«تسونامي كورونا» على بعد شهرين من سوريا المنكوبة

قلق في مناطق الحكومة والمعارضة والأكراد بسبب غياب المعدات الطبية

سوق الحميدية في دمشق القديمة مغلقة بسبب حظر التنقل في البلاد (أ.ف.ب)
سوق الحميدية في دمشق القديمة مغلقة بسبب حظر التنقل في البلاد (أ.ف.ب)
TT

«تسونامي كورونا» على بعد شهرين من سوريا المنكوبة

سوق الحميدية في دمشق القديمة مغلقة بسبب حظر التنقل في البلاد (أ.ف.ب)
سوق الحميدية في دمشق القديمة مغلقة بسبب حظر التنقل في البلاد (أ.ف.ب)

وصول «كورونا» إلى سوريا، يعني الكثير. ثقل الوباء في هذه البلد يختلف عن غيره. قد يكون تسلله إلى أراضي هذه البلاد المنكوبة، أكثر وطأة من أي بلد آخر. لا بيوت يبقى فيها كثير من السوريين ولا مستشفيات يلجأون إليها، بل خيمة إذا كانوا محظوظين. هنا، لسيارات الإسعاف معنى آخر ودور آخر. إنها بلاد منقسمة إلى 3 «مناطق نفوذ»، تهيمن فيها بطريقة أو أخرى 5 جيوش. بلاد عانت من الحرب طيلة سنوات. كانت تنتظر إشارات السلام، فإذا بطقوس الوباء تقترب رويداً رويداً من عنق البلاد وصدورهم وحناجرهم.
الموعد السري القاتل لـ«تسونامي كورونا»، هو في مايو (أيار) المقبل. ينتظر السوريون بقلق وهم حفاة وعراة. إلى حين ذلك، الحديث في دمشق عن هذا الفيروس دقيق وحساس. يجري الإعداد لـ«معركة الحسم» معه. لكن، الوفيات المتداولة شفوياً، هي بسبب «الالتهاب الرئوي». «كورونا» لم يدخل في القاموس الرسمي، سبباً للوفاة بعد.
في سوريا، تتراكم سلسلة من الأسباب تجعلها تقيم على حالة نادرة في التعاطي مع هذا الوباء:
أولاً، لم تعد الحكومة تسيطر على كامل أراضيها. منطقة فيها ثلثا سوريا ومعظم المدن الكبرى تدار من دمشق، لكن بنفوذ روسي وإيراني بقوتيه الخشنة والناعمة. الثلث الآخر، تدير معظمه الإدارة الذاتية الكردية تحت مظلة التحالف الدولي بقيادة أميركا في شرق الفرات وفصائل معارضة بدعم الجيش التركي وأدواته «التتريكية» بوسائل عسكرية وخدماتية في شمال سوريا وشمالها الغربي.
ما يجمع «الدول الثلاث في الدولة الواحدة»، هو تدهور القطاع الصحي. في مناطق الحكومة، هاجر الأطباء هرباً من الملاحقات أو الخدمة الإلزامية أو بحثاً عن حياة جديدة أو أنهم بقوا لكن في إطار العمل العسكري. وفي المناطق الخارجة عن سيطرتها، دمرت مستشفيات بغارات سورية وروسية وتراجعت قدرات البنية التحتية التي أقامتها مؤسسات مدنية سورية وغربية.
ثانياً، بالنسبة إلى مؤسسات الأمم المتحدة، العمل متاح قانونياً في دمشق باعتبار أن الحكومة هي ممثل البلاد، حسب المنظمة الدولية، وليس في مناطق المعارضة. لكن إقامة مؤسسات الأمم المتحدة في العاصمة السورية، جعلها «أسيرة» قرار الحكومة ومعطياتها وخطابها في السنوات السابقة. منعكسات ذلك، بدأت تظهر أكثر لدى بدء الإعدادات لمواجهة «كورونا».
ثالثاً، استعادت الحكومة السورية معظم النقاط الحدودية والمطارات، لكنها لا تزال بعيداً عن أن تكون جميعها في عهدة دمشق. هناك نوافذ مع العراق وتركيا لا تزال تحت سيطرة الإدارة الكردية أو فصائل معارضة. كان هناك قرار دولي سمح بتمرير المساعدات الدولية عبر الحدود، لكن عدد البوابات المرخصة، قلص بإرادة روسية في بداية العام الجاري، وهو بانتظار التمديد في منتصف العام الماضي. هذا يضيف تعقيدات راهنة.
رابعاً، خروج أكثر من نصف الشعب السوري من بيوتهم. أكثر من 6 ملايين لاجئ في دول الجوار وخارجها والباقي في مخيمات مكتظة في مناطق مختلفة في البلاد. وهناك أيضاً، نازحون في مناطق الحكومة.
خامساً، وجود أزمة اقتصادية تصاعدت في الأشهر الأخيرة جراء طول الحرب والعقوبات الخارجية، إضافة إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي ليصل إلى 1200 ليرة مقابل الدولار، بعدما كان 46 ليرة في 2011. ويثير انقطاع الكهرباء ساعات طويلة قلقاً إضافياً في المنشآت الطبية.
سادساً، عقوبات أميركية وأوروبية على مؤسسات حكومية وشخصيات نافذة أو رجال أعمال بسبب دورهم في الحرب وقرب تطبيق «قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس الأميركي نهاية العام الماضي، الذي يعاقب أي جهة أو شخص بسبب المساهمة في إعمار سوريا. أيضاً، تستمر العزلة السياسية على دمشق وتغيب سفارات معظم الدول الغربية والعربية عنها.
أمام هذا الواقع، سارع كل طرف إلى «تسييس» الحرب على «كورونا». موسكو قادت مع بكين ودمشق حملة لرفع العقوبات عن دمشق. إلى الآن، لم تغث الصين سوريا بطائرة فيها معدات طبية كما فعلت مع إيطاليا. واشنطن ودول غربية بدأت حملة لإطلاق السجناء ووقف النار لـ«محاربة الوباء». أما الأمم المتحدة، فهي منقسمة. العاملون في دمشق يميلون إلى رأي الحكومة. يقودون حملة لـ«رفع العقوبات»، لكنهم لا يخوضون حواراً لدفع الحكومة كي تكون شفافية في التعاطي مع الوباء. عملياً، تدفع هذه المؤسسات إلى المساهمة في معالجة وباء غير موجود رسمياً. قبل أيام حصل اجتماع تنسيقي في دمشق لمؤسسات أممية، غاب عنه كبار المسؤولين السوريين. جرى تكرار المطالب نفسها، لكن من دون حوار يتضمن الوصول إلى ضمانات وتأكيدات بوصول المساعدات إلى جميع الأراضي السورية وقبول تقديمها عبر المعابر الحدودية، إضافة إلى شمول ذلك بإيصال المعدات عبر نقاط التماس إلى مخيم الركبان قرب الحدود الأردنية الذي يضم 45 ألفاً ومناطق شمال غربي سوريا أو شمالها الشرقي، حيث يقيم ملايين السوريين معظمهم نازحون.
لكن ماذا عن الواقع الصحي في سوريا؟ حسب تقرير داخلي للأمم المتحدة وبحث أعده «برنامج أبحاث النزاعات» التابع لكلية لندن للاقتصاد الممول من الخارجية البريطانية، يمكن رسم الصورة الآتية:

- نقاط الدخول
تأثرت المعابر الحدودية بوضوح بتفشي الوباء، مع اتخاذ سوريا والدول المجاورة عدداً من الإجراءات الاحترازية. وأعلن عن وقف الرحلات الجوية إلى مطار دمشق الدولي، مع فرض إجراء حجر صحي إجباري على القادمين من دول بعينها. وأجرت وزارة الصحة فحصاً للعابرين من نقاط عبور برية ومطارات دمشق واللاذقية والقامشلي قبل إغلاقها.
ومنذ 26 يناير (كانون الثاني)، أعلنت الإدارة الذاتية عن إغلاق معبر فيشخابور- سيمالكا البري غير الرسمي أمام جميع صور حركة المرور غير الطارئة، مع استثناء يوم واحد في الأسبوع للحالات الإنسانية. وفي 23 مارس (آذار)، أعلنت الإدارة الذاتية إلغاء هذه التصاريح وإغلاق المعبر لأجل غير مسمى.
حالياً، غالبية الحدود البرية إلى داخل سوريا مغلقة، مع بعض الاستثناءات المحدودة (من الأردن وتركيا ولبنان)، أمام الشحنات التجارية وشحنات الإغاثة وحركة العاملين بالمجال الإنساني والمنظمات الدولية.
وأفادت الأمم المتحدة بفرض بعض القيود على نقاط العبور داخل سوريا، بما في ذلك نقطتا الطبقة والتايهة شمال شرقي البلاد، حيث تنتشر فرق طبية لإجراء عمليات مسح ويجري فرض قيود على حركة المدنيين والسلع والشاحنات. وذكرت تقارير عن تقييد حركة الدخول والخروج في تل عبيد أمام التجار والعاملين بالمجال الإنساني والإداري. وأغلقت نقطة عبور شانان في الرقة، وكذلك أبو زندان وعون أدات (شمال ريف منبج). ورغم التوجيهات الرسمية، وردت أنباء عن بعض الحركة العشوائية حول بعض نقاط العبور، حسب تقرير أممي.

- صورة عامة وذعر
هناك ذعر بدرجات مختلفة وإقبال على شراء الحاجات في دمشق وإدلب والقامشلي. داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، يجري توفير أكثر السلع الأساسية من جانب عدد محدود للغاية من الهياكل الاحتكارية ذات الصلة بمؤسسات حكومية. ويجري دعم أكثر السلع الأساسية وإتاحتها فقط من خلال تلك المنافذ. هناك صفوف من المواطنين في كل مكان للحصول على الحاجات الأساسية، بينما تبدو الأسواق مرهقة. وتسود حالة حادة من الذعر مع إسراع الجميع لشراء وتخزين الإمدادات. ويحمل هذا الأمر صعوبة بالغة نظراً لأن غالبية الأفراد يعيشون على دخل يومي.
ولا يقف وراء حالة الذعر تلك غياب المعلومات، وإنما حقيقة أن الناس ليس أمامهم خيار آخر. في الشوارع، تبدو الحركة طبيعية، لكن المتاجر أغلقت أبوابها جبراً. والمؤكد أن الاستمرار على هذا النحو سيخلق تداعيات اقتصادية بالغة الخطورة، خصوصاً أن معدلات الفقر في سوريا تفوق 80 في المائة.
ارتفعت أسعار الخبز في سوريا كغيره من الحاجات. وحدث نقص في سلع أساسية (بنسب تتراوح بين 10 في المائة و15 في المائة) وكذلك في أدوات التعقيم والحماية الشخصية؛ مثل أقنعة الوجه والقفازات ومطهر اليدين التي ارتفعت أسعارها بنسب بلغت 5000 في المائة.
تشير تقديرات بعض المصادر إلى أنه في سوريا بأكملها فقط 12 ألف سرير في المستشفيات. ووصل إلى دمشق منذ يومين ألف جهاز اختبار، لكن لا تتشارك الحكومة معلوماتها مع أي جهة حتى الآن. وأكدت مصادر في دمشق أنه «لم يجرِ تخصيص أي موارد لمكافحة كورونا بسبب معاناة الموازنة من الإفلاس». وترفض الحكومة إشراك المؤسسات الدولية في جمع المعلومات وإحصاءات أعداد العاملين بالمجال الصحي. وفي الوقت ذاته، فإن الأشخاص الذين يعانون أعراض الفيروس يخشون الذهاب إلى المستشفيات. وبالتأكيد، يحمل هذا المستوى من الخوف تداعيات خطيرة على صعيد أعمال العنف والتصعيد.
يتوقع خبراء دوليون في دمشق أن يصل الوباء إلى ذروته داخل سوريا في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران). لكن حالياً، يجري الحديث عن الالتهاب الرئوي، وليس «كورونا»، تجنباً لإثارة مسألة الاستجابة الحكومية. وتفرض الحكومة حظر تجول جزئياً، لأنه في حال تسبب الفيروس في سقوط المئات أو الآلاف من الوفيات، فإن هناك قلقاً في دمشق من «منعكسات ذلك على الاستقرار للافتقار إلى القدرة على الاستجابة جراء تداعي منظومة الرعاية الصحية والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية المروعة التي سيخلفها الوباء، في وقت أصبحت فيه قدرة البلاد على تحمل أي ضغوط إضافية محدودة للغاية»، حسب مسؤول غربي في دمشق.
يقول «مركز أبحاث النزاعات» إن العدد الأقصى لحالات الإصابة بالفيروس التي يمكن خضوعها للعلاج بصورة في سوريا يصل إلى 6500 حالة. ويضيف: «بمجرد تجاوز عدد الحالات المسجلة الحد المذكور البالغ 6500 حالة، من المتوقع انهيار نظام الرعاية الصحية مع الحاجة اللازمة لاتخاذ القرارات الترشيدية، مع توقعات بارتفاع المعدل الإجمالي للوفيات بما لا يقل عن نسبة 5 في المائة بين الحالات المصابة».
يضاف إلى ذلك، وجود نقص كبير في الوعي العام بمخاطر الفيروس، مع نقص كبير موازٍ في الموارد، وتدهور واضح ومستمر في الأوضاع العامة، الأمر الذي يجعلها معرضة وبشدة لمخاطر تفشي الوباء الفتاك على نطاق كبير تتعذر مواجهته أو تحمله.

- مناطق الحكومة
فرضت الحكومة مجموعة من الإجراءات الوقائية. في 24 مارس، أعلنت فرض حظر تجول ليلي بحلول مساء اليوم التالي. وأعلنت إغلاق جميع المدارس والجامعات والمعاهد حتى 2 أبريل (نيسان) 2020 على الأقل. كما جرى تعليق صلاة الجمعة والتجمعات داخل المساجد وجميع الفعاليات والتجمعات الكبرى وإغلاق جميع المطاعم والمقاهي والأندية الليلية والأندية الرياضية والثقافية. وقلصت مكاتب القطاع العام ساعات العمل بها وفرضت الحكومة تقليص قوة العمل الموجودة بالمكاتب إلى 40 في المائة.
في 22 مارس، أطلقت الحكومة السورية حملة تعقيم في المدارس والسجون والأماكن العامة، مثل المتنزهات ووسائل النقل العام بالمدن الكبرى والسفن التي ترسو بالموانئ. وجرى إرجاء الانتخابات البرلمانية من 13 أبريل حتى 20 مايو. وفرضت الإدارة الذاتية الكردية حظر تجول على المواطنين، بجانب إغلاق المدارس والجامعات والمعاهد.
وأعلنت دمشق عن 5 حالات إصابة مؤكدة فقط بـ«كورونا». لكن كثيراً من المؤشرات يوحي بأن الفيروس أكثر انتشاراً من ذلك بكثير داخل البلاد قياساً إلى الأوضاع في الدول المجاورة يشارك بعضها في العمليات العسكرية في سوريا. وقال المركز: «تواجه إيران تفاقماً كارثياً في أعداد حالات الإصابة بالفيروس، في وقت تشارك فيه بقوات عسكرية في سوريا. حتى وقت قريب للغاية كان الآلاف يتحركون ذهاباً وإياباً بين سوريا والعراق عبر مطار دمشق أو عبر قواعد عسكرية إيرانية في سوريا، خصوصاً في دير الزور الواقعة شرق البلاد، قرب الحدود مع العراق». ولوحظ أن دمشق قررت قبل أيام وضع أكثر من 100 شخص بالحجر الصحي بعد وصولهم من طهران.
الإعلان عن وجود إصابات أخذ منحى تدرجياً. في البداية اتخذت دمشق الإجراءات الوقائية قبل الإعلان عن إصابات. وكان لافتاً أنه بالتزامن مع نفي دمشق وجود مصابين أعلنت باكستان بداية الشهر، أن 7 أشخاص قادمين من سوريا تأكدت إصابتهم بالفيروس. وفي 24 مارس، أعلنت بغداد عن حالتي إصابة لشخصين جاءا من سوريا. وقال «مركز أبحاث النزاعات»: «هناك أدلة شفهية مهمة من داخل مناطق تخضع للسيطرة الحكومية حول وجود أفراد تظهر عليهم أعراض حادة للفيروس بعضهم توفي بالفعل. وهناك ارتفاع حاد في الوفيات الناجمة عن عدوى رئوية والالتهاب الرئوي بين مرضى تتجاوز أعمارهم 60 عاماً، ظاهرة قائمة عبر أرجاء مختلفة من البلاد». ونقل عن شخصين في «مستشفى المجتهد» في دمشق أنهما تلقيا «أوامر شفهية» من ضباط بالاستخبارات بدفن هذه القصص مع الموتى وعدم دق أي أجراس خطر» عبر وسائل الإعلام.

