إجماع عراقي على الكاظمي بعد انسحاب الزرفي

رئيس الوزراء المكلف الجديد يتعهد وضع مطالب الشعب في مقدمة أولوياته

الرئيس العراقي ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف وقادة الكتل السياسية خلال اجتماع التكليف في بغداد أمس (رويترز)
الرئيس العراقي ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف وقادة الكتل السياسية خلال اجتماع التكليف في بغداد أمس (رويترز)
TT

إجماع عراقي على الكاظمي بعد انسحاب الزرفي

الرئيس العراقي ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف وقادة الكتل السياسية خلال اجتماع التكليف في بغداد أمس (رويترز)
الرئيس العراقي ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف وقادة الكتل السياسية خلال اجتماع التكليف في بغداد أمس (رويترز)

أكد مصطفى الكاظمي، مدير جهاز المخابرات العراقي الذي كلفه الرئيس برهم صالح أمس بتشكيل الحكومة خلفا لمحافظ النجف السابق عدنان الزرفي الذي اعتذر عن التكليف، أنه سيلبي تطلعات العراقيين.
وأضاف الكاظمي: «مع تكليفي بمهمة رئاسة الحكومة العراقية أتعهد أمام شعبي الكريم بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في مقدمة أولوياتها وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق». وأكد على أن الحكومة الجديدة ستعمل على «حل الأزمات وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام».
وحتى أول من أمس كان جدول أعمال الزرفي مزدحما بمختلف أنواع الالتزامات. لقاءات مجدولة مع كبار المسؤولين في الدولة وزراء ورؤساء قطاعات ومنظمات واتحادات نقابية، وكذلك زيارات إلى الكتل السياسية بهدف إقناعها بالانضمام إلى حكومته. وحتى مع بدء توافد الموفدين له من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح لغرض الاعتذار طبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر موثوقة فإن الزرفي الموصوف بعناده بقي يرفض من جهة دون أي خط رجعة وينتظر في المقابل أن تعلمه رئاسة البرلمان بموعد جلسة نيل الثقة التي طلبها. لكن لا الوفود توقفت عن المجيء إليه لكي يغير رأيه ولا رئاسة البرلمان أعلنت عن موعد وشيك لعرض كابينة الزرفي التي لم يقدم أيا من أعضائها إلى هيئة المساءلة والعدالة طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» صلاح الجبوري، عضو الهيئة، قائلا إن «المساءلة والعدالة حتى يوم الأربعاء لم تتسلم السير الذاتية للوزراء الذين يفترض أن يكون المكلف قد ضمهم إلى حكومته» مبينا أن «موافقة المساءلة والعدالة وهيئة النزاهة شرط ضروري قبل عرض أي وزير على التصويت».
مساء الأربعاء، واستنادا إلى المصادر العليمة، تغيرت المواقف حيث دخل تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري على الخط مباشرة وبوساطة من التيار الصدري قادها نصار الربيعي رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري الذي اصطحب الزرفي معه إلى اجتماع في منزل رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم وبحضور العامري حيث تم إقناع الزرفي بالانسحاب من التكليف من منطلق أن القضية لا تتعلق به بقدر ما تتعلق بالسياقات الدستورية التي يرون إنها خاطئة وجرت بموجبها عملية التكليف.
الزرفي الذي أورد عبارة غامضة في رسالة الاعتذار التي وجهها إلى العراقيين وأرسل نسخة منها إلى رئيس الجمهورية برهم صالح تتمثل في رأيه بأن هناك أسبابا «داخلية وخارجية» تقف خلف عدم إكمال المهمة. لكنها من وجهة نظره «لن تمنعني من المضي في خدمة شعبي عبر موقعي النيابي الحالي وسوف أواصل العمل والاستعداد معكم للانتخابات القادمة المبكرة لاستكمال المشروع الوطني وتطوير أسسه الاقتصادية».
من جهته فإن الرئيس العراقي الذي كان خياره منذ البداية وعند استقالة عادل عبد المهدي هو المجيء بالكاظمي لمنصب رئاسة الحكومة أعلن في خطابه أثناء مراسم تكليف الكاظمي بحضور معظم قادة الخط الأول من الزعامات العراقية (محمد الحلبوسي رئيس البرلمان، فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى،، عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا، حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، هادي العامري زعيم تحالف الفتح وسواهم) قال: «إننا أضعنا فترة طويلة والشعب العراقي ينتظر منا الكثير والكثير وكان الواجب علينا أن نتقدم بتشكيل في أسرع وقت». وعد صالح ما حصل من إجماع غير مسبوق في تكليف الكاظمي «إنما هو إنجاز مهم وتقدير مهم»، مشيدا في الوقت نفسه باعتذار الزرفي عن المضي في تشكيل الحكومة عبر ما عده صالح «التزاما وتقديرا من قبله للمصلحة الوطنية ومواقفه الشجاعة في هذه الظروف».
كما أشاد صالح بشدة بالكاظمي وقال إنه «شخصية مناضلة ومثقفة معروف عنه النزاهة ومعروف عنه الاعتدال ومعروف عنه الحرص على الحقوق العامة للعراقيين».
وبشأن حظوظ الكاظمي في إكمال مهمته، يقول عضو البرلمان العراقي عن حركة إرادة حسين عرب لـ«الشرق الأوسط» إن «الكاظمي كان مرشحنا أصلا لرئاسة الوزراء وكان أحد الأسماء الخمسة الذين وقعنا عليها كنواب وأعطيناها إلى رئيس الجمهورية»، مضيفا أن «الكاظمي هو من الجيل الثاني من القيادات السياسية وهو كما نعتقد لديه إمكانيات كبيرة لقيادة البلد وبالتالي لسنا معترضين وكنا داعمين له غير أن الإخوة في بعض القوى السياسية أعلنوا رفضه له في البداية غير أن الأمور اختلفت اليوم وبالتالي فإن دعمنا له مؤكد وسوف نصوت له داخل قبة البرلمان».
في السياق نفسه أكد عبد الله الخربيط عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية دعم «التحالف للكاظمي لأنه من وجهة نظرنا قادر على إشغال هذا المنصب في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من تاريخ بلدنا». وأضاف الخربيط لـ«الشرق الأوسط» أن «دعمنا للكاظمي يأتي كونه يمتلك مواصفات ملائمة لما يجري الآن كما أن الكاظمي يعد هو الأقل قربا لأي من الأحزاب النافذة الآن وبالتالي لا يعتبر تكليفه هزيمة لأي حزب أو طرف على حساب آخر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».