اتفق مدربون ومتخصصون في الجانب اللياقي وكذلك لاعبون ونقاد على أن البرامج التدريبية «المنزلية» خلال فترة تعليق الأنشطة والمنافسات الرياضية حالياً لن تكون كافية لبلوغ اللاعبين الجاهزية الفنية المطلوبة للمباريات، مؤكدين ضرورة قيام الاتحادات الرياضة في حال إقرار استئناف المنافسات بمنح الأندية فترة إعداد كافية تفصلها عن انطلاقة أولى المباريات الرسمية في المنافسات سواء أكانت محلية أو عربية أو إقليمية وعالمية.
واتجهت العديد من حكومات الدول الخليجية والعربية لتعليق الأنشطة والمنافسات الرياضية محلياً وإقليمياً ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» والحد من انتشاره كما أوقفت جميع المسابقات الرياضية حول العالم.
وأشاد المدربون الفنيون واللاعبون والنقاد بالإجراءات الوقائية التي اتخذتها المملكة للتعامل مع تبعات الوباء والحد من انتشاره، وما شملته من تدابير احترازية لسلامة وصحة المواطن والمقيم لكونه أولوية في العمل الحكومي، مشددين على وجوب التزام الجميع بالتعليمات الاحترازية الخاصة بفيروس «كورونا» المستجد، مشيرين إلى أنه لا أحد بمنأى عن الإصابة بالوباء، مؤكدين أهمية الوعي المجتمعي في الاتحاد والتعاون واتباع التعليمات الواردة من الجهات المختصة لمواجهة الجائحة العالمية التي اخترقت أكثر من 170 دولة حول العالم.
وبحسب عبد اللطيف الحسيني المدرب السعودي والمختص بالجانب اللياقي والإعداد البدني، فإن البرامج المعتمدة من المدربين المساعدين بالجهاز الفني للفريق للاعبين في المساحات الضيقة تحافظ على جزء واحد من أجزاء الفورمة الفنية للاعب وهي اللياقة فقط.
وأوضح الحسيني أن الفورمة الفنية للاعب للمباريات تنقسم إلى ثلاثة أقسام تشمل اللياقة والمهارة والخطط التكتيكية، مشيراً إلى أن توزيعها يتم على30 في المائة لكل من اللياقة والمهارة، بينما تذهب 40 في المائة للجانب التكتيكي لتكتمل بذلك جاهزية اللاعب الفنية لخوض غمار المباريات، مبينا أن التمارين والبرامج التي منحت للاعبين لأدائها في المنزل ستحافظ فقط على الجزء الأول اللياقي، بينما سيكون الجزآن الآخران مفقودين تماماً وسيفتقد اللاعب الفورمة الفنية للمباريات.
واستشهد الحسيني بلاعب يشارك في تدريبات الفريق الجماعية بشكل يومي مع زملائه في النادي وعند الاستعانة به في المباراة تكون مشاركته ليست بالمستوى المطلوب لكون أن هناك عنصرا ناقصا لدى اللاعب المتمثل في الجانب الخططي والتكتيكي، قائلا: «اللاعب يتدرب لياقياً ومهارياً ولكن لم يلعب لفترة ليست قصيرة وهو ما يسميه البعض لياقة المباراة».
وأضاف: «اللاعب الآن يتدرب على مستوى البدني للمحافظة على اللياقة، ومن الجوانب المهارية يؤدي تكتيكات بسيطة جداً، دعنا نقل الجري بالكرة والكنترول ولكن أين التصويب وضربات الرأس والمراوغة والمهاجمة والمدافعة، حيث لا يستطيع التدرب عليها وحيداً، لذلك فاللاعب عندما يعود يصبح ناقصا في الفورمة».
