وزير تونسي: اتفاقات واعدة مع الجزائر وليبيا في قطاعات المحروقات والكهرباء

مرزوق أكد لـ «الشرق الأوسط» أن قطاع الفوسفات سيتحسن فوراً إذا توقفت الاضطرابات

وزير الطاقة والمناجم التونسي منجي مرزوق.....  قطاع مناجم الفوسفات في تونس يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام (رويترز)
وزير الطاقة والمناجم التونسي منجي مرزوق..... قطاع مناجم الفوسفات في تونس يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام (رويترز)
TT

وزير تونسي: اتفاقات واعدة مع الجزائر وليبيا في قطاعات المحروقات والكهرباء

وزير الطاقة والمناجم التونسي منجي مرزوق.....  قطاع مناجم الفوسفات في تونس يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام (رويترز)
وزير الطاقة والمناجم التونسي منجي مرزوق..... قطاع مناجم الفوسفات في تونس يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام (رويترز)

كشف وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة التونسي منجي مرزوق في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يجري هذه الأيام مشاورات رسمية مع نظيره الجزائري محمد عرقاب، باسم الحكومة التونسية، بهدف «التسريع في إبرام العقد الجديد الخاص بالتزود بالغاز الجزائري الذي يوفر ثلثي استهلاك تونس منه».
وأورد مرزوق أن محادثات الحكومتين التونسية والجزائرية الاقتصادية «إيجابية جداً»، وتشمل التعاون في توظيف الطاقات المتجددة المرتبطة بالشمس والرياح وإنتاج وتوزيع الغاز والنفط والكهرباء بين تونس والجزائر والمغرب وليبيا لمواجهة فترات الذروة في الاستهلاك.
كما تشمل المحادثات التونسية الجزائرية الحالية تحسين ظروف تزويد ليبيا بالكهرباء التي تنتج في الجنوب التونسي، ومن بين الجهود والأفكار الحالية إنشاء محطة كهرباء كبيرة بالقرب من ميناء «الصخيرة» الصناعي (200 كلم عن الحدود التونسية الليبية)، تكون موجهة إلى ليبيا في مرحلة أولى وإلى بقية المنطقة في مرحلة ثانية. وكشف الوزير التونسي أن المحادثات التونسية الجزائرية حول تطوير الشراكة بين البلدين وبين كل الدول المغاربية في قطاع المحروقات والكهرباء والطاقات المتجددة تقدمت منذ مدة، ومن المتوقع أن تتوج بتوقيع العقد الجديد للشراكة بين تونس والجزائر الذي ستمتد صلاحياته حتى عام 2030، لأن صلاحية العقد القديم انتهت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووقع تجديده لمدة شهرين بصفة وقتية. وسيتضمن العقد الجديد تخفيضاً في السعر وأسعاراً تفضيلية في المبادلات الثنائية في مجالات المحروقات والطاقة.
وبين مرزوق أن من بين مزايا الشراكة التونسية الجزائرية في قطاع الطاقة التقليدية والطاقات المتجددة، إلى جانب الأسعار التفضيلية، أنها تمكن البلدين من «مرونة» لا توفرها بقية الدول، ومن أبرز مظاهر تلك المرونة مراعاة «طاقات الخزن المحدودة في تونس» وعدم تطبيق قاعدة «خذ وادفع فورا Take and pay».
وفيما يخص مستجدات حقل نوارة الصحراوي للغاز، الذي أعلن عن بدء استغلاله مؤخراً والذي من المقرر أن يوفر حوالي نصف إنتاج تونس من الغاز وثلث استهلاكها، أوضح مرزوق أن هذا الحقل الموجود في أقصى الجنوب التونسي الذي طال انتظاره وقع تدشينه في شهر فبراير (شباط) الماضي، وكان من المقرر أن ينتج حوالي مليوني متر مكعب، لكن مشاكل فنية برزت وأدت إلى تخفيض إنتاجه إلى أقل من النصف. وتابع: «دعيت مؤسسة بريطانية لتدارك هذه المشاكل الفنية، لكن «وباء كورونا» وقرار غلق المطارات وفرض الحجر الصحي على المسافرين القادمين الخارج، تسبب في تأجيل التدخل الفني من قبل المهندسين البريطانيين وستجري عملية الإصلاح والصيانة عن بعد».
وكشف مرزوق أن الغاز الذي ينتج في هذا الحقل سوف ينقل عبر أنبوب طوله 370 كلم من الصحراء التونسية إلى قطب الصناعة والطاقة والمناجم في منطقة قابس (400 كلم جنوبي العاصمة)، وتتولى شركة الكهرباء والغاز التونسية خزنه وتسويقه وطنياً. وتوقع مرزوق أن يسمح التنسيق التونسي الجزائري الليبي في تحسين منتوج تونس من الغاز والكهرباء والطاقات البديلة، بما سوف يرفع قيمة صادرات تونس إلى ليبيا من الكهرباء من حوالي 400 مليون دينار (نحو 140 مليون دولار) حالياً، إلى مستويات أعلى كثيراً.
أما فيما يخض آفاق الخروج من الأزمة التي يعاني منها قطاع المناجم والشركة الوطنية للفوسفات، التي كانت صادراتها أهم موارد الدولة من العملات الأجنبية، فتوقع الوزير مرزوق أن تنجح الحكومة الجديدة بالتعاون مع الأطراف الاجتماعية في معالجة معضلة قطاع مناجم الفوسفات الذي يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام. وقد استفحلت مشاكله بعد ثورة 2011 بسبب معضلات البطالة في الجنوب الغربي وحرص آلاف العاطلين والنقابيين على الحصول على وظيفة دائمة فيها.
وبلغ الأمر بالمؤسسة المشرفة على هذا القطاع ومكوناتها حد العجز عن تسديد الرواتب الشهرية لموظفيها وعمالها، حيث تسببت إجراءات بعد الثورة في زيادة عدد هؤلاء العمال إلى حوالي 28 ألفاً، بينما لا تحتاج الشركة أكثر من 11 ألفا. كما تسببت الاضطرابات الاجتماعية والاعتصامات العشوائية في تعطيل النقل الحديدي والبري للفوسفات، مما أدى إلى تخفيض الإنتاج من 8 ملايين طن في 2010 إلى حوالي 3 ملايين طن. وقد ارتفع هذا الإنتاج مجدداً في العامين الماضيين وناهز 4 ملايين طن، لكنه لا يزال في حدود نصف الإنتاج في مرحلة اشتدت فيها المنافسة الدولية وتراجع فيها ترتيب تونس الدولي بين مصدري الفوسفات من المرتبة الثانية عالمياً إلى المرتبة الثامنة. واعتبر الوزير أن إنقاذ قطاع الفوسفات إنتاجاً وتصديراً ممكن، إذا توقفت الإضرابات والاعتصامات العشوائية.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.