الولايات المتحدة لأفغانستان: خفض المعونات أو «حكومة شاملة»

القوات الحكومية ترد على مهاجمة إحدى قوافلها بقتل وإصابة 9 من «طالبان»

نقطة تفتيش على الطريق بين جلال آباد وكابل (أ.ب)
نقطة تفتيش على الطريق بين جلال آباد وكابل (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة لأفغانستان: خفض المعونات أو «حكومة شاملة»

نقطة تفتيش على الطريق بين جلال آباد وكابل (أ.ب)
نقطة تفتيش على الطريق بين جلال آباد وكابل (أ.ب)

اقترحت الولايات المتحدة أمس، أن يخفض المجتمع الدولي المعونات إلى أفغانستان، ما لم يشكل الزعماء الأفغان حكومة «شاملة». وقالت أليس ويلس، الدبلوماسية بوزارة الخارجية الأميركية لمنطقة جنوب ووسط آسيا في تغريدة لها على موقع «تويتر»: «لا يمكن أن يسير العمل كالمعتاد للمانحين الدوليين في أفغانستان». وأضافت: «تتطلب المعونات الدولية شراكة مع حكومة شاملة ويتعين جميعاً أن نحمل الزعماء الأفغان المسؤولية للاتفاق على ترتيب للحكم». وكانت واشنطن قد أعلنت الشهر الماضي، خفضاً بمقدار مليار دولار للمعونات إلى أفغانستان، بعد أن فشل الرئيس الأفغاني، أشرف غني ومنافسه السابق في الانتخابات، عبد الله عبد الله في تشكيل حكومة في أعقاب نتيجة متنازع عليها للانتخابات.
من جهة أخرى، قالت 3 مصادر أميركية إن خفضاً مزمعاً للمساعدات الأميركية لأفغانستان بقيمة مليار دولار سيستقطع من الأموال المخصصة لقوات الأمن الأفغانية، في خطوة يقول خبراء إنها ستقوض قدرة كابل على محاربة حركة «طالبان»، وكذلك موقفها التفاوضي مع الحركة في أي اتفاق سلام. وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن هذا الخفض في 23 مارس (آذار)، وهدد بخفض مماثل العام المقبل في محاولة لإجبار الرئيس الأفغاني أشرف غني ومنافسه السياسي عبد الله عبد الله على إنهاء خلافاتهما التي أسهمت في عرقلة جهود السلام التي تقودها واشنطن في البلاد.
وبعد ما يقرب من 20 عاماً من القتال مع «طالبان»، تبحث الولايات المتحدة عن طريقة لإخراج نفسها من تلك الحرب وتحقيق السلام بين الحركة المسلحة، التي تسيطر فعلياً على أكثر من 40 بالمائة من أراضي البلاد، والحكومة التي تدعمها واشنطن. وأحجم بومبيو ومسؤولون أميركيون آخرون عن نشر تفاصيل لكيفية تنفيذ هذا الخفض. ورفضت وزارة الخارجية التعليق على تلك الخطط. وقال معاونان في الكونغرس، طلبا عدم ذكر اسميهما لحساسية الأمر، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن مسؤولين من وزارة الخارجية أبلغوا الكونغرس بأن المليار دولار التي سيتم تخفيضها ستأتي من 4.2 مليار دولار تخصصها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لقوات الأمن الأفغانية، بما يشكل نحو ثلاثة أرباع ميزانيتها السنوية.
وقال أحدهما: «فكرة أنهم سيخفضون تمويل قوات الأمن تتعارض مع مصالح الأمن القومي الأميركي»، موضحاً أن تلك الأموال مطلوبة للحفاظ على قدرة الحكومة المدعومة من واشنطن على قتال «طالبان»، وعلى موقفها التفاوضي في محادثات السلام. ويستخدم أغلب التمويل في الإنفاق على الرواتب والغذاء والوقود والعتاد والبنية التحتية دعماً لقوات الأمن وقوات الشرطة الوطنية في أفغانستان. وخصص الكونغرس بين العامين الماليين 2002 و2009 ما يزيد على 86.4 مليار دولار للمساعدات الأمنية الأفغانية وفقاً لتقرير الخدمات البحثية في الكونغرس الصادر في 11 مارس (آذار). وقال المصدر الثالث وهو مسؤول عسكري أميركي سابق طلب أيضاً عدم ذكر اسمه: «هذا هو التمويل الوحيد الكبير بما يكفي لاستقطاع مثل هذا المبلغ منه».

