تمسك مصري ـ سوداني بمرجعية مسار واشنطن حول «سد النهضة»

البرهان يتصل برئيس الوزراء الإثيوبي... وحمدوك إلى القاهرة وأديس أبابا قريباً

TT

تمسك مصري ـ سوداني بمرجعية مسار واشنطن حول «سد النهضة»

أكدت السودان ومصر تمسكهما بمسودة واشنطن، الخاصة بقواعد الملء الأول، وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وما تم الاتفاق عليه في إعلان المبادئ، الموقع بين الدول الثلاث بالخرطوم في 2015. وفي غضون ذلك، أجرى رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.
والتقى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أمس، بالخرطوم، وفداً مصرياً رفيع المستوى، ضم وزير الري والموارد المائية محمد عبد العاطي، ومدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل. وحضر اللقاء من الجانب السوداني وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، ومدير المخابرات العامة جمال عبد المجيد.
وذكر بيان صادر عن مجلس الوزراء أن اللقاء بحث تطورات سد النهضة، والتطورات على الساحة الإقليمية، إلى جانب التعاون بين السودان ومصر في مختلف المجالات. موضحاً أن الجانبين أكدا على التمسك بما تمّ التوافق عليه، بمرجعية مسار واشنطن لقواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، وإعلان المبادئ الموقع بين السودان ومصر وإثيوبيا في الخرطوم سنة 2015.
كما أشار البيان إلى أن اللقاء بحث ترتيبات الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى القاهرة وأديس أبابا في القريب العاجل.
وأعلن حمدوك اعتزامه زيارة القاهرة وأديس أبابا لحثّ الطرفين على استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة، واستكمال الحوار في القضايا العالقة المتبقية.
واتفق رئيس الوزراء السوداني، في اتصال هاتفي، أجراه مع وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين، الأسبوع الماضي، على أن عملية التفاوض في واشنطن حققت إنجازاً كبيراً، ما يجعل استئناف هذه العملية منطقياً، وأن قضية سد النهضة ملحة للغاية، ويجب مواصلة التفاوض حوله، بمجرد تغلب العالم على كارثة وجائحة «كورونا».
إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، إنه ناقش خلال اتصال هاتفي تلقاه من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ورفع العقوبات المفروضة على السودان، والعمل المشترك لمواجهة وباء «كورونا».
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني قد أكد خلال تفقده مناطق عسكرية بولاية القضارف، المتاخمة للحدود الإثيوبية، أن الجيش السوداني لن يسمح بالتعدي على أراضي وحدود البلاد؛ حيث تشهد تلك المناطق توترات أمنية. وجدد البرهان التأكيد على جاهزية القوات المسلحة لحماية البلاد وحراسة حدودها، دون التراجع عن ذلك. وقال: «هدفنا حماية أراضينا ومواطنينا على امتداد حدود السودان في كل مكان، وهذا واجب القوات المسلحة المقدس، الذي لن تفرط فيه أبداً».
وكانت الحكومة السودانية قد أبدت أملها في ألا تقدم إثيوبيا على ملء سد النهضة الإثيوبي، إلا بعد التوقيع على اتفاق بين الدول الثلاث.
وتوقع وزير الري السوداني ياسر عباس، استئناف المفاوضات بشأن الملء الأول، وتشغيل السد في القريب العاجل، مشيراً إلى توافق الدول الثلاث على غالبية البنود في المسودة، وإلى أنه تبقى القليل الذي يحتاج لمزيد من التفاوض.
وقال عباس إن موقف السودان في اجتماع واشنطن، الذي عقد في فبراير (شباط) الماضي، هو أنه لا جدوى من التوقيع الجزئي على مسودة اتفاق لم تكتمل فيها كل التفاصيل.
وأوضح وزير الري السوداني أن المقترحات، التي تقدم بها السودان على مسودة الاتفاق، تغطي عمليات الملء والتشغيل خلال السيناريوهات الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق، وسلامة التشغيل والسدود السودانية، وآليات تبادل البيانات الخاصة بالتشغيل اليومي، وفض النزاع إن حدث.
ووقّعت مصر في جولة المفاوضات الثالثة، التي انعقدت في واشنطن، بالأحرف الأولى على مسودة الملء الأول، وتشغيل سد النهضة، وتغيّبت عنها إثيوبيا، فيما أبدى السودان بعض الملاحظات على مسودة الاتفاق.
ووُضعت مسودة اتفاق بواسطة اللجنة، المكونة من الدول الثلاث، بالتنسيق مع مراقبين من وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. وقد تحفظ السودان على مشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب، يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر والسودان الخاص بسد النهضة الإثيوبي، باعتبارهما دولتي المصبّ. وأقرّ مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في مارس (آذار) الماضي مشروع قرار قدمته مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي، يؤكد على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ويرفض أي إجراءات أحادية إثيوبية.
واتفقت الدول الثلاث في يناير (كانون الثاني) الماضي بالخرطوم على آليات لملء البحيرة، خلال فترة الجفاف، والجفاف الممتد، والفترات الممتدة للسنوات الجافة، والتشغيل السنوي، وعلى المدى الطويل للسد خلال فترة الجفاف، والجفاف الممتد والفترات الممتدة للسنوات الجافة.
كما توافقت الأطراف الثلاثة على آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاقية، بما فيها الملء والتشغيل وحلّ الخلافات، ومعالجة مسائل التشغيل الآمن للسد، واستكمال الدراسات المتبقية حول التأثيرات البيئية والاجتماعية للسد.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.