في الظروف المعتادة، تمر إجراءات اعتماد أي دواء جديد بمراحل قد تحتاج إلى نحو إلى 10 سنوات يتم خلالها إجراء تجارب معملية، ثم أخرى حيوانية على فئران التجارب، وبعدها حيوانات أكبر، وعبر 3 مراحل يدخل العقار مرحلة التجارب السريرية، وصولاً إلى اعتماد الدواء للاستخدام على نطاق واسع.
وقبل أيام، أعلنت دول عدة، من بينها مصر، أنها ستخضع الدواء الياباني «أفيجان»، الذي اعتمدته هيئة الغذاء والدواء اليابانية في عام 2014 علاجاً لفيروسات حديثة من الإنفلونزا، لتجارب معملية وسريرية تمهيداً لاستخدامه كعلاج لفيروس «كوفيد - 19». وأعلنت إحدى شركات «فوجي فيلم» اليابانية المنتجة للدواء، أنه دخل المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لعلاج مرضى الفيروس الجديد في اليابان، كما أعلنت أيضاً دخوله المرحلة الثانية من التجارب السريرية لعلاج 50 مريضاً في الولايات المتحدة الأميركية داخل مستشفى ماساتشوستس العام، ومستشفى جامعة برمنغهام في بريطانيا.
قبل ذلك، أعلن تشانغ شين مين، المسؤول بوزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية في 18 مارس (آذار) الماضي، أن دواء «فافيبيرافير»، المعروف تجارياً باسم «أفيجان»، حقق نتائج مشجعة في التجارب السريرية في مقاطعتي ووهان وشنتشن الصينيتين، التي شملت 340 مريضاً. وقال تشانغ في مؤتمر صحافي، إن المرضى الذين تلقوا الدواء تحولوا إلى نتيجة سلبية للفيروس بعد متوسط أربعة أيام، مقارنة مع متوسط 11 يوماً للذين لم يعالجوا بالعقار، بالإضافة إلى ذلك، أكدت الأشعة السينية حدوث تحسن في حالة الرئة في حوالي 91 في المائة من المرضى الذين عُولجوا به، مقارنة بنسبة تحسن 62 في المائة فقط بين أولئك الذين لم يحصلوا على هذا الدواء.
ورغم «النتائج الإيجابية» التي أهلت الدواء للدخول إلى مراحل سريرية متقدمة؛ فإن بعض التصريحات السلبية طالت العقار، كان مصدرها كوريا الجنوبية، إذ جعلت البعض يتشكك في أن هناك تسريعاً في إجراءات اعتماده على حساب التأكد من أنه آمن بدرجة كافية.
ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية في 4 أبريل (نيسان) الحالي، عن مسؤولين بـ«وكالة الغذاء والدواء الكورية»، قولهم إن فريقها من خبراء الأمراض المعدية خلص إلى «عدم وجود بيانات سريرية كافية لإثبات فاعلية الدواء (أفيجان)، في ظل حديث عن تسببه في وفاة الأجنة وتشوهها إذا تناولته الحوامل». ويقول د.سيمون كلارك، أستاذ علم الأحياء الدقيقة بجامعة «ريدينغ» البريطانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «علماء الصيدلة والأطباء سيحددون بالفعل مدى سلامة هذا الدواء والجرعات المناسبة منه، ودرجة السمية، ولا يوجد ما يمنع من اختصار وتسريع إجراءات هذه العملية بسبب ظروف انتشار الفيروس».
وسبق أن أكد أحمد المنظري المدير الإقليمي لإقليم شرق المتوسط في «منظمة الصحة العالمية»، على المعنى نفسه، في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، وقال: «الطوارئ الصحية المتلاحقة التي شهدها العالم في العقدين الماضيين، دفعتنا إلى تسخير الجهود العالمية، وتكثيف الجهود البحثية، وتنسيق العمل مع المراكز البحثية، لاختصار الوقت اللازم لتطوير لقاحات وعلاجات ضد الفيروسات التي تُكتشف، والأمراض التي تتسبب فيها».
واستشهد المسؤول الدولي بأنه «كما تمكن العالم من تطوير لقاح (الإيبولا) في وقت أقل كثيراً، يحدث الأمر نفسه مع (كوفيد - 19)»، مضيفاً أن المنظمة تلقت «طلبات لمراجعة واعتماد 40 اختباراً تشخيصياً للأدوية، و20 لقاحاً قيد التطوير».
وتعتمد طلبات المراجعة التي تتلقاها المنظمة على نتائج الدراسات التي أجريت على الأدوية، وقد خضع الدواء الياباني لأكثر من دراسة حول العالم، منها دراسة صينية أجراها باحثون من مستشفى تشونغنان بجامعة ووهان، حيث توصلت هذه الدراسة التي نشرت على موقع نشر الأبحاث «medRxiv» في 17 مارس الماضي، أنه عند مقارنة نتائج 120 مريضاً تلقوا الدواء الياباني «فافيبيرافير» مع 120 مريضاً تلقوا علاجاً يسمى «أربيدول»، كانت النتائج لصالح الدواء الياباني.
وتماثل مرضى الحالات المعتدلة الذين لم يعالجوا بأي مضاد للفيروسات سابقاً، للشفاء في اليوم السابع، وحدث لديهم انخفاض ملحوظ في الحمى والسعال مقارنة بالدواء الآخر.
وأظهرت نتائج دراسة لباحثين من جامعة ولاية أريزونا الأميركية، ونشرتها دورية «نيتشر» في 7 أبريل، أن الدواء الياباني أظهر إزالة أسرع للفيروسات مقارنة بأدوية أخرى.
ويجري المركز القومي للبحوث في مصر دراسة معملية على الفيروس باستخدام الدواء الياباني، وقال د. محمد أحمد، أستاذ الفيروسات بالمركز والمشرف على هذه التجارب، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نتائج التجارب المعملية ستظهر في نهاية الأسبوع الحالي».
وتهدف هذه التجارب التي تجرى بالتوازي مع اختبارات سريرية، إلى اختبار التأثير المباشر لاستخدام العلاج على الفيروس معملياً، كما يؤكد د. أحمد.
ويضيف: «رغم أن التجارب المعملية من المفترض أن تسبق السريرية، إلا أنه لكون هذا الدواء ليس جديداً، ومعتمداً من قبل كعلاج للإنفلونزا، فإن استخدامه في التجارب السريرية بهذه الحالة جائز».
وعن القاسم المشترك بين الإنفلونزا، التي كان الدواء الياباني المرتقب مصمماً لعلاجها، والفيروس الجديد، قال د. كلارك لـ«الشرق الأوسط»، إن «المادة الوراثية الخاصة بالبشر هي في شكل (DNA) (حمض نووي ريبوزي منقوص الأكسجين)، والشفرة الوراثية لكلا هذين الفيروسين هي (RNA) (حمض نووي ريبوزي)، ويمنع هذا الدواء إنزيماً يسمى (بوليميراز) (RNA) المعتمد على الحمض النووي الريبي، الذي يستخدمه كلاهما للتكرار».
استثناءات طبية لاختبار عقار ياباني لعلاج «كورونا» والإنفلونزا
خبير بريطاني يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن القاسم المشترك بين الفيروسين
استثناءات طبية لاختبار عقار ياباني لعلاج «كورونا» والإنفلونزا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة