بعض العلويين يتساءلون عن جدوى دعمهم للرئيس السوري

بينهم من تعرضوا للاعتقال لأنهم بدأوا حوارا مع زعماء من القرى السنية

بشار الاسد
بشار الاسد
TT

بعض العلويين يتساءلون عن جدوى دعمهم للرئيس السوري

بشار الاسد
بشار الاسد

تُبدي الطائفة العلوية، التي تعتبر العمود الفقري لنظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، إشارات مضطربة إثر الضغوط الناجمة عن الحرب الأهلية السورية.
حيث بات أعضاء طائفة الأقلية أكثر انتقادا وحساسية حيال الطريقة التي يتعامل بها النظام الحاكم مع الصراع على وسائل التواصل الاجتماعي، وخلال المظاهرات النادرة، وفقا لما وصفه النشطاء والمحللون. كما يقولون إن العلويين، الذين يشكلون قلب القوات الأمنية للأسد، صاروا يتهربون على نحو متزايد من الخدمة العسكرية الإلزامية في الحرب التي تدخل عامها الرابع، حيث يستمر مجتمعهم في تكبد خسائر بشرية ضخمة بالنسبة إلى طائفة السنة من المجتمع السوري، والذين يقودون جهود المعارضة ضد النظام.
وقد ضاعفت قوات الأمن من حرارة الاحتكاك الراهن من خلال أساليب التعامل التي تشمل الاعتقالات والترهيب. ولكن في حين أن البعض يظن أن ذلك يهدد نظام حكم الأسد بشكل فوري، وهو الذي ينتمي للطائفة ذاتها، إلا أن تصاعد وتيرة التوتر يشير إلى حالة من الاستنزاف تسري في المجتمع، الأمر الذي يعتبر من الأهمية بمكان قياس مقدرة نظامه على مواجهة التمرد الذي لا تنذر بوادره بالانتهاء في القريب العاجل.
يقول السيد لؤي حسين (54 عاما)، وهو من النشطاء العلويين المقيمين في العاصمة السورية دمشق ومن منتقدي نظام بشار الأسد: «يقترب صبر العلويين على النفاد حيال النظام الحاكم بسبب عجزه عن إثبات أي تقدم يُذكر في إنهاء حالة الحرب التي عصفت بالبلاد».
وفي يوم الأربعاء، ألقي القبض على حسين من قبل السلطات السورية أثناء محاولته عبور الحدود إلى لبنان، حسبما قال حلفاؤه من السياسيين، وقد ألقي القبض عليه من قبل إثر معارضته لنظام الرئيس الأسد.
ولم يتسن التواصل مع المسؤولين السوريين للتعليق على نبأ الاعتقال.
يعزو أندرو تابلر، وهو خبير في الشأن السوري وزميل بارز لدى «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، ذلك الشعور بصفة جزئية إلى العوامل الديموغرافية؛ حيث تفوق الأغلبية السنية في سوريا الطائفة العلوية من حيث العدد، والعلويون هم فرع من الإسلام الشيعي ويشكلون نحو 12 في المائة من السكان قبل الحرب في البلاد التي يبلغ عددها 24 مليون نسمة.
يقول تابلر: «يدرك الناس أن الحرب لن تنتهي في أي وقت قريب، وأنه لا يمكنك إيجاد طريقك خارج المشكلة بمنتهى السهولة، ليس في ظل الديموغرافية السورية الحالية. هناك الكثير من السنة يعيشون هناك».
ورغم أن العلويين لم يؤيدوا الرئيس الأسد بشكل موحد، فإن الخوف من تزايد حدة المعارضة المتطرفة يحول بينهم وبين القطيعة مع النظام الحاكم بأعداد كبيرة، على حد وصف المحللين. وينظر إليهم المتشددون السنة باعتبارهم مرتدين، وفي المقابل ينظرون هم إلى النظام بوصفه حصنا يحميهم ضد العنف المتطرف الذي تعتنقه جماعات مثل تنظيم داعش.
رغم ذلك، فإن أفرادا من مجتمعهم يبعثون بروح متزايدة من الإحباط بين العوام.
وتظاهر العشرات في مدينة حمص عقب تفجيرين متواليين خلال الشهر الماضي أسفرا عن مقتل 50 طفلا في أكبر منطقة تضم الطائفة العلوية في المدينة، مطالبين بإقالة المحافظ إثر فشله في إحباط الهجمات. ورغم إحجامهم عن الدعوة إلى إسقاط الرئيس الأسد، فإنهم رفضوا رفع صور له أثناء المظاهرة.
ونُظمت مظاهرات أخيرا في الأحياء العلوية على طول الساحل السوري، طبقا للنشطاء العلويين الذي هم على اتصال بسكان تلك المناطق.
وفي طرطوس، نظم السكان مظاهرات ووزعوا نشرات تحض الناس على «الإفصاح» إثر تزايد أعداد ضحايا الحرب واتهامات للنظام بأنه تخلى عن جنوده الذين اعتقلوا ثم أعدموا على يد المتطرفين السنة. وقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في لندن، أخيرا تقديره لأعداد قوات الأمن الذين قتلوا بما لا يقل عن 110 آلاف جندي، بينما يصف الكثير القرى العلوية الريفية بأنها خالية من الرجال الذين هم في سن الخدمة العسكرية.
يقول ناصر النوكاري، وهو علوي ينسق مع النشطاء في سوريا، إن مظاهرات طرطوس احتجت أيضا على اعتقال الرجال الذين يرفضون الخدمة العسكرية الإلزامية. ويشمل ذلك الجنود الذين ألقوا القبض على أفراد الطاقم الطبي قبل أسابيع في مستشفى الباسل في طرطوس، فضلا عن حالات الاعتقال الأخيرة بحق الناس في مكاتب شركة الكهرباء في المدينة والذين ظهروا في استجابة لفرص العمل المعلن عنها هناك.
يتحدث المحللون والنشطاء ووسائل الإعلام المحلية عن الجهود المكثفة في المناطق التي يسيطر عليها النظام لإلقاء القبض على أعداد متزايدة من الرجال الذين يرفضون الخدمة العسكرية في الجيش ووحداته المعاونة، مثل قوات الدفاع الوطني، وهي قوة محلية من المتطوعين تتألف أساسا من العلويين. ويقولون إن جهود النظام الحاكم هي لتعويض الخسائر الفادحة التي يتكبدها في القوة البشرية ولتصعيد الهجمات ضد مناطق المتمردين.
وهناك ما يصل إلى 5 آلاف رجل في طرطوس وحدها أحجموا عن التقدم لأداء الخدمة العسكرية منذ شهر يناير (كانون الثاني) من هذا العام، بينما لاحظ النشطاء والمحللون اتجاها لدى العلويين في السفر إلى الخارج.
يقول يزيد صايغ، وهو زميل بارز لدى مركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» ومقره في بيروت: «يساورني شعور من عدة مصادر وأدلة قوية من أن الناس المؤيدين للنظام باتوا يبحثون عن اللجوء للخارج، أي مغادرة سوريا والسفر إلى خارجها».
ويقول لؤي حسين، الناشط العلوي المقيم في دمشق، إن الكثيرين من أصدقائه العلويين، ومن بينهم عائلة تضم 6 أفراد، بدأوا خلال العام الماضي الانتقال إلى أوروبا وإلى الدول العربية.
ويضيف قائلا: «يشعر العلويون أنه يجب عليهم اختيار النظام، بصرف النظر عن مقدار كراهيتهم له. ولذلك مع هذا الاختيار، يريد الكثيرون المغادرة».
وبالنسبة لأولئك الباقين في البلاد، فإن تحدي النظام قد يكون أمرا خطيرا، حيث يقول أحد النشطاء المناوئين للنظام إن أكثر من 10 من أصدقائه العلويين تعرضوا للاعتقال على يد قوات الأمن خلال الشهرين الماضيين، فقط لأنهم بدأوا حوارا مع زعماء من القرى السنية. وقد ألقي القبض على أحدهم من قرية على مقربة من مدينة اللاذقية الساحلية واعتقل بصورة مؤقتة لدى سجن أمن الدولة، وتعرض للضرب الشديد على أيدي السجانين، حتى إنه لا يسير الآن إلا بمساعدة من الآخرين، على حد وصف الناشط الذي رفض الكشف عن هويته خوفا على سلامته.
وأدى ارتفاع وتيرة الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة في الاعتقالات كذلك، ومن بينهم الكثير من الأفراد في مدينة حمص عقب الهجمات التي وقعت خلال الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل العشرات من الأطفال. وقد ألقت قوات أمن الدولة السورية القبض على إحدى النساء التي انتقدت نظام حكم الرئيس بشار الأسد على صفحتها الخاصة على موقع «فيسبوك» بعد وقوع الانفجار الأخير.
ويقول البروفسور جوشوا لانديس، وهو أستاذ التاريخ لدى جامعة أوكلاهوما وهو على اتصال مستمر مع العلويين في سوريا، إن تلك الانتقادات تشير إلى تحول في طريقة تفكير القوم حول كيفية إنهاء الحرب هناك. ويشمل ذلك التخلي عن فكرة القومية العربية التي تبناها نظام الأسد من أجل تقسيم سوريا، بهدف إقامة قطاع يخضع لسيطرة الطائفة العلوية.
وأضاف يقول: «إنهم يفكرون في حلول راديكالية. إنهم يعلمون أنهم عاجزون عن مهاجمة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، وهم لا يرغبون في فقدان المزيد من أطفالهم بعد الآن».
* خدمة «واشنطن بوست»
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».