«مواجهة» عشائرية بعد حرق عراقية نفسها

وسائل الإعلام ومواقع التواصل ساحة لتبادل الاتهامات بين الطرفين

TT

«مواجهة» عشائرية بعد حرق عراقية نفسها

أدى حرق شابة عراقية نفسها إلى «مواجهة» عشائرية، على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تضمنت تبادل تهديدات واتهامات، فيما أوقفت السلطات 4 أشخاص على ذمة القضية.
وتتواصل، منذ أيام، قضية الشابة ملاك الزبيدي (20 عاماً) التي أحرقت نفسها في النجف، نتيجة «ضغوط من قبل زوجها» محمد المياحي وعائلته وحرمانها من زيارة أهلها بعد نحو 8 أشهر من زواجها. وتؤكد أسرة الزبيدي أنها ما زالت ترقد في المستشفى لمعالجة الحروق التي طالت نحو 50 في المائة من جسدها.
وأوقفت السلطات القضائية 4 أشخاص على ذمة القضية. وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان إن «محكمة النجف أصدرت قراراً بتوقيف متهمين آخرين بقضية الحرق الذي تعرضت له المشتكية ملاك حيدر الزبيدي ليصبح عدد الموقوفين في هذه القضية أربعة متهمين والتحقيق جار وفق القانون».
ولم يفصح القضاء عن هوية الموقوفين الجديدين، لكن عائلة الزبيدي تقول إنهما على صلة بعائلة الزوج وأحدهما والده الذي يعمل ضابطاً برتبة عميد في الجيش. ولم يسبق أن أخذت قضية مماثلة، خصوصاً في مدينة شديدة المحافظة مثل النجف، كل هذا الاهتمام والتداول بين الأوساط الشعبية والرسمية والعشائرية العراقية.
وحصلت الزبيدي على تعاطف شعبي واسع النطاق، لكنه لم يخل من بعض الانتقادات المحافظة التي رأت أن من غير المناسب تمرير الحادث من قبل عائلتها إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتأثرت وجهات النظر المتعاطفة مع الزبيدي والمنتقدة لها بالتضارب الذي أصاب الروايتين الصادرتين عن عائلتها وعائلة زوجها. إذ اتهمت عائلة الزبيدي، في بداية القصة، عائلة الزوج بتعمد حرق الزوجة، ثم عادت لتقول إنها أقدمت على حرق نفسها بمادة البنزين «نتيجة ضغوط نفسية شديدة تعرضت لها من قبل عائلة الزوج وكانت تُعنّف وتُضرب بالسوط من قبل أفراد العائلة، ومُنعت من زيارة أهلها لنحو 8 أشهر».
ولم تنف والدة الزوج محمد المياحي، الشجارات السابقة التي كانت تحدث بين الزوج وزوجته، وإقدام الأخيرة على الانتحار في وقت سابق. لكنها نفت تعرض الفتاة للاضطهاد والضغوط النفسية من قبل العائلة، كما نفت الاتهامات بعدم اكتراث عائلة الزوج بالحريق وأكدت نقلها إلى المستشفى بعد دقائق من وقوع الحادث.
وكشفت شقيقة الضحية سارة الزبيدي، أمس، عن تفاصيل جديدة تتعلق بالحادثة، مؤكدة أن وضع شقيقتها ما زال سيئاً نتيجة الحروق التي طالت 50 في المائة من جسدها. وقالت في تصريح لقناة «الحرة» الأميركية إن «ملاك متزوجة منذ ثمانية أشهر، ومنذ ذلك الحين رفض زوجها أي علاقة أو تواصل بينها وبين عائلتها، حتى إنه كان يحظر عليها أي اتصالات هاتفية، وهددها باغتيال عائلتها، أو الرضوخ له وعدم الاتصال بهم بشكل مطلق».
وأضافت: «الأربعاء الماضي طلبت ملاك من زوجها أن تزور عائلتها، لكنه ضربها أمام عائلته مستخدماً كابلاً، ثم خرج من المنزل وعند عودته رآها تبكي، فضربها مرة أخرى وحطم كرسياً خشبياً على جسدها، ما دفعها إلى سكب البنزين على جسدها والتهديد بحرق نفسها، فما كان منه إلا أن قدم لها القداحة. ملاك لم تكن تنوي إضرام النار في جسدها، وكانت تحاول الضغط على زوجها فقط ليسمح لها بزيارة أسرتها، لكن شرارة من القداحة أشعلت فيها النار، ولم يطفئها أحد إلا بعد نحو ربع ساعة».
واستدعى تصاعد حادث الحرق وانتشار تفاصيله على نطاق واسع، تدخل الجهات العشائرية التي غالباً ما يكون لها الدور الحاسم في النزاعات التي تحدث بين عائلتين تنتميان إلى عشيرتين مختلفتين. ودخلت عشائر المياح التي تنتمي إليها عائلة الزوج محمد المياحي على خط الأزمة، ودعت إلى تهدئة الأوضاع ورفضت أنباء ترددت عن عزم عشيرة زبيد التي تنتمي إليها عائلة الزوجة على التحرك لمهاجمة منزل الزوج بالأسلحة الرشاشة «للأخذ بثأر» الزوجة المحترقة. وقال رئيس عشيرة المياح محمد مجيد المياحي في بيان، أمس، إن «الحادثة التي حصلت هي في طور التحقيق من قبل الجهات الأمنية المختصة ولا تحتاج إلى التأجيج بين العشيرتين والتي تسببت بتعرض منزل والد زوج الضحية للتهديد المباشر من خلال مهاجمة منزله في محافظة النجف بالأسلحة النارية».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.