في بيتنا مصمم: حقائب يد غيرت مصير سجينات إلى الأبد

فكرة إنسانية تحولت إلى نجاح تجاري عالمي

أمل كلوني وحقيبة بتصميم طلبته خصيصا لها
أمل كلوني وحقيبة بتصميم طلبته خصيصا لها
TT

في بيتنا مصمم: حقائب يد غيرت مصير سجينات إلى الأبد

أمل كلوني وحقيبة بتصميم طلبته خصيصا لها
أمل كلوني وحقيبة بتصميم طلبته خصيصا لها

عندما بدأت المحامية أمل علم الدين التجهّيز لزفافها من الممثل العالمي جورج كلوني، وقع اختيارها على دار «Sarah›s bag» في بيروت لتنتقي منها 11 حقيبة يد. فقيم هذه الشركة تناسب توجه أمل علم الدين بصفتها محامية وناشطة حقوقية، بالنظر إلى أن من يصنع هذه الحقائب ويتولى تطريزها سجينات.
تقول سارة بيضون، التي أسست الشركة منذ نحو 14 عاما، أن زياراتها لسجني طرابلس وبعبدا، ضمن عملها بصفتها مساعدة اجتماعية كانت وراء ولادة الفكرة، وتروي أنها أثناء زيارتها في إحدى المرات لمؤسسة «دار الأمل» المعنية بإعادة تأهيل السجينات، لاحظت أنهن في حاجة قصوى لتحفيزهن لإكمال حياتهن بصورة طبيعية، لا سيما وأنهن لا يجدن بسهولة عملا يعيلهن بعد خروجهن من السجن. بداية، اشتغلت سارة مع 4 نزيلات في سجن بعبدا، لكن لم يمر عام واحد حتى فاق عددهن الـ40 امرأة، لا سيما أن بعضهن بقين معها حتى بعد حصولهن على حريتهن.
إلى الحرية، تشرح سارة: «عندها فقط بدأت في التفكير في تطوير العمل ونقله إلى مرحلة الاحتراف، بتأسيس مشغل ودار أبيع فيها هذه الحقائب، ويخصص قسم من ريعها لهؤلاء النسوة، أي أجرا يتلقينه مقابل كل قطعة يزخرفنها»، وبالفعل تحقق الأمر، بمساعدة مصممين مختصين وفريق خاص بالتسويق وإدارة الإنتاج؛ مما جعل عدد السجينات العاملات يزيد إلى 150 امرأة. تقول سارة بيضون: «تغيرت حياتهن تماما، وأصبحت الغالبية منهن تساهمن، وبشكل فعّال، في إعالة عائلاتهن ماديا؛ مما حفزهن على إنجاز هذه الحقائب بسرعة وتفان. كن ينقلن صور الموديلات المطبوعة وتطريزها على الأقمشة بدقة شديدة، ليتحولن بين ليلة وضحاها من سجينات إلى سيدات أعمال».
وتؤكد سارة أن بعضهن ساهمن في تربية أبنائهن إلى أن وصلوا إلى الجامعات وتخرجوا فيها. وتتذكر أن إحداهن اشترت في البداية ثلاّجة ثم فرن غاز، وكانت في مرة تشعر بسعادة كبيرة، لأنها شعرت بنوع من الاستقلالية المادية وبأنها غير مخنوقة بالسجن.
أكثر ما تشدد عليه دار «Sarah›s bag» هو أن توقّع كل حقيبة بعبارة «صنع في لبنان»، وأن تحمل كل واحدة من موديلاتها فكرة من لبنان، تراثية كانت كالحقيبة التي اختارتها أمل علم الدين على شكل طاولة النرد، أو فيروزية تنطق بأغاني فيروز، ولو من خلال عبارة تطرّز عليها كـ«حبّيتك تانسيت الليل»، أو سياحية كتلك التي تحمل صور المطربة صباح أو خارطة أحياء بيروت القديمة، أو على شكل منقوشة بالزعتر، وما شابه.
وتعلق سارة بيضون: «لقد اهتممت اهتماما خاصا بجيل الشباب، وتعمدت أن أعرفه برموز بيروت، فتبقيه على علاقة دائمة ووطيدة بها مهما هاجر أو تغرب، ونجحت إلى حد كبير، لأن هناك شريحة لا يستهان بها منهم تقصدنا لتختار ما يناسب ذوقها، كتلك التي تحمل عبارة «حبّك نار» أو كلمة «waw» التي يستخدمونها بكثرة عند مشاهدتهم شيئا يحبونه».
وعن كيفية تعرفها إلى أمل علم الدين تقول: «لقد تعرّفت على أمل في جلسة جمعتني بها في نيويورك كون شقيقها صديق زوجي، وعندما حدثتها عن «Sarah›s bag» تحمّست للفكرة، خصوصا أنها تتلاءم ونشاطها الإنساني عالميا»، وتتابع: «هي امرأة ذكية وجميلة وأنيقة، وعندما قررت الارتباط بالممثل جورج كلوني أرسلت تطلب مني 11 حقيبة، تم تصميم بعضها بناء على طلبها كحقيبة (القبعة البيضاء)، وأخرى أعجبتها من المجموعة الجديدة على شكل (طاولة النرد)». لكن أمل علم الدين ليست الوحيدة التي تتعامل مع الدار، فالملكة رانيا العبد الله كانت أولى من سلط الضوء عليها عندما ظهرت بتصاميمها منذ عدة سنوات في مهمات رسمية كبيرة، مثل حقيبة مطرّزة بعبارة تقولـ«على قدر أهل العزم تأتي العزائم». ثم هناك النجمة الفرنسية كاترين دونوف، والمخرجة نادين لبكي، والمهندسة المعمارية العالمية زها حديد، وكل امرأة «تؤمن بقضيتنا وتتمتع بحس إنساني»، حسب قول سارة بيضون.
فللدار اليوم فروع في باريس، وطوكيو، ولندن، ولوس أنجليس، ولم تعد تكتف الحقائب، بل أصبحت تقدم أيضا شلحات من الصوف والحرير، وأغراض لحديثي الولادة، إضافة إلى إكسسوارات ومجوهرات تليق بكل الأعمار، فالفكرة التي ولدت من منظور إنساني تطورت لتصبح إمبراطورية صغيرة غيرت حياتها وحياة الكثير من النساء.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.