عاش الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوماً طويلاً من التغريدات المتلاحقة، الغاضبة في بعض الأحيان والراضية في أحيان أخرى. تغريدات أظهرت امتعاضه الشديد من منتقديه، تحديداً أولئك الذين يتحدثون عن بطء الإدارة الأميركية في الرد على انتشار فيروس «كورونا». وتخبط ترمب في بحر من الانتقادات التي طالت وسائل الإعلام والديمقراطيين ووصلت إلى مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي. فعلى الرغم من تأكيد البيت الأبيض المتواصل على تناغم العلاقة بين ترمب وفاوتشي، فإنه بات من الواضح أن تصريحات الخبير الطبي بدأت باستفزاز ترمب.
وتأرجح الرئيس الأميركي بين مواقف دفاعية وهجومية، فأعاد تغريدة تصريح لأحد داعميه يتهم فاوتشي بتغيير مواقفه ويدعو لطرده، وتقول التغريدة: «فاوتشي يقول الآن إنه لو استمع ترمب إلى الخبراء الطبيين لكان أنقذ المزيد من الأرواح. لكنه قال في فبراير (شباط) إنه لا داعي للقلق وإنه لا وجود لأي خطر على الأميركيين... حان وقت طرد فاوتشي».
تغريدة انتشرت بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون، فبعد أسابيع من التكهنات بتوتر العلاقة بين الرجلين، أتى موقف ترمب ليثبت ما تخوف منه كثيرون. ففاوتشي الذي كسب احترام الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، لا يقع في خانة السياسيين الذين ينمّقون أحاديثهم، وهو اعتاد على إعطاء مقابلات صحافية لعرض آرائه الطبية التي لا تتوافق في بعض الأحيان مع سياسة الإدارة. آخر هذه التصريحات أتى في مقابلة مع محطة (سي إن إن) قال فيها: «من الواضح أنه لو بدأنا بإجراءات المكافحة مبكراً لكنا تمكنّا من إنقاذ الأرواح. لا أحد يمكنه نفي هذا».
تصريح رآه ترمب بمثابة هجوم على إدارته، خاصة لأنه ترافق مع انتقادات الديمقراطيين ووسائل الإعلام المتواصلة. وعلى الرغم من دعم الجمهوريين لفاوتشي بشكل عام فإن البعض منهم بدأ بالتململ لدى سماع تصريحاته المناقضة لموقف الإدارة الرسمي. وقد التف بعض المحافظين حول ترمب وانضموا إليه في انتقاد فاوتشي، وانتقد النائبان أندي بيغز وكن باك الخبير الطبي وقالا إن توصياته بالبقاء في المنزل وسياسة التباعد الاجتماعي تؤذي الاقتصاد الأميركي. وأضافا أنه كلّما مددت الحكومة الحجر خسر الأميركيون وظائفهم. الآلاف من الشركات ستغلق أبوابها. إن النتيجة ستكون أسوأ بكثير من الخسائر الناجمة عن الفيروس. كما دعا عدد من داعمي الرئيس فاوتشي إلى عدم إعطاء نصائح اقتصادية.
وكان الطبيب دعا في السابق وسائل الإعلام إلى التوقف عن تسليط الضوء على خلافاته مع الرئيس، وقال: «هذا محزن. أتمنى لو نتوقف عن ذلك ونركز على المشكلة الكبيرة بدلاً من تسليط الضوء على خلافاتنا... الرئيس استمع إلي وعندما قدمت توصيات وافق عليها. إن تحريضنا على بعضنا البعض لا يساعد».
ونالت وسائل الإعلام حصتها من تغريدات ترمب الغاضبة، إذ قال الرئيس الأميركي: «أعتذر منكم يا جماعة الأخبار الكاذبة، لقد وضعت حجراً على الصين قبل أن يبدأ الكثيرون بالحديث عن المشكلة. وكل هذا مسجّل». وأضاف ترمب «أنا أعمل جاهداً لكشف فساد الإعلام وكذبه. هذا الجزء سهل، لكن الجزء الصعب هو معرفة السبب».
ولم يوفر ترمب انتقاداته لشبكة «فوكس نيوز»، فهاجم أحد مقدمي البرامج فيها لأنه شكك بجهود الإدارة على مكافحة الفيروس، ثم انتقل إلى تركيز هجماته على الديمقراطيين فقال إن «الحزب المعارض (وسائل الإعلام البائسة) والشركاء من اليسار المتطرف والديمقراطيين الذين لا يفعلون شيئاً كرسوا كل جهودهم لمهاجمتي، وقالوا: سواء أكان محقاً أو مخطئاً انتقدوا ترمب على كل شيء ولا تدعوا الأميركيين يرون بايدن، خبئوه»!
ولعلّ غضب ترمب الأساسي من الانتقادات يعود إلى أرقام أصدرتها اللجنة الوطنية الجمهورية، تظهر أن التبرعات التي جمعتها حملة ترمب الانتخابية في شهر مارس (آذار) في خضم جهود الإدارة لمكافحة الفيروس كانت أقل من تلك التي جمعتها الحملة في شهر (فبراير). فقد تمكنت الحملة من جمع 86 مليون دولار في فبراير مقابل 63 مليون في مارس.
وعلى الرغم من هذا التراجع البسيط، لا يزال الرقم العام للتبرعات هائلا، فقد أعلنت اللجنة الوطنية للجمهوريين أن بحوزتها 677 مليون دولار جمعتها منذ العام 2017، وقال مدير حملة ترمب الانتخابية: «يستطيع الأميركيون رؤية الرئيس ترمب وهو يقود الأمة في أزمة جدية وهم يتجاوبون عبر إظهار دعمهم الكبير لإعادة انتخابه. جو بايدن والديمقراطيون ووسائل الإعلام يعارضونه في كل قرار يتخذه لكن الأميركيين يعلمون أن الرئيس يقاتل من أجلهم وهم يبادلونه بالمثل».
غضب ترمب يطال كبير الخبراء الطبّيين في إدارته
دعوات لطرد فاوتشي بعد انتقاده بطء الرد على انتشار الوباء
غضب ترمب يطال كبير الخبراء الطبّيين في إدارته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة