اللبنانيون يودّعون الأناقة والتجميل في زمن «كورونا»

الفنانة نوال الزغبي بلباس النوم تحت عنوان «خليك بالبيت»
الفنانة نوال الزغبي بلباس النوم تحت عنوان «خليك بالبيت»
TT

اللبنانيون يودّعون الأناقة والتجميل في زمن «كورونا»

الفنانة نوال الزغبي بلباس النوم تحت عنوان «خليك بالبيت»
الفنانة نوال الزغبي بلباس النوم تحت عنوان «خليك بالبيت»

يمكن القول إنّ وباء «كورونا» ولّد أسلوب حياة مغايراً تماماً عمّا كان يعيشه اللبنانيون قبله، كغيرهم من شعوب العالم. فقد فرض عليهم التخلي عن أمور يومية كانت لفترة طويلة بمثابة «ألف باء» إيقاع حياة لا يمكن أن يغيب عنهم.
في ظل انتشار هذه الجائحة وملازمة غالبية اللبنانيين بيوتهم ضُرب هذا الإيقاع في الصميم، فحمل مشاهد حياة لم تكن تخطر على بال أحد. فالزيارات بين جيران العمارة الواحدة صارت تتم عبر الشرفات وسلالم طوابق السكن ومواقف السيارات. وسلة القش عادت تحمل أغراض الـ«دليفري» من صبي الدكان لسكان الطوابق المنخفضة من هذه العمارات. والحاجة إلى التأنق والتّجمل لم تعد موجودة. وفيما انكفأت النساء إلى وسائل تزيين بيتية، وباتت كل منهن، تقوم بكل حاجاتها بنفسها كما في عمليات تلوين الشعر وتصفيفه وتقليم الأظافر، فإنّ الرجال صار لباسهم الرسمي مجرد «بيجاما» أو بدلة رياضية مع شعر مبعثر لم تمر الفرشاة ولا مقص الحلّاق بين خصلاته، ترافقه لحى طويلة تركت تنمو منذ نحو 4 أسابيع.
هذه المشاهد وغيرها التي يمكن وصفها بـ«الخارجة عن المألوف» عند اللبناني المعروف بتعلقه بأناقته إلى آخر حدود، صار من الطبيعي مصادفتها بينهم في السوبر ماركت أو في اتصالات الفيديو عبر خدمة «واتساب». حتى العطر الذي كانت رائحته تعبق على طول طريق يسلكها موظف يخرج إلى عمله أو سيدة تقصد محل الخضار نساها اللبنانيون، واستبدلوها بسوائل التعقيم من كلور و«ديتول» ومطهرات يستعملونها عند كل خطوة ذهاب وإياب خارج حيطان منازلهم للوقاية من الإصابة بعدوى «كوفيد - 19».
حتى إنّ بعض الفنانين والفنانات آثروا نشر صورهم على صفحاتهم الإلكترونية في لباس النوم أو الرياضة، محجورين في منازلهم تحت عنوان «خليك بالبيت». وبعضهن أطلّت على متابعيها على طبيعتها من دون أي مساحيق تجميل مواكبة للحالة التي تعيشها كغيرها. ومنهن الفنانة نوال الزغبي والممثلة نادين نسيب نجيم والمغنية ميريام فارس. فالأولى تصورت على الكنبة في غرفة الجلوس بـ«بيجاما» قطنية. والثانية أطلت أكثر من مرة من مطبخها أو غرفة الجلوس في بيتها رافعة شعرها بعفوية، ومن دون أي مساحيق تجميل تحتفل بعيد ابنتها مرة أخرى. أمّا ميريام فارس فنشرت لقطات مصورة مع ابنها جايدن في المطبخ يحضران معمول العيد بمناسبة عيد الفصح، بثياب رياضية مريحة.
وتعلّق نادين حرب، موظفة في مركز تجاري في بيروت أقفل أبوابه بسبب الجائحة، لـ«الشرق الأوسط»: «زمن ما قبل «كورونا» لا يشبه بتاتاً ما نعيشه اليوم. حتى إني عندما أضطر إلى الخروج من منزلي وأستخدم سيارتي، أبقى لثوانٍ قليلة أحاول أن أتذكر أصول القيادة، وكأنّني أجلس وراء المقود لأول مرة». أما فارس حداد الذي يهتم بشراء حاجيات المنزل لزوجته وأولاده مرة في الأسبوع فيقول: «أحياناً أنسى نفسي وأخرج بلباس النوم وبحذاء البيت، ولا أشعر بأي حرج فغالبية جيراني الرجال حالهم كحالي».
وتقول نايلة خوري من سكان الزلقا: «بعدما كنت في السابق لا أخرج من المنزل إلّا بكامل أناقتي من رأسي حتى أخمص قدمي، صرت اليوم أكتفي بثياب الرياضة ومن دون حتى قلم كحل. فحتى فساتيني وتنانيري وبناطيل الجينز الموجودة في خزانتي، لم أعد أتذكرها. كل ما يشغلني هو إبعاد شبح (كورونا) عني وعن أفراد عائلتي والباقي تفاصيل».
وتشير آمال حداد، مساعدة طبيب تجميل في أحد مستشفيات لبنان، إلى أنّ 90 في المائة من النساء اللاتي كنّ يقصدن عيادات التجميل، غبن تماما. وتضيف: «ما نفع حقن البوتوكس والفيلر في ظل ارتداء الكمامات بشكل يومي؟».
ويشير دكتور ملحم شاوول الاختصاصي بعلم النفس الاجتماعي، إلى أنّ مشهد الحياة الذي نواكبه اليوم ولا سيما في المدينة، كان ولا يزال يتبعه سكان القرى والبلدات النائية. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أتذكر في بلدتي زحلة بعض أهاليها من الرجال كانوا يقصدون محلات حلاقة الشعر، وهم في لباس النوم ليتوجهوا بعدها مباشرة إلى بيوتهم ويستحمون فلا يضيّعون وقتهم بتفاصيل صغيرة». وعن سبب اتجاه معظم اللبنانيين إلى التخلي عن أناقتهم في زمن «كورونا» يوضح: «هي حال سبق واختبرناها أيام الحرب في لبنان، عندما كان الخطر يداهمنا في ظل القصف العشوائي والانفجارات. فعندما تهدد حياة الناس بالموت تصبح الشكليات من مظاهر خارجية وما يشابهها أقل أهمية. واليوم وفي ظل هذه الحرب مع فيروس غير مرئي، فإن اللبناني يعيش التجربة ذاتها، إذ صارت المظاهر الخارجية شبه معدومة. فالشعور برفاهية الأناقة وإغراء الآخر بابتسامة أو بلباس لطيف وأنيق لم يعد من أولوياته، في ظل هذا الوضع المضطرب».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.