«الفشقة» تعود لحضن السودان بعد توافق مع إثيوبيا على ترسيم الحدود

«الفشقة» تعود لحضن السودان بعد توافق مع إثيوبيا على ترسيم الحدود
TT
20

«الفشقة» تعود لحضن السودان بعد توافق مع إثيوبيا على ترسيم الحدود

«الفشقة» تعود لحضن السودان بعد توافق مع إثيوبيا على ترسيم الحدود

ينتظر أن ينهي كل من السودان وإثيوبيا، النزاع الحدودي الممتد بينهما لعدة سنوات، وتعود بموجبه منطقة «الفشقة» المتنازع عليها بين البلدين، الحضن السوداني في غضون أسبوعين.
وخطا البلدان خطوات عملية في البدء بعمليات ترسيم الخط الفاصل بين البلدين ووضع العلامات الحدودية، وانسحاب قوات الجانبين، كل إلى حدوده الدولية في غضون أسبوعين، في الوقت الذي تدرس فيه الحكومة الإثيوبية كيفية التعامل مع الموقف السوداني الجديد من النزاع على «سد النهضة»، والذي يبدو فيه الميل لصالح القاهرة.
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، زيارات متتالية لكل من وزير الري ورئيس المخابرات المصريين، أعقبتها في اليوم التالي مباشرة زيارة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الإثيوبي الجنرال آدم محمد.
وأحيطت زيارة المسؤولين المصريين بسياج منيع من التكتم، ورجحت التحليلات الصحافية أن يكون الهدف «كسب السودان» للجانب المصري في مباحثات سد النهضة. وفي الجانب الآخر ورغم أن رئيس هيئة الأركان الإثيوبي قال إن مباحثاته مع القادة السودانيين تناولت قضايا الحدود ومحاربة الجريمة العابرة، والتهريب والاتجار بالبشر، فإن مصدرا إثيوبيا قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن زيارة رئيس هيئة الأركان، يهدف جزء منها لمعالجة النزاع بين البلدين على منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة، والتي استولت عليها قوات محسوبة على حكومة إقليم «أمهرا» الإثيوبي، بعد أن طردت المزارعين السودانيين منها إبان حكم نظام المعزول عمر البشير.
وبحسب المصدر، فإن رئيس الأركان الإثيوبي اتفق مع المسؤولين السودانيين على خطة تعود بموجبها قوات البلدين لحدودها الدولية في غضون أسبوعين، على أن تباشر لجان ترسيم الحدود وضع العلامات الحدودية على الفور، وذلك عقب لقاء ينتظر أن يجمعه غدا مع رئيس الوزراء آبي أحمد، لتقديم تفاصيل اجتماعاته في الخرطوم.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عقب لقائه كلا من وزير الري محمد عبد العاطي ورئيس المخابرات عباس كامل المصريين بالخرطوم، الخميس، إن بلاده متمسكة بمرجعية مسار واشنطن الخاص بقواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، وإعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم 2015. وتعد تصريحات حمدوك تغيراً في الموقف السوداني تجاه مفاوضات سد النهضة الجارية بواسطة واشنطن. فقد رفض السودان توقيع المسودة المقدمة من وزارة الخزانة الأميركية في فبراير (شباط) الماضي، ووقعتها مصر ورفضت إثيوبيا توقيعها، بل ألغت السفر إلى واشنطن في اللحظة الأخيرة. وتحفظ السودان أيضا على مشروع قرار مقدم من مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لمساندة ودعم مصر في مفاوضات سد النهضة، متذرعا بأن مثل هذا القرار قد يدفع إثيوبيا للجوء للاتحاد الأفريقي وخلق اصطفاف أفريقي معها، بمواجهة الاصطفاف العربي لصالح مصر.
وتضع إثيوبيا ألف حساب لهذا المتغير الجديد والذي طرأ على الموقف السوداني، وينتظر بحسب المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن يقوم مسؤولون إثيوبيون كبار بزيارة قريبة للسودان لبحث الأمر، وكيفية التعامل معه. وللسودان نزاعات حدودية مع كل من مصر وإثيوبيا، على مثلث «حلايب»، ومنطقة «الفشقة» الزراعية الخصيبة. وتسيطر القوات الإثيوبية على المنطقة السودانية الواقعة «نحو 600 كيلومتر مربع» من الأراضي الزراعية شديدة الخصوبة، والتي انتزعت فيها مشاريع زراعية سودانية بواسطة مزارعين إثيوبيين.
ولم تتوقف المفاوضات بين البلدين من أجل التوصل لحل نهائي للنزاع الحدودي على المنطقة طوال العقود الماضية، لكن التصعيد الأكبر الذي شهدته المنطقة، حين استغل الجيش الإثيوبي «محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والتي اتهمت بها الحكومة السودانية»، وسيطرت على المنطقة مجدداً عام 1993. وتعترف إثيوبيا الرسمية بتبعية المنطقة الزراعية للسودان، لكنها لم تتخذ خطوات عملية لترسيم الحدود، فسمحت للمزارعين الإثيوبيين بزراعة المنطقة ووفرت لهم الحماية، ومعظمهم من عرقية أمهرا المحادة للسودان، ويزيد الأمر تعقيداً بسبب النزاعات الحالية بين القوميات الإثيوبية.
وشهدت الخرطوم الجمعة مباحثات عسكرية رفيعة المستوى، أثناء زيارة رئيس هيئة أركان الجيش الإثيوبي الجنرال آدم محمد للسودان، ولقائه كلا من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعقد العسكري الإثيوبي البارز جولة مفاوضات مع رصيفه السوداني الجنرال محمد عثمان الحسين.
ونقلت «الشرق الأوسط» أول من أمس، أن الطرفين بحثا العلاقات الأمنية والعسكرية المتعلقة بالحدود بين البلدين، واتفقا على تنسيق العمل بين قوات البلدين لمكافحة الجريمة العابرة والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة، ومحاربة العصابات التي تنشط في المنطقة الحدودية المشتركة.
وأثناء زيارة كل من وزير الري ورئيس المخابرات المصريين للسودان الخميس الماضي، اتفق البلدان على التمسك بمسودة وزارة الخزانة الأميركية المتعلقة بقواعد الملء الأول لسد النهضة وتشغيله، وإعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في 2015 بالخرطوم.



كمية الوقود في مواني سيطرة الحوثيين بأدنى المستويات

العقوبات الأميركية تلقي بظلالها على واردات الوقود والأغذية إلى مواني الحوثيين (إعلام محلي)
العقوبات الأميركية تلقي بظلالها على واردات الوقود والأغذية إلى مواني الحوثيين (إعلام محلي)
TT
20

كمية الوقود في مواني سيطرة الحوثيين بأدنى المستويات

العقوبات الأميركية تلقي بظلالها على واردات الوقود والأغذية إلى مواني الحوثيين (إعلام محلي)
العقوبات الأميركية تلقي بظلالها على واردات الوقود والأغذية إلى مواني الحوثيين (إعلام محلي)

في الوقت الذي كشفت فيه منظمة دولية عن إلغاء بعض المصدِّرين عقود استيراد مواد غذائية إلى مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، أكدت مصادر في قطاع النفط وأخرى أممية تراجع القدرة التخزينية للمواني اليمنية الخاضعة للجماعة إلى أدنى مستوياتها بسبب تدمير المقاتلات الإسرائيلية كل مخازن الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى.

ووفق ما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» مصادر عاملة في قطاع النفط، فإن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة أدت إلى تدمير نحو 80 في المائة من المخازن، وأن الأمر تكرر في ميناء رأس عيسى النفطي.

وتقوم الجماعة حالياً –حسب المصادر- بإفراغ شحنات الوقود إلى الناقلات مباشرةً، التي بدورها تنقلها إلى المحافظات أو مخازن شركة النفط في ضواحي صنعاء.

وبيَّنت المصادر أن آخر شحنات الوقود التي استوردها الحوثيون دخلت إلى ميناء رأس عيسى أو ترسو في منطقة قريبة منه بغرض إفراغ تلك الكميات قبل سريان قرار الولايات المتحدة حظر استيراد المشتقات النفطية ابتداءً من 2 أبريل (نيسان) المقبل.

نيران وأدخنة تتصاعد من موقع ضربات إسرائيلية قرب ميناء الحديدة (أ.ف.ب)
نيران وأدخنة تتصاعد من موقع ضربات إسرائيلية قرب ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

وتزامنت هذه التطورات مع تأكيد منظمة دولية إلغاء بعض المصدِّرين عقود تصدير مواد غذائية إلى مواني سيطرة الحوثيين، استجابةً لقرار الولايات المتحدة تصنيف الجماعة منظمة إرهابية.

وأكدت الأمم المتحدة من جهتها، تراجع واردات الوقود والغذاء إلى تلك المواني الواقعة على البحر الأحمر خلال أول شهرين من العام الجديد، لأسباب متعلقة بتراجع القدرة التخزينية لتلك المواني، وأخرى ناتجة عن التهديدات المرتبطة بالغارات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة على مناطق سيطرة الجماعة.

انخفاض 8 % في شهرين

وفق ما أورده برنامج الغذاء العالمي في تقريره عن وضع الأمن الغذائي في اليمن، فإن واردات الوقود إلى مواني الحديدة والصليف ورأس عيسى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين خلال الشهرين الماضيين انخفضت بنسبة 8 في المائة مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.

وأعاد البرنامج أسباب هذا التراجع إلى انخفاض سعة التخزين فيها بعد أن دمرت المقاتلات الإسرائيلية معظم مخازن الوقود هناك، والتهديدات الناجمة عن تعرض هذه المواني المستمر للغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية منذ منتصف العام الماضي.

الضربات الإسرائيلية دمّرت غالبية مخازن الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى (إعلام محلي)
الضربات الإسرائيلية دمّرت غالبية مخازن الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى (إعلام محلي)

التقرير أكد أن كمية الوقود المستورد عبر تلك المواني خلال أول شهرين من العام الجاري بلغت 551 ألف طن متري، وبانخفاض قدره 14 في المائة عن ذات الفترة من العام السابق التي وصل فيها إلى 644 ألف طن متري.

لكن هذه الكمية تزيد بنسبة 15 في المائة عن الفترة ذاتها من عام 2023 التي دخل فيها 480 ألف طن متري.

كما تُظهر البيانات الأممية أن كمية المواد الغذائية الواصلة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ بداية هذا العام انخفضت بنسبة 4 في المائة عن نفس الفترة من العام السابق، ولكنها تمثّل زيادة بنسبة 45 في المائة عن الفترة ذاتها من عام 2023.

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن سريان العقوبات الأميركية المرتبطة بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، قد يؤدي إلى فرض قيود أو تأخيرات على الواردات الأساسية عبر مواني البحر الأحمر، الأمر الذي قد يتسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ورجح أن تغطي الاحتياطيات الغذائية الموجودة حالياً في مناطق سيطرة الحوثيين فترة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر.

خطر الجوع

كان برنامج الغذاء العالمي قد حذَّر من تعرض عشرات الملايين لخطر الجوع الشديد والمجاعة في 28 حالة طوارئ حول العالم، بينها اليمن، بسبب تفاقم أزمة التمويل «غير المسبوقة».

وبيّن البرنامج أن «58 مليون شخص معرضون لهذا الخطر إذا لم يحصلوا على تمويل جديد بشكل عاجل»، حيث يواجه انخفاضاً حاداً ومقلقاً في التمويلات المقدمة من الدول المانحة الرئيسية.

الحوثيون يجنون نحو 900 مليون دولار من عائدات استيراد الوقود والبضائع (إعلام محلي)
الحوثيون يجنون نحو 900 مليون دولار من عائدات استيراد الوقود والبضائع (إعلام محلي)

وذكر البرنامج أنه لم يتلقَّ سوى ما نسبته 40 في المائة من تمويلات العام الجاري مقارنةً بالعام الماضي، وقال إن ذلك «يؤثر سلباً على جهوده في مجال المساعدات الغذائية عالمياً، خصوصاً أن مستويات الجوع في العالم شهدت مؤخراً ارتفاعاً كبيراً، حيث يواجه 343 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، نتيجة موجة متواصلة من الأزمات، بما في ذلك الصراعات وعدم الاستقرار الاقتصادي وحالات الطوارئ المرتبطة بالمناخ».

وحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن العمليات الأكثر أهمية تشمل: اليمن، ولبنان، والسودان، وسوريا، وجنوب السودان، وتشاد، وأفغانستان، وميانمار، وأوغندا، والنيجر، وبوركينا فاسو، والكونغو الديمقراطية، ومالي، وبنغلاديش، وفنزويلا، وهايتي، وموزمبيق، ونيجيريا، والصومال، وكينيا، وأوكرانيا، ومالاوي، وبوروندي، وإثيوبيا، وفلسطين، وأفريقيا الوسطى، والأردن، ومصر.