رفيف الظل : خلعوا عن الماءِ قُمْصَانَه

رفيف الظل : خلعوا عن الماءِ قُمْصَانَه
TT

رفيف الظل : خلعوا عن الماءِ قُمْصَانَه

رفيف الظل : خلعوا عن الماءِ قُمْصَانَه

هذا الكمالُ فيه من صفات الكلام. نحاولُ أن ننطقَهُ كما يحبون، لكننا نرتقي في المحاولة، فنقولُ ما نحب، وهو قولٌ لا كمالَ له، ولا كلام فيه، إنه مزيج من توق الروح إلى أريج النور، وبوحُ القلب لشموع الأصدقاء.
وماذا ينفعهم إن خلطوا الاسم بالإثم، وألصقوا العتاب على أبواب جيرانهم؟
الأقنعةُ مقنّعةٌ أكثر، وكلامُ الصدق تكرارٌ مجرور ولكنه لا يُسمع.
بَحَّ صمتُ الحكماء، وتحشرجتْ حناجرُ النميمة في علن الفضيحة، والجميعُ يضحك، وكلسُ اللامبالين صار بحرا غارقا في الأرض.
هاتِ الترجمان،
شكّ إبرتَهُ في لسانكَ وأنت تنطقُ بالعفو، دسّ فحواهُ في ضمير ستركَ لعلَّه يُظهِرُ ما كنتَ تخشاهُ وتخفيه، ولربما استقامَ صوابُك أيها المحذوفُ من الجلال. وسيّانَ إن قتلوك بالممحاة، أو نحتوك بالنار، أو هَشَّ سلطانهم عليكَ بمهفّة النفي، فإنكَ دائرٌ في فتكهم، ورؤاك مطلية بالنسيان. وحَسبُكَ أنك ولدت ممهورا بالتشظي، ورأسك ما هي إلا جرثومة العرفان.
سيُقالُ استوى على الهوى، وروّضناهُ حتى نسفنا اعوجاجَ البِدع فيه، وتركناهُ يلحسُ مُرَّ الزمان وسُمَّ حواشيه، بلا أحفادٍ سوى النكرة تتبع ظلَّها في الليل، بلا هُتافٍ أحمر، مجرد رجلٍ من حطب، والغابة أينما حلَّ، بيتُهُ ومُناه.
لكنه فاتحةُ الجسد،
أليسَ الرأسُ كذلك؟ أليسَ هو ما يُشعُّ في ظلام سوءاتهم؟
ألستَ سترَ الماء، وشقشقاتِ الريح؟
فماذا يضيرك إنْ تاهَ أحفادُك في الغابة،
إنْ خلعوا عن الماء قمصانَه؟
إن صمّوا آذانهم عن أغاني الريح؟
وهذا عَلَمُ الحداد الدائم محمولاً بيدِ الميّت، مرفرفًا في زمهرير النهب والسلب.
يا لشقاوة التمثال وهو أعمى في الصمم!
منحناهُ صفةَ الخلود ومِتْنا، وظلّتِ الطريدةُ تجرف خوفَها زمنًا وفمها محاق.
سرُّكَ آسرٌ يا سماحة الآتي.
رواحٌ هو غدُوُ الطريق،
الراكبُ يستشري في راحلته، والماءُ يفوحُ بأميّة السراب.
يلوحُ الرملُ من قريب، طعمُهُ يهزّ مسامعَ البحر، إذ افترق نصفينِ وأغرقَ الأولين، ورائحته تمدّ ألواحَها للجثث العابرة.
يلوح الرملُ من قريب، فتتشبّثُ الريحُ بالقافلة، وتجترُّ الإبلُ مشرقَ الشيح، وتصطفيه لليل المستبد.
جالسٌ أغْزلُ أكاذيبي على الناس، وهم يفضحونَ الصدقَ فيها. الحقائقُ أراجيحُ أحلامي، من يقوى على قتلي لا يفعل، ومن يحقُّ له ذلك يتعثر بذرائع العفو والتسامح، خشيةَ مزاعم المظالم، مما يزيد كتيبةَ الكذب كاتبٌ جديد.
اجلسُ، مغزلي من عظامهم، وأحباري مزيجُ أخلاطهم ورحيقُ نسغهم الأخير. جالسٌ، والناس يسمعون. جالسٌ والناس في البلهنيةِ، يظنون ما يتوهمون، ويواصلون وقفتهم قدامَ غيابي في عرشٍ على ماءٍ قديم.
وحدي جالسٌ.
هذا جلوسٌ يخنقُ الماءَ، أنّى لنا بعد ذلكَ نهرٌ نتنفسُ ليلَه، ومغفرةٌ نطرق مسمارها على جدار الضُحى حتى زوال الشمس؟
أنّى لنا بعد ذلك مقيلُ نخدّرُ شايَهُ، وترابٌ يهتاجُ برائحةِ العصرِ حين ينجو من الطين؟
أيها الجالسُ، أنّى لنا؟



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).