روسيا تكثّف تحركاتها الجوية شمال غربي سوريا

دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

روسيا تكثّف تحركاتها الجوية شمال غربي سوريا

دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
دورية عسكرية روسية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

تزامن إعلان مصادر إعلامية روسية عن تعزيزات أرسلتها موسكو إلى منبج مع بروز معطيات عن تكثيف تحركات الطيران الروسي فوق إدلب خلال الأيام الأخيرة، ورغم أن وزارة الدفاع الروسية التزمت الصمت في الحالتين ولم تعلن عن تفاصيل تحركاتها، فإن أوساطاً روسية لفتت إلى أن موسكو تسعى إلى مراقبة تحركات الأطراف تحسباً لوقوع مواجهات جديدة.
ونقلت وسائل إعلام روسية معطيات قدمها المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، عن تجدد اشتباكات على محور رويحة جرادة بريف إدلب الجنوبي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لدمشق من طرف، والفصائل ومجموعات قريبة من تركية من طرف آخر، وقال إن الاشتباكات ترافقت مع تحليق مكثف لطائرات استطلاع وطائرات حربية روسية في أجواء ريفي إدلب وحلب، في حين قصفت قوات النظام أماكن في ريف مدينة سراقب شرق إدلب. ترامن ذلك، مع بروز معطيات عن تعزيزات أرسلتها روسيا إلى منطقتي منبج وعين العرب الخاضعتين لسيطرة «قسد» والقوات الحكومية بريف حلب الشرقي. ووفقاً للمعطيات الإعلامية، فإن عشرات المدرعات الروسية وناقلات الجند وصلت إلى المنطقة بهدف تعزيز وجودها قرب الحدود التركية.
ورأى معلقون أن «الهدف من جلب هذه المعدات العسكرية هو تعزيز مواقع النظام وروسيا في المناطق المحاذية لأماكن تمركز القوات التركية، خصوصاً بعد الحديث عن نية أنقرة شنّ عمل عسكري في المنطقة». ولفتوا إلى أن التطور جاء بتنسيق مع «قسد»، في إشارة إلى أن التعزيزات بدأت في الوصول إلى المنطقة منذ نحو أسبوع وما زالت متواصلة.
وقالت مصادر إن التحركات الروسية تزامنت مع توجيه الجيش التركي عدة ضربات عسكرية ضد قوات الحماية الكردية التابعة لـ«قسد»، في منطقتي «درع الفرات» و«نبع السلام» في شمال سوريا.
لكن مصادر روسية قالت إن التحركات الروسية لا تستهدف تصعيد الموقف، وإن موسكو تسعى إلى مراقبة الوضع وعدم السماح بانزلاق الموقف نحو تجدد المواجهات، خصوصاً في ظل توجيه الجهد الرئيسي نحو مواجهة انتشار فيروس كورونا.
ووقعت موسكو وأنقرة اتفاقاً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نص على تسيير دوريات «تركية - روسية» مشتركة بعمق 10 كيلومترات على طول الحدود الشرقية لسوريا مع تركيا، باستثناء مدينة القامشلي، مع الإبقاء على الوضع بين تل أبيض ورأس العين على وضعه الراهن تحت السيطرة التركية.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن لجنة انتهاكات وقف الأعمال العدائية في سوريا سجلت 5 انتهاكات لقرار وقف النار في إدلب، في مقابل تسجيل تركيا انتهاكاً واحداً.
وذكرت النشرة الإخبارية اليومية حول وضع قرار وقف النار التي نشرتها الوزارة على بوابتها الإلكترونية أن انتهاكات وقف الأعمال العدائية التي سجلتها موسكو وقعت كلها في إدلب، في حين سجل الجزء التركي انتهاكاً في محافظة اللاذقية. وزادت أن مركز مصالحة الأطراف المتحاربة والسيطرة على حركة اللاجئين لم يقم خلال النهار بأعمال إنسانية، كما لن يسجل عودة لاجئين إلى الأراضي السورية.
في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام مقربة إلى وزارة الدفاع أن موسكو رصدت انتقال قافلة مؤلفة من 35 شاحنة تابعة للجيش الأميركي من العراق إلى محافظة الحسكة.
ووفقاً للمعطيات، فقد وصلت «35 شاحنة مزودة بآلات ومعدات، بالإضافة إلى شاحنات وقود» من العراق إلى محافظة الحسكة عبر حاجز صالح.
وقالت إن القوات الأميركية المسيطرة على جزء من الأراضي الشمالية الشرقية لسوريا بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية تواصل تعزيز القوات الرئيسية للجيش الأميركي حول حقول النفط والغاز في محافظتي الحسك ودير الزور، مذكرة بموقف موسكو ودمشق حول أن وجود القوات المسلحة الأميركية على أراضي سوريا يعد انتهاكاً لسيادة البلاد ويهدف إلى الاستيلاء على الموارد الطبيعية بالقوة.
على صعيد آخر، أكدت مصادر روسية بدء تنفيذ اتفاق سابق لتقديم كميات من القمح إلى سوريا في إطار رزمة مساعدات. ونقلت أن موسكو أرسلت 25 ألف طن من القمح الروسي مساعدات عبر ميناء اللاذقية.
وأفادت نقلاً عن المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب، يوسف قاسم، بأنه تم تعقيم الباخرة كإجراء احترازي في ظل الظروف الحالية. وأضاف قاسم أنه جرى البدء بعملية التفريغ بعد الانتهاء من جميع الإجراءات الخاصة بعمليات السلامة والأمان وإجراء كل التحاليل المطلوبة ومطابقة النتائج للمواصفات المطلوبة. وكان الطرفان وقعا العام الماضي اتفاقاً لتزويد سوريا بـ75 ألف طن من القمح الروسي.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.