وأوضح الحسيني «لنفترض أنه لم يكن هناك وباء صنف كجائحة عالمية واتخذت لمواجهة العديد من الاحترازات والتدابير الوقائية لمواجهة الفيروس، أليس في نهاية كل موسم يمنح اللاعب إجازة لشهر ونصف ومن ثم تعود الأندية للإعداد الموسم المقبل بوضع برنامج إعدادي متكامل للاعبين استعداداً لانطلاقة المنافسات يمتد لشهر ونصف يتخللها مواجهات ودية يخوضها قبل أول مباراة رسمية له وهو الأمر الذي ستتطلبه المرحلة الحالية بعد زوال الغمة بإذن الله وإقرار استئناف المنافسات الرياضية مجدداً».
وأشار الحسيني إلى حاجة الأندية المحترفة وكذلك المشاركة في دوريات الدرجة الأولى والثانية إلى فترة إعداد لاعبيها تمتد على أقل تقدير من 4 أسابيع إلى 6 أسابيع قبل خوض أي مباراة رسمية وذلك لإعداد اللاعبين بالشكل الأمثل للمباريات وحدة التنافس التي ستشهدها عند انطلاقتها، منوهاً بأن اللاعبين بالأندية المحترفة أو الأجانب يستطيعون بصورة كبيرة المحافظة على الجوانب اللياقية لهم وكذلك المهارية بشكل ضئيل لوجود مساحات واسعة في منازلهم أو استراحاتهم الخاصة، وذلك خلاف ما يعانيه لاعبو الدرجة الأولى والثانية والفئات السنية لعدم توفر ذلك لهم. منوهاً بأنه حتى إذا ما كانت هناك محافظة من قبل اللاعبين على الجانب اللياقي فستكون الفورمة الفنية للاعب لأداء المباريات ناقصة.
وأكد المدرب الحسيني أن الوضع الحالي محير تجاه استئناف المنافسات الرياضية من عدمه مرجحاً أن تكون هناك خيارات مطروحة ومقترحات تتم مناقشتها، مشيراً إلى أنه مع استمرار المنافسات وعودة النشاط الرياضي مجدداً.
ورجح المدرب السعودي أن يكون الرتم الفني مع عودة عجلة المنافسات بين الفرق للدوران مجدداً منخفضاً قياساً بابتعاد اللاعبين عن الفورمة الفنية الكاملة للمباريات، مشيراً «حتى وإن توفرت للاعب المساحات وأدى خلالها البرنامج التدريبي الموصى به من الجهاز الفني فستكون التدريبات المهارية ناقصة والجوانب التكتيكية معدومة»، مضيفا: «رغم ذلك فسيكون الأمر عادلا لجميع الأندية كلون اللاعبين جميعاً توقفوا عن التدريبات الجماعية للفترة نفسها».
إلى ذلك، اتفق خميس الزهراني لاعب فريق الاتحاد السابق والناقد الرياضي على أن التدريبات الانفرادية للاعب في المنزل لا يمكن أن تجهزه للمباريات بصورة كلية حيث تتطلب المباريات إعدادا بدنيا خاصا يستهدف جميع الوظائف في جسم الإنسان من الجانب اللياقي إلى جانب الإعداد المهاري والتكتيكي والتي حتماً سيفقدها اللاعب خلال أدائه التدريبات وحيداً.
وأضاف الزهراني الذي مارس العمل الإداري الرياضي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «من الطبيعي أن تتطلب عودة المنافسات الرياضية في حال الإقرار باستئنافها إعدادا جيدا للاعبين لجميع الفرق المشاركة بعد فترة الابتعاد عن التدريبات الجماعية والتي سيفقد من خلالها اللاعب حساسية الكرة والمباريات الرسمية، لذلك يتطلب من لجنة المسابقات قبل عودة المنافسات منح الأندية فرصة كافية للإعداد على أقل تقدير لـ4 أسابيع لتتمكن الأجهزة الفنية للأندية من إعداد اللاعب والوصول إلى جاهزية فنية جيدة للمباريات».
