«الكمامة»... رمز التكاتف الدبلوماسي في زمن «كوفيد - 19»

كثيرون أصبحوا يرون في الكمامة وسيلة للوقاية (أ.ف.ب)
كثيرون أصبحوا يرون في الكمامة وسيلة للوقاية (أ.ف.ب)
TT

«الكمامة»... رمز التكاتف الدبلوماسي في زمن «كوفيد - 19»

كثيرون أصبحوا يرون في الكمامة وسيلة للوقاية (أ.ف.ب)
كثيرون أصبحوا يرون في الكمامة وسيلة للوقاية (أ.ف.ب)

على الرغم من أن الأعمال الإنسانية والمساعدات الطبية كانت حاضرة دوماً بين الدول، فتنقلها العواصم الغنية إلى نظيراتها الفقيرة والنامية، فإن تغييرات «فيروس كورونا المستجد» في المجالات كافة لا يبدو أنها ستحدّها، فانعكست خطوط الدعم، وتبدلت مسارات المساعدة.
وبعدما دأب أبناء بعض دول الشرق الأوسط على رصد الطائرات المحملة بالمساعدات تحلق صوبهم قادمة من الغرب والشمال، ضمن برامج إنسانية وشعارات أممية، فإنهم يعيشون راهناً لحظة نادرة باتت فيها «الكمامة» أكثر حضوراً من «السفارة»، وكادت «المطهرات» تمر عبر «قاعات» كبار الزوار بالمطارات.
وخلال شهر تقريباً، قدّمت مصر مساعدات طبية لدولتين كبيرتين، كبلهما «كوفيد - 19»، فاستقبلت إيطاليا، أول من أمس، طائرتين عسكريتين محملتين ببدل واقية وكمامات ومطهرات تحتاجها روما التي كبّدها الفيروس خسائر فادحة، وفي مطلع الشهر الماضي، قدمت القاهرة أدوات شبيهة إلى الصين، في خضم مواجهتها تفشي العدوى، وهو ما سعت بكين إلى تكراره مع مصر بعد «سيطرة نسبية» على الفيروس.
ورغم الخلافات التاريخية والآنية بين موسكو وواشنطن، فإن طائرة عسكرية روسية هبطت في مطار كيندي الأميركي، الخميس الماضي، حاملة «مساعدات إنسانية وطبية وأقنعة واقية»، على ما أفادت به فضائية «روسيا اليوم».
لكن ما «يعتقد البعض أنه استثمار في علاقات ثنائية في مرحلة ما بعد تجاوز الجائحة»، يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، محمد الشاذلي، أنه «ليس الهدف الوحيد من المساعدات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تفعله الدول ذات الوضع المستقر في انتشار العدوى مع غيرها، هو بمثابة تأمين مسبق للنفس، وضمان تلقي مساعدات شبيهة حال تطورت الأمور لديها، فضلاً عن أن ضمان السيطرة على البؤر الكبيرة للفيروس سيعني بالتبعية تخفيف احتمالات نقل الأزمة لها».
ومع ذلك، فإن الشاذلي يلفت إلى أن «المظهر الحضاري الذي يعكس مسار تقديم المساعدات، سيكون بلا شك مُقدراً من العالم، ويعزز فكرة ضرورة التحرك الجماعي لمجابهة التهديدات المشتركة سواء أكانت في صورة أمراض أم غيرها».
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبّر بدوره عن «تضامن بلاده حكومة وشعباً مع حكومات وشعوب العالم أجمع في محاربة (فيروس كورونا)»، معرباً عن «استعداد كامل لتقديم كل ما يمكن من دعم خلال هذه الظروف الصعبة».
ويشير الشاذلي إلى أن «العالم في اللحظة الراهنة يبدو مهتماً بمكافحة كورونا بعد مساسه بالدول الغنية والفقيرة على حد سواء، وإذا كان من قيمة يمكن الخروج بها على مستوى التعاون الدولي فيما بعد الأزمة، فهي ضرورة الاهتمام بالأوبئة كافة التي تفتك بدول فقيرة وأفريقية وتُسقط الضحايا، ولم تكن تلقى الدعم ولا الاهتمام اللازمين».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».