عالم الرياضة في محنة لم يشهدها من قبل

الفراغ يسيطر على كل شيء

ملاعب صامتة في كل الأنشطة الرياضية بعدما كانت تعج بالضجيج
ملاعب صامتة في كل الأنشطة الرياضية بعدما كانت تعج بالضجيج
TT

عالم الرياضة في محنة لم يشهدها من قبل

ملاعب صامتة في كل الأنشطة الرياضية بعدما كانت تعج بالضجيج
ملاعب صامتة في كل الأنشطة الرياضية بعدما كانت تعج بالضجيج

إن أفضل طريقة لإزعاج مجموعة من المؤرخين الأكاديميين، إذا كانت لديك حاجة ملحّة لإزعاج المؤرخين الأكاديميين (ربما في حالة ما من حالات الطوارئ) هي اقتراح تحليل مضاد للأحداث، كأن تقول مثلاً: ماذا لو مات ونستون تشرشل بنوبة قلبية في عام 1941؟ وماذا لو استحوذت موسيقى سكيفل على اهتمامات الناس، بدلاً من موسيقى البيتلز، في عام 1963؟
في الحقيقة، يُعدّ هذا خطأ تحريرياً مثيراً لاهتمام كثير من القرّاء، لكنه في الوقت ذاته قد يثير غضب كثير من المؤرخين. ويمكن أن تكون هذه الطريقة مثيرة للاهتمام أيضاً عند تطبيقها على الكتابة الرياضية والتحليل الرياضي.
ومع ذلك، فإن هذه التحليلات الافتراضية باتت هي التي تسيطر على جميع الكتابات المتعلقة بعالم الرياضة في الوقت الحالي، في ظل توقف المباريات والمنافسات الرياضية بسبب تفشي فيروس «كورونا»، وعدم وضوح الرؤية، فيما يتعلّق بموعد استئناف المسابقات الرياضية.
وعلى صفحات «الغارديان»، خلال هذا الأسبوع، يمكنكم رؤية تحليل مفصل لنقطة انطلاق مهمة: أكثر من 100 يوم منذ انتشار فيروس «كورونا» بالشكل الذي أدى إلى تغيير شكل العالم. وقد تضمن هذا التحليل مجموعة من الأرقام والحقائق، التي تم فصلها عن كثير من الأخبار الواقعية الحقيقية.
لقد مر شهر وبضعة أيام الآن منذ أن توقفت مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى، ولم تقم في يوم السبت، كما هو معتاد، أو بمعنى آخر، لقد مر شهر منذ توقف الرياضة بشكل تام. وهذا هو أهم حدث شهده عالم الرياضة في الفترة الأخيرة! إن أفضل طريقة لفهم ما حدث في عالم الرياضة خلال الفترة بين مارس (آذار) وأبريل (نيسان) 2020، هي «فهم ما لم يحدث»، إن جاز التعبير، لأن هذه الفترة لم تشهد إقامة أي مباراة أو منافسة رياضية على الإطلاق، بسبب تفشي هذا الوباء!
ولو افترضنا جدلاً أن الأمور سارت على طبيعتها، وأن الأمر اقتصر على مجرد ظهور مرض في الصين وتمّت السيطرة عليه، فإن شهر أبريل (نيسان) 2020 كان من المفترَض أن يشهد إقامة أكثر من 300 مباراة في عالم كرة القدم للرجال والنساء المحترفين، وهي المباريات والمنافسات التي كانت ستحقق عائدات مالية تقترب من مليار جنيه إسترليني!
وفي الدوري الإنجليزي الممتاز، كان ليفربول سيتعثر قليلاً لكنه كان سيصل إلى خط النهاية، ويحصل على اللقب الغائب عن ملعب «آنفيلد» منذ 30 عاماً، وكان سيحقق الفوز على مانشستر سيتي في الخامس من أبريل (نيسان)، في لحظة تؤكد مرة أخرى أن كرة القدم الممتعة التي تلعب في الدوري الإنجليزي كانت، وستظل كذلك دائماً، هي أهم شيء يحدث حالياً للحضارة الإنسانية!
وفي هذا العالم الافتراضي، كان المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، سيعلن بطريقته الساخرة المعتادة أنه «سعيد جداً جداً» بما حدث، وكان مجلس إدارة نادي ليفربول سيعلن أن الفوز باللقب كان بمثابة «تبرئة لهذا النادي الاجتماعي الذي تأتي الموارد المالية عنده في المرتبة الثانية بعد الاهتمام بعائلة كرة القدم». وفي مكان آخر، كان خبر موافقة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو على العودة إلى مانشستر يونايتد والحصول على أجر أسبوعي قياسي في عالم كرة القدم سيؤدي إلى طرح العديد من الأسئلة في البرلمان البريطاني حول رواتب لاعبي كرة القدم! وفي هذا العالم الافتراضي أيضاً، كان لاعبو «الكريكيت» في إنجلترا سيواصلون العمل بكل قوة على مدار عشرة أيام لخوض مباراتين في سريلانكا.
وفي الوقت نفسه، كانت سباقات «الفورمولا وان» ستعلن أنها ستتوقف بشكل فوري، بعد أن أعادت تقييم مكانتها في المجتمع البشري وتخلّت عن دورها كأحد مسببات تلوث البيئة بالغازات الكربونية من أجل إمتاع مجموعة من الأثرياء! وبعيداً عن كل هذا، كان سيتم الإعلان عن تأجيل «ماراثون لندن»، لكن لن يتم تأجيل دفع 50 مليون جنيه إسترليني من التبرعات الخيرية المتعلقة به. وفي جميع أنحاء البلاد، لم يكن 350 ألف لاعب «كريكيت» من الهواة يفوتون عملهم في فصل الشتاء، ويستمرون في التطلع إلى صيف آخر لا نهاية له. ولم يكن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ليلغي بشكل كامل مواسم 100 بطولة على الأقل في كرة القدم للرجال والنساء بعيداً عن الدوري الإنجليزي الممتاز. وبالمثل، لم يكن ليتم الإعلان عن إلغاء مسابقات الهواة، التي تشمل مئات البطولات، وآلاف الأندية.
وفي العالم الأوسع، لم يكن مئات الآلاف من المدربين والمعلمين والمتطوعين سيتوقفون عن العمل في هذه الرياضة الشعبية والصحة المشتركة للأمة. وكان مليونا شخص من سن الرابعة فما فوق سيشاركون في المتنزهات الملغاة. والأكثر من ذلك، أن عدداً كبيراً من الأشخاص، لا يمكن تحديدهم بالضبط، كانوا سيتخذون خطوتهم الأولى في عالم الرياضة، أو يعودون إلى نوع من الحياة الأكثر نشاطاً.
هذا إذن هو الافتراض المعاكس للرياضة، في الفترة من مارس (آذار) حتى أبريل (نيسان) 2020، وهو الشهر الذي لم يشهد إقامة عدد من المنافسات والفعاليات الرياضية التي تم إلغاؤها. لكن الجزء المهم، عندما تُستأنف المسابقات الرياضية مرة أخرى، يتمثل في أن نتذكر أيّاً من تلك المسابقات الملغاة كان أكثر أهمية.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».