وأشار الزهراني إلى أن الأجهزة المتوفرة بالأندية ليست جميعها متوفرة لجميع اللاعبين والمحترفين إلى جانب أن هناك رياضات عدة يختلف بها إعداد اللاعب وتتطلب أجهزة تدريبية محددة، وكرة القدم تتطلب إعدادا لياقيا وبدنيا ومهاريا، وهي أجزاء مرتبطة ببعضها لذلك سيكون هناك أجزاء مفقودة أثناء أداء اللاعب للبرنامج التدريبي اليومي بمفرده ولن تسهم في جاهزيته بشكل كبير، مشيراً إلى أن الأندية تحتاج لـ4 أسابيع على أقل تقدير لإعداد اللاعب بالشكل المطلوب للمباريات.
وأضاف: «التدريبات اليومية للاعب والبرنامج الغذائي الذي سيطبقه في المنزل سيسهم في الحفاظ على الوزن والمعدل اللياقي وليس الجاهزية لخوض المباريات في ظل وجود جوانب عديدة مفقودة لخوض المباريات التنافسية، كما أن هناك أجهزة تدريبية تستهدف جميع الوظائف في جسم الإنسان متوفرة بالأندية وقد لا تكون لدى اللاعبين جميعاً».
وبين لاعب الاتحاد وأحد أبرز نجومه في العصر الذهبي أن هناك إعدادا بدنيا عاما وآخر خاصا يتطلبان وجود مساحة واسعة لينعكس أثرها إيجاباً على اللاعب، وعلى سبيل المثال لاعبو الظهر يتطلب منهم الركض لمسافات بعيدة والارتداد السريع إلى جانب القوة والتحمل للاعب المحور وكذلك للمراكز الأخرى.
واستبعد الزهراني أن يشهد الدوري هبوطا في المستوى الفني للفرق مع عودة عجلة المنافسة للدوران مجدداً بين الفرق على اعتبار أنه في جولاته الأخيرة وجميع اللاعبين يدركون حساسية المباريات المتبقية وما تمثله لأنديتهم وجماهيرهم.
من جانبه، قال محمد العبدلي مساعد مدرب فريق الاتحاد والخبير بالجوانب الفنية في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه من الصعوبة أن يكون البرنامج اليومي التدريبي للاعب في محيطه الأسري بمنزله كافياً لبلوغه الجاهزية الفنية المطلوبة للمباريات، منوهاً بأنه فقط يساهم في الحفاظ على جزء كبير من لياقة اللاعب فقط.
وأوضح العبدلي أن جميع اللاعبين سيخضعون بطبيعة الحال مع رفع تعليق الأنشطة الرياضية واستئناف المنافسات إلى اختبارات لياقية ستجرى لهم جميعهم وفق مقاييس ومعايير محددة عبر عدة أجهزة تقنية، قبل وضع البرنامج الإعدادي للمواجهات، مبيناً أن انطلاقة المنافسات ستكون بمثابة الحصاد للأندية وستتطلب من الجميع الإعداد الأمثل لها.
كما اتفق العبدلي على حاجة الأندية لمساحة من إعداد لاعبيها بصورة مثلى قبل إعادة جدولة المباريات المتبقية للفرق، مشيراً إلى الحاجة لـ4 أسابيع على أقل تقدير لإعداد اللاعبين بصورة جيدة للمباريات الرسمية، وذلك عبر البرنامج التدريبي اليومي الذي سيتم فرضه والتنسيق لوديات تسهم في إعادة حساسية المباريات والجاهزية الفنية للمواجهات الرسمية.
يذكر أن الأندية الرياضية في السعودية فرضت على كل اللاعبين أداء تدريبهم اليومي في منازلهم منذ منتصف مارس الماضي، تماشيا مع قرار وزارة الرياضة القاضي بتعليق جميع البطولات والمسابقات وإغلاق الصالات والمراكز الرياضية الخاصة حتى إشعار آخر، امتداداً للجهود المتواصلة التي تبذلها جميع الجهات الحكومية في المملكة لمنع انتشار الفيروس واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للتصدي له؛ حفاظاً على سلامة المواطنين والمقيمين في المملكة.
مدربون: لا مفر من المعسكرات الطويلة بعد انحسار {كورونا}
شددوا على أهمية التدريبات الميدانية قبل العودة للمنافسات
مدربون: لا مفر من المعسكرات الطويلة بعد انحسار {كورونا}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة