تمضي الحرب على العاصمة الليبية طرابلس في مسارها دون توقف، بين «الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق» التي تلقى إسناداً من الميليشيات المسلحة، رغم المناشدات الدولية التي تدعو الطرفين لهدنة إنسانية، في وقت انشغلت الأطراف الدولية بمواجهة جائحة «كورونا» في بلادها ما تسبب في توقف جميع الوساطات المبذولة لإحياء العملية السياسية في البلاد.
وانقسم سياسيون ونواب برلمانيون ليبيون حيال المبادرات الدولية التي رأى بعضهم أنها لم تقدم جديداً، فيما ذهب آخرون إلى أن توقف هذه الوساطات يعطي فرصة لإنجاز العملية العسكرية، وتخليص البلاد من الميليشيات المسلحة التي تمنع قيام مؤسسات الدولة. وأرجع مهدي الأعور عضو مجلس النواب، بشرق البلاد «السبب الرئيسي لتوقف المساعي الدولية لحل الأزمة في بلاده إلى جائحة (كورونا)، بعد تسجيل تلك الدول معدلات كبيرة من الإصابات لديها»، نافياً صحة ما ردده البعض بشأن «يأس دول أوروبية وإقليمية من طرفي النزاع في ليبيا خاصة مع دخول معركة العاصمة عامها الثاني».
قال الأعور لـ«الشرق الأوسط»: «جميع دول العالم مشغولة للغاية بجهود محاربة انتشار الفيروس وتداعياته الاقتصادية، ولذا اقتصر الأمر على توجيه دعوات لوقف الحرب كي يتسنى للمؤسسات الصحية في ليبيا مكافحة انتشار الفيروس، ولكن للأسف الطرف الآخر لم يلتزم بالهدنة الإنسانية التي أعلنت لهذا الهدف»؛ في إشارة إلى قوات حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً. ولفت الأعور إلى أن «الصراع القائم في ليبيا ليس على سلطة أو مصالح كما يردد البعض ليتم حله بواسطة المبادرات، لكنه صراع على وجود الدولة ذاتها بسيادتها ومؤسساتها، وهو المشروع الذي يسعى (الجيش الوطني) لإحيائه»، منوهاً إلى أنه «في حال وجدت الدولة فإن ذلك يهدد بقاء الميليشيات المسلحة».
وكان موسى فكي، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، قال إن الترتيبات لعقد «منتدى المصالحة الوطنية الليبية» الذي كان الاتحاد الأفريقي يسعى لعقده بات خارج جدول أعمال الاتحاد بالوقت الراهن، بسبب أزمة فيروس «كورونا» الذي أصاب مواطني دول القارة. ورأى محمد المصباحي، المنسق التنفيذي للمجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، أن تجميد الوساطات الدولية باتجاه حل الأزمة في بلاده، ليس بسبب انشغال الدول المعنية بالملف الليبي باحتواء فيروس «كورونا» فقط، ولكنها «تأمل في حسم المؤسسة العسكرية لمعركة العاصمة، خاصة مع نظرة كثيرين لتلك المؤسسة كونها جهة الدفاع الرئيسية في صد الأطماع والتدخلات التركية في ليبيا». وتحدث المصباحي لـ«الشرق الأوسط» عن «تدخل قطر وتركيا لصالح الميليشيات بغرب البلاد، بالإضافة إلى دفع أنقرة بالسلاح وآلاف من المرتزقة إلى طرابلس»، وقال: «الجميع يعرف أن تركيا لا تتواجد بأي ساحة إلا لخدمة وتأمين مصالحها فقط»، متابعاً: «لا حل مع استمرار تدفق السلاح والمرتزقة إلى ليبيا».
في مواجهة ذلك، ترفض فيروز النعاس أمين عام حزب «الجبهة الوطنية» الآراء التي تتهم قوات «الوفاق» بخرق الهدنة الإنسانية، وقالت لـ«الشرق الأوسط» «إن حكومة (الوفاق) لم تخرق الهدنة الإنسانية، لكنها حاولت فقط صد اعتداءات القوات (المعتدية) على العاصمة، خاصة مع تكرار استهداف تلك القوات للمناطق المأهولة بالمدنيين».
ورأت النعاس أن من بين الدولة المعنية بالملف الليبي، من يراهن فعلياً على قدرة القوات (المعتدية) تلك، على اجتياح العاصمة والسيطرة عليها (...) لذا لم تتحرك ضدها رغم علاقة تلك القوات الواضحة بالجماعات والقبائل التي أغلقت منذ أكثر من ثلاثة أشهر حقول النفط، مصدر الدخل الرئيسي للبلاد». وقالت: «القذائف لم تتوقف منذ عام كامل على العاصمة رغم ادعاء القوات (المعادية) الالتزام بالهدنة الإنسانية»، مضيفة: «لذا فأنا وغيري من سكان طرابلس لم نكن نعول كثيراً على تلك المبادرات التي تطرحها دول أوروبية، كونها لم تهدف لإيجاد حل حقيقي أكثر ما استهدفت تمكين القوات المعادية من السيطرة على البلاد، بكسب الوقت».
«كورونا» يجمّد الوساطات الدولية لحل الأزمة الليبية
سياسيون يتحدثون عن «بديل محلي»... ونواب عن «حل عسكري»
«كورونا» يجمّد الوساطات الدولية لحل الأزمة الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة