الحكومة التونسية تحقق مع «مسؤولين نافذين» بتهمة «الاحتيال»

احتجاجات اجتماعية ضد نقص مواد أساسية مدعومة من الدولة

TT

الحكومة التونسية تحقق مع «مسؤولين نافذين» بتهمة «الاحتيال»

باشرت الحكومة التونسية تحقيقات بالجملة ضد عشرة مسؤولين في الدولة، من بينهم رؤساء بلديات ومعتمدون، ومسؤولون حكوميون في المناطق الريفية في ثماني ولايات (محافظات) على الأقل، بتهمة «التلاعب بأموال الدولة المخصصة للإعانات، والمنح الموجهة للعائلات الفقيرة، إضافة إلى التلاعب في مبالغ مالية قدمت لدعم المستشفيات ومساعدتها على مواجهة وباء (كورونا) المستجد».
وتلاحق الحكومة نحو أربعة آلاف موظف، استولوا على مساعدات كانت موجهة للأسر الفقيرة، بعد استغلالهم ثغرة في قوائم المنتفعين بحوالات مالية، لمواجهة ومكافحة فيروس «كورونا». وجاء ذلك بعد أن وجهت منظمات حقوقية، على غرار منظمة «أنا يقظ»، و«هيئة مكافحة الفساد»، وهي هيئة دستورية، قوائم بأسماء المتهمين إلى رئاسة الحكومة، لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم.
وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة عن إقالة والي (محافظ) مدينة سوسة (وسط شرقي)، نتيجة فشله في إدارة أزمة جائحة «كورونا»؛ حيث أضحت سوسة من المناطق الأكثر تأثراً بانتشار هذا الوباء القاتل، بعد تسجيل 64 إصابة وخمس وفيات، وقد تم تعويضه برجاء الطرابلسي التي تشغل المنصب نفسه في ولاية منوبة، والتي أصبحت بذلك أول امرأة يتم تعيينها على رأس السلطة الجهوية في ولاية سوسة.
وفي هذا السياق، تشير معطيات إلى أن «فضيحة» تهريب رجل أعمال تونسي وزوجته من الحجر الصحي، بعد الكشف عن إصابتهما بفيروس «كورونا» من فندق بمحافظة سوسة، وتورط إطار أمني وسياسيين في التغاضي عن عملية التهريب، ساعدت في الإسراع بإقالة أعلى مسؤول حكومي في مدينة سوسة، ذات الوزن الاقتصادي والسياسي المهم. وقد خلَّفت هذه الحادثة التي وقعت في 22 من مارس (آذار) الماضي، وتورط مسؤول أمني وسياسيين فيها، استياءً شعبياً كبيراً، مما دفع قيادات سياسية معارضة إلى الاحتجاج، تعبيراً عن رفضها خرق القانون، وضرورة تطبيقه على الجميع.
ويرأس محافظ الجهة لجنة مجابهة الكوارث، وهو أيضاً رئيس الخلية الحكومية المتابعة لانتشار وباء «كورونا»، والمسؤول الأول عن عملية إخضاع العائدين من الخارج إلى الحجر الصحي الإجباري، ولذلك وقع تحميله مسؤولية تهريب رجل الأعمال وزوجته.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت في الرابع من الشهر الحالي إقالة 3 معتمدين بمحافظات الكاف ومنوبة وسليانة، وقالت إن هشام المشيشي، وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ، قرر إعفاء هؤلاء المسؤولين الحكوميين بسبب سوء إدارتهم لأزمة «كورونا» على المستوى المحلي، سواء من خلال تجاهل تنفيذ الحجر الصحي وحظر الجولان، أو سوء توزيع المواد الغذائية المدعومة من قبل الحكومة على مستحقيها.
من ناحية أخرى، شهدت منطقة حاسي الفريد الحدودية، التابعة لمحافظة القصرين (وسط غربي) موجة من الاحتجاجات الاجتماعية ضد نقص مادة السميد، المدعومة من الحكومة، وغياب التزويد بعدة مواد أساسية أخرى منذ انطلاق الحجر الصحي العام، وحظر التجوال في تونس.
وطالب المحتجون بتدخل السلطات على مستوى وزارة التجارة والمحافظة بشكل عاجل، من أجل توفير المواد الناقصة، ومن المنتظر أن تسعى السلطات الجهوية إلى نزع فتيل الاحتجاجات بالانطلاق في توزيع عدة مواد أساسية، بالاعتماد على عناصر الجيش، خشية انفلات اجتماعي يقوض جهود الحكومة في تطبيق الحجر الصحي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.