دولاران في لبنان... أحدهما وهمي والآخر شحيح لدى الصيارفة

27 مليار دولار خرجت من البلاد

دولاران في لبنان... أحدهما وهمي والآخر شحيح لدى الصيارفة
TT

دولاران في لبنان... أحدهما وهمي والآخر شحيح لدى الصيارفة

دولاران في لبنان... أحدهما وهمي والآخر شحيح لدى الصيارفة

فَقَدَ القطاع المصرفي اللبناني أداة أساسية كانت لتؤمِّن له الاستمرار والنمو، تتمثل في ثقة المودعين والمتعاملين معه.
كانت أواخر عام 2019 فترة السقوط الكبير للقطاع المصرفي، بوصف المتابعين والمحللين لتسارع الأحداث والتطورات المالية والنقدية والاقتصادية، وحتى السياسية. الكل يعي أن لا حل إلا بإعادة هيكلة هذا القطاع، ومعه مصرف لبنان (البنك المركزي) بالطبع، من ضمن إعادة هيكلة شاملة لديون لبنان الخارجية والداخلية، التي تحمل منها المصارف الجزء الأكبر، وهي هيكلة شاملة، يرى الخبراء أنها سترتب خسائر كبيرة على القطاع المصرفي، وعلى مصرف لبنان، ما يطرح تساؤلاً أساسياً عن الآلية التي ستعتمد لتوزيع عادل لهذه الخسائر.
تشير الأرقام الصادرة في فبراير (شباط) الماضي، عن جمعية مصارف لبنان، إلى أن المصارف وظفت في مصرف لبنان، 76 مليار دولار. وفي المقابل، تبلغ الأموال القابلة للاستعمال لدى مصرف لبنان 20 مليار دولار، بحسب حاكم المصرف المركزي. أي أن الفجوة بين الرقمين تبلغ 56 مليار دولار. بمعنى آخر، أن 56 مليار دولار تبخرت، هي أموال المودعين التي أودعتها المصارف في مصرف لبنان، وإن كان الهدف في حينه دعم مالية الدولة. كما أظهرت أرقام الجمعية خروج ودائع بقيمة 27 مليار دولار، عائدة لكبار المودعين في المصارف اللبنانية.
واتضح أنه لم تعد هناك دولارات نقدية في المصارف، وما بقي منها مجرد أرقام دفترية. حتى أن حاكم مصرف لبنان نفسه تكلم عن دولار محلي في أحد مقابلاته التلفزيونية، ما يفتح النقاش حول الفارق بين الدولار المحلي والدولار النقدي؟
بحسب خبير الأسواق المالية دان قزي، فإن الدولار المحلي أو ما يعرِّفه بـ«اللولار»، هو «الدولار الذي تقبض عليه المصارف اللبنانية، وهو عملياً رقم على شاشاتها، لا قيمة فعلية له. وبالتالي لا توجد إمكانية لإنجاز عمليات شرائية خارجية، على غرار ما كنا نقوم به من خلال الدولار النقدي، من عمليات شراء وتحويل إلى الخارج».
ويشرح قزي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بالدولار الداخلي أو (اللولار) لا نستطيع شراء سيارة أو إجراء اشتراكات على الإنترنت، أو حتى القيام بعمليات دفع خارج لبنان عبر بطاقات الائتمان. ما يعني أن التسوق بالتجزئة خارج لبنان ممنوع بهذا الدولار، ويقتصر التداول به داخل الأراضي اللبنانية، كإقفال لديون للمصارف من ضمن عمليات حسابية داخلية، أو شراء عقارات، أو تملك شقق سكنية عبر شيكات تودع لدى المصارف، أو حتى سداد القروض المصرفية، على سعر صرف 1500 ليرة».
ويتوقع قزي أن تنتهي ظاهرة الدولار المحلي أو «اللولار» خلال عام أو أكثر على أبعد تقدير، بعد الاتجاه رسمياً إلى تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية، وهو الذي أشار إليه برنامج الحكومة الإصلاحي، عن تحرير تدريجي لسعر صرف الليرة، اعتباراً من السنة المقبلة ليصبح 3 آلاف ليرة في 2024.
ويلفت قزي إلى أن الدولار الحقيقي اليوم هو الدولار الكاش، أو البنكنوت، الموجود لدى محال الصيرفة فقط، ويتم شراؤه اليوم على سعر يلامس 3 آلاف ليرة.
وعن تأثير وجود دولارين في سوق القطع اللبنانية، أحدهما محلي، هو إلى حد ما دولار وهمي، والآخر دولار نقدي حقيقي لدى الصيارفة، على ثقة المستثمرين الأجانب أو حتى اللبنانيين، يقول قزي إن «ثقة الاستثمار في لبنان اليوم، لم تعد تتعلق بهذا الأمر فقط. فالثقة فقدت بسبب تخلف لبنان عن السداد من جهة، وبسبب ما آلت إليه الظروف الاقتصادية عموماً. لم يعد أمام لبنان خيار للخلاص سوى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، والسعي من أجل الحصول على أموال مؤتمر (سيدر)».
والواقع أن لبنان بأمسّ الحاجة إلى دولارات جديدة، أو ما يعرف بالـfresh money، وإلى أموال مغتربيه لإعادة الحياة إلى اقتصاده الراكد والمنكمش، الذي يقدر بأن يبلغ نسبة سلبية هذا العام بواقع 12 في المائة. وما كان ينقصه إلا أزمة «كورونا»، إذ حذرت وكالة «بلومبرغ» أن تؤثر هذه الجائحة سلباً على أموال المغتربين والتحويلات إلى لبنان الذي يحتاج «أكثر من أي وقت مضى» إلى العملات الصعبة.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.