جدل غربي ـ روسي في مجلس الأمن حول «كيماوي» حماة

TT

جدل غربي ـ روسي في مجلس الأمن حول «كيماوي» حماة

انتقل الانقسام الروسي - الغربي إزاء اتهامات للنظام السوري باستعمال «الكيماوي» في وسط البلاد قبل ثلاث سنوات من أروقة «منظمة حظر السلاح الكيماوي» إلى مجلس الأمن، إذ ندّدت بريطانيا وألمانيا وإستونيا خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بعدم مساءلة النظام السوري في الاتّهامات الموجهة إليه بشنّ هجوم بالأسلحة الكيماوية عام 2017، فيما قالت روسيا بأن النظام تخلص من المخزون الكيماوي.
وجاء التنديد الغربي في مداخلات لممثلي الدول الثلاث خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي عبر الفيديو، على غرار سائر الاجتماعات التي يعقدها راهناً. ورغم أنّ مداولات الجلسة المغلقة محكومة بقواعد السرية، فإن الدول الثلاث نشرت مداخلات ممثليها.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أصدرت في 8 أبريل (نيسان) تقريرا حمّلت فيه الجيش السوري مسؤولية هجمات بالأسلحة الكيماوية على قرية اللطامنة في شمال سوريا عام 2017.
وأثارت بريطانيا وألمانيا وإستونيا هذا التقرير خلال اجتماع مجلس الأمن الذي عقد عبر الفيديو بسبب وباء «كورونا»، واختارت الدول الثلاث لاحقا الكشف عن مضمون الكلمات التي ألقاها ممثلوها وجعلها علنية.
وقال القائم بالأعمال البريطاني في الأمم المتحدة جوناثان آلين: «تبقى حقيقة أن السلطات السورية لم تجب عن الأسئلة التي أثيرت حول برنامجها للأسلحة الكيماوية منذ الكشف عنه».
وأضاف «باستخدامها هذه الأسلحة الرهيبة، واحتفاظها بقدرات لأسلحة كيماوية بما يتعارض مع إعلانها الأولي وأيضا مع مزاعمها بتدمير برنامجها للأسلحة الكيماوية بشكل كامل عام 2014. ومن خلال عدم امتثالها بشكل كامل لقرارات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، فإن سوريا لا تزال تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيماوية وقرارات مجلس الأمن المنصوص عليها في القرار رقم 2118».
وشدّد السفير الإستوني سفين يورغينسون على أن استخدام الأسلحة الكيماوية «لا يمكن التسامح معه». وقال «المرتكبون يجب مساءلتهم»، مضيفا «بدون مساءلة فإن الفظائع ستستمر. إنه لأمر مؤسف غياب التعاون بالكامل من قبل السوريين».
بدوره قال نائب السفير الألماني يورغن شولتز إنّ «المساءلة ضرورية والإفلات من العقاب لهذه الجرائم الشنيعة ليس خياراً».
وما لبثت روسيا، التي يفتخر دبلوماسيوها بكونهم حماة القواعد الإجرائية في المجلس ومن بينها السرية، أن نشرت عصر الأربعاء بدورها مداخلة سفيرها فاسيلي نيبينزا في الجلسة. وقال نيبينزا «الأسلحة الكيماوية السورية برنامج تم إغلاقه، ومخزونها من الأسلحة الكيماوية أزيل والقدرات الإنتاجية دمرت».
وبحسب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أسقطت طائرتان سوريتان قنبلتين تحتويان على غاز السارين على قرية اللطامنة في 24 مارس (آذار) و30 مارس عام 2017. كما أسقطت مروحية عسكرية سورية أسطوانة تحتوي على غاز الكلور في القرية في 25 مارس من نفس العام، ما أدّى إلى إصابة 106 أشخاص.
لكن الحكومة السورية نفت بشدة هذا التقرير، مؤكّدة أنّه يتضمن «استنتاجات مزيفة ومختلقة».
إلى ذلك، دعت روسيا وسوريا المجتمع الدولي لممارسة الضغط على واشنطن بغية رفع العقوبات المفروضة على دمشق، في ظل انتشار «كورونا»، معتبرتين أن هذه العقوبات تهدف «لإبادة شعب بلد بأكمله».
وقال مركزا التنسيق الروسي والسوري لشؤون عودة اللاجئين في بيان مشترك الأربعاء إن الولايات المتحدة تغمض عينيها، كما كانت تفعل ذلك حيال تنظيم داعش، عن خطر انتشار جائحة فيروس كورونا في سوريا، متجاهلة كذلك وجهة نظر الأمم المتحدة.
وأشار البيان إلى أنه «بالنسبة للولايات المتحدة، ليست الدعوات إلى تخفيف العقوبات سبباً وجيهاً لتغيير سياسة العقوبات ضد سوريا، «حتى لو كان بقاء الشعب السوري بأكمله على المحك».
وتابع أن إمكانيات الحكومة السورية فيما يتعلق بتشخيص كورونا ومساعدة المصابين محدودة للغاية، مبيناً أنه لا يتسنى يومياً إلا إجراء حوالي 100 اختبار كورونا فقط، ولا يتوفر سوى 25 ألف سرير في المرافق الطبية السورية التي تفتقر بشدة إلى أجهزة التنفس الصناعي أيضاً».
ومن جانبها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) دعمها لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «بوقف إطلاق نار شامل» في العالم والتركيز على التصدي للفيروس.
وقالت في بيان: «إننا في القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، في الوقت الذي نؤكد فيه بأن هذه المبادرة تخدم البشرية وتصب في إطار دعم الجهود لمكافحة فيروس كورونا، فإننا بالمثل نؤكد التزامنا بأي قرار يدعم دعوة الأمم المتحدة التي أطلقها أنطونيو غوتيريش في 23 مارس المنصرم الذي دعا إلى هدنة عالمية». وتابع: «هذه الجهود المباركة التي يقودها الرئيس ماكرون سيكون لها دور فعال في مكافحة الجائحة، كما نأمل أن تكون لبنة لبناء سلام عالمي مستدام قوامه الحوار وليس الحروب».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أطلق مبادرة إنسانية لوقف إطلاق نار شامل في العالم لكي تركز البشرية جهودها لمكافحة الفيروس الذي أصبح خطراً حقيقياً يتهدد الجنس البشري.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».