- مخيمات ولاجئون
هناك 71 ألف شخص لا يزالون مشردين بلا مأوى في شمال شرقي البلاد و15 ألفاً موزعون في مآوٍ جماعية، إضافة إلى مائة ألف يعيشون في 4 مخيمات للإيواء. وبالتنسيق مع الجهات الصحية، وضعت منظمة الصحة العالمية خطة للتوعية بمخاطر «كورونا» في المخيمات والملاجئ الجماعية. وجرى توزيع مواد المعلومات، والتعليم والاتصالات ذات الصلة بتعزيز النظافة الشخصية على نطاق واسع داخل المخيمات والمرافق المدعومة، وتم تقاسمها مع السلطات بغية تعميمها على نطاق أوسع. كما جرى توسيع نطاق التعزيز والتوعية بشأن النظافة العامة داخل المخيمات.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) حذرت من أن مئات آلاف الأشخاص في شمال شرقي سوريا يواجهون مخاطر متزايدة بالإصابة بـ«كورونا» بسبب انقطاع إمدادات المياه.
ومنذ عدة أيام، أوقفت محطة مياه العلوك لإمدادات المياه في رأس العين، المدينة الواقعة على الحدود السورية - التركية والخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل سورية مدعومة من أنقرة، ضخ المياه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية السورية. وأكد «المرصد» أن انقطاع المياه قررته تركيا.
وتؤمن محطة العلوك المياه لنحو 460 ألف نسمة، بينهم سكان مدينة الحسكة ومخيم الهول للنازحين، حيث يقيم الآلاف من عائلات عناصر «داعش». وأسفرت ضغوط عن إعادة تشغيل المحطة. لكن الإدارة الكردية حذرت من أن المناطق الخاضعة لسيطرتها غير مجهزة بشكل كافٍ لمواجهة احتمال انتشار الوباء. وقال الجنرال مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يدعمها التحالف الدولي بقيادة أميركا، إن «خطر انتشار الفيروس لدينا وارد جداً. لهذا قامت الإدارة باتخاذ عدة إجراءات مهمة من أجل مكافحة انتشار هذا الفيروس»، داعياً السكان إلى عزل أنفسهم في المنازل.

- «الكارثة الحقيقية»
للوضع الإنساني في «مثلث الشمال» في إدلب وبين أرياف حماة وحلب واللاذقية، حالة خاصة، بسبب الاكتظاظ البشري، حيث يقيم 3.5 مليون سوري معظمهم نازحون، وكان مسرحاً للعمليات العسكرية قبل وقف النار بموجب تفاهم روسي - تركي، إضافة إلى وجود تنظيمات مدرجة على قائمة مجلس الأمن بأنها «إرهابية».
منذ بداية العام، نزح أكثر من مليون مدني وهناك 60 ألفاً يعيشون في الحقول المفتوحة والمدارس والمساجد. وجرى إغلاق 62 منشأة صحية على مدار الشهرين الماضيين. كما فقد كثير من عمال الرعاية الصحية حياتهم أو أجبروا على الفرار خشية على أعمارهم. ونتيجة لذلك، لا يوجد في هذه المناطق أكثر من 166 طبيباً و64 منشأة صحية، من الذين يعملون بالحد الأدنى من البنية التحتية الممكنة بقدرات متدنية للغاية، حسب «برنامج أبحاث النزاعات». وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق المتوسط: «بدأ اختبار الحالات المُشتبه في إصابتهم بالفيروس في شمال غربي سوريا منذ يومين بعد وصول شحنة من 300 اختبار إلى أحد شركاء المنظمة. وسيصل 600 اختبار إضافي إلى المختبر في إدلب، ومن المقرر وصول شحنة من 5000 اختبار إلى مدينة إدلب الأسبوع المقبل. وتم توزيع معدات الوقاية الشخصية بالفعل على 21 مرفق رعاية صحية، كما تم شحن معدات وقاية شخصية إضافية للعاملين الصحيين في مدينتي إدلب وحلب هذا الأسبوع».
وتعاني المنظمات الصحية السورية غير الحكومية مع مديرية الصحة في إدلب من نقص مزمن في عدد الموظفين مع قلة التمويل. وقال الدكتور منذر خليل، رئيس المديرية الصحية في إدلب، إن «احتمالات تفشي فيروس كورونا مرتفعة للغاية» وسط مخاوف من كارثة. وحذر خليل من صعوبة أن تعمل خطة الاستجابة الطارئة بفاعلية كاملة في غياب الدعم الكامل من الجهات المانحة الدولية، وذلك بسبب تدهور قدرة المرافق الصحية الوطنية، ونقص الممرضين المدربين، ونقص وحدات العناية المركزة والتعطل المستمر لشبكات المياه والكهرباء، والحركة المستمرة للمواطنين النازحين داخلياً، مع عدم قدرة كثير من الناس على التكيف مع الضغوط الاقتصادية الناشئة عن العزل الذاتي مع تعليق الأنشطة الاقتصادية.
وتنظر منظمات المجتمع المدني في شراء أطقم الاختبار من الأسواق التركية، نظراً لانعدام الثقة مع دمشق. ودشنت حملات توعية مع تطوير كثير من استراتيجيات الاستجابة الأخرى التي تستكمل جهود مديرية الصحة في إدلب والمنظمات الصحية غير الحكومية الأخرى حيال مكافحة الوباء. كما قام عناصر «الدفاع المدني» بتعقيم مخيمات وأماكن مدمرة مستفيدين من وقف النار الذي قام وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بزيارة دمشق التقى خلال الرئيس بشار الأسد لتأكيد تثبيتها حالياً.


مقالات ذات صلة

أكثر من 50 زعيماً سابقاً يطلقون نداء لحماية العالم من الجوائح

العالم المقر الرئيسي لـ«منظمة الصحة العالمية» في جنيف (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 50 زعيماً سابقاً يطلقون نداء لحماية العالم من الجوائح

أطلق أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة سابقين نداءً رسمياً وعاجلاً، الأربعاء، للتوصل إلى اتفاق دولي لمنع ظهور جوائح جديدة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق الوباء الرهيب قصَّر أعمارنا (أ.ف.ب)

«كورونا» خفَّضت أعماركم عاماً ونصف عام!

انخفض متوسّط العمر المتوقَّع الذي كان يزداد منذ عقود في مختلف أنحاء العالم، بشكل مفاجئ عامَي 2020 و2021 في خضمّ أزمة «كوفيد - 19»، وفق دراسة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك لقاح «كورونا» (إ.ب.أ)

لم يعان أي آثار جانبية... ألماني يتلقى لقاح كورونا 217 مرة

تلقّى رجل ألماني يبلغ من العمر 62 عاماً لقاح كورونا 217 مرة لكنه لم يعان أي آثار جانبية نتيجة لذلك

«الشرق الأوسط» (برلين)
علوم انخفضت أسعار «قرود المختبرات» مع معاناة قطاع الدواء في الصين (رويترز)

ما العلاقة بين تراجع «كورونا» وانخفاض أسعار القرود في الصين؟

ألقى بطء حركة الأبحاث الطبية في الصين في فترة ما بعد جائحة «كورونا» بظلاله على سوق فريدة من نوعها، حيث انخفضت أسعار «قرود المختبرات».

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك الأطفال الذين ولدوا خلال الإغلاق لديهم المزيد من الميكروبات المفيدة المكتسبة من أمهاتهم (رويترز)

دراسة: الأطفال المولودون خلال إغلاق «كورونا» طوّروا حماية أعلى ضد الحساسية

أظهرت دراسة جديدة أن عملية الإغلاق التي فُرضت خلال جائحة «كوفيد - 19» أدخلت تغييرات في صحة الأطفال حديثي الولادة «ربما تحميهم من الإصابة بالحساسية».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
TT

«الرئاسي اليمني» يقيّم الأداء... والزنداني وزيراً للخارجية

دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة غربية استهدفت موقعاً حوثياً في صنعاء (رويترز)

تحدث إعلام الجماعة الحوثية في اليمن عن تلقي ضربة في صعدة، الأربعاء، وصفها بالأميركية والبريطانية، وذلك غداة تبني الجماعة مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين شدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني - من جهته - على أهمية الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد وتكافؤ الفرص، صدر قرار رئاسي قضى بتعيين شائع الزنداني وزيراً للخارجية وشؤون المغتربين، خلفاً لأحمد عوض بن مبارك الذي كان تم تعيينه في وقت سابق رئيساً للحكومة اليمنية.

وشغل الزنداني حتى تعيينه، منصب سفير اليمن لدى السعودية، وهو أكاديمي من الجيل المخضرم في الدبلوماسية اليمنية، حيث شغل منصب السفير في دول عربية وأوروبية، كما سبق له أن شغل منصب نائب وزير الخارجية في حكومات يمنية سابقة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عقد اجتماعاً برئاسة رشاد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بينما غاب بعذر عضوا المجلس سلطان العرادة وطارق صالح.

ونقلت وكالة «سبأ» أن اجتماع مجلس الحكم وقف أمام تطورات الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والأمنية والعسكرية، والإجراءات التنفيذية المطلوبة لمواصلة وفاء الدولة بالتزاماتها الحتمية خلال المرحلة المقبلة.

