علماء أميركيون يحصدون الطاقة الكهربائية من الحقول المغناطيسية في المباني

علماء أميركيون يحصدون الطاقة الكهربائية من الحقول المغناطيسية في المباني
TT

علماء أميركيون يحصدون الطاقة الكهربائية من الحقول المغناطيسية في المباني

علماء أميركيون يحصدون الطاقة الكهربائية من الحقول المغناطيسية في المباني

طوّر فريق من العلماء الأميركيين آلية جديدة لحصاد المجال (الحقل) المغناطيسي الحرّ المحيط بنا، وتحويله إلى طاقة كهربائية فعّالة قابلة للاستخدام. والمعروف أن الكهرباء التي تضيء منازلنا، وتزوّد أجهزتنا بالطاقة، تولد حقولاً مغناطيسية صغيرة تحيط بنا من كلّ جهة. وهذا الأمر دفع العلماء إلى تطوير آلية جديدة قادرة على حصاد حقول الطاقة المهدورة هذه، وتحويلها من جديد إلى الكهرباء التي تكفي لتشغيل شبكات أجهزة استشعار سيستخدمها الجيل المقبل في المباني والمصانع الذكية.
مصادر مجانية
يقول شاشانك بريا، أستاذ علم المواد والهندسة نائب الرئيس المساعد في قسم الأبحاث في جامعة بنسلفانيا: «الحقول المغناطيسية، كما أشعّة الشمس، هي مصادر مجانية للطاقة نسعى لحصادها. هذه الطاقة المنتشرة موجودة في منازلنا ومكاتبنا وأماكن عملنا وسياراتنا. إنّها في كلّ مكان، ونحن نملك فرصة حصاد هذا (الضجيج) الموجود في خلفية محيطنا، وتحويله إلى طاقة كهربائية قابلة للاستخدام».
ونجح فريق علمي، يقوده باحثون من جامعة بنسلفانيا، بتطوير جهازٍ يؤمّن إنتاج طاقة أكبر بـ400 مرّة من التقنيات المتطوّرة الأخرى عند العمل مع حقول مغناطيسية منخفضة المستوى، كتلك المتوفرة في المنازل والمباني. ويؤكّد العلماء أنّ هذه التقنية الجديدة سيكون لها تأثير كبير على تصميم المباني الذكية التي تتطلّب شبكات أجهزة استشعار تزوّد نفسها بالطاقة لأداء وظائف بعينها، كمراقبة الطاقة والأنماط التشغيلية وأنظمة التحكّم عن بعد.
ويشرح بريا، في حديث لموقع مجلة المهندسين الكهربائيين الأميركيين: «من المعروف أنّ أتمتة عدد كبير من الوظائف في المباني يساهم في زيادة فعالية الطاقة بشكل كبير. وتعد المباني واحداً من أكبر مصادر استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة. لذا، فإنّ تخفيف استهلاك الطاقة، ولو بنسبة ضئيلة، يمكن أن يُترجم إلى توفير في استهلاك الكهرباء. ولأتمتة أنظمة التحكّم هذه، تلزمنا أجهزة استشعار تعتمد على وسيلة واقعية، كالتقنية الجديدة، لتغذيتها بالطاقة».
وصمم الباحثون أجهزة متناهية الرقّة، كالورقة، بطول 1.5 بوصة (البوصة= 2.5 سم) تقريباً، يمكن وضعها على، أو بالقرب من، الأجهزة والمصابيح وأسلاك الطاقة، حيث تنتشر أقوى الحقول المغناطيسية التي، بحسب العلماء، تتبدّد بعيداً عن مصدر التيّار الكهربائي المتدفّق.
حصاد الطاقة
عندما وضع الباحثون الأجهزة الرقيقة على مسافة 4 بوصات من سخّان، أنتج الجهاز الجديد كمية كهرباء كافية لتشغيل 180 مصباح «ليد» صغير؛ وعلى مسافة 8 بوصات، أنتج كمية كافية لتشغيل ساعة منبّه رقمية. ونشر العلماء نتائج دراستهم في دورية «إنرجي أند إنفايرومنتل ساينس» (Energy and Environmental Science).
ويرى مين غيو كانغ، الأستاذ المساعد من جامعة بنسلفانيا الباحث المشارك في هذه الدراسة، أنّ «هذه النتائج تعكس تقدّماً كبيراً باتجاه الطاقة المستدامة في مجال أجهزة الاستشعار المدمجة وأنظمة الاتصال اللاسلكي».
واستخدم العلماء أيضاً هيكلاً مركباً يتألّف من طبقتين، في كلّ واحدة منها مادّة مختلفة: الأولى عبارة عن مُحكِمٍ مغناطيسي يحوّل الحقل المغناطيسي إلى جهد كهربائي، والأخرى هي محوّل كهروضغطي، يحوّل الجهد أو الذبذبات إلى حقل كهربائي. وتتيح هذه التركيبة للجهاز تحويل الحقل المغناطيسي إلى تيّار كهربائي.
ويضمّ الجهاز هيكلاً يشبه الذراع، بجهة مثبّتة وأخرى حرّة تهتزّ للتفاعل مع الحقل المغناطيسي المطبَّق عليها. ويساعد مغناطيس مثبّت على الجهة الحرّة على زيادة الحركة، ويساهم في زيادة إنتاج الكهرباء.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً