تركيا تعزز قواتها في إدلب وتقصف شرق الفرات

بعد مباحثات إردوغان ـ بوتين حول التطورات في شمال سوريا

طفلة ترتدي قناعاً واقياً في ريف حلب (رويترز)
طفلة ترتدي قناعاً واقياً في ريف حلب (رويترز)
TT

تركيا تعزز قواتها في إدلب وتقصف شرق الفرات

طفلة ترتدي قناعاً واقياً في ريف حلب (رويترز)
طفلة ترتدي قناعاً واقياً في ريف حلب (رويترز)

دفعت تركيا بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب عبر معبر كفرلوسين الحدودي بريف إدلب الشمالي.
ودخل أمس (الخميس) رتل يتألف من عشرات الآليات المحملة بأدوات لوجيستية ومعدات هندسية وعربات مصفحة وكتل إسمنتية مسبقة الصنع، تم توزيعها على عدد من النقاط التركية.
ولم تتوقف التعزيزات التركية المرسلة إلى إدلب، منذ بدء سريان اتفاق موسكو لوقف إطلاق النار الموقع بين تركيا وروسيا في 5 مارس (آذار) الماضي.
جاء ذلك بعد مباحثات هاتفية، مساء أول من أمس، بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، تناولت الوضع في إدلب على ضوء اتفاق موسكو، إلى جانب موضوعات أخرى تتعلق بليبيا وكيفية إجلاء المواطنين الروس الموجودين في تركيا بسبب تفشي فيروس كورونا.
وقال بيان للرئاسة التركية إن إردوغان وبوتين أكدا ضرورة استمرار الاتصالات بين البلدين في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات.
وكانت القوات التركية والروسية سيرت أول من أمس دورية مشتركة جديدة على الطريق الواصل بين بئر الصباح وخربة الشيخ عيسى في ريف حلب في إطار تنفيذ اتفاق موسكو، جرت بمرافقة تحليق من الطيران الروسي في أجواء المنطقة.
وفي الإطار ذاته، قال مركز المصالحة الروسي في سوريا إن محافظة إدلب لم تشهد أي قصف من قِبَل الفصائل الموالية لتركيا خلال الـ24 ساعة الماضية، في حين أن «جبهة النصرة» و«الحزب الإسلامي التركستاني» أطلقا قذيفتين على منطقتي «سراقب» شرق إدلب، و«خراب الشيخ» بريف اللاذقية.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن القوات التركية والفصائل الموالية لها نفذت قصفا صاروخيا على قرية أم الكيف الواقعة بريف بلدة تل تمر والتي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام السوري، ما أدى لأضرار مادية، دون معلومات عن خسائر بشرية.
وأضاف أن القوات التركية والفصائل الموالية لها قصفت، مساء أول من أمس، بلدة زركان وقرية محرمل في ريف أبو راسين، حيث سقطت القذائف على منازل المدنيين هناك، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
وأشار المرصد إلى مقتل ضابط برتبة نقيب وعنصر آخر بالإضافة لإصابة 7 آخرين على الأقل بجراح متفاوتة، جراء قصف صاروخي نفذته القوات التركية بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس استهدف حاجزا لقوات النظام في قرية العبوش شمال غربي بلدة تمر في ريف الحسكة الشمالي.
وكانت قوات النظام قصفت بالمدفعية الثقيلة، أول من أمس، أطراف بلدات سرمين والصالحية والفطيرة وسفوهن بريف إدلب الجنوبي والشرقي، في الوقت الذي استقدمت فيه القوات التركية شاحنات عسكرية محملة بكتل إسمنتية مسبقة الصنع إلى عمق محافظة إدلب عبر معبر كفرلوسين بالقرب من مدينة سرمدا بريف المحافظة الشمالي.
من ناحية أخرى، قصفت القوات التركية المنتشرة في محيط مدينة عفرين مناطق الزيارة وبينه وآقبيه التابعة لناحية شيراوا جنوب مدينة عفرين دون أنباء عن خسائر بشرية.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل 14 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل أكبر مكونات «قسد»، قالت إنهم كانوا يستعدون لشن هجوم على ما يعرف بـ«منطقة درع الفرات» شمال سوريا، في عملية نفذتها القوات الخاصة التركية (الكوماندوز).
وأكد البيان أن القوات التركية تتخذ جميع التدابير اللازمة لمواصلة الاستقرار والأمن في «منطقة درع الفرات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».