جدل في روسيا حول أسباب إنهيار الروبل

«المركزي» يحذّر من عام صعب أمام الاقتصاد العالمي

يحذر «المركزي» الروسي من عام صعب للغاية على مستوى الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
يحذر «المركزي» الروسي من عام صعب للغاية على مستوى الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
TT

جدل في روسيا حول أسباب إنهيار الروبل

يحذر «المركزي» الروسي من عام صعب للغاية على مستوى الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)
يحذر «المركزي» الروسي من عام صعب للغاية على مستوى الاقتصاد العالمي (إ.ب.أ)

عرضت مديرة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيؤلينا، خلال مؤتمر صحافي «أونلاين» أمس، رؤيتها لوضع الاقتصاد العالمي، وحال الاقتصاد الروسي، في ظروف جائحة «كورونا»، ولم تستبعد احتمال تخفيض سعر الفائدة في الاجتماع القادم المرتقب لمجلس إدارة البنك. في غضون ذلك يدور جدل حول أسباب انهيار الروبل الروسي منذ 9 مارس (آذار)، وتراجع سعره حتى 80 روبلاً أمام الدولار، خلال عدة أيام، في اليوم الأول مباشرةً لعمل بورصة موسكو بعد الإعلان عن فشل اجتماع دول «أوبك+» يوم 6 مارس. وبينما حمّل بنك روسيا الإقبال على شراء العملات الصعبة من جانب المستثمرين الأجانب المسؤولية عن ذلك، رأى مستشار سابق للرئيس الروسي أن سياسة «المركزي» سبب ذلك الانهيار. وقالت نابيؤلينا في تصريحات أمس، إن «هذا العام سيكون صعباً للغاية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي»، لكنها مع ذلك كانت متفائلة بالنسبة لوضع القطاع المصرفي الروسي، حين استبعدت زيادة الضغط على البنوك الروسية، وقالت: «لا نتوقع ضغوطاً كبيرة، وانكماش الهامش، في القطاع المصرفي، كما جرى على سبيل المثال خلال أزمة عام 2014». وأضافت أن «المركزي» لا يرى ضمن الظروف الراهنة حاجة إلى «رسملة إضافية» للمصارف الروسية من جانب الحكومة. وإذ أشارت إلى أن أرباح المصارف ستتراجع هذا العام، عبّرت في الوقت ذاته عن قناعتها بأن القطاع المصرفي بشكل عام سيبقى مربحاً، على خلفية مؤشر الأرباح القياسية التي حققها العام الماضي، والتي يمكن أن تصبح مصدراً لرأس المال المصرفي هذا العام.
وفي إجابتها عن سؤال حول سعر الفائدة، قالت مديرة «المركزي» الروسي: «أعتقد أنه يمكننا النظر في إمكانية تخفيض سعر الفائدة خلال الاجتماع القادم لمجلس إدارة البنك»، موضحةً أن القرار النهائي يتم اتخاذه بعد مراجعة سيناريوهات تطور الوضع الاقتصادي، لتحديد توفر ظروف مناسبة لتخفيف السياسة النقدية.
كما توقفت مديرة بنك روسيا المركزي عند تدابير الدعم الحكومي للشركات، وقالت إن الإعفاءات على احتياطيات القروض المعاد هيكلتها، تم تمديدها لجميع القطاعات، وليس فقط للقطاعات المصنفة رسمياً «متضررة» نتيجة انتشار «كورونا». وبالنسبة إلى تدابير دعم المواطنين، قالت إن المدفوعات المباشرة جزء من تدابير الدعم الاجتماعي، لكن «ليست أداة في السياسة النقدية»، وأشارت إلى أن الحكومة تقوم بتقديم الدعم لفئات اجتماعية محددة، وعبّرت في المقابل عن رفضها «مال المروحيات»، عبر السياسة النقدية - الائتمانية، أي دفع مساعدات نقدية مباشرة لجميع المواطنين، ورأت أنه «لا حاجة لمثل هذا الأمر في ظل الظروف الحالية».
في غضون ذلك يستمر الجدل بشأن أسباب انهيار الروبل الروسي مطلع الأسبوع الثاني من مارس الماضي. وفي تقرير «مراجعة مخاطر السوق المالية»، الذي نشره أخيراً، قال «المركزي» الروسي إن زيادة اللاعبين «غير المقيمين»، والشركات التابعة لبنوك أجنبية مشترياتهم للعملات الصعبة في السوق، أدى إلى تقلبات حادة على سعر صرف الروبل مطلع مارس الماضي. وأسهم كذلك في انهيار الروبل، وفق ما يرى المركزي «الاتجاه العام لضعف عملات الدول (بأسواق ناشئة)، وسط تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي، وزيادة المعروض في أسواق النفط».
وكشف التقرير أن المستثمرين الأجانب اشتروا طيلة شهر مارس عملات صعبة من السوق بقيمة 389.4 مليار روبل (5.27 مليار دولار)، ولفت إلى أن «هذا رقم مشتريات قياسي خلال السنوات الماضية، ويزيد حتى على حجم العملات الصعبة التي اشتراها المستثمرون الأجانب من السوق الروسية خلال أزمة عام 2014، ولم تتجاوز حينها ما يعادل 350 مليار روبل (4.74 مليار دولار)».
إلا أن بعض الخبراء والمراقبين يحمّلون سياسات البنك المركزي تحديداً المسؤولية عن انهيار الروبل حينها. ومن هؤلاء سيرغي غلازييف، الوزير في اللجنة الاقتصادية الأوراسية (للاتحاد الأوراسي)، والمستشار السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ عبّر عن قناعته بأنه كانت هناك إمكانية لتفادي هبوط سعر صرف الروبل أمام العملات الصعبة، لو «نفّذ البنك المركزي واجباته الدستورية في ضمان استقرار سعر صرف العملة الوطنية». وقال إن ذلك الانهيار جاء بالدرجة الأولى نتيجة سلوك المضاربين، الذين يستخدمون الروبوتات خلال التداول في البورصة، وحمَّل «المركزي» المسؤولية لعدم معارضته هذا السلوك. وأوضح أن «هذه الروبوتات مبرمجة للعمل انطلاقا من تقلبات أسعار النفط، وفور انخفاض السعر تقوم مباشرة بتفعيل خوارزمية المضاربات، ما يؤدي إلى بناء توقعات بهبوط الروبل على الفور». وعبّر عن قناعته بأن «ارتباط سعر صرف الروبل بأسعار النفط علاقة مصطنعة، وهي ليست موجودة إلا في خوارزميات المضاربين».


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
TT

الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)

قال نائب مدير اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الصين يوم السبت إن اقتصاد الصين من المتوقع أن ينمو بنحو 5 في المائة هذا العام. وأضاف هان وين شيو في مؤتمر اقتصادي أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيُسهم بنحو 30 في المائة من النمو العالمي. وأشار هان، الذي يشغل أيضاً منصب مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الحاكم، إلى ضرورة تعزيز الاستهلاك واعتبار توسيع الطلب المحلي خطوة استراتيجية طويلة الأجل، حيث من المتوقع أن يصبح هذا الطلب القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن خطط لزيادة إصدار الديون وتخفيف السياسة النقدية للحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستقر، استعداداً لمواجهة مزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في ظل احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. كما أوصى مستشارو الحكومة بالحفاظ على هدف نمو يتراوح حول 5 في المائة للعام المقبل، وفقاً لتقرير «رويترز» الصادر الشهر الماضي.

وبينما تتوقع سوق الأسهم انتعاش الاستهلاك في الصين، يراهن مستثمرو السندات على استمرار التحديات الاقتصادية. وأكد هان أن سياسة مالية نشطة إلى جانب سياسة نقدية أكثر تساهلاً ستساعد الصين على التكيف بشكل أفضل مع العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في الاقتصاد، مما يوفر دعماً قوياً لتحقيق الأهداف السنوية.

وفيما يتعلق بالاحتياطات المالية، أوضح هان أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين من المتوقع أن تظل فوق 3.2 تريليون دولار هذا العام، مع الاستمرار في استقرار مستويات العمالة والأسعار.

على صعيد آخر، أظهرت البيانات الرسمية التي أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ارتفاعاً في القروض المقومة باليوان بمقدار 17.1 تريليون يوان (نحو 2.38 تريليون دولار) خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024.

وأشارت البيانات، التي نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، إلى زيادة في مؤشر «إم 2»، الذي يُعتبر مقياساً واسع النطاق للمعروض النقدي ويشمل النقد المتداول وجميع الودائع، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 311.96 تريليون يوان بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

في المقابل، بلغ مؤشر «إم 1»، الذي يغطي النقد المتداول والودائع تحت الطلب، 65.09 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي.

أما مؤشر «إم 0»، الذي يعكس حجم النقد المتداول، فقد ارتفع بنسبة 12.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 12.42 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي الصيني.

وفيما يخص القروض المستحقة باليوان، فقد بلغت 254.68 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، بزيادة قدرها 7.7 في المائة على أساس سنوي.

كما أظهرت البيانات أن التمويل الاجتماعي المستحق بلغ 405.6 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 7.8 في المائة على أساس سنوي.