«كوفيد ـ 19» يحاكي طاعون القرن السادس

رجل يرتدي كمامة لتجنبه الإصابة بـ«كورونا» وخلفه جدارية في مدينة ووهان الصينية (أ.ف.ب)
رجل يرتدي كمامة لتجنبه الإصابة بـ«كورونا» وخلفه جدارية في مدينة ووهان الصينية (أ.ف.ب)
TT

«كوفيد ـ 19» يحاكي طاعون القرن السادس

رجل يرتدي كمامة لتجنبه الإصابة بـ«كورونا» وخلفه جدارية في مدينة ووهان الصينية (أ.ف.ب)
رجل يرتدي كمامة لتجنبه الإصابة بـ«كورونا» وخلفه جدارية في مدينة ووهان الصينية (أ.ف.ب)

كشفت دراسة أجراها مؤخراً معهد بحوث ثقافات العصور الوسطى التابع لجامعة برشلونة عن تشابه مذهل بين جائحة «كوفيد – 19» والوباء الذي ضرب العالم في عام 541، ويعرف بطاعون جوستينيانوس الإمبراطور البيزنطي الذي انتشر على عهده.
وتفيد الدراسة التي أشرفت عليها المؤرخة والباحثة في علم الآثار جوردينا ساليس كاربونيل، بأن ذلك الوباء الذي جاء إلى الإمبراطورية من الخارج كان ينتشر عبر الموانئ التي ينزل فيها المصابون، بعضهم تظهر عليه عوارض والبعض الآخر من غير عوارض، وكان السكّان مجبرين على البقاء في منازلهم تحاشياً للعدوى، وانشلّت الحركة الاقتصادية فيما كان الجيش يراقب الشوارع والأطباء يعملون حتى الانهاك لإنقاذ المصابين الذين كانوا يموتون يوميّاً بالآلاف.
وجاء في الدراسة، التي تبدو وكأنها وقائع جائحة فيروس كورونا هذه الأيام، أن جثث الموتى «لكثرتها، كانت تتراكم أياماً على الطرقات قبل أن يتمكّن حفّارو القبور من دفنها»، كما يتبيّن من المؤلف الذي وضعه المؤرخ بروكوبيو دي تشيزاريا عن الطاعون الدبلي الذي ضرب العالم المعروف يومذاك بين عامي 541 و544 من الصين حتى سواحل إسبانيا.
وتقول كاربونيل «بعد 1500 عام من ذلك الوباء، ورغم المأساة التي نعيشها اليوم، لا يسعنا سوى أن نلاحظ باندهاش كيف أن التاريخ يعيد نفسه، وكيف يتشابه السلوك البشري أمام الفيروس وانعكاساته المباشرة على حياتنا».
وتفيد الدراسة بأنه على عهد الإمبراطور جوستينيانوس تفشّى وباء الطاعون الدبلي في أراضي الإمبراطورية عام 514، وأن مصر كانت البؤرة الأولى التي انتشر منها بسرعة في الأراضي المجاورة، وأوقع عدداً كبيراً من الضحايا. ويقول بروكوبيو في مؤلفه «حول الحروب» الذي يسرد فيه وقائع الحملات العسكرية التي قادها إمبراطور روما في إيطاليا وشمال أفريقيا وإسبانيا «إن الجنود كانوا ينقلون الوباء عبر المرافئ التي كانوا ينزلون فيها على سواحل أوروبا وأفريقيا والصين وبلاد فارس».
وبوصفه مستشاراً كان يرافق الجنرال البيزنطي بليساريو في حملاته، أتيح لبروكوبيو أن يشهد بعينه ويعيش تلك الجائحة التي حملت اسم الإمبراطور فيما بعد، وقال فيها «كاد ذلك الوباء أن يقضي على الجنس البشري بأكمله، وليس هناك من كلام أو فكر يعبّر عنها سوى الاستسلام لمشيئة الله تعالى». ويضيف «لم يقتصر ذلك الوباء على جزء محدود من العالم، أو على فئة معيّنة من البشر، ولا على فصل من فصول السنة... بل انتشر على نطاق واسع وحصد أرواح البشر على اختلاف اعراقهم وأعمارهم»، ثم يقول «وصل ذلك الوباء إلى أقاصي الأرض ولم يعرف حدوداً، كما لو أنه كان يخشى أن تفلت بقعة واحدة من وباله».
بعد عام على بداية انتشاره وصل الوباء إلى إسطنبول، عاصمة الإمبراطورية آنذاك، وتفشّى أربعة أشهر بين سكّانها الذين فُرض العزل التام على المصابين منهم وغير المصابين «...وخلت الأماكن العامة من الناس الذين لزموا بيوتهم يعتنون بالمرضى أو يبكون موتاهم»، كما جاء في مؤلف بروكوبيو.
وقد أدّى ذلك الوباء إلى انهيار الاقتصاد حيث «...توقّف النشاط وترك الصنّاع والحرفيّون أعمالهم»، لكن بعكس اليوم، لم تتمكّن السلطات آنذاك من تأمين الخدمات والاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، وقضى كثيرون بسبب من نقص الطعام أو عدم حصولهم على العناية الصحّية اللازمة لكثرة الضغط الذي كان يتعرّض له الأطباء والمسعفون الذين يعاونوهم، والذين «كانوا غالباً موضع شفقة أكثر من المرضى والمصابين».
ويذكر المؤلف، أنه إزاء ذلك الوضع اليائس أمر جوستينيانوس بنشر حرسه الخاص في شوارع المدينة وكلّف كبير مستشاريه الإنفاق من خزانة الإمبراطورية لدفن الجثث المتروكة في الشوارع. وقد أصيب الإمبراطور نفسه بالوباء، لكنه شُفي منه واستمر في الحكم بعد ذلك أكثر من عشر سنوات.
وتفيد المعلومات الواردة في كتاب بروكوبيو، بأن عدد الوفيات في مرحلة الذروة كان يتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف يومياً، وكانت أعمال الدفن تتمّ من غير أي طقوس جنائزية حتى بالنسبة لأعيان القوم والأثرياء.
وتقول الباحثة التي أشرفت على إعداد هذه الدراسة التي استغرقت شهرين وشارك فيها عدد من المؤرخين في جامعة برشلونة، إنّ ثمّة بصيصاً شحيحاً من التفاؤل يمكن أن نستشفّه من المقطع الأخير الذي يصف فيه بروكوبيو تلك الأزمة عندما يقول «بعد نهاية ذلك الوباء الذي استمرّ أربع سنوات شهد المجتمع البيزنطي تطوراً إيجابياً تمثّل في انحسار الخصومات السياسية وانكفاء الناس عن أعمال الشرّ، لكن لم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى عادت الطبائع السابقة تتحكّم في سلوك الأفراد والجماعات».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.