حرب طرابلس تدخل عامها الثاني بإسقاط «درون» تركية

TT

حرب طرابلس تدخل عامها الثاني بإسقاط «درون» تركية

أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إسقاط المزيد من الطائرات التركية المسيّرة «درون» التي تستخدمها الميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، في القتال الذي دخل عامه الثاني في طرابلس.
واستمرت المواجهات العنيفة بمختلف الأسلحة الثقيلة بين قوات الطرفين في محاور عدة للقتال داخل طرابلس، أمس، رغم سريان وقف إطلاق النار بين قواتهما منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي الذي كان أوقف المعارك المتواصلة منذ تحركت قوات الجيش الوطني صوب العاصمة في 4 أبريل (نيسان) 2019.
وتركز القتال في الضواحي الجنوبية من طرابلس، حيث كان دوي المدافع مسموعاً، بحسب سكان ومصادر عسكرية، فيما تبادل الطرفان الإعلان عن تحقيق انتصارات ميدانية محدودة على الأرض.
وقال الجيش الوطني في بيان لشعبة إعلامه الحربي، إن منصات دفاعه الجوي أسقطت طائرة تركية مُسيّرة أقلعت من مطار مصراتة وحاولت استهداف تمركزات الوحدات العسكرية في منطقة الوشكة، تزامناً مع قصف لتمركزات ومواقع ميليشيات شرق مصراتة.
وتحدث المركز الإعلامي لـ«غرفة عمليات الكرامة» في الجيش الوطني عن إسقاط دفاعاته الجوية 3 طائرات تركية مسيّرة في محيط الوشكة أثناء محاولتها قصف تمركزات قوات الجيش، لافتاً إلى توجيه عدد من الضربات لمواقع في مدينة زوارة، «تنطلق منها قذائف الميليشيات وتوجد فيها مخازن وأسلحة ضمن الدعم التركي المستمر للميليشيات».
كما أعلن المركز في بيان، أمس، عن مقتل 6 من عناصر الميليشيات التابعة لحكومة السراج في مواجهات جرت بوادي الربيع، من بينهم علي الدريوي «وهو قائد ميداني من المتورطين في الهجوم الإرهابي الذي استهدف معهد تدريب شرطة خفر السواحل عام 2016 وأودى بحياة 52 طالباً».
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، عن مقتل 9 من المرتزقة السوريين الموالين لتركيا في صفوف ميليشيات حكومة السراج، خلال اشتباكات في مناطق ليبية عدة ضد قوات الجيش الوطني، ليرتفع بذلك إجمالي عدد القتلى من المرتزقة الذين جلبتهم تركيا وحكومة السراج إلى ليبيا، إلى 165 مقاتلاً. وأشار المرصد في بيانه أمس إلى تصاعد «حالة الاستياء لدى مرتزقة تركيا بسبب تخلفها عن التزامها بدفع رواتبهم، بالإضافة إلى واقعهم المزري في ليبيا».
في المقابل، قالت «عملية بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أمس، إن أحياء في بلدية بوسليم المكتظة بالسكان في طرابلس، تعرضت لقصف من قوات الجيش الوطني، بالصواريخ وقذائف الهاون، «ما سبب دماراً لعدد من المنازل والسيارات وأحدث أضراراً كبيرة في الممتلكات الخاصة والعامة».
وكان آمر المنطقة العسكرية الوسطى بقوات حكومة السراج اللواء محمد الحداد تفقد، مساء أول من أمس، عناصره في الخطوط الأمامية جنوب طرابلس، وأطلعه القادة الميدانيون على سير العمليات، قبل أن يشيد وفقاً لبيان من «بركان الغضب» بـ«صمودهم البطولي في ردع الميليشيات الإرهابية التي تهدد طرابلس».
وتعهد وزير الداخلية في حكومة «الوفاق» فتحي باش أغا أن تضرب قواته «بيد من حديد ميليشيات حفتر ومُرتزقته». وبمناسبة دخول القتال عامه الثاني في طرابلس، جددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعواتها إلى «وقف فوري» للأعمال العسكرية، وناشدت جميع المعنيين تفعيل الهدنة الإنسانية على الفور ووقف جميع العمليات العسكرية، بغية إتاحة المجال للتصدي لخطر وباء «كورونا».
ودعت أيضاً «أطراف النزاع، ومن يقف خلفهم من جهات خارجية، إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار، وتبني مخرجات مؤتمر برلين والانخراط من دون إبطاء في المسارات الثلاثة (العسكرية والسياسية والاقتصادية) التي يدعو إليها هذا الاتفاق بقيادة الليبيين وتيسرها الأمم المتحدة».
واعتبرت البعثة الأممية أن الهجوم الذي تشنه قوات الجيش الوطني على طرابلس، «نجم عنه نزاع لا طائل من ورائه بدد آمال الكثير من الليبيين بتحقيق انتقال سياسي سلمي من خلال الملتقى الوطني الذي كان يمكن أن يمهد السبيل لتوحيد مؤسسات البلاد التي طال أمد انقسامها وذلك عبر انتخابات برلمانية ورئاسية».
ولاحظت أن «حدة النزاع تصاعدت ليأخذ شكل حرب بالوكالة خطيرة وربما حرب لا نهاية لها، تغذيها قوى خارجية مغرضة مما أدى إلى توسيع النطاق الجغرافي لهذه الحرب والمدنيون هم من يدفع الأثمان الباهظة».
وأشارت إلى أن «تدفق المقاتلين الأجانب ومنظومات الأسلحة المتطورة إلى ليبيا مستمر من دون انقطاع، وأدى إلى تصاعد العنف كنتيجة مباشرة لاستخدامها في ساحة المعركة».
ولفتت إلى أنه «رغم الالتزامات التي تعهد بها جميع المشاركين في مؤتمر برلين، إلا أن بعض هذه الدول استمرت رغم ذلك وبكل تعنت في إعادة إمداد هذا الطرف أو ذاك، في استخفاف صارخ بحظر التسليح».
وكانت البعثة أعلنت أن رئيستها المؤقتة ستيفاني ويليامز اجتمعت مساء أول من أمس عن بعد عبر الفيديو، ومنسق الشؤون الإنسانية يعقوب الحلو، وممثلة منظمة الصحة العالمية إليزابيث هوف، ومدير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية نيلز سكوت مع اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء «كورونا» في حكومة السراج.
وبحسب بيان للبعثة، ناقش الاجتماع سبل تعزيز التنسيق القائم وضمان الجهوزية التامة لدى مختلف الجهات لمواجهة انتشار الوباء، لافتاً إلى أن الخطة المشتركة للمركز الوطني لمكافحة الأمراض ووزارة الصحة بحكومة السراج، والتي تشمل الوقاية والجهوزية والاستجابة على مستوى وطني، بحاجة لتمويل إضافي بشكل عاجل لتنفيذها، بما في ذلك على مستوى البلديات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.