تركيا تورّط «الصندوق السيادي» في مواجهة نتائج الفيروس

عجز الميزانية ارتفع بنحو 78.4 % في مارس

عاملون أتراك يعقمون البازار الكبير في اسطنبول مع بدء انتشار «كورونا» (رويترز)
عاملون أتراك يعقمون البازار الكبير في اسطنبول مع بدء انتشار «كورونا» (رويترز)
TT

تركيا تورّط «الصندوق السيادي» في مواجهة نتائج الفيروس

عاملون أتراك يعقمون البازار الكبير في اسطنبول مع بدء انتشار «كورونا» (رويترز)
عاملون أتراك يعقمون البازار الكبير في اسطنبول مع بدء انتشار «كورونا» (رويترز)

وافق البرلمان التركي، أمس (الخميس)، على حزمة تعديلات تخص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ضمن تدابير مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، تضمنت تمكين صندوق الثروة السيادي من ضخ أموال نقدية، أو الاستحواذ على أسهم في شركات استراتيجية.
وتضمنت الحزمة تأجيل تحصيل بعض الضرائب والقروض وتقديم مساعدات لمن أجبروا على الحصول على إجازات مفتوحة دون أجر، بحيث يتم دفع نحو 5 دولارات ونصف الدولار يومياً، بما يعادل 1177 ليرة تركية شهرياً، للموظف أو العامل مع إمكانية تأجيل دفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز لثلاثة أشهر. وتم السماح للصندوق السيادي بالتدخل لتمويل الاقتصاد المتراجع مع زيادة الأضرار الناتجة من هبوط الليرة التركية من جانب، والتداعيات السلبية لفيروس كورونا من جانب آخر على مختلف القطاعات الاقتصادية.
وبحسب الحزمة الجديدة تم السماح لصندوق الثروة السيادي بالاستحواذ على شركات متعثرة من القطاع الخاص، ضمن سلسلة من التدابير الاقتصادية الرامية إلى مساعدة البلاد على الخروج من تداعيات «كورونا».
وتمهد هذه الخطوة لاستنزاف الاحتياطات النقدية للصندوق السيادي، مع تسجيل مئات طلبات التعثر، بسبب توقف عجلة الاقتصاد المحلي، بفعل فشل جهود إبطاء تفشي الفيروس. وبلغ إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في تركيا حتى أول من أمس (الأربعاء) 69 ألفاً و392 إصابة إلى جانب 1518 حالة وفاة.
وتعني تلك الخطوة أن كثيراً من الشركات المتعثرة سيشتريها الصندوق السيادي في البلاد، مع البدء في إعادة إحيائها من جديد خلال فترة ما بعد القضاء على الفيروس؛ ما يعني هبوطاً حاداً في احتياطات الصندوق، والاستثمار في شركات كانت على بعد خطوة من إعلان إفلاسها.
وتعتبر وظيفة الصناديق السيادية في دول العالم هي حماية أموال ومقدرات البلدان وشعوبها، من خلال ضخ استثمارات مربحة، وقابلة للتسجيل في أي وقت، لتكون أحد مصادر توفير السيولة في البلاد. ومنذ سبتمبر (أيلول) 2018، أصبح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيساً لشركة صندوق الثروة السيادية في البلاد، كما أصبح صهره وزير الخزانة والمالية برات ألبيرق نائباً لرئيس الصندوق. وتواجه تركيا منذ أغسطس (آب) 2018 أزمة نقدية أدت إلى هبوط سعر العملة المحلية من متوسط 4.9 ليرة مقابل الدولار إلى متوسط 6.9 ليرة للدولار في تعاملات أمس، التي كانت واحدة من أسباب تآكل استثمارات الصندوق.
وفي الوقت الذي لا تتوافر فيه أرقام رسمية حديثة عن أصول الصندوق السيادي لتركيا، إلا أن صحفاً تركية معارضة أشارت إلى تآكل نسبة كبيرة من أصوله خلال العامين الماضيين، بالتزامن مع هبوط الليرة التركية، وضخه نقداً أجنبياً في الأسواق لحمايتها.
ورأى خبراء أن التعديلات التي أقرها البرلمان التركي أمس، وضعت الأساس لما يمكن أن يكون تحولاً رئيسياً للسياسة من جانب الحكومة التركية لانتزاع السيطرة مرة أخرى على مساحات الاقتصاد بعد انتهاء أزمة وباء «كورونا»، حيث يمكن أن يخضع عدد متزايد من الشركات غير المالية للسيطرة المباشرة للدولة في السنوات المقبلة. وعلقت وكالة «بلومبرغ» الأميركية بأن هذه الخطوة تمهد إلى تحول الاقتصاد التركي إلى بيئة منفرة للاستثمارات الأجنبية، بسبب سيطرة الدولة على كثير من القطاعات الاقتصادية في البلاد، وذلك يعني الدخول في منافسة مع القطاع الخاص. في الوقت ذاته، توقعت دراسة أعدها وقف السياسات الاقتصادية في تركيا حول النتائج الاقتصادية السلبية المحتملة حال استمرار أزمة فيروس كورونا، انكماش الاقتصاد بنحو 20 في المائة حال استمرار الأزمة لمدة 6 أشهر، ونحو 38 في المائة حال استمرار الأزمة لمدة عام.
وذكرت الدراسة، أن قطاعات السياحة والفنادق والمطاعم والترفيه والثقافة ستصبح أكثر القطاعات تضرراً حال استمرار الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفيروس لنحو عام، حيث ستتراجع عائدات هذه القطاعات بنحو 90 في المائة، وستتراجع جميع الاستثمارات في القطاعين الحكومي والخاص بنحو 70 في المائة.
وتوقعت الدراسة انكماش قطاع النقل بنحو 65 في المائة، وقطاعات الأثاث والأدوات المنزلية بنحو 50 في المائة، وقطاعات الملابس والأحذية بنحو 40 في المائة، وقطاعات المشروبات الكحولية ومنتجات التبغ بنحو 15 في المائة، وقطاعات الأغذية والمشروبات غير الكحولية بنحو 5 في المائة.
وأوضحت الدراسة، أن بالإمكان حل المشكلات الاقتصادية الناجمة عن الفيروس بالإجراءات التي سيتم اتخاذها على الصعيد الدولي وليس على الصعيد المحلي، لافتة إلى أن صادرات تركيا ستتراجع بنحو 42 في المائة، في حين ستتراجع الواردات بنحو 39 في المائة. ورأت الدراسة، أن إجمالي الناتج المحلي قد يتراجع بنحو 40 في المائة حال استمرار الأزمة لمدة عام، ونحو 20 في المائة حال استمرارها لمدة 6 أشهر، وأن تركيا كان يمكن أن تبدي رد فعل أقوى وتواجه خطراً أقل في ظل الأزمة لو لم تكن بنيتها الاقتصادية هشة، لافتة إلى ضرورة عدم إغفال الدول النامية كتركيا لمسؤولياتها المالية الخارجية.
إلى ذلك، سجل عجز الميزانية تراجعاً قياسياً هو الأكبر منذ 14 عاماً، خلال مارس (آذار) الماضي. وأظهرت بيانات صدرت عن وزارة الخزانة والمالية التركية، أن العجز بلغ نحو 43.7 مليار ليرة تركية (6.39 مليار دولار)، وهو أعلى مستوى تاريخي مسجل منذ عام 2006.
وارتفع العجز خلال مارس الماضي بنسبة 78.36 في المائة على أساس سنوي؛ إذ سجلت ميزانية تركيا عجزاً بقيمة 24.5 مليار ليرة (3.6 مليار دولار) في مارس 2019.
وبحسب بيانات وزارة الخزانة والمالية، زادت المصروفات باستثناء مدفوعات الفائدة بنسبة 18.3 في المائة على أساس سنوي إلى 91.2 مليار ليرة (13.41 مليار دولار)، بينما انخفض دخل الضرائب بنسبة 10.1 في المائة، حيث أجلت الحكومة تحصيل ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل.
وبلغت العائدات نحو 37 مليار ليرة (5.44 مليار دولار) في مارس الماضي، مقارنة مع 41.1 مليار ليرة (6 مليارات دولار) في الفترة المقابلة من العام الماضي.
وترجع الزيادة الحادة في عجز الميزانية في تركيا خلال مارس إلى جملة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الأسواق المحلية؛ بهدف إدارة أزمة تفشي فيروس كورونا وشلل النشاط الاقتصادي بمختلف القطاعات، في حين أن تأجيلات الضرائب قلصت عائدات الحكومة المالية. وكانت تركيا سجلت عجزاً مالياً في ميزانية العام الماضي بلغت 123.7 مليار ليرة (18.2 مليار دولار).



