كيف أسكت «كورونا» قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة؟

فيروس «كورونا» أسكت قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة - تصوير: عبد الفتاح فرج
فيروس «كورونا» أسكت قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة - تصوير: عبد الفتاح فرج
TT

كيف أسكت «كورونا» قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة؟

فيروس «كورونا» أسكت قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة - تصوير: عبد الفتاح فرج
فيروس «كورونا» أسكت قرقرة النراجيل في مقاهي القاهرة - تصوير: عبد الفتاح فرج

أطفأ فيروس كورونا جمرات الفحم المُتقدة في مقاهي مصر، كما أوقف حركة منتظمة منذ عقود طويلة بعد أن كبّل «صبيان» المقاهي عن تنقلهم بمهارة بين طاولات الزبائن المُكتظة لتحضير النراجيل باحتراف... باتت مقاهي القاهرة ساكتة بلا قرقرة، وكبح جماح أدخنة النارجيلة صاحبة السطوة التي لم تكن لتُخطئها أنف.
ولعل ذاك المشهد التقليدي الذي كان موحداً بين رواد المقاهي الشعبية ونظيراتها في الأحياء الراقية، يُعيد إلى الأذهان نوستالجيات الراحل نجيب محفوظ، لا سيما في ثلاثيته الشهيرة، التي كانت المقاهي بها دوماً تضج بالسمر، وكاريزما صاحب المقهى، ونمائم أفندية الحارة، وحليفة لألعاب النرد وأكواب الشاي التي لا تُحصى، غير أن هذه النارجيلة طالما كانت محط اتهامات لارتباطها بمخاطر صحية، حتى إنه في بداية أزمة مواجهة انتشار فيروس كورونا المُستجد في منتصف مارس (آذار)، قررت الحكومة المصرية حظر الشيشة بالمقاهي والكافتيريات وجميع الأماكن العامة التي يتم تقديم الشيشة بها، في تأكيد على تطبيق غرامات مالية وإغلاق المقاهي غير ملتزمة بهذا القرار، وتطور الأمر بعدما تم الإعلان ضمن خطة الحظر الجزئي في مصر إغلاق جميع المقاهي والكافيهات بشكل كامل لمدة أسبوعين.

والمصريون ينفقون نحو 40 مليار جنيه سنوياً (الدولار 15.7 جنيه) على السجائر والشيشة، وفق إحصائية رسمية لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» صدرت عام 2018، بينما تقدر أعداد المقاهي بنحو 2 مليون مقهى، منهم 150 ألف مقهى في محافظة القاهرة.
الانتشار الكبير للمقاهي التي تقدم الشيشة، دفع وزارة الصحة والسكان في مصر إلى إطلاق التحذيرات من أنها قد تكون مصدراً كبيراً في نقل فيروس كورونا المستجد، علاوة على تأثيرها على مناعة الجسم بشكل عام مما يجعله أكثر ضعفاً في مواجهة الفيروس سريع الانتشار، إلا أن التحذيرات الصحية لم تكن وحدها كفيلة بمنع تداولها بشكل حاسم حتى صدور قرارات الحكومة بحظر تقديمها وإغلاق المقاهي أخيراً، وكذلك فعلت منظمة الصحة العالمية في فرعها بمصر في التحذير من شرب النارجيلة، وكتبت على صفحتها الرسمية «مرض (كوفيد - 19) هو مرض معدٍ يصيب الجهاز التنفسي، وينتقل عن طريق الرذاذ الذي يخرج من الفم أو الأنف، أو ملامسة الأسطح الملوثة به، وتعتبر الشيشة بيئة صالحة لانتشار الفيروس، حيث إن كل جزء فيها يعد مصدراً للعدوى، احم نفسك ومن حولك وتوقف الآن عن تدخين الشيشة».
وتتفاوت أسعار النراجيل في مقاهي مصر، بشكل كبير، فتصل في بعض المقاهي إلى نحو 5 جنيهات في المناطق الشعبية، فيما تتراوح بين 50 و100 جنيه في بعض مقاهي الأحياء الراقية.

