مستقبل المنطقة العربية بعد وباء «كورونا»

امرأة تخيط أقنعة للوقاية من «كورونا» في بنش في ريف إدلب (أ.ف.ب)
امرأة تخيط أقنعة للوقاية من «كورونا» في بنش في ريف إدلب (أ.ف.ب)
TT

مستقبل المنطقة العربية بعد وباء «كورونا»

امرأة تخيط أقنعة للوقاية من «كورونا» في بنش في ريف إدلب (أ.ف.ب)
امرأة تخيط أقنعة للوقاية من «كورونا» في بنش في ريف إدلب (أ.ف.ب)

تعصف أزمة انتشار «كورونا» في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، مهددة مجتمعات واقتصادات وحكومات كثير من البلدان. وجاء الوباء في لحظة، كانت تواجه عدد من الدول العربية حركات احتجاج غير مسبوقة من أجل تغيير واقعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
تضع هذه الجائحة الدول في المنطقة والنظام الإقليمي برمته أمام تحديات أمنية وسياسية وجودية، إذ تضرب في وقت تواجه فيه دول عربية أزمات اقتصادية عميقة تراكمت آثارها وسط ركود اقتصادي عالمي، فيما صارت أخرى ضمن عداد الدول الفاشلة أو غير الفاعلة، حيث تدور حروب داخلية وتدخلات عسكرية خارجية على أرضها. وتعمق أزمة الوباء تعثر النظام الإقليمي وتزيد من إخفاقاته.
وتنشر «الشرق الأوسط» بالتعاون مع «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» في الجامعة الأميركية في بيروت، آراء مفكرين مؤثرين وقادة رأي من لبنان والمنطقة حول تأثير «كوفيد -19» على البلدان العربية، على الصعد السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية، محاولين تقييم مدى وكيفية استجابة الحكومات لهذه الجائحة ومستقبل المنطقة بعيد احتواء تفشي هذا الوباء. تناول الخبراء مستقبل الدولة الوطنية والأمن الإقليمي ومنظومة التعاون من أجل تحقيقه، إضافة إلى تأثير مكافحة الجائحة على حركات التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية والتأثيرات الاقتصادية المتوقّعة. كما تناول الخبراء الأنظمة الصحية والسياسات الاجتماعية والاقتصادية.

- مصير الدولة الوطنية
طارق متري
في تسعينيات القرن الماضي، عند تسارع التغيرات العميقة التي شهدها العالم، شاع قول إن «الدول الوطنية باتت أصغر لجهة القدرة على معالجة المشكلات الكبيرة وأكبر من حيث التعامل مع المشكلات الصغيرة». وصحّ هذا القول بنسب متفاوتة في غير منطقة من العالم. أما في بلادنا العربية، فبدت دولنا أعجز مما كانت في التصدي للمسائل الكبيرة والصغيرة، إلا ما يتعلق منها بالأمن وسياسات السيطرة.
بعد انفجار الثورات العربية، ازدادت دولنا الوطنية هشاشة، وفي بعض الحالات انهارت مؤسساتها أو تفكّكت. وباتت أضعف من حيث قيامها بأدوارها الأساسية في سياسة شؤون الجماعة الوطنية وحفظ حياة المواطنين وصون حقوقهم. غير أنها، وفي بلدان عدة، استعادت إمكاناتها في إخضاع المجتمع بحجّة محاربة العنف، إرهابياً كان أم سياسيا أو اجتماعياً، ومحاذرة الانزلاق إلى الفوضى التي يخشاها الناس.
وبدل أن تخطو بلادنا نحو تميّز أكبر ضروري بين الدولة والسلطة، ازداد استحواذ الأخيرة على الأولى. فتمادت بعض السلطات في اعتمادها، إلى جانب القوة العارية، على العصبيات ما دون الوطنية، طائفية أو قبلية أو جهوية أو سواها مما تلده المصالح الفئوية. ووصلت بعض الأنظمة إلى حدّ التعامل مع المصالح العامة كأنها ملكٌ خاص، مستندة بذلك إلى نوع من التماهي بين المحكومين والحاكم، وهو مفروض على المجتمع بوسائل مختلفة. وفي مواصلة استبدادها، أو استحداث أنماط استبدادية متجددة، وكما في السابق، جاهرت بانشغالها بالدفاع عن الكرامة الوطنية فيما تقلّل في الواقع من قيمة الكرامة الشخصية.
وفي الأيام الحاضرة، حيث يفرض انتشار الوباء ومخاطره الكبيرة ابتعادا وانكفاء عن بعض الشؤون العامة، تبرز الحاجة على نحو قاس لدولة تحمي مواطنيها وترعاهم وتغلّب الصالح العام على الأغراض الصغيرة، وأولها شهوة السلطة وطلبها لذاتها، بصرف النظر عما ترغب به أو تستطيعه. ولا تنحصر الحاجة هذه في مجال ضبط المجتمع وفرض انتظامه تداركاً لاتساع المضار الكثيرة. فالضبط المتوخى، إن لم يتلازم مع سياسة اجتماعية رشيدة تُعنى بمن هم أضعف وأفقر، سرعان ما ينزع إلى تبرير مصادرة الفضاء العام وتعطيل السياسة وتقييد الحريات.
بعد انحسار الأزمة الخطيرة الحاضرة، سنجد بلادنا مجددا أمام معضلة بناء الدولة الوطنية، بوصفها نصابا محايدا غير مضاف إلى المجتمع أو قابض عليه، أي دولة تكتسب شرعيتها الفعلية لا من احتكار العنف فحسب بل من مسؤوليتها في رعاية مصالح الناس.
ولعلّ السير في طريق بناء الدولة الوطنية، التي بيّنت أحوال العالم الحاضرة أن لا بديل منها، يستدعي مراقبة السلطة ومحاسبتها والمطالبة لا بنظام قوي في سيطرته بل فاعل في تحقيق صالح مواطنيه العام. فنحول بذلك دون تكرار تجربة عرفناها منذ سنوات حين ارتضى بعض الناس تسلّط السلطات، خشية من استمرار الانفلات والضياع والخيبة، فتوهّمت بعض الأنظمة أن المطالبة ببناء الدولة بمثابة دعوة لإدامة استبدادها.
- الممثل الأسبق للأمم المتحدة في ليبيا، وزير لبناني سابق
ورئيس جامعة «القديس جاورجيوس»- بيروت

- تمكين المرأة اقتصادياً وتشريعياً واجتماعياً
فاديا كيوان
في خضم العاصفة التي یحدثها التفشي العالمي لـ«كورونا» القاتل، یعود الحدیث عن تداعیات هذه الكارثة على النساء في العالم العربي. إذ تشكّل النساء في الأحوال العادیة الحلقة الأضعف في المجتمع لجهة عدم حصولها على خدمات الحمایة والوقایة الصحیة والاجتماعیة.
إن أنظمة الضمان الصحي والاجتماعي تغطي بخدماتها الفئات العاملة دون سواها وذلك حتى سن التقاعد، متغاضية عن حمایة الفئات غیر العاملة وتلك التي تجاوزت سن العمل. وتشكّل النساء جزءا كبيرا من هاتین الفئتین. ولا يستفيد من هذه الخدمات إلا العاملون في القطاع الاقتصادي الرسمي من دون أن تغطي القطاع الاقتصادي الهامشي، حیث تعمل نسبة كبيرة من النساء في عالمنا العربي.
في ضوء ما تقدم، یمكن الجزم بأن الأزمات الصحّیة والاقتصادیة والمجتمعیة الناتجة عن انتشار «كورونا»، سيكون لها تداعیات كبرى على النساء بصورة خاصة. أضف إلى ذلك، وجود ملایین اللاجئين من الحروب والنزاعات المسلحة في أغلب الدول العربیة، الذين لا يحصلون على خدمات صحیة وقائیة كافیة وأغلبيتهم من النساء والأطفال.
من هنا، تكمن أهمية دعم النساء في العالم العربي وبخاصة في مرحلة تفشي الوباء، كونهن يلعبن دورا رئيسياً في تماسك الأسرة والحرص على بقاء أفرادها في البیوت. كما تساهم النساء في تعزيز الأمان النفسي لكل أفراد الأسرة وهن ضابط إیقاع لكل ما یجري في البیت وبخاصة في شؤون التوعیة على النظافة والتعليم.
قد تؤدي هذه الأزمة أيضاً إلى تنامي دور النساء في الحیاة الاقتصادیة بعد انتهاء فترة الوباء والسعي للنهوض الاقتصادي.
أدّت السیاسات الحكومية المشجعة للفتیات والنساء على الالتحاق المدرسي والجامعي وعلى الانخراط في العمل المنتج اقتصادیاً إلى تعزيز قدرات النساء في العالم العربي. لذلك يجب العمل على تعزیز التشریعات التي تحمي المرأة والفتاة من العنف وبخاصة العنف الأسري والذي من المتوقّع أن يزداد بفعل الأزمة الخانقة وبقاء الجمیع في البیت. كذلك، على السیاسات العامة التي ستعتمد في مختلف الدول العربیة لتعزیز الصمود في زمن الكوارث، أن تعتمد مقاربات حسّاسة للمساواة في الفرص بین الجنسین، بحیث تستفید النساء مباشرة من برامج التوعیة والتثقیف والتمكین الهادفة إلى تعزیز قدرات المجتمع بكامله على الصمود والتصدي للكوارث بأدنى كلفة ممكنة.
إننا نمرّ بتجربة استثنائیة على الصعيد العالمي، علینا الاستفادة من دروسها لنكون أقوى وأكثر صموداً أمام كل أنواع التحدیات. والعبرة هي أنه بدعم النساء تتضاعف قوة مجتمعاتنا.
- المديرة العامّة لـ«منظّمة المرأة العربيّة»

