وزير «النازحين» في «الوفاق»: 340 ألف ليبي يعانون أوضاعاً معيشية قاسية

جلالة قال لـ «الشرق الأوسط» إن الحرب على طرابلس زادت من عمليات الهجرة

TT

وزير «النازحين» في «الوفاق»: 340 ألف ليبي يعانون أوضاعاً معيشية قاسية

قال يوسف جلالة، وزير الدولة لشؤون المهجرين والنازحين في حكومة «الوفاق»، إن الحرب على طرابلس الدائرة منذ قرابة عام، زاد من معدلات نزوح المواطنين، خاصة مع سقوط القذائف الصاروخية على المناطق المكتظة بالسكان، مما تسبب في صعوبة الوضع المعيشي لآلاف الأسر المقيمين خارج منازلهم. ورصد جلالة في حديث إلى «الشرق الأوسط» آخر إحصاء للنازحين من مناطق الاشتباكات، وقال إن أعدادهم زادت على 57 ألف أسرة منذ اندلاع الحرب بجنوب العاصمة منذ الرابع من أبريل (نيسان) العام الماضي، متابعاً: «العدد الإجمالي للأفراد يزيد على 342 ألف مواطن، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك إذا افترضنا أن متوسط عدد أفراد الأسرة ستة أشخاص».
وأوضح أن «نسبة من بين هؤلاء النازحين تقيم لدى أقاربها في مناطق بعيدة عن محاور القتال، والبعض استأجر وحدات سكنية خاصة طبقاً لإمكانيات كل أسرة، بالإضافة إلى سفر البعض الآخر خارج ليبيا، بحثاً عن ملاذ آمن، وتحديداً إلى دول الجوار مثل تونس ومصر».
واستكمل جلالة: «توجد أيضاً نسبة لا تقل عن 10 في المائة من النازحين تسكن في مراكز الإيواء، كما اضطرت الظروف عديد الأسر إلى الإقامة في بنايات مهجورة غير مهيأة للسكن، بسبب ارتفاع قيمة الإيجارات في ظل تزايد أعداد النازحين، وهو ما يعني تعرض هؤلاء لظروف غاية في الصعوبة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية».
وتحدث جلالة عن نوعية مراكز الإيواء التي تضم النازحين، وقال إن أغلبها أقيمت في مدارس رياض أطفال أو مقار لشركات معطلة، أو سكن لعمال الشركات، لافتاً إلى أن عدد المقيمين في كل مركز إيواء يختلف من بلدية إلى أخرى. وفي رده عن إمكانية تقديم حكومة «الوفاق» مساعدة مالية شهرية لمساعدة النازحين على إيجاد سكن ملائم، قال: «للأسف، لا توجد إمكانية لتحقيق ذلك (...) سبق وطالبنا بذلك منذ بداية في أول اجتماع للجنة الوزارية العليا للنازحين التي كنت أترأسها، وكررت مطالبتي كوزير دولة مفوض لشؤون المهجرين والنازحين في اجتماعات مجلس الوزراء، إلا أننا لم نحصل على الموافقة لهذا الغرض حتى الآن».
ونوه إلى أن «هذا مطلب أساسي لكل النازحين الذين ألتقيهم سواء في مكتبي أو أثناء زياراتي الميدانية لهم في مواقع إقامته»، مستدركاً: «الحكومة قدمت دعماً مالياً في بداية الأزمة بلغ 120 مليون دينار (الدولار يقابل 4.47 دينار)، تم توزيعها على 64 بلدية بالمنطقة الغربية، لمساعدة النازحين». ولفت جلالة إلى طبيعة المساعدات التي تقديمها حكومة «الوفاق» حالياً للنازحين، وقال: «تتركز في الضروريات مثل الغذاء والكساء والدواء، وذلك عن طريق لجان الأزمة المشكلة لإدارة شؤون اللاجئين في كل بلدية»، متابعاً: «إلى جانب ذلك هناك مساهمات أهل الخير من رجال الأعمال، وأيضاً مساهمات من قبل مؤسسات المجتمع المدني والهلال الأحمر الليبي، ومفوضية الكشافة والهيئة الليبية للإغاثة والشركاء الدوليين في الهيئات العاملة في المجال الإنساني والتابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا».
ورأى أن تعاون كل هؤلاء الشركاء «كان ولا يزال يخفف نوعاً ما على مأساة هذه الشريحة من المجتمع التي وجدت نفسها خارج بيوتها بسبب هذا العبث حول العاصمة، حيث تدفع ثمناً لذلك وهو دمار منازلها وممتلكاتها، بجانب دمار البنية التحتية والممتلكات العامة». وتطرق جلالة إلى تداعيات فيروس «كورونا» على المواطنين النازحين، وإجراءات الوزارة لحمايتهم من المخاطر، وخاصة المقيمين في بنايات مهجورة، كما هو الحال في المباني الحكومية الواقعة بطريق السكة وشارع النصر في بلدية طرابلس المركز، وقال: «هناك إجراءات ومتابعات حكومية لضمان حماية هؤلاء النازحين أسوة ببقية المواطنين بالدولة».
وقال: «شكلنا فريقاً من الوزارة لهذا الغرض وتحديداً لرصد كل المعلومات والتطورات بالتعاون مع عديد من مؤسسات المجتمع المدني ولجان الأزمة في البلديات وبالتواصل مع الهيئات الدولية العاملة في المجال الإنساني والصحي على مدار الساعة للتخفيف من معاناة هؤلاء النازحين بقدر الإمكان وفقاً للإمكانيات المتاحة لدى كل هذه الجهات، والأمر ذاته فيما يتعلق بالمقيمين بمراكز». وانتهى جلالة بالإشارة إلى الخطة التي اعتمدتها حكومة «الوفاق» في آخر اجتماع لها باعتماد لجنة عليا برئاسة وزير الصحة وعضوية عديد القطاعات ذات العلاقة لمواجهة خطر فيروس «كورونا»، التي خصص لها نصف مليار دينار، فضلاً عن إعلان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لحالة الطوارئ وحظر التجول وتعليق الدراسة في جميع المراحل التعليمية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.