القطاع الصناعي الأميركي يُظهر بوادر انتعاش

عمال يجرون عمليات لحام بمصنع في كولومبوس بولاية أوهايو (رويترز)
عمال يجرون عمليات لحام بمصنع في كولومبوس بولاية أوهايو (رويترز)
TT

القطاع الصناعي الأميركي يُظهر بوادر انتعاش

عمال يجرون عمليات لحام بمصنع في كولومبوس بولاية أوهايو (رويترز)
عمال يجرون عمليات لحام بمصنع في كولومبوس بولاية أوهايو (رويترز)

تحسّن النشاط الصناعي في الولايات المتحدة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ فشهد القطاع زيادة في الطلبات للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر، في حين واجهت المصانع انخفاضاً كبيراً في أسعار المدخلات.

وأفاد معهد إدارة التوريدات (آي إس إم)، الاثنين، بأنّ مؤشر مديري المشتريات الصناعي ارتفع إلى 48.4 في نوفمبر، مقارنة بـ46.5 في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أدنى مستوى منذ يوليو (تموز) 2023، وفق «رويترز».

وتشير القراءة أقل من 50 إلى انكماش في القطاع الصناعي الذي يشكّل 10.3 في المائة من الاقتصاد الأميركي. وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ارتفاع المؤشر إلى 47.5. وتتماشى الزيادة في المؤشر مع ارتفاعات مشابهة في مسوحات أخرى التي بدورها شهدت تحسناً في المعنويات مع الأمل في تبني الإدارة الأميركية المقبلة سياسات اقتصادية أكثر ودية تجاه الأعمال.

وعلى الرغم من هذا التحسن كان نوفمبر هو الشهر الثامن على التوالي الذي بقي فيه المؤشر دون عتبة 50؛ لكنه ظل فوق مستوى 42.5 الذي يشير عادة إلى توسع في الاقتصاد الكلي على المدى الطويل.

ويعكس المؤشر أن القطاع الصناعي لا يزال عالقاً في ركود عميق، نتيجة رفع «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بشكل كبير في عامي 2022 و2023 لمحاربة التضخم. ومع ذلك، لم يكن الوضع بالكامل سلبياً.

وشهد إنفاق الشركات على المعدات نمواً قوياً في ربعين متتاليين؛ مما يعكس جزئياً ازدهار الذكاء الاصطناعي وزيادة الطلب على الطائرات التجارية. كما بدأ «الاحتياطي الفيدرالي» تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول)، مع توقعات بخفض ثالث في أسعار الفائدة هذا الشهر.

وارتفع مؤشر الطلبات الجديدة الذي يُعد مؤشراً للمستقبل إلى 50.4، ليعكس التوسع لأول مرة منذ مارس (آذار)، مقارنة بـ47.1 في أكتوبر. لكن مؤشر الإنتاج ظل دون تغيير تقريباً عند مستويات منخفضة. كما تراجع مقياس الأسعار المدفوعة من قبل المصانع إلى 50.3 من 54.8 في أكتوبر؛ مما يشير إلى أن أسعار السلع لا يزال أمامها مجال أكبر للانخفاض، رغم أن الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات قد تؤدي إلى عكس هذا الاتجاه.

وكان الرئيس المنتخب دونالد ترمب قد أعلن الأسبوع الماضي خططاً لفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات القادمة من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10 في المائة على السلع القادمة من الصين، في أول يوم له في منصبه.

من جهة أخرى، انخفض مؤشر تسليمات الموردين في المسح إلى 48.7 من 52.0 في أكتوبر. وتشير القراءة التي تفوق 50 إلى تباطؤ في التسليمات. وحول التوظيف، استمر تحسّن العمالة في المصانع رغم بقائه عند مستويات منخفضة. وارتفع مقياس التوظيف الصناعي في المسح إلى 48.1 من 44.4 في أكتوبر، مما يعكس تسارعاً محتملاً في نمو الوظائف غير الزراعية في نوفمبر، بعد أن أثّر إضراب عمال المصانع في شركة «بوينغ» وغيرها من الشركات الجوية في التوظيف الصناعي خلال أكتوبر. كما تأثر نمو الوظائف في أكتوبر بسبب إعصاري «هيلين» و«ميلتون».

وأكد تقرير وزارة العمل، الصادر يوم الجمعة، أن 38 ألفاً من موظفي صناعة الطيران قد عادوا إلى العمل في أواخر أكتوبر وأوائل نوفمبر الماضيين.

وأظهرت نتائج أولية لمسح أجرته «رويترز»، أن التقديرات تشير إلى زيادة في عدد الوظائف بمقدار 195 ألفاً في نوفمبر، بعد أن ارتفعت الوظائف بمقدار 12 ألفاً في أكتوبر، وهو أدنى مستوى من الزيادة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020.

ومن المتوقع أن يتم إصدار تقرير التوظيف الذي تحظى نتائجه بمتابعة دقيقة عن شهر نوفمبر يوم الجمعة المقبل.