الأحياء الشعبية في المغرب تصعّب مهمة «الحجر الصحي»

الأحياء الشعبية في المغرب تصعّب مهمة «الحجر الصحي»
TT

الأحياء الشعبية في المغرب تصعّب مهمة «الحجر الصحي»

الأحياء الشعبية في المغرب تصعّب مهمة «الحجر الصحي»

منذ دخول حالة الطوارئ في المغرب حيز التنفيذ قبل أسبوعين، لوحظ أن التزام المغاربة بإجراءات الحجر الصحي التي تفرض تجنب مغادرة المنازل إلا للضرورة، تختلف حسب الأحياء. فبينما يسود الهدوء الأحياء التي تقطنها الطبقة الوسطى والأحياء الراقية، فإن الوضع في الأحياء الشعبية مختلف في معظم المدن.
وتقوم السلطات بمجهودات مضاعفة وتسير الشرطة دوريات مكثفة في الأحياء الشعبية التي تشهد كثافة سكانية عالية، يصعب معها فرض الانضباط على الجميع، رغم النداءات المتكررة وتوجيهات الحماية الصحية للحد من انتشار فيروس «كورونا».
وينتظر أن تفرض السلطات حزما أكبر في الأيام المقبلة للتقليل من الازدحام في الأحياء الشعبية بعد الشروع في صرف التعويضات المالية للعاملين في القطاع غير المنظم، الذين لا يملكون بطاقة «راميد» الخاصة بالتأمين الصحي، والذين تقرر منحهم دعماً مالياً يتراوح بين 800 و1200 درهم (بين 80 و120 دولارا) للأسرة شهريا بحسب عدد الأفراد.
ويعود السبب الرئيسي للازدحام الذي تشهده الأحياء الشعبية في المغرب في ظل حالة الطوارئ الصحية والحجر المنزلي إلى التداخل الموجود في هذه الأحياء بين المباني السكنية والأسواق العشوائية، إذ يكاد لا يخلو أي شارع أو زقاق من محلات بيع الخضر والفواكه، فضلاً عن الباعة المتجولين الذين يبسطون بضاعتهم على الرصيف. وبما أن السلطات سمحت بالخروج من المنزل للتبضع وشراء مستلزمات المعيشة اليومية، فمن الطبيعي أن يكثر الازدحام في تلك الأسواق العشوائية، ويقول مراد الرامي من طنجة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع عادي جدا في الأحياء الشعبية وكأنه لا وجود لحجر صحي»، مضيفا أن «السلطات لا يمكن أن تفرض على الجميع المكوث في المنزل لأن نسبة كبيرة من القاطنين في تلك الأحياء من أصحاب الدخل المحدود، وهم يعيشون بما يكسبونه من خلال الأعمال البسيطة اليومية كبيع الخضر والفواكه، وهو المجال الوحيد الذي ظل على حاله بعد إعلان حالة الطوارئ، وإغلاق باقي المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي الموجودة بكثرة أيضا في الأحياء الشعبية».
في السياق ذاته، قررت السلطات الولائية بمراكش تقليص أوقات اشتغال أسواق القرب النموذجية والأسواق الشعبية إلى 6 ساعات في اليوم، كإجراء احترازي للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد.
وأصدر كريم قسي لحلو والي جهة مراكش آسفي وعامل (محافظ) عمالة مراكش، قرارا يقضي بتحديد أوقات اشتغال أسواق القرب النموذجية والأسواق الشعبية على مستوى محافظة مراكش.
وينص القرار على أنه لا يسمح لهذه الأسواق الموجودة بجميع النفوذ الترابي لمحافظة مراكش بالاشتغال إلا من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة الواحدة بعد الزوال.
وشدد القرار على أن كل من خالف مقتضياته سيتم منعه من الممارسة فورا، ناهيك من المتابعات المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل. ويعهد إلى السلطة المحلية والمصالح الأمنية ومصالح الدرك الملكي تنفيذ هذا القرار الاستثنائي إلى حين رفع حالة الطوارئ الصحية.
وفي مدينة العيون، كبرى المحافظات الصحراوية، جرى إجلاء الباعة الجائلين بسوق «الرحيبة»، أكبر سوق شعبية بالمدينة نحو محلات عصرية تستجيب لشروط الصحة والأمان، وذلك في إطار الإجراءات الوقائية الرامية إلى الحد من تفشي فيروس «كورونا» إذ نقل باعة الخضر والفواكه والأسماك ومنتجات أخرى، نحو السوق الموجودة بحي الحزام الذي يوفر فضاءات مواتية للتجار لعرض منتوجاتهم في شروط مثلى.
وتشكل سوق «الرحيبة» التي يفد إليها سكان العيون وتظل حتى ساعات متأخرة من المساء متوسطة أحياء شعبية، تهديدا لصحة الحي أو المارين منه، في سياق استشراء فيروس كورونا. وسخرت جماعة (بلدية) العيون، التي قامت بعملية الإجلاء بتنسيق مع السلطات المحلية، موارد بشرية ولوجيستيية مهمة لتثبيت باعة «الرحيبة» الجائلين في محلات جديدة. وشهدت السوق الجديدة حملة تطهير وتعقيم واسعة النطاق، أسوة بمرافق وفضاءات عمومية أخرى بالعيون. وذكر مسؤولو الجماعة أن عملية الإجلاء تأتي في سياق إجراءات الاحتراز التي اتخذتها السلطات المحلية والمنتخبون للحد من أي انتقال محتمل للفيروس التاجي (كوفيد - 19)، كما تندرج في إطار مخطط عمل الجماعة الرامي إلى تنظيم القطاع غير المهيكل وتحسين ظروف عيش الساكنة. وأشاروا إلى أن أسواقا شعبية أخرى، تشكل خطرا على صحة السكان وتشوه بعدها الجمالي، معنية بعملية الإجلاء.


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».