ولكن القرار بوقف عمل المقاهي والمطاعم لم يميز بين أحدهم، وانطبق على الجميع، ويقول إيهاب عبد الله، مدير أحد المقاهي في منطقة وسط القاهرة، إن «وقف تقديم الشيشة في حد ذاته يعني خسارة المقهى لنحو 70 في المائة من مكسبه، لا سيما أنها الشيء الذي يدفع الكثير من الزبائن للنزول إلى (القهوة)، وعلى هامش طلب الشيشة تكون هناك عادة طلبات إضافية لـ(المشاريب) من شاي وقهوة وغيرهما».
يعتبر إيهاب أن النارجيلة هي العمود الأساسي لرأس مال المقهى، ويشير في الوقت ذاته إلى أن عمالة المقاهي سواء الراقية أو الشعبية منها قد تأثرت بشدة بقرار الإغلاق، لا سيما وأن أغلب أصحاب المقاهي قرروا منح عمال الشيشة والقهوة إجازة مفتوحة غير مدفوعة الأجر حتى عودة قرار العمل من جديد.
ورغم القرارات والإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة المصرية لمواجهة فيروس كورونا، إلا أن أنباء شبه يومية تتوارد عن ضبط حملات وزارة الداخلية لمقاهٍ مُخالفة تواصل تقديم النراجيل والمشاريب بعيداً عن أعين الحكومة، وتتعرض فور ضبطها للعقوبة والمصادرة.
ومع تلك التدابير، فإن ذلك لم يمنع أحمد عبد الرازق، وهو موظف في بنك حكومي، بوسط القاهرة، من اقتناء نارجيلة في منزله، محاولاً استعادة طقسه اليومي الذي يلتزم به منذ 7 سنوات عندما بدأ تدخين الشيشة.
يقول عبد الرازق: «أعترف أنني أوجه مشكلات تتعلق بتحضير الفحم، وإشعاله في المنزل، فضلاً عن مخاوفي على طفلي الصغير، لكنني أحاول إرضاء ضميري وهواجسي بأنني لن أنقل العدوى لأني أستخدم نارجيلتي الخاصة، وأحرص على التدخين في بلكونة المنزل».


مقالات ذات صلة

دراسة: «أوزمبيك» يقلل من مخاطر أعراض فيروس كورونا

صحتك عبوة من عقار أوزمبيك في بريطانيا (رويترز)

دراسة: «أوزمبيك» يقلل من مخاطر أعراض فيروس كورونا

أفادت دراسة حديثة بأن الأشخاص الذين يستخدمون 2.4 مليغرام من عقار سيماغلوتيد أقل عرضة للإصابة بحالات شديدة من كوفيد-19 عند استخدام هذا الدواء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تودّع حلمي التوني وتفتقد عالمه «المُبهج»

الفنان الراحل حلمي التوني (غاليري بيكاسو)
الفنان الراحل حلمي التوني (غاليري بيكاسو)
TT

مصر تودّع حلمي التوني وتفتقد عالمه «المُبهج»

الفنان الراحل حلمي التوني (غاليري بيكاسو)
الفنان الراحل حلمي التوني (غاليري بيكاسو)

غيّب الموتُ، أمس (السبت)، الفنان التشكيلي المصري الكبير حلمي التوني عن عمر ناهز 90 عاماً، بعد رحلة طويلة مفعمة بالبهجة والحب، مُخلفاً حالة من الحزن في الوسط التشكيلي والثقافي المصري.

وتميَّز التوني الحاصل على العديد من الجوائز العربية والعالمية بـ«اشتباكه» مع التراث المصري ومفرداته وقيمه ورموزه، واشتهر برسم عالم المرأة، الذي اعتبره «عالماً لا ينفصل عن عالم الحب».

وعمل الفنان، الذي يعد أحد أبرز مصممي أغلفة الكتب على المستويين العربي والدولي، مع كبرى دور النشر، ومن أبرز أعماله مؤلفات أديب نوبل نجيب محفوظ، كما عمل في مؤسسة «دار الهلال» العريقة مشرفاً على بعض إصداراتها، وأقام عشرات المعارض الفردية، وشارك في معارض جماعية عربياً ودولياً. وتقتني العديد من المؤسسات والمتاحف في العالم أعماله.