- أي صمود للأمن الإقليمي؟
كريم حجاج
رغم أنّه قد يكون مُبكراً تقييم الآثار الأمنيّة الإقليميّة لـ«كورونا» على منطقة الشرق الأوسط، ينظر المُراقبون إلى بداية انتشار الوباء باعتباره الحدث الأجدّ ضمن سلسلة الصدمات التي هزّت الشرق الأوسط على مدى العقدَين الماضيين. إذ أنّ الغزو الأميركي للعراق، والانتفاضات العربيّة، والحروب الأهلية في سوريا واليمن وليبيا، وظهور «داعش» وزواله، قد جعل بلدان المنطقة في تصنيف الدول الفاشلة. يضاف إلى ذلك، الصراعات الإقليميّة، والكوارث الإنسانيّة، وأزمة الشرعيّة في أنماط الحكم السائدة في المنطقة.
من المتوقع أن يؤدي انتشار «كورونا» على الأقلّ، إلى تنامي هذه الديناميات، كما سيشكّل اختبارا قاسيا لمرونة وقدرة صمود ليس فقط دول المنطقة على الصعيد الفردي إنمّا النظام الإقليمي ككلّ. إنّ المهمّة المعقّدة لإدارة الجوانب السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّة للأزمة ستشكلّ تحدياً كبيراً لحكومات الدول الإقليميّة، التي إذا فشلت في إدارتها لهذه الأزمة ستواجه أزمة شرعيّة. كما أن هناك اعتماداً كبيراً على قدرة أنظمة الصحّة العامّة في المنطقة على مواجهة الأزمة، علما بأن الكثير من بين هذه الدول سجّل مستوى أقلّ من المتوسط في مؤشر الأمن الصحّي العالمي.
سيكون تأثير الوباء أكثر حدّة في الدول الضعيفة أو الدول التي توشك على الانهيار إذ أنّها تقع في صميم محاور الصراع المتعدّدة داخل المنطقة. وهذا سيغذي حتما حلقة مفرغة من الصراع، واحتمال تجدّد موجات الإرهاب والتمرّد، والتدخّل الإقليمي، الأمر الذي سيؤدّي بدوره إلى خسائر فادحة لدى السكّان في مناطق الصراع المنكوبة.
كل هذا سيزيد، بلا شك، من الضغط على البيئة الأمنيّة الإقليميّة المجهدة أصلاً. لكن رغم ذلك، تقدّم الأزمة فرصة لتقليل التوترات الإقليميّة. إن عرض دول عربية تقديم المساعدة الطبية وغيرها لإيران وتأييد السعودية وقف النار الذي أعلنته الأمم المتحدة في اليمن من أجل التصدّي لتفشي الفيروس، يقدّم دلائل على وجود الأمل في أنّ الشرق الأوسط يمكنه على الأقلّ، أن يقلل من تأثير هذه الصدمة الأخيرة للنظام الإقليمي.
- دبلوماسي مصري سابق وأستاذ في الجامعة الأميركية بالقاهرة