وطبقاً للوكالة «ناقش مجلس القيادة الرئاسي، عدداً من المقترحات والتقارير المقدمة من رئيس المجلس وأعضائه بشأن بعض الاستحقاقات المؤجلة، والتقييمات الإضافية للأداء التنفيذي خلال المرحلة الماضية ومدى الالتزام بقرارات وتوصيات وموجهات المجلس على مختلف المستويات».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وشدد «الرئاسي اليمني» على ضرورة الالتزام الصارم باللوائح والنظم القانونية، واعتماد مبادئ الحكم الرشيد، والعدالة وتكافؤ الفرص في مؤسسات الدولة كافة بما يحقق المصلحة العامة، ويعزز من فاعلية وشفافية ونزاهة الأجهزة الحكومية، وقدرتها على مواجهة التحديات، والتخفيف من معاناة المواطنين التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

غارة في معقل الحوثيين

في ظل التصعيد البحري الحوثي والضربات الغربية المضادة، أقرّ إعلام الجماعة، الأربعاء، بتلقي غارة وصفها بالأميركية والبريطانية، استهدفت موقعاً في منطقة القطينات التابعة لمديرية باقم في محافظة صعدة حيث معقل الجماعة.

ولم يشر الإعلام الحوثي إلى تفاصيل أخرى في شأن آثار الغارة، كما لم يتبن الجيش الأميركي على الفور تنفيذها، إلا أنه يشن منذ 12 يناير (كانون الثاني) ضربات شبه يومية للحد من قدرات الحوثيين، إلى جانب عمليات التصدي للهجمات التي بات يشارك فيها الأوروبيون.

وإذ تأمل الولايات المتحدة أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كانت فرضت، الثلاثاء، عقوبات جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب على وسطاء ماليين وتجاريين على علاقة بجماعة الحوثي و«فيلق القدس» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، استهدفت العقوبات ستة كيانات وفرداً وناقلتين، قالت إنهم شاركوا في تسهيل شحنات السلع والمعاملات المالية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان: «سنواصل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لاستهداف أولئك الذين يشحنون البضائع غير المشروعة لصالح الجماعات الإرهابية».

وتأتي هذه التطورات مع تعاظم الشكوك في الشارع اليمني حول إمكانية جنوح الحوثيين للسلام، ووسط المخاوف من عودة القتال على نطاق واسع إذا لم تتمكن المساعي الأممية من احتواء التصعيد.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، تبنى في بيان، الثلاثاء، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران (إ.ب.أ)

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن وهددت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وأُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبّب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس (آذار) الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة. في حين أطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

وأطلق الاتحاد الأوروبي - من جهته - مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة فرنسا، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت، مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.


معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
TT

معسكرات الصيف الحوثية تتربّص بمستقبل اليمنيين

تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن 4.5 مليون طفل يمني لا يذهبون إلى المدارس (منظمة حماية الطفولة)

تستعد الجماعة الحوثية لإنهاء العام الدراسي في مناطق سيطرتها بعد أيام قليلة، بالتزامن مع تحضيراتها المكثفة لإطلاق المراكز الصيفية التي تتربص بمستقبل أطفال اليمن، حيث تحشد عدداً كبيراً منهم للمشاركة في برامجها، بعدما أقدمت على تغيير التقويم الدراسي خلال الأعوام الماضية.

يبدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة منتصف الصيف، لينتهي مع بدايات الربيع، لإتاحة المجال لتنظيم المراكز الصيفية التي تستخدمها الجماعة للترويج لمشروعها، وتقديم دروس ومناهج مستمدة من منشوراتها وأدبياتها ذات المضمون الطائفي.

جندت الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية آلاف المراهقين ضمن حملاتها لحشد المقاتلين بزعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

أعلن قطاع التربية والتعليم التابع للجماعة منذ ثلاثة أسابيع بدء إجراءات التحضير لاختبارات نهاية العام الدراسي الحالي. ومن المقرر أن تبدأ اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية بعد عيد الفطر بأسبوعين، وهي الفترة نفسها التي تعتزم فيها الجماعة إطلاق المراكز الصيفية.

تقول مصادر تربوية إن مكاتب التعليم التابعة للجماعة في محافظات صنعاء وعمران وحجة والمحويت وجهت المدارس بالبدء بتسجيل الطلاب والطالبات في المراكز الصيفية، وتتوقع أن تكون التوجيهات شملت باقي المحافظات.

التحضيرات للمراكز الصيفية هذا العام تتضمن وفق المصادر ذاتها تحديثاً للمناهج الدراسية المقدمة حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومزاعم الجماعة بمناصرة أهالي القطاع بتنفيذ هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل.

وتأتي المراكز الصيفية التي تنظمها الجماعة هذا العام بعد أن تمكنت من حشد وتجنيد آلاف الأطفال تحت اسم مناصرة غزة، وسط تحذيرات دولية وأممية من أن الخطر يحدق بجيل بأكمله في اليمن.

وتفيد تصريحات قيادات حوثية بتجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد تحت اسم مناصرة غزة، في حين تحدث زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي عن أن مخرجات الورش والدورات التدريبية التي نظمتها جماعته في الشأن ذاته شملت أكثر من 282 ألف متدرب، وتنظيم 350 عرضا عسكريا، و719 مناورة و652 مسيرا عسكريا.

فتيات خارج التعليم

منذ أكثر من عامين هجرت سمية بشير المدرسة وبدأت العمل ضمن مشروع إعداد طعام منزلي مع زميلات لها في العاصمة صنعاء، رغم أن والدتها تعمل معلمة، ووالدها موظف عمومي في قطاع النقل؛ لكن انقطاع رواتب الموظفين العموميين أجبر العائلة على القبول بالأمر الواقع.

يتعرض الأطفال النازحون في اليمن للحرمان من التعليم أكثر من غيرهم (أ.ف.ب)

يقول بشير والد سمية، وكلاهما اسمان مستعاران، إن عائلته اضطرت إلى القبول بالأمر الواقع بعد نقاشات كثيرة مع ولديه، فهو اضطر للعمل في محل تجاري، بينما تعمل زوجته في مدرسة خاصة بمقابل لا يساوي حتى ثلث راتبها المتوقف منذ ما يقارب الثمانية أعوام، بينما تتزايد متطلبات الحياة، ومنها مصاريف دراسة هشام في الجامعة وسمية في الثانوية.

وسمية واحدة من بين ما يقرب من مليون ومائتي ألف فتاة في سن الدراسة باليمن خارج المدرسة الآن، بسبب الفقر، والصراع، ونقص فرص التعلم، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف) أواخر العام الماضي، بينما ذكرت أخيراً أن 30 في المائة من الفتيات في اليمن يتسربن من التعليم بسبب الزواج المبكر.

اضطرت العائلة للموافقة على اقتراح سمية أن تتوقف عن الدراسة لعام أو عامين على الأكثر مقابل أن تشارك في مشروع الطعام المنزلي ريثما يكمل شقيقها دراسته الجامعية، لينتقل الدور إليه بعد ذلك في تحمل المسؤولية والعمل ومساعدتها في إكمال تعليمها.

يتسبب الزواج المبكر في حرمان الفتيات في اليمن من إكمال تعليمهن بالإضافة إلى عوامل أخرى (الأمم المتحدة)

ويخشى والدا سمية أن تغري العوائد التي تحصل عليها ابنتهما من عملها في عدم إكمال تعليمها، ويشعر الاثنان بالخجل أمام المحيط الاجتماعي لاضطرارهما قبول تحملها جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذه السن المبكرة وهجرة التعليم، خصوصاً وأن والدتها قضت ما يقارب العقدين من عمرها في التعليم.

وارتفع إجمالي الأطفال المتسربين من المدارس وفقاً لليونيسيف خلال أعوام الحرب من 890 ألف طفلة وطفل في عام 2015، إلى 2.7 طفلة وطفل خلال العام الماضي، بينما تقدر الحكومة اليمنية عدد الذين لا يذهبون إلى المدارس بـ2.6 مليون طفل وطفلة منهم 1.4 مليون من الأطفال النازحين.


طائرات أميركية وبريطانية تقصف منطقة بمحافظة صعدة في شمال غربي اليمن

طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
TT

طائرات أميركية وبريطانية تقصف منطقة بمحافظة صعدة في شمال غربي اليمن

طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)
طائرة أميركية تقلع لتنفيذ غارة ضد أهداف تتبع جماعة «الحوثي» اليمنية (حساب القيادة المركزية الأميركية على منصة إكس)

أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين، اليوم (الأربعاء)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنّت غارة على مديرية باقم في محافظة صعدة بشمال غرب اليمن.

وذكرت القناة أن الغارة الأميركية - البريطانية استهدفت منطقة القطينات في باقم، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.

ووجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.

وتعرضت سفن عدة في البحر الأحمر لهجمات من قِبل جماعة «الحوثي» التي تقول إن الهجمات تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.


