على خلاف دول العالم التي تسجل وفيات مرتفعة بفيروس كورونا، فإن نسبة الوفيات في ألمانيا منخفضة نسبيا مقارنة بالدول الأخرى ونسبة إلى أعداد الإصابات الكبيرة المسجلة والتي تخطت الـ٨٥ ألفا. فقد سجلت ألمانيا حتى ظهر أمس 1111 وفاة من أصل 86667 إصابة، وهي نسبة منخفضة نسبيا بالمقارنة مع إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وحتى بريطانيا وبعض الولايات الأميركية. وهو ما دفع الكثيرين إلى طرح السؤال: لماذا ألمانيا مختلفة؟
أسباب كثيرة تحدث عنها أطباء متخصصون بالأمراض الوبائية في ألمانيا، تفسر سبب انخفاض نسبة الوفيات.
وحتى نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، كانت نسبة الوفيات بفيروس كورونا في ألمانيا لا تزيد على ٠.٨ في المائة، وارتفعت خلال بضعة أيام لتصبح الآن ١.٢ ٪ بحسب معهد روبرت كوخ للأمراض الوبائية التابع للحكومة الألمانية.
وبحسب هذا المعهد أيضا، فإن متوسط عمر المصاب بفيروس كورونا في ألمانيا هو ٤٩ عاما، ما يعني بأنهم ليسوا من الفئة التي هي فوق سن الستين الذي يقول الأطباء أنهم أكثر عرضة لأن يصابوا بمضاعفات إثر الفيروس قد يتطور إلى حد الوفاة. ومعظم المصابين بالفيروس اليوم يتعافون خارج المستشفيات، فيما أدخل المستشفيات ما يقارب الـ٦ آلاف مريض إضافة إلى ٢٥٠٠ في العناية المركزة والذين هم بحاجة لأجهزة تنفس اصطناعي. ولدى ألمانيا أسرة في العناية المركزة يصل عددها إلى ٤٠ ألف سرير تقريبا، بحسب رئيس جمعية المستشفيات الألمانية، الذي قال إن نصفها تقريبا فارغ.
وأعاد مركز روبرت كوخ أسباب الوفيات المنخفضة حتى الآن، إلى استعداد ألمانيا منذ مدة طويلة للفيروس، ما مكنها من إجراء عدد كبير من الفحوصات اليومية لاكتشاف المصابين بكورونا، وصلت إلى ٣٠ ألف فحص يوميا مقارنة بألفي فحص فقط في بريطانيا. وهذا ما مكنها من اكتشاف المصابين مبكرا وتحديد تسلسل الإصابات وعزل المصابين.
سبب آخر يفسر كذلك لماذا معدل عمر المصابين في ألمانيا منخفض نسبيا، يعود إلى أن الإصابات وصلت إلى ألمانيا من مصدرين: الأول سيدة من بافاريا، تبلغ من العمر ٣٣ عاما، بالفيروس بعد أن سافرت إلى الصين للمشاركة في تدريب نظمته شركتها الألمانية. وعند عودتها، نقلت الإصابة لمن هم في محيطها في العمل وكانوا في السن نفسه. والمصدر الثاني كان من متنزه تزلج شهير في النمسا، اكتشفت فيه حالات إصابة ولكن بقي المتنزه مفتوحا لأيام ما أدى إلى انتشار الإصابات بين مرتاديه. وهؤلاء كذلك هم في سن صغير نسبيا، ما جعل الفيروس يتناقل بين من هم في الفئة العمرية نفسها.
ولكن قبل أيام، وصل الفيروس إلى عدد من دور العجزة وحتى المستشفيات، ما يفسر ارتفاع نسبة الوفيات من 0.8 في المائة إلى ١.٢ في المائة. وكان رئيس قسم الأمراض الوبائية في مستشفى شارتييه الجامعي في برلين، البروفسور كريستيان دروتسدن، قد حذر من أن انتشار الفيروس في دور العجزة والمستشفيات سيعني بأن نسبة الوفيات ستبدأ بالارتفاع. وهو ما حدث فعلا.
فهناك العديد من دور العجزة بات الفيروس منتشرا في داخلها، إحداها في ولاية ساكسونيا السفلى خسرت ١٧ مسنا للفيروس، فيما أكثر من ٦٠ آخرين مصابين به ومعزولين. في البداية كان الاشتباه بأن الزوار هم من ينقلون العدوى للمسنين، فمنعت الزيارة لهذه الدور. ولكن تبيّن أيضا بأن على الأقل دار واحد، وصلت له العدوى من أحد الأطباء الذين زار الدار رغم أنه كان يعاني سعالا ويشتبه بأنه مصاب بالفيروس. وحتى أنه أجرى الفحص على نفسه. ولكن لم ينتظر النتيجة قبل زيارة دار المسنين. وبعد مغادرته، عرف بأنه مصاب ولكن كان قد نقل العدوى للمسنين. وبحسب صحيفة بيلد، فإن الطبيب غُرم ٤ آلاف يورو لتصرفه غير المسؤول وغير المهني.
وما ساهم برفع نسبة الوفيات كذلك، انتشار الفيروس في العيادات والمستشفيات. وبحسب أرقام رسمية، فإن ٢٣٠٠ شخص من الأطقم الطبية مصابون بالفيروس. وحتى أن أحد أكبر المستشفيات في مدينة بوتسدام التي تبعد أكثر من نصف ساعة بقليل عن برلين، أغلق أبوابه أمام المرضى بسبب تفشي الفيروس فيه. حتى الآن توفي ٧ من المرضى، وبحسب المستشفى فإن ١ من كل ٥ مرضى مصابون بالفيروس، إضافة إلى عدد من العاملين فيه.
انتشار «كورونا» في دور العجزة يهدد بحصد المزيد من الضحايا في ألمانيا
استعداد برلين المبكر لمواجهة الوباء نجح في تخفيض نسبة الوفيات

انتشار «كورونا» في دور العجزة يهدد بحصد المزيد من الضحايا في ألمانيا

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة