أندية الدوري الإنجليزي فشلت في الاختبار الأخلاقي عندما فصلت موظفيها

أدى تفشي وباء «كورونا» إلى وضع قواعد جديدة، وحتى الأشياء التي لم تكن معروفة أو غريبة قبل أسبوع واحد من الآن أصبحت تشكل جزءاً من الحياة اليومية. لكن هناك بعض الأشياء التي لا تحتاج إلى شرح أو توضيح. وهناك بعض الجهات التي تشعر بأنها دائما محقة في القرارات التي تتخذها، ومن بينها أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، التي استغنى عدد منها عن العديد من العاملين.
وعندما أعلن مايك أشلي رئيس نيوكاسل يونايتد أن ناديه سيكون أول نادٍ يتوقف عن دفع الرواتب لجميع العاملين بالنادي من غير اللاعبين. وبدلاً من ذلك، يمكن لهؤلاء العاملين أن يتقدموا بطلبات للحصول على 80 في المائة من رواتبهم بحد أقصى يصل إلى 2500 جنيه إسترليني شهرياً، بموجب برنامج الحكومة للحفاظ على الوظائف خلال أزمة تفشي وباء «كورونا». وبعد ذلك استغلت خمسة أندية من بينها ليفربول وتوتنهام النظام الحكومي الذي يقضي بدفع 80 بالمائة من الرواتب في مثل هذه الظروف ومنحت موظفيها غير العاملين في الوظائف الرياضية عطلة.
وحقق نيوكاسل يونايتد عائدات تصل إلى 178 مليون جنيه إسترليني، حسب آخر حسابات كشف عنها النادي. وأعلنت صحيفة «التايمز» البريطانية في أحدث قائمة لها للأثرياء أن ثروة أشلي تقدر بنحو ملياري جنيه إسترليني! ومع ذلك، فإن الخطوة التي أقدم عليها أشلي لم تكن مفاجئة للكثيرين، نظرا لأنه قبل أسبوع من ذلك تجاهلت شركته التجارية «سبورتس دايركت» القرارات الحكومية بإغلاق الشركات، وواصلت العمل بحجة أنها تبيع مواد أساسية، مثل حقائب السفر!
وبعد 24 ساعة من إعلان نيوكاسل عن التوقف عن دفع رواتب العاملين، في بيان مطول يدعو عالم كرة القدم إلى «الاستيقاظ والانتباه لضخامة ما يحدث من حولنا»، قال رئيس نادي توتنهام هوتسبير، دانيال ليفي، إنه سيتوقف أيضا عن دفع رواتب العاملين. وكان توتنهام هوتسبير قد أعلن عن تحقيق أرباح بلغت 172.7 مليون جنيه إسترليني فقط! وتشير التقارير إلى أن ليفي يعد المسؤول الأعلى أجرا في كرة القدم الإنجليزية، حيث يحصل على سبعة ملايين جنيه إسترليني سنويا.
وبعد ذلك، انضم نوريتش سيتي إلى هذه القافلة. ورغم أن نوريتش سيتي لديه واحدة من أصغر الميزانيات في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه في موسم 2018 - 2019 عندما كان يلعب في دوري الدرجة الأولى، كان مدير النادي يحصل على أعلى أجر في المسابقة، حيث كان يحصل على 472 ألف جنيه إسترليني.
ولذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: هل تمر أندية كرة القدم بأوقات عصيبة؟ الإجابة هي نعم بكل تأكيد، نظرا لأن هذه الأندية لم تخسر العائدات التي كانت تحصل عليها من المبيعات في الأيام التي كانت تقام فيها المباريات فحسب - من مبيعات التذاكر ومبيعات المشروبات في الحانات والإعلانات على اللوحات الإلكترونية داخل الملعب - لكنها قد تضطر أيضا لإعادة جزء من الأموال التي حصلت عليها لشركات البث التلفزيوني في حال عدم استكمال الموسم، وإلى الرعاة الذين لن تُنشر شعاراتهم على اللوحات خلال المباريات وفقا للاتفاقيات المبرمة بين الطرفين. لكن هذه الخسائر المالية لا تقتصر على أندية كرة القدم وحدها. ويمكن تصنيف بعض هذه الأندية، حتى في الدوري الإنجليزي الممتاز، كمؤسسات متوسطة الحجم. لكن يجب التأكيد على أن أندية كرة القدم ليست شركات أو مؤسسات عادية.
وفي الآونة الأخيرة كان هناك الكثير من التكهنات بشأن كيفية استكمال مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز من أجل تخفيف الخسائر المالية للأندية. وتم طرح فكرة إقامة «حدث رياضي ضخم ومُجمع»، حيث تلعب الأندية الكثير من المباريات في وقت قصير ويتم نقل هذه المباريات على شاشات التليفزيون. ويبدو أن هذا الاقتراح يحظى بدعم من جانب الحكومة، التي ترى أن ذلك الأمر سيساهم في تحسين الصحة العامة للمواطنين الذين يلتزمون بالبقاء في المنزل لفترة طويلة، كما أنه سيساهم في تحسين الروح المعنوية للبريطانيين.
وتعتمد هذه الفكرة على حقيقة واضحة، وهي أن مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز تلعب دورا محوريا في الحياة البريطانية، حيث يتم التعامل مع المنسوبين للأندية على أنهم قدوة وأبطال. ربما لم تطلب الأندية أن تجري الأمور بهذا الشكل، لكن القول بأن أندية القمة لن تستفيد من هذا الأمر، هو مجرد هراء. وهذا هو السبب في أن إجراءات مثل تلك التي اتخذتها هذه الأندية قد فشلت على الفور، وخاصة من الناحية الأخلاقية.
وبالطبع، يوجد اللاعبون في وسط كل هذا. لقد اعتادنا على الحديث عن ثرواتهم الهائلة وعما إذا كانوا يستحقون بالفعل الحصول على هذه الأموال الهائلة أم لا. صحيح أنهم لم يتسببوا في هذه المشكلة، لكن الاتحاد الذي يمثلهم - رابطة اللاعبين المحترفين - تتشاجر مع رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز حول ما إذا كان يجب تقليص أجورهم من أجل مساعدة الأندية على البقاء.
ولا تثق رابطة اللاعبين المحترفين في الأندية، وربما تكون محقة في ذلك. ومن ناحية أخرى، يجب الإشارة إلى أن رابطة اللاعبين المحترفين هي هيئة غامضة يدور حولها الكثير من التساؤلات، وخاصة بشأن ما تفعله بإيراداتها، بعيدا عن دفع راتب ضخم لرئيسها التنفيذي، جوردون تايلور، يقترب من الرواتب التي يحصل عليها لاعبو الدوري الإنجليزي الممتاز!
في الحقيقة، يتعين على اللاعبين أن يستغلوا هذه الفرصة وينفصلوا عن هذه الرابطة. وكما هو الحال مع الكثيرين في هذه الأزمة، يتعين على اللاعبين أن يساعدوا المحتاجين. ويسير بورنموث على نفس النهج الذي اتبعه نوريتش سيتي، لكن المدير الفني لبورنموث، إيدي هاو، ومساعديه قرروا تقليص أجورهم طواعية.
ويتعين على لاعبي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أن يحذوا حذو ليدز يونايتد وأن يعرضوا التنازل عن جزء من رواتبهم أيضاً، حتى لا تضطر أنديتهم إلى تسريح أحد من العاملين. من الواضح، من خلال الاستماع إلى عدد من اللاعبين، أن هذا هو ما يريده الكثير منهم. في الحقيقة، يتعين على هؤلاء اللاعبين أن يكونوا قدوة لأولئك الذين يشغلون أعلى المناصب في كرة القدم، ومن المؤكد أن البلاد ستشكرهم كثيرا في حال قيامهم بذلك.