- تكامل إقليمي لتطوير نظم الصحة
بلقاسم صبري
يشكل الوباء العالمي المستجد تحدياً للتنمية بمختلف أوجهها وللنظم الصحية في كل البلدان وخاصة في شرق المتوسط. تشير الدراسات الاستشرافية إلى التأثيرات السلبية على مختلف الاقتصادات العالمية من خلال الركود وتراجع النمو الاقتصادي وفقدان ملايين الوظائف ما يحدّ من تمويل النظم الصحية ويؤثر سلباً على مخرجات النظم الصحية وطنياً وإقليمياً وعالمياً.
إن حوالي 90 في المائة من سكان الإقليم يعيشون في الدول ذات دخل متوسط وضعيف ما يتسبب في ضغوطات مالية على النظم الصحية التي تشكو من نقص التمويل وعدالته أصلاً. كما تجدر الإشارة إلى أن إقليمنا يأوي أكبر عدد من اللاجئين والمهجّرين الذين يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية غاية في الصعوبة.
إن الدروس الأولية المستخلصة من تجارب الدول في التعامل مع هذه الجائحة أبرزت قوّة وسرعة انتشار الوباء حتى تجاوز في بعض البلدان الغنية مثل إيطاليا وفرنسا الإمكانيات المتاحة، ويهدد في حال عدم تراجعه بانهيار المنظومات الصحية بكاملها.
كما وقع التركيز على الاستراتيجيات الاستباقية للتعامل مع الوباء وتطوير آليات المشاركة الفردية والمجتمعية في الوقاية وتعزيز الصحة، من أجل تفادي الضغوطات الكبيرة على الخدمات العلاجية، بخاصة في ظروف ندرة الموارد المادية والبشرية.
أما على المستوى الإقليمي، فأظهرت هذه الجائحة الصحّية أهمية الاستثمار في البنية الصحّية وفي تقوية النظم الصحّية لتطوير الاستجابة للحاجات المستجدة والتعامل مع الأوبئة العالمية. وأثبتت أهمية الوظيفة الاجتماعية للدولة المتمثلة في حماية الأمن الصحي وكذلك الدور المحوري للقطاع الصحي العمومي نظرا لشموليته وقلّة العراقيل المالية للحصول على خدماته مقارنة بالقطاع الخاص.
يحدو الأمل الجميع في تحويل الوباء إلى فرصة متاحة لدول الإقليم لتطوير التآزر والتضامن بينها في الميدان الصحي وفي السعي نحو دعم الاستثمار في التنمية الصحية ونحو تحقيق هدف التغطية الشاملة بنظم صحية عادلة تحقق الهدف النبيل للصحة للجميع.
- وزير تونسي سابق ورئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة

- آثار مكافحة الوباء على حركات التغيير
نديم حوري
لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بالتأثير الكامل لوباء «كورونا» الذي ينتشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن هناك ثلاث قضايا تستحق الاهتمام. كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالفعل أكثر المناطق التي تعاني من اللامساواة مقارنة بباقي الأجزاء من العالم.
رغم أن الفيروس لا يميّز بين الأشخاص على أساس ثروتهم، فإن مستوى الدخل يؤثّر على آليّات التكيّف المتاحة. إذ لا يتمتّع العمّال ذوي الدخل المنخفض، في جميع أنحاء المنطقة، بالقدرة على إنجاز عملهم عن بُعد (في المنزل) ولا يحصلون على رواتبهم إذا تغيّبوا عن عملهم. ومع استمرار الحجر المنزلي ودخول الاقتصادات في مرحلة الركود، ستتضرّر شرائح المُجتمع الأكثر فقراً - التي تشكّل غالبيّة المواطنين - بشكلٍ غير متساوٍ. إذ سيجد اللاجئون والعمّال المُهاجرون أيضاً أنّه من المستحيل التعامل مع تداعيات هذا الوضع. ومع ذلك، لا يبدو أن أياً من حكومات المنطقة لديها خطّة حول كيفيّة تقليل الضرر الاقتصادي أو معالجة الانقسام المتزايد في مجتمعاتها.
سيكون لـ«كورونا» أيضاً تأثير سياسي أبعد بكثير مما يمكن أن يتوقّعه المرء في أجزاء أخرى من العالم. فقد نجح الوباء في تفريغ شوارع المتظاهرين في الجزائر ولبنان والعراق، ورأينا جُيوش المنطقة تستعيد الساحات العامّة بحجة تنفيذ إجراءات «الحجر المنزلي». والخوف يكمن في أن تستخدم الأنظمة الاستبداديّة الوباء لتعزيز السيطرة الاجتماعيّة من خلال الإجراءات التي يتمّ الترويج لها تحت ضغط الضرورة للسيطرة على الفيروس، لتتتبّع أيضاً حركة المتظاهرين والمعارضين.
أخيراً، لا تزال المنطقة تعاني من ثلاثة صراعات نشطة في ليبيا وسوريا واليمن، والتي دمّرت بدورها البنى التحتيّة الصحيّة وأدّت إلى تشريد الملايين، وفي حال انتشار الفيروس في هذه البلدان، سيعمّ الخراب. يمكن للمرء الذي يواجه هذا العدو غير المرئي الاعتقاد بأن الأطراف المتحاربة وداعميها الإقليميين والدوليين سيغتنمون اللّحظة لمُحاولة إنهاء الصراعات. قد يبدو هذا ساذجاً بشكلٍ ميؤوس منه، لكن ربما سينجح الفيروس في تركيز عقول «أمراء الحرب» في المنطقة بطرق لم تتمكّن معاناة الشعوب لسنوات طويلة من أن تحقّقه.
- المدير التنفيذي لـ«مبادرة الإصلاح العربي»

- نظام صحي يؤمن بالخلاص الجماعي
غسان أبو ستة
أظهرت هذه الجائحة أن مجموعة من الشركات الصحيّة الربحيّة، مهما كبر حجمها وكثر عددها لا تصنع نظاماً صحيا، وستبقى إلى الأبد شركات متنافسة تتاجر في سلعة، وهي صحّة الإنسان. فلا يمكننا مكافحة هذا الوباء، أو أي وباء آخر قد يظهر مستقبلاً، إلّا بالقضاء على ظاهرة تسليع صحّة الإنسان، وهذا يتطلب تغييرا في عقلية النظم السياسية، ذلك أن تلك الأنظمة التي لا تؤمن بالخلاص الجماعي وتؤمن بالخلاص الفردي، لن تكون قادرة حتماً على محاربة هذه الجائحة.
كما أن هذه الأنظمة التي نتحدث عنها هي تلك الرأسمالية التي دائما كانت تضحي بفئات مجتمعيّة (تصل حدّ الإبادة) أكانت عرقيّة أو اجتماعيّة (نساء، أطفال، أقليّات عرقيّة) للخلاص من أزماتها البنيويّة، وهي الآن ما فتأت تروّج لفكرة «مناعة القطيع» والتضحية بكبار السن لإنقاذ الاقتصاد من العواقب المدمرّة. وبالتالي، لن يكون تقديس الحلول التكنولوجيّة السريعة مثل اللقاحات، كوسيلة للهروب من هذه الضرورة التاريخيّة، إلا تعمية عن المشكلة الأساسية، كما لن يؤدّي ذلك إلّا إلى إطالة أَمَد المُعاناة الإنسانيّة وزيادة حصيلة الوفيّات.
ولعل فشل دول الغرب المتحالفة في إظهار الحدّ الأدنى من التضامن مع دولة غربيّة أساسيّة كإيطاليا، رغم انخراطها بمنظومة المساعدات الدوليّة للعالم الثالث، يُظهر جلياً الفرق الشاسع بين «العون» و«التضامن» كمنظومة أخلاقيّة.
لقد أثبتت النيوليبراليّة والرأسماليّة المتقدّمة أن ازدهارها مرتبط بتدمير جميع أشكال التضامن بين أفراد المجتمع. وهنا تحديدا تكمن أزمة هذه النظم البنيويّة في مواجهة هذه الجائحة، ذلك أن التضامن المجتمعي شرط لمواجهة هذا الوباء. ويضاف إلى ذلك، ضرورة إيجاد نظام صحي فعّال وقادر على سرعة الاستجابة في مثل هذه الظروف، مع التشديد على أن الطب الفعّال والناجح هو نتاج الأنظمة الجيّدة وليس نتاج المؤسّسات الطبية الثريّة، أو التكنولوجيا المتقدّمة.
- طبيب ميداني فلسطيني ومؤسس «برنامج طب النزاعات» في الجامعة الأميركية في بيروت

