تهديدات المستوطنين تدفع نتنياهو إلى التراجع عن تأجيل الضم

ترك الموضوع لقرار النواب في الكنيست

TT

تهديدات المستوطنين تدفع نتنياهو إلى التراجع عن تأجيل الضم

بعد أن أعلن الطرفان عن تقدمٍ في المفاوضات لتشكيل حكومة وحدة، وحديث عن التوصل إلى اتفاق بحوالي 90 في المائة من البنود، عاد واختلف قادة معسكر اليمين الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو، ومعسكر الوسط بقيادة بيني غانتس، وردد المقربون من الطرفين تهديدات قائلين: «حكومة وحدة ولكن ليس بأي ثمن».
وتتركز هذه الخلافات، وفق المصادر، في موضوعين: الضم، وقضية تعيين القضاة. ففي موضوع الضم، تراجع نتنياهو عن موافقته، خلال لقائه مع غانتس، أول من أمس، السبت، على تأجيل قرارات الضم 6 شهور. وعاد نتنياهو، أمس، يطالب بالاتفاق من الآن على تنفيذ وعده الانتخابي بضم منطقتي غور الأردن وشمال البحر الميت، وفرض السيادة والقانون الإسرائيليين على المستوطنات.
وقال مصدر من قيادة «كحول لفان»، إن غانتس لا يعارض مبدأ فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، وضم بعض مناطق الضفة الغربية إلى إسرائيل، لكنه يريد ذلك بشكل مختلف. فأولاً ينبغي ألا يتحول قرار الضم إلى خطوة أحادية، وأن يسبق الضم حوار مع الفلسطينيين ومع الدول العربية. ومع ذلك فإنه خطا خطوة أخرى نحو نتنياهو، ووافق على أن يتم ضم بعض الأراضي المحدودة المساحة، التي لا جدال عليها مع الفلسطينيين. وضرب مثلاً على ذلك في «المناطق الواقعة غرب الجدار الفاصل ما بين (الخط الأخضر)، أي حدود 1967 وبين الضفة». وأضاف المصدر أن لدى غانتس شروطاً أخرى تتعلق بتوقيت تنفيذ الضم، وكيفية الإجراءات الواجب اتخاذها.
إلا أن نتنياهو رفض هذا التوجه. وقال إن الحديث عن الضم يجب أن يشمل الأراضي الحيوية لإسرائيل، في مقدمتها منطقتا الأغوار والبحر الميت، إلى جانب المستوطنات. ونقل على لسان مسؤول في حزب «الليكود»، قوله: «نتنياهو عمل على هذا الضم مع ترمب منذ عدة سنوات، ليس لكي يتنازل عنه. ففي هذا الضم دعم أميركي غير مسبوق كهذا، وهو مكسب كبير لإسرائيل، ولا يجوز التنازل عنه». وقد كتب وزير المواصلات من حزب «يمينا»، بتسلئيل سموتريتش، في حسابه في «تويتر»، أمس: «أدعو كتلة اليمين إلى الإعلان عن أنه لن تتم المصادقة على قانون التناوب (على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وغانتس)، من دون تعهد بسن قانون السيادة بكامله. ولا وحدة من دون سيادة. ويحظر إهدار نافذة الفرص التاريخية للرئيس ترمب»، في إشارة إلى خطة الرئيس الأميركي المعروفة باسم «صفقة القرن». وفي السياق، صرح عضو الكنيست يوءاف كيش، رئيس كتلة «الليكود» البرلمانية، في حديث إذاعي، بأنه لن يدعم سن قانون التناوب بين نتنياهو وغانتس: «لن أكون مستعداً لتكبيلي لثلاث سنوات من دون قدرة على التأثير في موضوع مبدئي كهذا».
وأما موضوع الخلاف الآخر، فيتعلق بالجهاز القضائي، حيث يحاول نتنياهو التأثير عليه في فترة محاكمته التي ستبدأ في الشهر المقبل. ومن القضايا التي يصر عليها، هي أن يكون لحزب «الليكود» تأثير أساسي في لجنة تعيين القضاة. فهو يريد الحصول على عضوين في اللجنة، المؤلفة من تسعة أعضاء، بينهم أربعة سياسيين. ويطالب «الليكود»، وفقاً لمصدر تحدث إلى موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني، أمس، بإرساء طريقة تعيين القضاة بما يضمن له منع تعيين محتمل للمدعي العام السابق، شاي نيتسان، كقاضٍ في المحكمة العليا. وكان نيتسان، قد دفع نحو تقديم لوائح اتهام بمخالفات فساد ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإصرار، وليس فقط في القضايا الثلاث التي تبلورت فيها لائحة اتهام، بل أيضاً في قضية الغواصات، التي يعتقد نيتسان أن نتنياهو متورط فيها، لكن المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، أعفاه منها.
كان «الليكود» وافق على تعيين مرشح «كحول لفان» لوزارة القضاء، آفي نيسان كورن، لكنه، حسب المصدر المذكور، يريد أن يقيد الوزير أيضاً في تعيين المدعي العام القادم ومدير عام وزارة القضاء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».