تقرير دولي: 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس

يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
TT

تقرير دولي: 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس

يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)
يتسرب الفتيان والفتيات في اليمن من التعليم لمساعدة عائلاتهم (إ.ب.أ)

أظهرت بيانات وزعتها منظمة دولية معنية بالطفولة أن 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس، وذكرت أن ثلث الأسر أبلغت بأن لديها طفلا واحدا على الأقل تسرب من المدرسة، وأن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية جعلت التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثير.

وبحسب تقرير حديث لمنظمة «إنقاذ الطفولة» فإن اثنين من كل خمسة أطفال، أو 4.5 مليون طفل، خارج المدرسة، مع احتمالية تسرب الأطفال النازحين من المدرسة بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم.

76 % من الطلاب النازحين في اليمن أفادوا بأنه لم يتحسن شعورهم بالأمان خلال فترة الهدنة (الأمم المتحدة)

في غضون ذلك بينت منظمة الصحة العالمية أن ثلث الأسر التي شملها الاستطلاع في اليمن لديها طفل واحد على الأقل تسرب من المدرسة في العامين الماضيين على الرغم من الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في عام 2022.

ووفق ما جاء في التقرير فإن الأطراف اليمنية استمرت في الالتزام بعناصر الهدنة الأساسية ولم يشتعل القتال على نطاق واسع من جديد، ومع هذا الالتزام انخفضت معدلات الضحايا، لكن ثلاثة أرباع الطلاب 76 في المائة أفادوا بأن شعورهم بالأمان لم يتزايد، وذكر 14 في المائة من الأسر أن العنف سبب مباشر للتسرب من المدارس.

وأدى العنف المستمر والاقتصاد المنهار في اليمن وفق هذه البيانات إلى دفع ثلثي السكان إلى ما دون خط الفقر ونزوح ما يقدر بنحو 4.5 مليون شخص أو 14 في المائة من السكان، وقد نزح معظمهم عدة مرات.

تسرب إجباري

وجد تحليل منظمة «إنقاذ الطفولة» أن الأطفال اليمنيين النازحين معرضون أكثر بمرتين للتسرب من المدارس، وذكرت أنه في حين أن العودة إلى المنطقة الأصلية تقلل من تعرض الأطفال النازحين داخليا للتسرب من المدارس بنسبة 20 في المائة، فإن استمرار انعدام الأمن يمنعهم من العودة إلى ديارهم.

وبحسب التقرير فإن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية تجعل التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، حيث أفاد 20 في المائة من الأسر بأن هذه الرسوم لا يمكن تحملها.

تجبر الجماعة الحوثية الأطفال في مناطق سيطرتها على الانخراط في الصراع (أ.ف.ب)

وقال أكثر من 44 في المائة من مقدمي الرعاية والأطفال الذين شملهم الاستطلاع إن الحاجة إلى دعم دخل أسرهم كانت السبب الرئيسي وراء التسرب من المدارس.

ويذكر هاني (48 عاما)، وهو مدرس، أنه اضطر إلى سحب اثنتين من بناته الأربع من المدرسة بسبب ارتفاع التكلفة. وقال إن المصاريف المدرسية لكل طفل قد تصل إلى أكثر من 25 في المائة من راتبه الذي يساوي نحو 46 دولارا وهذا لا يكفي حتى لتغطية الطعام الذي تحتاجه الأسرة، حيث يبلغ الحد الأدنى لشراء سلة الغذاء لإعالة أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر 85 دولارا في المتوسط ​ استنادا إلى تقرير منظمة «إنقاذ الطفولة».

أما رامي، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما، فيبين أنه اضطر إلى ترك المدرسة لإعالة أسرته. ويقول كيف يمكنني الذهاب إلى المدرسة وأنا أعلم أننا لا نستطيع تغطية نفقاتنا وأن إخوتي بحاجة إلى الطعام، ولهذا يجب أن أترك المدرسة وأن أعمل.

ويقول محمد مناع، المدير القطري المؤقت لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، إنه وبعد تسع سنوات من هذا الصراع المنسي نواجه حالة طوارئ تعليمية لم يسبق لها مثيل. يجب أن تكون آخر النتائج التي توصلنا إليها بمثابة دعوة للاستيقاظ، وعلينا أن نتحرك الآن لحماية هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.

يواجه اليمن حالة طوارئ تعليمية لم يسبق لها مثيل (الأمم المتحدة)

ويضيف مناع «رغم أن الهدنة قللت من بعض أعمال العنف، فإنها لم تحقق على الإطلاق الاستقرار الذي تحتاج إليه العائلات بشدة لإعادة بناء حياتها. قبل كل شيء، تحتاج العائلات في اليمن إلى وقف رسمي لإطلاق النار؛ ودون أن تترك العائلات في طي النسيان».

ويؤكد بالقول «لا يمكننا أن نترك أطفال اليمن الذين لا يتوقون إلى شيء أكثر من الأمان وفرصة التعلم، حيث يغيب عن بالهم مستقبل مليء بالاحتمالات».

ودعت المنظمة الدولية جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك السلطات اليمنية والدول المانحة والمؤسسات والجهات الإنسانية الفاعلة، إلى معالجة هذه التحديات بشكل عاجل. ويشمل ذلك الالتزام بعملية سلام متجددة، وضمان حماية المدارس والطلاب، وزيادة التمويل للتعليم، وتوسيع نطاق التدخلات المتكاملة لحماية الطفل.

10 ملايين طفل

في اتجاه آخر ذكرت منظمة «إنقاذ الطفولة» أن نحو 10 ملايين طفل في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، في وقت لا يزال أكثر من نصف السكان (18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل) بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.

ورأت المنظمة في تقريرها أن الهشاشة تتجلى بشكل أوضح في استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية، حيث يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن، ويحول هذا الوضع دون تمكن الأطفال من النمو إلى أقصى إمكاناتهم في ظل ضرر لا يمكن إصلاحه لنموهم البدني والمعرفي على المدى الطويل.

تهدف اليونيسف لعلاج نصف مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد (الأمم المتحدة)

وتقول كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، «إن المزيج الشرس بين النزاع الذي طال أمده والاقتصاد المنهار ونظام الدعم الاجتماعي الذي أثبت عدم نجاعته كان له تأثير مدمر على حياة الفتيات والفتيان الأكثر هشاشة في اليمن».

وأضافت: «لا يزال عدد كبير جدا من الأطفال محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، الأمر الذي قد يهدد الأجيال القادمة ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتزويد الأطفال بالتدابير الوقائية والعلاج، فهم في أمس الحاجة إليه».

وتهدف اليونيسف هذا العام إلى الوصول إلى أكثر من 500 ألف طفل لعلاجهم من سوء التغذية الحاد الوخيم، باعتبار أن ذلك إجراء حاسم للمساهمة في الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة.

وتعهدت مسؤولة المنظمة بأن تستمر وشركاؤها في تقديم الدعم المنقذ للحياة للمساعدة في ضمان أن الأطفال الذين عانوا كثيراً سينعمون بأيامٍ أكثر إشراقاً في المستقبل، لكنها أكدت أن القيام بذلك يتطلب الدعم المستمر، والالتزام، والتضامن من شركائنا، والمجتمع الدولي قاطبة.


«أمبري»: عدة انفجارات بمحيط جزيرة زقر في اليمن

أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
TT

«أمبري»: عدة انفجارات بمحيط جزيرة زقر في اليمن

أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)
أنباء عن وقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية (إ.ب.أ)

قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، اليوم الثلاثاء، إنها على علم بوقوع عدة انفجارات في محيط جزيرة زقر اليمنية، دون تقديم المزيد من التفاصيل.


أخيراً… مجلس الأمن يستجيب للمطالبات ويضطلع بمسؤولياته

الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
TT

أخيراً… مجلس الأمن يستجيب للمطالبات ويضطلع بمسؤولياته

الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)
الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات في مجلس الأمن خلال الحرب في غزة (رويترز)

بعد 5 أشهر من المطالبات التي بدأتها السعودية ودول عربية وإسلامية، بأن يضطلع مجلس الأمن والمجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، وتأكيدها المستمر على ضرورة إنهاء معاناة الفلسطينيين، وتمكينهم من الحصول على حقوقهم في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، اضطلع مجلس الأمن - أخيراً - بإحدى مسؤولياته، في «استجابة متأخرة للنداءات»، وفقاً لما سمّته المجموعة العربية في مجلس الأمن.

وتبنّى مجلس الأمن الدولي (الاثنين) قراره الأول رقم 2728 الداعي للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وبينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على القرار بعدما عطلت 3 محاولات سابقة لإصدار قرار عبر استخدام حق النقض «الفيتو»، فإن الأعضاء الأربعة عشر الآخرين صوّتوا لصالح القرار، الذي اقترحه الأعضاء العشرة المنتخبون بالمجلس، وطُرح للتصويت (الاثنين) بعد مفاوضات جمعت الأعضاء غير الدائمين في المجلس، مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع الماضي، في محاولة لتجنّب فشل آخر، وفقاً لمصادر دبلوماسية أعربت لوكالات عن تفاؤلها بشأن نتيجة التصويت.