- مراجعة لمنظومة الأمن البيولوجي
الشريف ناصر بن ناصر
لدى معظم الدول والمجتمعات العربية القدرة الهائلة على الصمود بوجه التحديات، ذلك ربما نتيجة تجربة الدول العربية المريرة مع الحروب والنزاعات والأزمات المتعاقبة خلال العقود الماضية. وتتميز المجتمعات العربية أيضاً بفزعتها لبعضها البعض خلال فترة الأزمات، متجاهلة المخاطر التي قد تلحق بها بسبب ذلك.
ومع أنه لا يجب إنكار دور هذه العوامل في قدرة الدول على التصدي لتفشي «كورونا»، فإن التعامل الأمثل مع الحوادث البيولوجية يتطلب العديد من العوامل والقدرات والتي تعتبر غالبا مواطن ضعف في معظم الدول العربية، ومنها التخطيط والتجهيز المسبق، والتعاون والتنسيق والتواصل ما بين المؤسسات الرسمية المدنية من جهة والمدنية والعسكرية والأمنية من جهة أخرى. وذلك إضافة إلى التعاون والتنسيق والتواصل بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
لا يتم طرح هذه الأفكار من باب جلد الذات أو إلقاء اللوم على جهة ما، بل من أجل تحديد بعض الدروس المستفادة المحتملة مستقبلاً عند تجاوز هذه الأزمة. فهذا قد يكون حافزا لمراجعة جدّية لمنظومة الأمن والسلامة البيولوجية في العديد من الدول العربية وبشكل منهجي بهدف تعزيز القدرات والإمكانيات لمواجهة المخاطر البيولوجية المستقبلية.
أما التغاضي عن هذا الأمر والاستمرار في بناء السياسات على أفضل السيناريوهات أو الاعتقادات المتفائلة غير المبرّرة باعتبار أن هذا هو آخر تفشٍ ممكن حصوله، فهو أمر غير عملي.
- مدير «معهد الشرق الأوسط العلمي للأمن»

