َبدأت ألمانيا منذ العام الماضي تظهر اهتماماً خاصاً بدول منطقة الساحل في أفريقيا، فزارت المستشارة أنجيلا ميركل في مايو (أيار) الماضي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، لتعود وتستقبل عدداً من زعماء هذه المنطقة في مقر المستشارية في برلين. وخلال جولتها تلك، استنتجت ميركل أن هناك حاجة لإطلاق ما بات يُعرف لاحقاً بـ«عملية برلين» لإنهاء الصراع في ليبيا، بعد أن استمعت من قادة دول الساحل إلى مدى خطورة تمدد الإرهاب في هذه الدولة المجاورة لهم.
وخلال جولتها الأفريقية واستقبالها القادة الأفارقة، تكرر ميركل أنه من مصلحة ألمانيا التعاون مع أفريقيا، لأنه فقط إذا حصل سكانها على فرصة لتحقيق السلام والحياة الآمنة فإن الهجرة ستتقلص إلى أوروبا. وتعهدت الحكومة الألمانية بتقديم دعم مالي لمجموعة دول الساحل الخمس (بوركينا فاسو، ومالي، وموريتانيا، والنجير، وتشاد) يصل إلى مليار و700 مليون يورو بين عامي 2017 و2020، لدعم مشاريع تتعلّق بالتنمية والاستقرار.
واليوم، وفي ظل تزايد المخاوف من كارثة إنسانية في أفريقيا ودول الساحل خاصة وسط انتشار فيروس «كورونا»، فقد أعلنت ألمانيا أنها خصصت أموالاً إضافية للمساعدة في تأمين مساعدات غذائية لهذه الدول عبر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن ألمانيا قدمت 10 ملايين يورو لـ«برنامج الأغذية العالمي»، بهذا الهدف، مشيراً إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص معرضون لخطر المجاعة في دول الساحل.
وقال ماس إن «برنامج الأغذية العالمي» سيتمكن بفضل المساهمة المالية الجديدة «من أن يؤمن بسرعة المواد الغذائية الضرورية والقيام بالتحضيرات المسبقة لانتشار وباء (كورونا) في دول الساحل». وأضاف ماس أن ألمانيا قدمت كذلك دعماً للخدمة الجوية الإنسانية للأمم المتحدة لإيصال المساعدات للمحتاجين من أكثر المناطق فقراً.
وكان «برنامج الأغذية العالمي» قد حذر قبل أيام من كارثة إنسانية في دول الساحل، مشيراً إلى أن النظام الصحي في هذه الدول هو الأضعف في العالم. وبحسب تقديرات «صندوق الأغذية العالمي»، فهو بحاجة إلى 208 ملايين دولار إضافية عاجلة قبل شهر أغسطس (آب) المقبل، لدعم الدول الأكثر حاجة في ظل وباء «كورونا».
وتعاني دول الساحل من مشكلة إرهاب كبيرة، وتشارك ألمانيا في مهمة عسكرية أوروبية في مالي حيث تنشر ما يقارب 350 جندياً ألمانياً للمساعدة في تدريب القوات المالية، كما تشارك ألمانيا منذ عام 2013 بـ1100 جندي من ضمن قوات حفظ السلام التي يبلغ عددهم 12500 جندي. كذلك تشارك ألمانيا بقوات تدريبية في النيجر منذ عام 2018. ومؤخراً أبدت ألمانيا على لسان كل من وزير الخارجية هايكو ماس، ووزيرة الدفاع أنغريت كرامب كارنباور، استعداداً لتوسيع دورها في دول الساحل.
والعام الماضي، أعلنت الخارجية الألمانية أنها خصصت 25 مليون يورو لبرنامج طوارئ يهدف لفرض الاستقرار على حدود الدول مجموعة الساحل الخمسة، من ضمن برنامج للاتحاد الأوروبي خاص بأفريقيا.
وفي «مؤتمر ميونيخ للأمن» الذي انعقد، في فبراير (شباط) الماضي، أبدى ماس استعداد بلاده لتقديم مشاركة أكبر، من بينها مشاركة عسكرية، في منطقة الساحل، وقال إن ألمانيا «استثمرت لوحدها في السنوات الثلاث الماضية 3 مليارات يورو لتحقيق أمن المنطقة»، مضيفاً أن بلاده «مستعدة كذلك لتقديم المزيد من ناحية سياسة الأمن وبناء مؤسسات الدولة».
وتطالب فرنسا ألمانيا بتوسيع مشاركتها خاصة في مالي، إلا أن برلين متلكئة حتى الآن، ورغم كلام ماس على استعداد ألمانيا توسيع مشاركتها العسكرية، فإن هناك معارضة شديدة داخل ألمانيا لخطوة كهذه. وأي مهمة عسكرية خارجية تكون بحاجة لموافقة البرلمان الألماني، وعادة فإن الأحزاب اليسارية منها الحزب الاشتراكي الشريك في الائتلاف الحاكم، تعارض هكذا مهمات لأسباب تاريخية.
برلين تبدي اهتماماً أكبر بأفريقيا ودول الساحل
برلين تبدي اهتماماً أكبر بأفريقيا ودول الساحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة