محكمة جزائرية تطلب بـ3 سنوات سجناً لناشط في «الحراك»

بعد يومين من إعلان الرئيس عن عفو يشمل 5 آلاف سجين

TT

محكمة جزائرية تطلب بـ3 سنوات سجناً لناشط في «الحراك»

بينما التمست النيابة بالجزائر العاصمة ثلاث سنوات سجناً مع التنفيذ ضد ناشط بارز في الحراك الشعبي، يبحث محامو المناضل السياسي كريم طابو احتمال التخلي عن طعن، تم إيداعه بخصوص حكم بالسجن صدر بحقه، حتى يستفيد من إجراءات عفو يشمل أكثر من 5 آلاف سجين، أعلن عنه الرئيس عبد المجيد تبون، أول من أمس.
وبدأت «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة، أمس، النظر في قضية الناشط إبراهيم دواجي، الذي سبق أن سُجِن عدة مرات بسبب مواقفه السياسية المعارضة، والذي اعتُقِل في 15 من الشهر الماضي بمدينة مستغانم (غرب) حيث يقيم، قبل أن يتم اقتياده إلى العاصمة للمحاكمة. وقد اتهمته النيابة بـ«إهانة هيئة نظامية».
ويتعلق الأمر بفيديو نشره، يظهر فيه مهاجماً رئيس الجمهورية. كما اتهمته بـ«توزيع منشورات من شأنها المس بالوحدة الوطنية»، و«التجمهر غير المرخص»، وهما تهمتان مرتبطتان بكتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركاته في مظاهرات الحراك.
وانتقد محامو دواجي في مرافعاتهم محاكمته في العاصمة، واعتبروا ذلك إجراء غير قانوني، إذ كان ينبغي، حسبهم، متابعته من طرف محكمة مستغانم حيث جرت الوقائع. وأكد المحامون أن «كل التهم سياسية، وذات علاقة بنشاطه في الحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام». أما ممثل النيابة فقال إن دواجي «هدّد الأمن العام، وشكّل خطراً على استقرار البلاد، لأنه كان يشجع الشارع على التمرد على السلطات». واستمرت المرافعات إلى وقت متأخر من النهار، وكان منتظراً إما النطق بالحكم في اليوم ذاته، أو تحديد تاريخ لاحق لذلك، مع وضع الملف في المداولة.
وفي سياق متصل بقضايا المعتقلين، أشار عبد الغني بادي، محامي المناضل السياسي كريم طابو، عن احتمال استفادته من تدابير عفو لفائدة المحبوسين بالمؤسسات العقابية، صدر عن الرئاسة، ويشمل أكثر من 5 آلاف سجين.
وتشترط التدابير ألا تكون النيابة ولا المسجون قد قدّما استئنافاً أو طعناً بالنقض في الحكم، في حين أن طابو فعل ذلك من سجنه، بعد أن أدانته محكمة الاستئناف في 17 من الشهر الماضي بعام حبساً نافذاً، بتهمة «إضعاف معنويات الجيش». وأثارت محاكمته جدلاً بسبب الحكم عليه، وهو غائب عن الجلسة، حيث أصيب بأزمة قلبية في بدايتها، عندما أصرّ القاضي على مساءلته، لكنه رفض المتهم لغياب محاميه.
وقدم طابو طعناً بالنقض في الحكم، وإذا أراد أن تشمله إجراءات العفو الرئاسي، فعليه أن يتنازل عنه. لكن أحد أفراد عائلته قال لـ«الشرق الأوسط» إن المناضل «يعتبر نفسه سجين رأي، وهو يطالب بالبراءة، ويرفض أن يستجدي عفواً عن ذنب لم يرتكبه».
ويترقب العشرات من مساجين الحراك، ممن لم يودعوا أي شكل من أشكال الطعن، الخروج من السجن. وتنقل أفراد عائلاتهم أمس إلى سجن الحراش بالضاحية الشرقية للعاصمة، تحسباً لذلك، في ظل عدم توفر أخبار تؤكد نهاية حبسهم.
إلى ذلك، أعلنت البرلمانية والمحامية فطة سادات، التي تدافع عن معتقلي الحراك، أن «محكمة سيدي امحمد»، أجّلت أمس محاكمة 12 متظاهراً بالحراك الشعبي إلى غاية السابع من مايو (أيار) المقبل. ويواجهون جميعاً تهمتَي «المس بالوحدة الوطنية»، و«التجمهر غير المرخَّص». وقد جرى اعتقال العديد منهم في فبراير (شباط) الماضي خلال مظاهرات بالعاصمة. كما يوجد مِن بينهم مَن هو في حالة إفراج مؤقت، بعد أن قضوا فترة في الحبس الاحتياطي، ومنهم حكيم عداد، وهو رئيس سابق لتنظيم شبابي معارض، يوجد رئيسه الحالي عبد الوهاب فرساوي بالسجن في انتظار محاكمته.
يُشار إلى أن الحراك الشعبي علّق احتجاجات الجمعة منذ ثلاثة أسابيع، بالنظر للظروف الصحية التي تمرَ بها البلاد.
من جهة أخرى، استمعت النيابة، أمس، إلى مدير نشر صحيفة «الصوت الآخر» ورئيس تحريرها، وصحافية بسبب مقال نشر بها، الاثنين الماضي، شكك في صحة تحاليل أجراها «معهد باستور»، تخص مصابين بفيروس «كورونا» المستجد.
وتعيب السلطات على مسؤولي الصحيفة «نشر أخبار كاذبة بهدف زرع الخوف»، بحسب ما جاء في تحقيقات جهاز الدرك حول القضية. وقد قضى الثلاثة ليل الأربعاء في الحجز تحت النظر بمقر الدرك بالعاصمة، علماً بأن دستور البلاد يمنع متابعة أي صحافي بسبب كتاباته، مهما كانت خطورتها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.