- إدراج اللاجئين في الخطط الوطنية للاستجابة
شادن خلاف
يقول الشاعر جبران خليل جبران: «شيئان يغيران نظرتك للحياة، المرض والغربة».
حظر تجول، إغلاق للمحال، منع من السفر، انفصال عن الأسرة، نقص في المواد التموينية، قلق وهلع وخوف. هذا حال العالم اليوم مع جائحة «كورونا». لكن هذا هو واقع الملايين من اللاجئين من رجال ونساء وأطفال أجبروا على مواجهة الحروب والصراعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، والمشهد يبدو أكثر حدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مقارنة مع باقي العالم.
هناك تحديات جمة تواجه اللاجئين وأولئك الذين تقطعت بهم السبل؛ ابتداءً من الظروف المعيشية الصعبة، التكلفة الباهظة للحصول على الخدمات الصحية، مروراً بالفقر والاعتماد على المساعدات أو الأجور اليومية، وصولاً إلى نقص في الحماية القانونية وسبل الاقتراض المحلي وحرمان الأطفال من فرص التعليم. علاوة على هذا كله، فإنهم الآن يواجهون، مع العالم بأسره، تحدي الوباء العالمي الجديد.
إن الوتيرة السريعة لانتشار «كورونا»، تجعل الوضع مقلقاً بشكل خاص لأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى خدمات وأدوات النظافة الأساسية، أو لا يستفيدون من الاستجابة للأوضاع الخاصة بالمرأة اللاجئة، أو للمهمشين الذين يعانون ظروفاً صحية صعبة، والتي هي، في كثير من الأحيان، الصبغة السائدة لأوضاع اللاجئين التي من شأنها أن تضاعف من معاناتهم.
ولكن هناك فرصة. يجب الاستمرار في بذل جهود جماعية ومتضافرة كمجتمع ككل: مؤسسات مجتمع مدني، مؤسسات دينية، قطاع خاص، أكاديميين، فنانين وكل من يؤثر في الرأي العام، من أجل إيجاد حلول شاملة للملايين في المنطقة والاستفادة من الخبرات الطويلة لإدارة الأزمات. لذلك تعكف المنظمات الإنسانية بخاصة «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشركاؤها على دعم نظم الصحة العامة والوقاية والاستجابة، كما على إدراج اللاجئين في الخطط الوطنية للاستجابة لهذه الأزمة. إن استبعاد اللاجئين من الوصول للخدمات الأساسية أو التهميش - بسبب نقص شبكات الأمان الاجتماعي والاقتصادي – سيؤدي إلى تدهور أوضاعهم الحالية بشكل واضح.
- مسؤولة في «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»

- الرابحون والخاسرون على الصعيد الاقتصادي
سامي محروم
إذا كان من عبرة يمكن استخلاصها من تجربة كل من الصين أو هونغ كونغ أو سنغافورة أو تايوان في التعامل مع انتشار الفيروس، فهي أن أي بلد بحاجة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أشهر كمعدل زمني للسيطرة على انتشار الفيروس.
وهذا مع الافتراض أن هذا البلد يستطيع أن يحتوي تفشي الوباء بشكلٍ فعّال. في الواقع، ورغم نجاحها النسبي، لم تتمكّن أي من هذه الدول من القضاء على تفشي الوباء بشكلٍ جذري حتى الآن. وإذا تمّ اتّخاذ تجارب هذه البلدان كمثال، فإنّ التوقّعات المُتفائلة تُشير إلى أن الشرق الأوسط قد يتمكن من احتواء تفشّي الوباء بحلول يونيو (حزيران) تقريباً، أي في الفترة الزمنية نفسها لتوقع احتواء أوروبا للوباء. أمّا أميركا، فقد تضطر إلى الانتظار حتى نهاية الصيف لتدخل في مرحلة السيطرة على انتشار الفيروس، نسبة لمساحتها الشاسعة ونظام حكمها اللامركزي.
ستدُير أجزاء مُختلفة من العالم «عاصفة الفيروس» بمُستويات مُتفاوتة من الفعاليّة والسرعة. إذ أنّ البلدان ذات الموارد المحدودة ستكافح لفترة أطول وستظلّ تشكّل خطراً على انتشار الوباء في بقيّة العالم. ونتيجة لذلك، نرجّح أن يحتاج العديد من البلدان في أفريقيا وآسيا وأميركا اللّاتينيّة والشرق الأوسط إلى فترة أطول لمُكافحة «كوفيد - ١٩». في الواقع، وبالنسبة للعديد من البلدان، إن أزمة الفيروس لن تنتهي إلا باكتشاف واستخدام اللقاح.
سيكون لهذا الجدول الزمني المتوقع آثار اقتصاديّة كبيرة على الاقتصاد العالمي، وبخاصّة على النشاطات الاقتصاديّة ذات الطابع الموسمي مثل السياحة. إذ تعدّ السياحة في الشرق الأوسط، خارج الاقتصادات الغنيّة بالنفط، النشاط الاقتصادي الأكثر تأثّراً بالتدفقات الدوليّة وبالتالي الأكثر تأثرا.
ومع ذلك، هناك احتمال لبروز بعض الفائزين أيضاً. على سبيل المثال، قد يخاطر سكان دول الخليج العربي، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى نحو ٤٠ درجة مئويّة، بالسفر إلى الخارج لكن خياراتهم ستظل محدودة. وهنا، قد تكون بعض البلدان خارج المنطقة التي لم تسجّل عدداً كبيراً من حالات كوفيد - ١٩، مثل موريشيوس وسيشيل وجهات محتملة لهؤلاء وبالتالي، يمكن لهذه الدول أن تستفيد بشكل واضح من هذه الأزمة. لكنّ الوجهات التقليديّة الأخرى للسيّاح الخليجيين، مثل لبنان، الذي لم يسجلّ عدداً كبيراً من الحالات حتى الآن، قد يحصد الاستفادة الكبيرة كذلك إذا تمكن من الخروج من «عاصفة كوفيد -١٩» في الوقت المناسب، أي قبل بدء موسم العطلة الصيفيّة.
- أستاذ في «جامعة بروكسل الحرّة»