قرار يؤيّد مطالبات الرياض

وكأول بلد يرحب بالقرار الأُممي، قالت الخارجية السعودية إن الرياض ترحب بصدور القرار «الداعي إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان المبارك، بما يؤدي إلى وقفٍ دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وامتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، وتوسيع نطاق تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم»، وجدّد بيان الخارجية السعودية مطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه «وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة».

ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي في إطارٍ يؤيّد المطالبات السعودية منذ اليوم الأول للأحداث في قطاع غزة وجوارها، حيث ركّزت الجهود السعودية في إطار الحرب الدائرة على مبدئين أساسيّين هما (وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في ‫غزة وتوفير الحماية لهم)، وهما ما تضمّنتهما بنود القرار 2728.

زيارات متكررة لوزير الخارجية الأميركي إلى السعودية خلال الفترة الأخيرة (واس)

«تفاؤل حذِر»

ويميل مراقبون إلى أنه بغض النّظر عن تفسيرات القرار والقراءات المختلفة له، فإن عدم استخدام واشنطن حق النقض «الفيتو»، وإصدار المجلس قراراً يدعو لأول مرة إلى وقف فوري لإطلاق النار يؤدي في نهاية المطاف إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، ويسلّط الضوء على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الرهائن، أمر يُعد تطوّراً لافتاً في تاريخ المجلس الذي لم يغيّر من واقع الحرب التي تستمر منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وخلّفت ضحايا وصل عددهم إلى 32333 شخصاً، فيما بلغ عدد الجرحى 74694، وفق أرقام رسميّة.

«تفاؤل حذِر» لدى المحلل السياسي نضال السبع، في وقتٍ حضر فيه التفاؤل أخيراً بعد أشهر من الحرب التي لم تتوقّف وبات ثمنها، ليس وقف إطلاق النار والعملية السياسية فقط، وإنما إعادة الإعمار والانتقال إلى حل شامل ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي برمّته.

غياب «الفيتو» يعود للضغوط السعودية

السّبع أشار إلى أن منبع التفاؤل هو عدم استخدام الولايات المتحدة الفيتو وهو «أمر جيد يُحسب للضغوط العربية وخصوصاً السعودية التي تملك أدوات ضغط خاصة ومهمّة مع الولايات المتحدة، ومما لا شك فيه أنها استخدمتها منذ بداية الحرب وحتى صدور القرار دون فيتو أميركي».

لخّص نضال السبع القرار بأنه «ربّما يفتح الأبواب أمام عقد صفقة، وربما يشكل أيضاً مخرجاً لكل الأطراف»، ويرى السبع أن «صيغة القرار 2728 تتناغم مع مفاوضات الدوحة بين الإسرائيليين وحماس برعاية قطرية أميركية مصرية، التي تتحدث المعلومات بشأنها عن التفاوض في الدوحة حول هدنة مؤقتة وإفراج عن عدد محدّد من الأسرى»، ويضيف السبع، طِبقاً لقراءته، أن قرار مجلس الأمن «لم يشر بصراحة إلى وقف شامل لإطلاق النار وتبادل أسرى وفق معادلة الكل مقابل الكل، بل إن الواضح أن القرار تحدث عن وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان وإفراج غير مشروط عن الأسرى».

«ولكن علينا ألّا نفرط في التفاؤل». يشدّد السبع في تأكيد لتفاؤله الحذر، مستطرداً «ونذهب إلى حد أن هناك خلافاً أميركياً إسرائيلياً كبيراً (...) صحيح هناك تباين أميركي إسرائيلي، لأن إدارة الرئيس بايدن تعد استمرار الحرب يصبّ في صالح منافسها المرشّح الرئاسي ترمب، ولكن الإدارة الأميركية ملتزمة في الوقت ذاته بأمن إسرائيل وتوفير كل الغطاء السياسي لها وسوف تستمر في توريد الأسلحة لها».

القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض منتصف نوفمبر الماضي مثّلت أهم تحرك عربي (أ.ف.ب)

هشام الغنام المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، يرى من جانبه أن السعودية عملت على توحيد الموقف العربي والإسلامي خلف 3 أهداف سعت منذ اندلاع الحرب في غزة إلى تحقيقها «وقف العدوان وإدخال المساعدات، ومنع توسُّع الحرب، بالإضافة للشروع فوراً في عملية سلام تؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفق إطار زمني واضح ومعلن»، وعلى الرغم من ذلك فقد اصطدمت جهود الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي الذي قاد اللجنة العربية الإسلامية المشتركة التي جالت العالم لتحقيق تلك الأهداف، بالموقف الأميركي الذي أخذ قرار الفيتو ثلاث مرات.

ما الذي أدّى لامتناع واشنطن عن استخدام حق النقض؟

يجيب الغنّام في 5 نقاط: «الأولى؛ أصبح واضحاً لدى واشنطن أن السعودية لن تقوم بتطبيع علاقاتها بإسرائيل ما لم يتم أولاً وقف العدوان على غزة وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي هذا السياق كان لافتاً تأكيد السعودية على هذا الموقف خلال جميع اجتماعاتها مع الإدارة الأميركية بما في ذلك الاجتماعات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي في جدة قبل 5 أيام فقط من صدور قرار مجلس الأمن».

يتابع الغنام: «العزلة الدولية للولايات المتحدة وإسرائيل، فالأولى أصبحت متهمة في نظر العالم بأنها شريك لإسرائيل في الحرب، خصوصاً أن الدول الأوروبية بما فيها حلفاء واشنطن مثل، بريطانيا وألمانيا، أصبحوا يشاركون المملكة موقفها في الدعوة لوقف إطلاق النار والإسراع بفتح مسار سياسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، وثالثاً «الخلافات الأميركية الإسرائيلية التي تتمحور حول رفض إسرائيل للأخذ بالرأي الأميركي فيما يتعلق بحربها على غزة، حيث إن الرؤية الأميركية تنطلق من فكرة أن الحل العسكري غير ممكن وأن الانتقال للحل السياسي أصبح ضرورة وهو ينسجم مع ما تطالب به السعودية منذ بداية الحرب، لكن إسرائيل لا تريد أي مشروع سياسي ينهي الصراع وهي مصرّة على الحسم العسكري»، ويضيف الغنام أن «الاحتجاجات داخل الحزب الديمقراطي والأوساط السياسية الأميركي، خصوصاً أن غالبية أميركية من الجمهور المؤيد للحزبين تطالب بوقف إطلاق النار، فضلاً عن اتجاه متعاظم داخل الحزب الديمقراطي يرى أن إسرائيل بقيادة حكومة نتنياهو الحالية لا يمكنها التقدم باتجاه السلام مع الفلسطينيين وأنها تحولت إلى عبء على واشنطن».

قرار مجلس الأمن يدعم المطالبات الدائمة بتسهيل دخول المساعدات إلى غزة (إ.ب.أ)

عزلة أميركية وإسرائيلية

ويفسّر الغنام، بأن واشنطن أعطت إسرائيل الوقت الكافي لحسم المعركة لصالحها في غزة، لكن بعد أكثر من 5 أشهر من الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، ولم تنجح إلا في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير مستشفياتهم ومدارسهم ومنازلهم وبناهم التحتية وأصبحت تخوض معهم حرب تجويع لإخضاعهم، لكنها لم تقض على الفصائل المسلحة ولم تنجح في إعادة المحتجزين. لذلك فإنها ترى أن المزيد من الوقت، لن يؤدي إلى نجاح إسرائيل بل إلى عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل عالمياً والمزيد من الضغوط داخلياً على الإدارة الأميركية.


العليمي يشدد على جاهزية الجيش... ويتهم الحوثيين بالرهان على الحرب

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
TT

العليمي يشدد على جاهزية الجيش... ويتهم الحوثيين بالرهان على الحرب

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في عدن مع كبار قادته العسكريين (سبأ)

في سياق التصعيد الحوثي المستمر، تبنت الجماعة الموالية لإيران، الثلاثاء، مهاجمة ست سفن غربية في البحر الأحمر وخليج عدن خلال 72 ساعة، فيما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على جاهزية الجيش خلال اجتماع مع قادته، متهماً الجماعة بالرهان على خيار الحرب.

قائد عسكري يمني يتفقد مقاتليه في إحدى الجبهات (سبأ)

وتبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان، تنفيذ ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة.

وزعم المتحدث الحوثي أن جماعته هاجمت بالصواريخ أربع سفن، هي السفينتان الأميركيتان «مايرسك ساراتوغا» في خليج عدن و«إيه بي إل ديترويت» في البحرِ الأحمر، والسفينة «هوانغ بو» البريطانية في البحر الأحمر، والسفينة «بريتي ليدي».