المساعدات المدنية
والمساعدات الأميركية الموجهة لأغراض مدنية أقل بكثير، إذ طلبت وزارة الخارجية هذا العام 532.8 مليون دولار من أجل دعم الاقتصاد الأفغاني بشكل عام، إضافة لمكافحة المخدرات ودعم إنفاذ القانون. وأعلن بومبيو عن الخفض لدى عودته من كابل، بعد أن أخفق في إقناع غني وعبد الله بإنهاء خلافهما بشأن الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر (أيلول) 2019. ويزعم كلا الرجلين أن الفوز كان حليفه هو في الانتخابات، وعقدا مراسم أداء يمين منفصلة للمنصب. وقال بومبيو إن قرار الخفض يمكن التراجع عنه إذا حل الرجلان خلافاتهما التي عرقلت تشكيل وفد أفغاني للتفاوض على السلام مع «طالبان» بعد عقود من الحرب. وبدا أن تهديده قد أفضى لبعض النتائج. وأعلن غني في 26 الشهر الماضي تشكيل فريق تفاوضي يشمل حلفاء لعبد الله، وصدق الأخير على ذلك في 31 من الشهر ذاته.
كما وافق مسؤولون من الحكومة و«طالبان» على البدء في الإفراج عن السجناء لدى الجانبين، وهو شرط مسبق وضعته «طالبان» في الاتفاق الموقع مع أميركا في 29 فبراير (شباط)، من أجل انسحاب مرحلي للقوات الأميركية من أفغانستان.
ومن جهة أخرى، قتلت القوات الأفغانية 4 من حركة «طالبان» وأصابت 5 آخرين، بعد أن ردت على هجوم شنته حركة «طالبان» على قافلة تابعة لقوات الدفاع والأمن الوطني بإقليم لاغمان شرق أفغانستان، طبقاً لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس. وذكر فيلق «سلاب 201» في بيان أن مقاتلي «طالبان» هاجموا القافلة التابعة لقوات الدفاع والأمن الوطني في منطقة اليشينج أول من أمس. وأضاف البيان أن القوات الأفغانية ردت على الهجوم بدعم من القوات الجوية، التي كانت توفر دعماً جوياً قريباً من القافلة. وأضاف الفيلق أن قوات الأمن قتلت 4 مسلحين وأصابت 5 آخرين، خلال الاشتباك.

«طالبان» تتهم أميركا
بانتهاك الاتفاق
من جانبها، اتهمت حركة «طالبان» الأفغانية أمس، الولايات المتحدة وحلفاءها بانتهاك اتفاق تم التوقيع عليه قبل أكثر من شهر في العاصمة القطرية الدوحة.
ورفض الجيش الأميركي في أفغانستان اتهام «طالبان» التي عددت في بيان الانتهاكات التي تقول إنه جرى ارتكابها، والتي تشمل عدم إطلاق سراح نحو 58 ألفاً من سجناء الحركة، وشن هجمات تستهدف قواعدها، واستمرار الغارات والضربات الجوية ضدها من جانب القوات الأميركية والأفغانية. وتحذر «طالبان» من أنه من شأن مثل هذه الأعمال الإضرار بالاتفاق، وزيادة العنف من جانب المسلحين. ويشن مسلحو «طالبان» حالياً هجمات بصفة شبه يومية ضد القوات الأفغانية، رغم أنه كان من المتوقع خفض مستوى في أعقاب توقيع اتفاق الدوحة. وعلى الرغم من وقوع هجمات في المدن الكبرى منذ الاتفاق، لم تعلن «طالبان» مسؤوليتها عن أي منها.
وتقول الحركة إنها لا تزال ملتزمة بالاتفاق رغم احتفاظها بالحق في مهاجمة أي موقع حتى يتفق الطرفان على وقف إطلاق النار. وتضيف أنها شنت هجمات فقط في المناطق الريفية، وهو ما رفضه مسؤولون حكوميون. وقال الجيش الأميركي إنه أيد الشروط العسكرية للاتفاق وإن ما تردده «طالبان»، «لا أساس له من الصحة».
وقال المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان، الكولونيل سوني ليجيت، في تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «كانت القوات الأميركية في أفغانستان واضحة، سندافع عن شركاء قوات الدفاع والأمن الأفغانية إذا تعرضت للهجوم، وفقاً للاتفاق». ويمهد الاتفاق الطريق أمام انسحاب تدريجي للقوات الدولية من أفغانستان.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».