النيابة الجزائرية تحقق في «فساد وسائل إعلام»

اتهام 5 صحافيين بـ«ابتزاز» برلمانيين ورجال أعمال للحصول على أموال طائلة

جزائريون يحملون على ظهورهم الصحافي خالد درارني خلال مظاهرة  للتنديد بتضييق السلطات على وسائل الإعلام (أ.ف.ب)
جزائريون يحملون على ظهورهم الصحافي خالد درارني خلال مظاهرة للتنديد بتضييق السلطات على وسائل الإعلام (أ.ف.ب)
TT

النيابة الجزائرية تحقق في «فساد وسائل إعلام»

جزائريون يحملون على ظهورهم الصحافي خالد درارني خلال مظاهرة  للتنديد بتضييق السلطات على وسائل الإعلام (أ.ف.ب)
جزائريون يحملون على ظهورهم الصحافي خالد درارني خلال مظاهرة للتنديد بتضييق السلطات على وسائل الإعلام (أ.ف.ب)

تستأنف النيابة في الجزائر، اليوم، استجواب 10 أشخاص، يوجد بينهم خمسة صحافيين، حول قضية فساد كبيرة، تتعلق بـ«ابتزاز» برلمانيين ورجال أعمال بغرض الحصول على أموال كبيرة، في مقابل عدم نشر «فضائح» تخصهم.
وكان قاضي التحقيق قد وضع أربعة منهم رهن الحبس الاحتياطي، بتهم «تكوين جمعية أشرار»، و«التهديد بالتشهير مع الابتزاز»، و«طلب مقابل غير مستحق».
وقال مسؤول قضائي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير العدل بلقاسم زغماتي «طلب من قضاة النيابة التعامل بالصرامة، التي يقتضيها قانون مكافحة الفساد»، الصادر عام 2006. والذي يعرف انتقادات شديدة من طرف وسائل الإعلام، وبعض التنظيمات المهتمة بمحاربة الرشوة، بحجة أنه لم يردع آفة الفساد، بل زاد حجمه في السنوات الأخيرة. وأكد المسؤول القضائي أن «هذه القضية تعكس إرادة السلطة الجديدة تطهير قطاع الإعلام من الفساد السياسي والمالي، الذي عشش في كثير من وسائل الإعلام في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة». مشيرا إلى أن «رجال السلطة السابقين وزعوا ريع الإشهار العمومي على مؤسسات إعلامية خاصة، بعيدا عن المقاييس التجارية، التي تضبطها القوانين، وقد تورط في هذه الممارسات مسؤولون كبار سابقون، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق عبد المالك سلال»، الذي أدانه القضاء بـ12 سنة سجنا في القضية المعروفة إعلاميا بـ«التمويل الخفي لحملة الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة»، و«الفساد في نشاط تركيب السيارات».
ويوجد على رأس المتهمين العشرة، مالك الفضائية الخاصة «بور. تي. في» رضا محيقني، وزوجته المديرة التنفيذية للقناة، وثلاثة صحافيين عاملون بها. أما الخمسة الآخرون فيوجد من بينهم محامية، وهي زوجة أحد الصحافيين المعتقلين، فيما يشتغل البقية في مهن حرَة.
وبحسب المسؤول القضائي، فقد «تم تفكيك شبكة الابتزاز بفضل رجل الأعمال الكبير، المستثمر في مجال العقار، محمد صحراوي، الذي أبلغ جهاز الدرك بأنه يتعرض منذ أشهر لابتزاز مدير القناة وصحافييها لدفعه إلى تسليمهم مبلغا كبيرا بالدينار الجزائري، وبالعملة الأوروبية الموحدة، تحت تهديد نشر تفاصيل عن حياته الخاصة في شبكة التواصل الاجتماعي».
وتوصلت تحقيقات الدرك، حسب المسؤول القضائي، إلى أن أعمال الابتزاز هذه طالت رجال أعمال آخرين وبرلمانيين، أكد بعضهم أن الصحافيين الموقوفين هددوهم بـ«فضح علاقاتهم الخاصة لدى عائلاتهم، بواسطة صور التقطت لهم أثناء سفريات بالخارج». وقد تم القبض على ثلاثة منهم داخل منزل رجل أعمال، حيث كانوا بصدد تسلم مبلغ مالي.
وقالت فصيلة الأبحاث القضائية، التابعة للدرك في بيان حول القضية، إن المبالغ المالية التي طلبها أعضاء الشبكة من الضحايا، وصلت 34 مليار سنتيم بالعملة المحلية، و130 ألف يورو.
وأفاد مصدر من الدرك بأن التحقيق في القضية يطال أشخاصا يقيمون في فرنسا وإسبانيا، منهم صحافي كان محل متابعة قضائية، ومنع من مغادرة البلاد، لكنه تمكن من الخروج عبر الحدود قبل عام ونصف، وذلك بفضل تدخل جهة نافذة في السلطة.
يشار إلى وجود صحافي من فضائية خاصة أخرى بالسجن الاحتياطي منذ ستة أشهر، بعد أن اتهمه وزير الخارجية سابقا عبد القادر مساهل بالابتزاز مع شخص، انتحل صفة ضابط عسكري، تم سجنه أيضا.
وتسبب اتهام الصحافيين الخمسة بالفساد في حرج كبير لزملائهم وللتنظيمات، التي تسعى لإطلاق سراح صحافيين، سجنهم القضاء في إطار نشاطهم المهني، وهم اثنان بالأساس: خالد درارني مراقب «مراسلون بلا حدود» ومراسل القناة الفرنسية «تي. في. 5»، المتهم بـ«المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على التجمهر غير المرخص»، وسفيان مراكشي مراسل فضائية «الميادين» اللبنانية، المسجون منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، بتهمة استعمال عتاد مستورد خاص بالبث التلفزيوني المباشر، من دون إخضاعه لإجراءات الجمارك.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.