وكان الجيش الأميركي أفاد، في بيان سابق، بأن السفينة «هوانغ بو» ناقلة نفط صينية وتديرها الصين، بخلاف مزاعم الحوثيين، حيث أدى صاروخ إلى اندلاع حريق على متنها، قبل أن يتمكن الطاقم من إخماده.

إلى ذلك زعم المتحدث الحوثي أن جماعته هاجمت بالطائرات المسيرة مدمرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر، كما نفذت هجوماً صاروخياً باتجاه إسرائيل ضد عدد من الأهداف في منطقة إيلات.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين تبنى مهاجمة 6 سفن خلال 3 أيام (أ.ف.ب)

وتبنّت الجماعة حتى الآن مهاجمة نحو 80 سفينة، وهدد زعيمها بتوسيع الهجمات؛ من البحر الأحمر وخليج عدن إلى المحيط الهندي.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

خبراء بيئة بالقرب من سفينة «روبيمار» البريطانية الغارقة في البحر الأحمر جراء قصف حوثي (أ.ف.ب)

كما أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة «أسبيدس»، في منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتشارك حتى الآن في المهمة البحرية فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شن ضربات ضد الحوثيين، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

تعزيز الردع

وتؤكد الحكومة اليمنية أن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيرانية لا علاقة لها بمناصرة الفلسطينيين في غزة، وترى أن الضربات الغربية غير مجدية، كما تشدد «على أن تأمين مدن الموانئ والمياه الإقليمية يجب أن يمر عبر دعم الحكومة وتعزيز قدراتها في استعادة نفوذها على كامل التراب الوطني».

ومع المخاوف من عودة القتال، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، في عدن، اجتماعاً موسعاً بقيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، ورؤساء الهيئات، وقادة القوات والمناطق والمحاور العسكرية وهيئة العمليات المشتركة.

ورأى العليمي خلال اللقاء في المحافظات الجنوبية المحررة «مركز الثقل» في المعركة لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق تطلعات اليمنيين في الحرية والمساواة والاستقرار والتنمية.

يحشد الحوثيون المزيد من المجندين من كافة الأعمار تحت مزاعم مواجهة إسرائيل وأميركا وبريطانيا (أ.ف.ب)

وقال إن لقاءه بقادته العسكريين «يأتي في ظل تحديات متشابكة»، وأشار إلى «ما تتطلبه المؤسسة العسكرية للاستجابة الفاعلة لمتغيرات المرحلة، وتداعياتها بما في ذلك تعزيز قدرات الردع والجهوزية العالية لأي خيارات»، وهو تلميح بإمكانية عودة القتال ضد الحوثيين.

واتهم رئيس مجلس الحكم اليمني الجماعة الحوثية بأنها «لا تزال تراهن على خيار الحرب، رغم فشلها الذريع على مدى السنوات الماضية» التي قال إنها «لم تأت سوى بمزيد من التنكيل والانتهاكات، والمعاناة والتضييق على فرص مساعدة الشعب خصوصاً في المناطق الخاضعة لها بالقوة».

وشدد العليمي على مضاعفة العمل، وأكد المضي قدماً في برنامج توحيد القوات المسلحة والأمن وكافة التشكيلات العسكرية وإعادة تنظيمها وتكاملها تحت مظلة وزارتي الدفاع والداخلية، وفقاً لما نص عليه إعلان نقل السلطة.

التزام باستعادة الدولة

في ضوء التصعيد الحوثي البحري وتهرب الحوثيين من إنجاز السلام، أبلغ عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح السفراء الأوروبيين لدى اليمن خلال اتصال مرئي، أن المجلس «ملتزم بمعركة اليمنيين الوطنية لاستعادة الدولة التي تحترم نفسها وشعبها، وتلتزم بالمواثيق الدولية والتزاماتها تجاه شعوب ودول العالم بالسلم أو الحرب».

وذكر الإعلام الرسمي أن طارق صالح ناقش مع السفراء التطورات التي تحيط معركة اليمنيين لاستعادة دولتهم، وحروب الحوثيين ضد المواطنين والأحزاب والمذاهب والأقليات، إضافة إلى أحداث البحر الأحمر.

وقال صالح: «في الوقت الذي قدمت فيه كل أطراف الشرعية التنازلات للقبول بخريطة طريق لاستعادة الدولة اليمنية وبناء السلام بما يحقق مصالح اليمنيين والأشقاء في المنطقة، دفعت إيران بالحوثي لاستهداف الممرات التجارية الدولية في البحر، ونقل الحرب - التي تعصف باليمن منذ تأسيس هذه الجماعة في 2004 - إلى مستوى يضر بمصالح العالم».

يزعم الحوثيون أن هجماتهم البحرية ضد السفن مناصرة للفلسطينيين في غزة (إ.ب.أ)

وأكد صالح أن الحل الوحيد هو دعم الشرعية لبسط نفوذها على كامل الأراضي اليمنية، وقال: «نحن لسنا بحاجة لجيوش تحارب بدلاً عنا، ولا نطالب إلا برفع الغطاء الذي قدمه المجتمع الدولي للحوثي».

وأضاف: «يحاول (الحرس الثوري) الإيراني تسويق أدواته في المنطقة ضمن الصراعات الدولية بين الشرق والغرب، لكنه فشل حتى الآن، فالجميع متضرر من هذه العمليات الإرهابية وآخرها الصين التي تعرضت سفنها لذات الأضرار التي تعرضت لها بقية الدول».

ومع تصعيد الحوثيين المدعومين من إيران، قال صالح إن كل ذلك «يجعل من الحديث عن خريطة الطريق أمراً مستحيلاً، فالسلام بحاجة لتوازن في الردع، والحوثي لم يتنازل في أي مرحلة إلا تحت ضغط المعارك التي لم يصمد في أيٍّ منها من الحديدة وحتى شبوة ومأرب».


بينها مدمرتان أميركيتان... الحوثيون يهاجمون 6 سفن خلال 72 ساعة

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

بينها مدمرتان أميركيتان... الحوثيون يهاجمون 6 سفن خلال 72 ساعة

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن في البحر الأحمر (رويترز)

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (الثلاثاء)، أنها نفّذت ست هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد سفن، بينها مدمرتان أميركيتان، في خليج عدن والبحر الأحمر خلال 72 ساعة؛ وذلك دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وأوضحت الجماعة في بيان أنها هاجمت بالصواريخ أربع سفن، منها السفينتان الأميركيتان «مايرسك ساراتوغا» في خليج عدن و«إيه بي إل ديترويت» في البحرِ الأحمر، والسفينة «هوانغ بو» البريطانيةُ في البحرِ الأحمرِ، والسفينة «بريتي ليدي» التي كانت تقول إنها كانت متجهة إلى موانئ إسرائيل.

وذكر البيان، الذي نشره المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع على منصة «إكس»، أن الجماعة هاجمت بالطائرات المسيّرة مدمرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر.

كما أشار إلى أن الحوثيين نفذوا هجوماً صاروخياً استهدف عدداً من الأهداف في منطقة إيلات بجنوب إسرائيل.

وتعرّضت سفن عدة في البحر الأحمر لهجمات من قِبل جماعة الحوثي التي تقول إنها تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ووجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على مواقع للحوثيين بهدف تعطيل وإضعاف قدرات الجماعة على تعريض حرية الملاحة للخطر وتهديد حركة التجارة العالمية.


معلم يمني يفارق الحياة في سجن حوثي بصنعاء

يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
TT

معلم يمني يفارق الحياة في سجن حوثي بصنعاء

يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)
يتهم الحوثيون بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتهم بما في ذلك تفجير المنازل (إ.ب.أ)

فارق معلم يمني الحياة في أحد سجون الجماعة الحوثية، بعد ستة أشهر من خطفه وإخفائه، ليكون بذلك خامس ضحية يقضي في المعتقل خلال نحو 70 يوماً، في وقت تتهم فيه الحكومة اليمنية الجماعة بقتل 350 مختطفاً تحت التعذيب.

وتزيد الحادثة مخاوف أسر ومؤيدي رئيس نادي المعلمين اليمنيين والقاضي المعارض عبد الوهاب قطران اللذين أودعا سجون المخابرات الحوثية منذ عدة أشهر؛ بسبب مطالبتهما بصرف رواتب الموظفين المقطوعة منذ نهاية عام 2016.

استحدثت الجماعة الحوثية عشرات المقابر في مناطق سيطرتها (إ.ب.أ)

وأفاد ناشطون يمنيون بأن صبري الحكيمي، وهو كبير المدربين في وزارة التربية والتعليم، توفي في ظروف غامضة في إحدى زنازين جهاز مخابرات الحوثيين، وطالبوا بفتح تحقيق شفاف في أسباب وفاته وتشريح جثته على يد الطبيب الشرعي للمساعدة في معرفة أسباب الوفاة.

