تركيا تنفذ حملة ثانية لتوطين عائلات معارضين سوريين في تل أبيض

TT

تركيا تنفذ حملة ثانية لتوطين عائلات معارضين سوريين في تل أبيض

بدأت تركيا عملية لنقل عائلات مقاتلي الفصائل السورية المسلحة الموالية لها فيما يعرف بـ«الجيش الوطني» إلى تل أبيض لتوطينهم هناك. بينما قام الجيش التركي بعملية تبديل للمقاتلين في شرق الفرات ونقلهم إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بعد احتجاجهم على تأخر عملية التبديل وصرف الرواتب.
وذكر مركز «توثيق الانتهاكات في شمال سوريا»، أن القوات التركية أشرفت على نقل عائلات مسلحي «الفيلق الأول» في الجيش الوطني السوري في مناطق عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب الشمالي لتوطينهم في منطقة تل أبيض، عبر 18 حافلة أقلت نحو 140 عائلة، أول من أمس، حيث تم نقلهم إلى معبر أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا جنوب تركيا تمهيدا لنقلهم إلى مدينة تل أبيض.
وتعد هذه هي الموجة الثانية من عمليات توطين عائلات المقاتلين الموالين لتركيا في تل أبيض، حيث كان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنه تم نقل أعداد من سكان الشمال السوري إلى مدينة تل أبيض الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها، بعد تسجيل أسماء الراغبين في الانتقال، ليتم نقلهم من جرابلس إلى الحدود مع تركيا ثم إلى تل أبيض بصحبة أغراضهم.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إن بلاده بدأت العمل على تسكين مليون شخص في مدينتي تل أبيض ورأس العين، بعد أن سيطرت عليهما القوات التركية والفصائل الموالية لها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في ما يسمى بعملية «نبع السلام» العسكرية، التي استهدفت وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتسببت في نزوح أكثر من 300 ألف مدني إلى مخيمات في مدينتي الحسكة وديريك وأخرى في إقليم كردستان العراق، بحسب إحصاءات للأمم المتحدة.
في الوقت ذاته، وافقت تركيا على السماح لمقاتلي فصائل المعارضة المسلحة الموالية لها في «الجيش الوطني» بالتبديل والعودة من مناطق «نبع السلام» بريفي الرقة والحسكة الشماليين إلى مناطق «درع الفرات» و«غصن الزيتون» بريف حلب الشمالي.
وتشمل عملية التبديل العناصر الذين لم يحصلوا على إجازات منذ دخول المنطقة في أكتوبر، حيث كانت تركيا وعدتهم بإجازات كل 3 أشهر، وجاءت بعد احتجاجات من مقاتلي «الجيش الوطني» للمطالبة بالتبديل والإجازات والرواتب.
ويواجه «الجيش الوطني» ضغوطا من تركيا لإرسال المزيد من المقاتلين كمرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، ولذلك تسعى قيادات المجموعات المنضوية فيه إلى استقطاب المزيد من الشباب السوري للانضمام إليه لتدريبهم وإرسالهم إلى ليبيا.
من ناحية أخرى، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن القوات التركية ستواصل دورياتها المشتركة مع نظيرتها الروسية على طريق حلب - اللاذقية الدولي تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الموقع في موسكو في 5 مارس (آذار) الماضي.
وقال أكار، في تصريحات إن الدورية الثالثة، التي تم تسييرها أول من أمس، استكملت بنجاح، وإن الدوريات ستستمر.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أن معتصمين من أهالي إدلب وبعض عناصر الفصائل المسلحة منعوا القوات التركية والسورية من استكمال دورية عسكرية مشتركة على طريق حلب - اللاذقية أول من أمس.
وأكد أكار، في مقابلة تلفزيونية أول من أمس، استمرار وقف إطلاق النار في إدلب وفقا للاتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا، مشيرا إلى أن نحو 70 إلى 80 ألف مواطن سوري عادوا إلى منازلهم في إدلب على خلفية خفض التوتر بفضل الاتفاق، وستتواصل العودة في المرحلة القادمة من خلال الجهود التركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.