الوحدات النظامية التركية رد واضح على التصعيد في فبراير (شباط) ومارس، عندما قتل عشرات الجنود الأتراك. حينها، أنكر الجانب التركي، عبر القنوات العسكرية، إنشاء غرفة عمليات لتنسيق العمليات مع المعارضة»، وقال بأن أنقرة تتصرف حاليا بحذر أكبر، لكن «هذا يتطلب الاعتماد الملموس على تشكيلات محددة، والهيكل الراديكالي الرئيسي في إدلب - هيئة تحرير الشام، التي حلت فيها بقايا جبهة النصرة المحظورة في روسيا - على الأرجح سيتم إعادة هيكلتها».
وقال الخبير بأنه إذا نجحت جهود إحلال الاستقرار في إدلب، فسيكون من الصعب على هيئة تحرير الشام استخدام عامل تلويح دمشق بعمليات عسكرية لفرض قواعد وجودها على الأتراك في منطقة خفض التصعيد.

وأضاف أنه «من الواضح أن تركيا تحاول التعويض عن مشكلة سياستها العسكرية في سوريا، المتمثلة بغياب استراتيجية واضحة لتعزيز وجودها في المناطق العازلة، التي من شأنها أن تصمد في وجه ضغوط النظام السوري».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.