نقطة عسكرية «تنسيقية» تركية ـ روسية في ريف الحسكة

أميركا تعاود استدعاء قوات «قسد» إلى المنطقة

دورية تركية - روسية في ريف الحسكة الأربعاء الماضي (وزارة الدفاع التركية)
دورية تركية - روسية في ريف الحسكة الأربعاء الماضي (وزارة الدفاع التركية)
TT

نقطة عسكرية «تنسيقية» تركية ـ روسية في ريف الحسكة

دورية تركية - روسية في ريف الحسكة الأربعاء الماضي (وزارة الدفاع التركية)
دورية تركية - روسية في ريف الحسكة الأربعاء الماضي (وزارة الدفاع التركية)

بدأت القوات الروسية والتركية تحضيرات لإقامة نقطة عسكرية مشتركة في ريف الحسكة، فيما استدعت القوات الأميركية مئات العناصر من «قسد» ممن كانوا يعملون برفقتها سابقاً، في إطار سعيها لإعادة تثبيت نفوذها بقوة في شرق الفرات.
وقالت مصادر تركية إن الهدف من إنشاء النقطة هو تسهيل الدوريات العسكرية المشتركة بين القوات التركية والروسية بموجب اتفاق سوتشي الموقع بين أنقرة وموسكو في 22 أكتوبر (تشرين الثاني)، الذي بموجبه أوقفت تركيا عمليتها العسكرية المعروفة باسم «نبع السلام» التي أطلقتها في التاسع من الشهر ذاته ضد وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بهدف إبعادها عن مناطق الحدود التركية - السورية في شرق الفرات.
وفي السياق ذاته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن القوات الروسية تستعد للبدء في إنشاء نقطة عسكرية مشتركة مع القوات التركية في منطقة المطار الزراعي عند قرية أم عشبة على مفترق طرق الدرباسية - رأس العين - أبو راسين بريف الحسكة الشمالي. ونقل المرصد عن مصادر أن التحضيرات تجري بشكل سري وسط تحركات عسكرية روسية مكثفة، بالتزامن مع استقدام معدات لوجستية.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، قد أفادت يوم الأربعاء الماضي، بأن القوات التركية قامت بتجهيز نقطة عسكرية ضخمة في قرية الداودية جنوب مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي وزودتها بالآليات العسكرية.
وسيرت تركيا وروسيا بموجب الاتفاق عدداً من الدوريات في ريف الحسكة، آخرها يوم الجمعة الماضي، بمشاركة 6 مدرعات روسية ومثلها تركية تحركت من منطقة «ديرونا آغي» وتجولت بالقرب من آبار النفط في منطقة «تربة سبية» في ريف الحسكة.
وكانت وزارة الدفاع التركية، قد أعلنت، على لسان أحد متحدثيها الأسبوع الماضي، أن الجانبين التركي والروسي يواصلان منذ توقيع اتفاق سوتشي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تسيير الدوريات المشتركة، وأنه تم منذ ذلك الوقت تسيير 38 دورية.
من ناحية أخرى، قالت «سانا» إن القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها أقدمت على الاستيلاء على قطعة أرض بمساحة تصل إلى نحو 15 دونماً، وقامت بتجهيزها شرق بوابة رأس العين، ومن المتوقع استخدامها ساحة تجارية لتصريف البضائع التركية.
وقال رئيس المجلس المحلي لمدينة رأس العين الموالي لتركيا، مرعي اليوسف، يوم الثلاثاء الماضي، إنه في ظل ما تعانيه المنطقة من نقص في المواد الغذائية والصناعية والتجارية، فقد طالب المجلس الحكومة التركية بفتح معبر تجاري مع المدينة وقد تمت الاستجابة للطلب.
وأضاف أن هذه البوابة ستكون بوابة مؤقتة لتسيير أمور المنطقة وسد احتياجاتها، وأن البوابة الرئيسية التي تم إقرارها ستكون في حي الخرابات شمال شرقي رأس العين، وسيتم العمل عليها أيضاً، ولأن بناءها يستغرق كثيراً من الوقت فسوف يتم افتتاح بوابة مؤقتة.
وكان المرصد السوري أشار إلى أن مناطق عملية «نبع السلام» تشهد حالة من الانفلات الأمني بسبب الصراع بين الفصائل الموالية لتركيا.
بالتوازي، كشف المرصد نقلاً عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أمس، أن القوات الأميركية عمدت إلى إعادة استدعاء جميع الذين كانوا يعملون معها سابقاً من عناصر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والبالغ عددهم مئات العناصر للعودة مجدداً للعمل معهم في منطقة شرق الفرات، بعد أن تراجع الرئيس دونالد ترمب، جزئياً، عن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا، الذي أصدره في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وأكدت المصادر أن مئات العناصر من «قسد» التحقوا بالقواعد العسكرية الأميركية في كل من دير الزور والحسكة، على وجه التحديد، للعمل مجدداً مع القوات الأميركية، حيث يبرز دورهم بالشق اللوجستي، بالإضافة إلى تلقيهم تدريبات عسكرية من قبل العناصر الجيش الأميركي، وأنهم سيتلقون رواتب شهرية أكبر من تلك التي كانوا يتقاضونها سابقاً.
على صعيد آخر، واصل الجيش التركي إرسال التعزيزات العسكرية إلى ريف إدلب شمال غربي سوريا. ودخل أمس رتل عسكري للقوات التركية والفصائل الموالية لها من منطقة عفرين، يتألف من 55 آلية، اتجه نحو ريف إدلب بالقرب من النقاط العسكرية التركية، كما عززت القوات التركية نقاطها في ريف حلب الغربي، بكتل إسمنتية، وقامت بإزالة سواتر ترابية على المحاور الشرقية لبلدة آفس بالقرب من مدينة سراقب في الريف الشرقي لإدلب.
ونشرت القوات التركية في الأسبوعين الماضيين العديد من النقاط العسكرية المستحدثة على الطريق، كما قامت أكثر من مرة بإزالة السواتر الترابية التي يقيمها معتصمون من أهالي إدلب يرفضون الاتفاقات والتفاهمات التركية - الروسية سواء في آستانة أو سوتشي أو موسكو.
ويقع على عاتق تركيا أيضاً بموجب التفاهمات مع روسيا إبعاد عناصر جبهة النصرة عن فصائل المعارضة السورية المعتدلة، وهو ما لم تستطع إنجازه حتى الآن، بسبب محاولات تحقيق ذلك عبر إحداث انشقاقات داخل هيئة تحرير الشام التي تعد النصرة أكبر مكوناتها، حيث لا ترغب تركيا، بحسب مراقبين، في شن عملية عسكرية تستهدفها، وتعمل على الجانب الآخر مع موسكو لمنع إعطاء الضوء الأخضر للنظام بالتصعيد مجدداً في إدلب بحجة استهداف النصرة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.