وزير الطاقة السعودي: الخفض الفعلي لإمدادات النفط سيبلغ 19.5 مليون برميل

المملكة تبدي مزيداً من المرونة شريطة «تشارك جماعي متناسب»

وزير الطاقة السعودي: الخفض الفعلي لإمدادات النفط سيبلغ 19.5 مليون برميل
TT

وزير الطاقة السعودي: الخفض الفعلي لإمدادات النفط سيبلغ 19.5 مليون برميل

وزير الطاقة السعودي: الخفض الفعلي لإمدادات النفط سيبلغ 19.5 مليون برميل

أبدت السعودية، أمس، مرونة باستعدادها لمزيد من خفض إمداداتها النفطية من حصتها الإنتاجية إذا استدعت حاجة أسواق النفط لذلك، شريطة أن تتزامن مع تخفيض جماعي تنفذه بقية الدول الأعضاء في «أوبك+» بشكل متناسب.
وبحسب وكالة «رويترز»، قال الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي إن المملكة قد تقلص إنتاج النفط دون حصتها الحالية البالغة 8.5 مليون برميل يومياً، إذا كانت هناك حاجة للسوق، مشترطاً أن يجري تنفيذ التخفيضات بشكل جماعي مع البقية على أساس متناسب.
ونقلاً عن «رويترز»، وفقاً لمصادر إخبارية، أوضح وزير الطاقة السعودي أن فكرة التخفيضات التدريجية لنفط «أوبك+» ستسمح للمجموعة بالنظر في تخفيضات إضافية أو تمديد الاتفاق إذا لم تتحسن آفاق السوق.
وكانت دول «أوبك+» توصّلت إلى اتفاق غير مسبوق للإنتاج، بإجراء أكبر خفض لها بنحو 10 ملايين برميل يومياً اعتباراً من بداية مايو (أيار) المقبل لمدة شهرين، بهدف وقف انخفاض أسعار النفط في ظل أزمة تفشي جائحة فيروس «كورونا». ووجدت نتائج الاجتماع أصداء عالمية واسعة؛ حيث توجه كثير من الدول بالشكر إلى السعودية، باعتبارها المصدر الأكبر في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، وروسيا أكبر مصدر خارج المنظمة؛ حيث قدم الرئيس الأميركي أمس شكره الجزيل للبلدين.
وجرى أمس اتصال هاتفي مشترك بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تم خلاله استعراض أبرز ما تم التوصل إليه، في ضوء اجتماع مجموعة «أوبك+»، معربين عن الارتياح البالغ لما أثمرت عنه الجهود المبذولة لتحقيق استقرار أسواق النفط العالمية.
وأجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً، أمس، بالرئيس الأميركي لاستعراض نتائج اجتماع «أوبك+»؛ حيث رحّبا بالاتفاق التاريخي طويل الأمد لتخفيض الإنتاج بما يتناسب مع حجم تداعيات جائحة «كورونا» ويتوافق مع تطلعات الأسواق، وبما يعزز نمو الاقتصاد العالمي.
وبحسب ما نقلته «رويترز»، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أمس، للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف، إن التخفيضات الفعلية لإمدادات النفط العالمية ستبلغ نحو 19.5 مليون برميل يومياً، مع الأخذ في الاعتبار اتفاق الخفض الذي أبرمته «أوبك+»، وتعهدات من دول أخرى في مجموعة العشرين ومشتريات النفط المخصصة للاحتياطيات.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان إن دول مجموعة العشرين من خارج تحالف «أوبك+» تعهدت بخفض إمدادات النفط بنحو 3.7 مليون برميل يومياً، بينما من المتوقع أن تبلغ مشتريات الخام المخصصة للاحتياطيات (الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية) 200 مليون برميل خلال الشهرين المقبلين.
وقال وزير الطاقة السعودي، خلال تصريحات إعلامية، إنه سيتم الإعلان الأربعاء عن تفاصيل مساهمة الدول من خارج «أوبك+» في اتفاق الخفض الدولي للنفط، مشيراً إلى أنه لن يكون هناك تأجيل لخطط زيادة الطاقة الإنتاجية للمملكة إلى 13 مليون برميل يومياً بعد اتفاق «أوبك+» لخفض الإنتاج.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.