مقالات ذات صلة

الخفافيش المُتّهمة بنقل «كورونا»... ماذا تفعل بالبشر؟

يوميات الشرق سوء السمعة يلاحق الخفافيش (أ.ف.ب)

الخفافيش المُتّهمة بنقل «كورونا»... ماذا تفعل بالبشر؟

يمكن أن يؤدّي انخفاض التنوّع البيولوجي في مجتمعات الخفافيش إلى زيادة احتمال انتشار بعض فيروسات «كورونا» وفق ما أثبت فريق دولي من الباحثين

«الشرق الأوسط» (أولم (برلين))
صحتك قد تتسبب لقاحات كورونا في بعض الآثار الجانبية المحتملة (أ.ب)

دراسة: الناخبون الجمهوريون أكثر ميلاً للإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاحات كورونا

وجدت دراسة جديدة أن الولايات التي لديها نسبة أعلى من الناخبين الجمهوريين تشهد مزيداً من البلاغات عن الآثار الجانبية الضارة للقاحات كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المقر الرئيسي لـ«منظمة الصحة العالمية» في جنيف (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 50 زعيماً سابقاً يطلقون نداء لحماية العالم من الجوائح

أطلق أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة سابقين نداءً رسمياً وعاجلاً، الأربعاء، للتوصل إلى اتفاق دولي لمنع ظهور جوائح جديدة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق الوباء الرهيب قصَّر أعمارنا (أ.ف.ب)

«كورونا» خفَّضت أعماركم عاماً ونصف عام!

انخفض متوسّط العمر المتوقَّع الذي كان يزداد منذ عقود في مختلف أنحاء العالم، بشكل مفاجئ عامَي 2020 و2021 في خضمّ أزمة «كوفيد - 19»، وفق دراسة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك لقاح «كورونا» (إ.ب.أ)

لم يعان أي آثار جانبية... ألماني يتلقى لقاح كورونا 217 مرة

تلقّى رجل ألماني يبلغ من العمر 62 عاماً لقاح كورونا 217 مرة لكنه لم يعان أي آثار جانبية نتيجة لذلك

«الشرق الأوسط» (برلين)

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

بينما كشف ناشطون يمنيون عن إقدام رجل في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على بيع ابنته بسبب الفقر والعوز، فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ووثق ناشطون يمنيون في فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراف شاب ينتمي إلى محافظة إب (192 كيلومتراً جنوب صنعاء) ببيع طفلته بمبلغ يقارب 380 دولاراً، (الدولار يساوي 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين)، حيث تنازل كتابياً لرجل دفع له هذا المبلغ، مؤكداً أنه اضطر لذلك بسبب الجوع والعطش، وعدم مقدرته على الالتزام بمتطلباتها المعيشية.

الفقر في اليمن أدى إلى صعوبة رعاية الآباء لأطفالهم (رويترز)

ولا تعد هذه الحادثة الأولى من نوعها، خصوصاً في هذه المحافظة التي شهدت حوادث مشابهة خلال الأعوام الماضية، بعد ما يقارب العقد من الانقلاب والحرب وتوقف رواتب الموظفين العموميين، وفرض الإتاوات على مختلف الأنشطة التجارية والاقتصادية، وإلزام السكان بالتبرع للجبهات.

في غضون ذلك يعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.