لماذا يصف المسؤولون جائحة فيروس كورونا بـ«الحرب»؟

جنود ألمان يرتدون أقنعة واقية ضمن حملة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (أ.ف.ب)
جنود ألمان يرتدون أقنعة واقية ضمن حملة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (أ.ف.ب)
TT

لماذا يصف المسؤولون جائحة فيروس كورونا بـ«الحرب»؟

جنود ألمان يرتدون أقنعة واقية ضمن حملة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (أ.ف.ب)
جنود ألمان يرتدون أقنعة واقية ضمن حملة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (أ.ف.ب)

وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب نفسه بأنه «رئيس في زمن الحرب»، وقال إن فيروس كورونا المستجد «عدو غير مرئي». وحذر مدير مركز السيطرة على الأمراض السابق من «حرب طويلة قادمة». ودعا حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو، الجمهور إلى دعم «قواتنا»، والمعروفة باسم العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وإن الاستعارات الشائعة الآن التي تقارن جهود إيقاف الفيروس التاجي بالحرب العسكرية تتناسب بسلاسة من نواح كثيرة. وكما هو الحال في الحرب، فإن الوباء لديه قرارات الحياة والموت، وهو «العدو» الذي يمكن أن يضرب في أي وقت «المعارك» على «الخطوط الأمامية» وعلى «الجبهة الداخلية» الاستعداد لذلك، وفقاً لتقرير نشره موقع شبكة «سي إن إن».
وقالت الدكتورة لينا وين، أستاذة السياسات الصحية والإدارة في كلية ميلكين للصحة العامة بجامعة جورج واشنطن «يفهم الناس ما تعنيه الحرب وما تعنيه نتائج الحرب من حيث الألم والخسارة والموت».
وتابعت «إنهم يفهمون التضحيات التي يجب أن تحدث خلال زمن الحرب ويفهمون التعبئة الهائلة للموارد المطلوبة في الحرب».
ومع ذلك، فإن الكفاح من أجل القضاء على فيروس كورونا ليس بالطبع حرباً بين البلدان، إنها حالة طوارئ عالمية للصحة العامة. ويمكن أن تساعد الاستعارات الحربية في توعية الجمهور وتحفيزه، لكنها قد تضلل أيضاً صانعي السياسات، وفقاً للتقرير.
وقال دكتور لاري بريليانت، عالم الأوبئة الذي ساعد في القضاء على الجدري «عندما تكون في الحرب، تقتل الناس ولديك عدو. أتفهم الحاجة إلى تحويل الفيروس إلى عدو».
وأضاف «لكن هناك آثاراً سلبية لاستخدام هذه الكلمة... عندما تكون في حرب، الشيء الوحيد الذي تفعله هو الحرب، لكن لدينا الكثير من الأشياء الأخرى التي علينا القيام بها».
ويمكن اعتبار السبب الرئيسي لاستخدام المسؤولين استعارات الحرب هو جعل الناس يشعرون بحالة الطوارئ. كما هو الحال مع «الحرب على الفقر» أو «الحرب على المخدرات»، فإن الفكرة هي تحويل أمر ما إلى قضية ملحة.
وقالت جولييت كايم، محللة الأمن القومي في «سي إن إن» ورئيس هيئة التدريس بمشروع الصحة والأمن العالمي في مدرسة هارفارد كينيدي «الكلمة لها تأثيرها في التركيز على حجم القضية».
وتابعت «الفيروس يهدد حقاً سلامتنا وأمننا كأمة تماماً كما تفعل الحرب... تماماً كما يفعل عدو يغزو شواطئنا. إن جعل الأشخاص يرون ذلك بهذه الطريقة يعتبر أمراً مفيداً».
وتُظهر استعارة كلمة «حرب» أيضاً ضرورة قيام الجميع بالتعبئة وبمهامهم على الجبهة الداخلية. وبالنسبة للكثير من الأميركيين، هذا يعني أخذ أوامر التباعد الاجتماعي وتوصيات غسل اليدين بجدية. وبالنسبة للشركات، هذا يعني استخدام الموارد لوقف تفشي وباء «كوفيد - 19»، سواء من حيث الإمدادات أو القوى العاملة.
وقال الدكتور جوش شارفستين، نائب عميد كلية ممارسة الصحة العامة وإشراك المجتمع في جامعة جونز هوبكنز بلومبرغ «إنكم تحاولون جعل الناس يفكرون في التحدي الكبير الذي نواجهه والحاجة إلى التعبئة من أجل النجاح».
وأضاف «إن الحاجة إلى التعبئة كبيرة للغاية وتؤثر على الكثير في حياتنا لدرجة أنني أعتقد أنها حرب... إنها طريقة لمحاولة جعل كل شخص يقوم بدوره».
علاوة على ذلك، يمكن لاستخدام كلمة حرب أن تشرح الأفكار المعقدة بعبارات مفهومة.
وقالت كايم، على سبيل المثال، إن الفشل في تزويد العاملين في مجال الرعاية الصحية بما يكفي من معدات الحماية الشخصية، أو معدات الوقاية الشخصية، يشبه الذهاب إلى الحرب من دون ذخيرة. ووصف بعض الأطباء المستشفيات التي اجتاحها الفيروس التاجي بأنها «مناطق حرب» لتفسير مدى الألم واليأس والمعاناة اليومية التي يعيشونها.
كما واستخدم السياسيون هذه الكلمة في محاولة لكسر الخلافات الحزبية وتوحيد الناس ضد عدو مشترك.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».