جنرال الحديدة يعمل من «الحجر» في صنعاء ويعود قريباً إلى الساحل الغربي

البعثة الأممية تأمل باستئناف لقاءات الحكومة والحوثيين

«جنرال الحديدة» متوسطاً اللواء محمد عيضة رئيس فريق الحكومة وعلي الموشكي رئيس فريق الحوثيين لدى انعقاد اجتماع في «السفينة الأممية» خلال ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
«جنرال الحديدة» متوسطاً اللواء محمد عيضة رئيس فريق الحكومة وعلي الموشكي رئيس فريق الحوثيين لدى انعقاد اجتماع في «السفينة الأممية» خلال ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

جنرال الحديدة يعمل من «الحجر» في صنعاء ويعود قريباً إلى الساحل الغربي

«جنرال الحديدة» متوسطاً اللواء محمد عيضة رئيس فريق الحكومة وعلي الموشكي رئيس فريق الحوثيين لدى انعقاد اجتماع في «السفينة الأممية» خلال ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
«جنرال الحديدة» متوسطاً اللواء محمد عيضة رئيس فريق الحكومة وعلي الموشكي رئيس فريق الحوثيين لدى انعقاد اجتماع في «السفينة الأممية» خلال ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

وسط أنباء عن خضوع جنرال الحديدة، أبهيجيت غوها، لحجر صحي، وأخرى تتحدث عن تقييد لحركته، أكد مصدر أممي لـ«الشرق الأوسط» عدم احتجازه من قبل الجماعة الحوثية في صنعاء، فيما أعلنت حنان البدوي، المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة إلى الحديدة (أونمها)، أن السفينة الأممية غادرت، أمس (الجمعة)، ميناء الحديدة صوب المخا لنقل ضباط الارتباط الحكوميين.
البدوي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البعثة الأممية رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة، الجنرال أبهيجيت غوها، قد عاد إلى صنعاء، وهو يباشر عمله من مقر الأمم المتحدة هناك، وأجرى اتصالات بالسلطات في صنعاء لبحث عدد من المسائل العاجلة، وينوي العودة إلى الحديدة فور عودة سفينة الأمم المتحدة من المخا.
وفي السياق نفسه، أكد مسؤول أممي لـ«الشرق الأوسط» أن الجنرال يخضع لحجر صحي اختياري، بعد عودته من الأردن، مشدداً على أن الخطوة طبية، وليست سياسية.
وأضاف المسؤول الأممي، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «الجنرال غوها ليس في الحجر الصحي الطبي الحوثي، بل كان عليه أن يمر بفترة من الحجر الصحي، بعد أن دخل اليمن قادماً من الأردن، مثلما يدخل أي شخص إلى بلد ما من دولة أخرى».
المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، تحدث في وقت سابق لوسائل الإعلام عن احتجاز الحوثيين رئيس البعثة الأممية وفريقه المرافق بفندق في صنعاء، بعد وصوله الثلاثاء، ومنعوه من الوصول إلى الحديدة، حيث مقر عمله بالسفينة الأممية المحتجزة، كما منعوه أيضاً من العودة إلى العاصمة الأردنية عمان.
ووصف الدبيش الحادثة بأنها «تطور خطير وتحد صارخ» من قبل الميليشيات الحوثية. كما اتهم البعثة الأممية وجنرالها بـ«التواطؤ» مع الحوثيين لعدم الضغط عليهم، وتأخير ضباط الارتباط الحكوميين، ومنع السفينة الأممية من مغادرة ميناء الحديدة.
لكن البدوي أعلنت، أمس، مغادرة سفينة الأمم المتحدة ميناء الحديدة، في طريقها إلى المخا من أجل إعادة ضباط الارتباط الموجودين على متن السفينة إلى جانب مقر فريق الحكومة اليمنية.
وقالت المتحدثة إن الجنرال غوها «على تواصل مع رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، اللواء محمد عيضة، وهو على دراية كاملة بمبعث قلق الحكومة الشرعية. كما أنه ملتزم بالعمل مع الطرفين من أجل التعامل مع ذلك القلق، وحل أي مشكلات أو نقاط خلافية بشكل بناء»، وأضافت: «يأمل رئيس بعثة الأمم المتحدة بأن يستأنف الطرفان العمل المشترك، من خلال لجنة تنسيق إعادة الانتشار في أقرب وقت».
وبهذا التحرك، ينتهي الحجز الحوثي للسفينة التي كانت راسية في الميناء، وفق مصادر الحكومة اليمنية التي قالت قبل أيام، على لسان المتحدث باسم عمليات تحرير الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، إن عناصر الميليشيات الحوثية منعوا طاقم السفينة من التحرك عندما حاول القبطان رفع المرساة للإبحار باتجاه ميناء المخا.
وكانت الحكومة اليمنية قد اتهمت الميليشيات الحوثية بأنها منعت السفينة الأممية الراسية في ميناء الحديدة من الإبحار إلى ميناء المخا جنوباً، لنقل ضباط الارتباط الحكوميين الذين كانت الشرعية قد أعلنت تعليق عملهم في البعثة المشتركة، على خلفية الخروق الحوثية.
ويطالب الفريق الحكومي بعثة الأمم المتحدة بإعادة الضباط منذ علق الفريق الحكومي عمله مع البعثة في 11 مارس (آذار) الحالي، بعد أن استهدف قناص من ميليشيات الحوثي ضابط الرقابة العقيد محمد الصليحي التابع للفريق الحكومي بعيار ناري، ما تسبب بإصابته ونقله إلى العناية الطبية المشددة.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن رئيس الفريق الحكومي، اللواء الركن محمد عيضة، أنه «حمل بعثة الأمم المتحدة أمن وسلامة الضباط التابعين للفريق الحكومي، مطالباً البعثة باتخاذ الإجراءات الصحيحة لضمان حيادية وحرية من على السفينة جميعاً».
واستأجرت الأمم المتحدة السفينة لعقد اللقاءات المشتركة وتشغيلها، بصفتها مركز عمليات لضباط الرقابة المشتركة التي يفترض أنها مكان محايد لا يخضع لسيطرة أي طرف من الأطراف. وكان من المقرر أن تبحر السفينة في الساعة السادسة من صباح الثلاثاء الماضي إلى ميناء المخا لإيصال الضباط التابعين للفريق الحكومي العاملين في مركز العمليات المشتركة على متن السفينة، إلا أن الجماعة الحوثية منعتها من المغادرة للمرة الثانية.
وتكرر الحكومة اليمنية مطالبتها للأمم المتحدة بنقل مقر بعثتها الخاصة بدعم اتفاق الحديدة ومركز العمليات المشتركة إلى المناطق المحررة، لضمان حيادية وفاعلية أداء اللجنة.
ووصف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، احتجاز السفينة الأممية بـ«التطور الخطير».
ويعدّ إنشاء نقاط المراقبة الخمس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التقدم اليتيم لاتفاقية استوكهولم في شأن الحديدة، رغم توقيعه في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018.


مقالات ذات صلة

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».