ووفق بيان وقعه العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والكتاب، فإن الحوثيين اقتادوا الحكيمي قبل ستة أشهر إلى أحد سجون جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، ولم تعلن أسرته عن الحادثة نزولاً عند نصيحة مقربين بتجنب إثارة القضية إعلامياً؛ لأن ذلك سيساعد على إقناع الحوثيين بإطلاق سراحه لكن ذلك لم يتم.

الموقعون على البيان قالوا إنهم صدموا بخبر وفاة الحكيمي في سجون المخابرات الحوثية، حيث لم يعرفوا بخبر اعتقاله إلا في يوم وفاته، ونبهوا إلى زيادة حالات الوفاة في هذه السجون، حيث كان آخر الضحايا زيدون جحاف وهشام الحكيمي مسؤول السلامة في منظمة «إنقاذ الطفولة».

وبيّنوا أن ذلك يجعل من الدعوة إلى إجراء تحقيق شفاف حول أسباب الوفاة في جهاز المخابرات والأمن الحوثي مسألة في صميم مهام كل العاملين في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات المدنية في اليمن.

وبحسب ما قاله نشطاء في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن مخابرات الحوثيين عمدت خلال السنة الماضية إلى إبلاغ أسر الأشخاص الذين تعتقلهم بأن عدم إثارة قضاياهم في وسائل الإعلام سيكون ضمانة لحسن المعاملة ويختصر فترة اعتقالهم.

تنديد حكومي

في أول رد رسمي، أدان وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، الواقعة بأشد العبارات، مشيراً إلى أن المعلم والتربوي صبري الحكيمي توفي تحت التعذيب والإهمال وانعدام الرعاية الصحية، بعد 6 أشهر من اختطافه وإخفائه.

تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية قتلت 350 معتقلاً تحت التعذيب (أ.ف.ب)

وأوضح الإرياني في تصريح رسمي أن هذه الحادثة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، حيث «لم تراع ميليشيا الحوثي الإرهابية المكانة العلمية والتربوية، ولا الوضع الصحي للحكيمي، في امتداد لمسلسل جرائمها النكراء التي ارتكبتها بحق اليمنيين، والتي لن تمر دون عقاب، وسيأتي اليوم الذي سيقدم المسؤولون عنها للمحاسبة»، وفق تعبيره.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن وزارة حقوق الإنسان رصدت أكثر من 350 جريمة قتل تحت التعذيب من إجمالي 1635 حالة تعرضت للتعذيب في معتقلات الحوثيين. وأضاف أن منظمات حقوقية متخصصة وثقت قيام الحوثيين بارتكاب جريمة الإخفاء القسري بحق 2406 من المدنيين في معتقلاتهم غير القانونية، وأن 32 مختطفاً تعرضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، علاوة على تسجيل 79 حالة وفاة للمختطفين، من بينها 31 حالة وفاة بنوبات قلبية بسبب الإهمال الطبي.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي ومنظمات حقوق الإنسان وكل الحقوقيين والنشطاء في العالم، بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت الذي شجع ميليشيا الحوثي على ممارسة الفظائع بحق المدنيين».

كما طالب الوزير اليمني المجتمع الدولي بالشروع الفوري في تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية»، وتكريس الجهود لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية لاستعادة الدولة وإرساء الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.

وجدت الجماعة الحوثية في الحرب على غزة فرصة للتنكيل بمعارضيها (إ.ب.أ)

ومع شيوع نبأ الوفاة الغامضة لكبير مدربي وزارة التربية والتعليم، زادت المخاوف على حياة وسلامة رئيس نادي المعلمين اليمنيين عبد القوي الكميم، والذي يعاني من متاعب صحية استدعت نقله أكثر من مرة من الزنزانة إلى المستشفى، حيث اعتقله الحوثيون وأربعة من مساعديه بسبب قيادته احتجاجات المعلمين المطالِبة بصرف رواتبهم التي قطعها الحوثيون منذ 8 أعوام.

كما حذر نشطاء وكتاب يمنيون من تدهور صحة القاضي عبد الوهاب القطران الذي أمضي نحو شهرين في سجون الحوثيين بسبب كتابته منشوراً انتقد فيه مهاجمة الحوثيين الملاحة في جنوب البحر الأحمر، وطالب بصرف رواتب الموظفين.


تحويل مساجد في صنعاء إلى ثكنات للاستقطاب والتعبئة

اختتام دورة صيفية حوثية في «الجامع الكبير» بصنعاء (إعلام محلي)
اختتام دورة صيفية حوثية في «الجامع الكبير» بصنعاء (إعلام محلي)
TT

تحويل مساجد في صنعاء إلى ثكنات للاستقطاب والتعبئة

اختتام دورة صيفية حوثية في «الجامع الكبير» بصنعاء (إعلام محلي)
اختتام دورة صيفية حوثية في «الجامع الكبير» بصنعاء (إعلام محلي)

أفادت مصادر يمنية مطلعة، في صنعاء، بأن الجماعة الحوثية حوَّلت كثيراً من المساجد في العاصمة المختطفة إلى ثكنات للاستقطاب والتعبئة؛ حيث جمعت نحو ألف مراهق في مساجد المدينة لتلقِّي دروس ذات منحى طائفي.

يأتي ذلك ضمن ما يسمى «برنامجاً فكرياً» مكثفاً تنفذه الجماعة الحوثية خلال ليالي وأيام شهر رمضان، ويحوي سلسلة دورات وحلقات تعبئة وغسل فكري وتحشيد إلى جبهات القتال.

يكرس الحوثيون جهدهم من أجل تطييف المجتمعات المحلية الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وتحت مزاعم تحرير فلسطين ونصرة غزة، كشفت المصادر في صنعاء عن استقدام الجماعة، عبر ما تسمى هيئة الأوقاف المستحدثة التي يديرها القيادي عبد المجيد الحوثي، مئات المراهقين، من صنعاء وريفها، ومحافظات عمران وذمار وحجة والمحويت، وتوزيعهم على المساجد لتلقي الدروس التعبوية.

ووفقاً للمصادر، تم نقل 250 مراهقاً إلى «الجامع الكبير» في الحي القديم من المدينة و«جامع الصالح» (أكبر مساجد صنعاء) لتلقي الدروس والمحاضرات اليومية المحرضة على العنف والقتل والكراهية.

وكانت تقارير حكومية قد حذَّرت من خطورة استمرار تحويل دور العبادة والمساجد في مدينة صنعاء، وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، إلى ثكنات ومراكز مغلقة لاستقطاب الأطفال والمراهقين، وإخضاعهم لبرامج التطييف.

خطف الأبناء

واشتكى أولياء أمور في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط» من قيام مسؤولي الأحياء والمشرفين الحوثيين بخطف أبنائهم واقتيادهم قسراً إلى برامج تعبوية، تقام في المساجد.

وأكد نادر -وهو ولي أمر مراهق تم استقطابه قبل بدء شهر رمضان من حي السنينة في صنعاء- أنه عاجز عن استرجاع ابنه مهند (17 عاماً) إلى المنزل، بعد أن أرغمه أحد المشرفين على الانضمام إلى صفوف الجماعة، والالتزام بحضور الدروس التي تقام يومياً في الجامع الكبير بصنعاء.

ونقل نادر عن معمم حوثي القول إنه ستتم إعادة الفتى إلى المنزل مع نهاية رمضان، وحال انتهائه من تلقي ما يصفونه بـ«العقيدة الصحيحة» والعلوم الشرعية، وفق زعمهم.

ومع دخول رمضان من كل عام، تكثف الجماعة الحوثية خطابها الفكري والتعبوي، وترغم السكان بمختلف أعمارهم في صنعاء وغيرها على الالتزام بتوجهاتها ذات المنحى العنصري.

حوَّل الحوثيون «الجامع الكبير» بصنعاء القديمة للتعبئة الطائفية (إعلام محلي)

ويتوازى أسلوب التعبئة والحشد والتجنيد مع التجاهل المتعمد من قبل الجماعة لمعاناة وأوجاع ملايين السكان، بمن فيهم الموظفون الحكوميون المحرومون من المرتبات، في ظل اتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة، وانعدام أبسط الخدمات.

ولا يعد هذا الاستهداف الحوثي للمراهقين هو الأول، فقد سبق أن حولت الجماعة أقدم مساجد صنعاء المعروف باسم «الجامع الكبير» إلى معسكر لاستقطاب الأطفال والشبان، بغية غسل أدمغتهم.

واستقطبت الجماعة في منتصف العام الماضي عبر ما تسمى «جمعية الجامع الكبير» في صنعاء، نحو 1200 شاب ومراهق وطفل، منهم 500 طالب من التعليم الأساسي، و70 من خريجي الثانوية، و47 من طلبة الجامعات، و503 ممن استقطبهم أتباع الجماعة من مناطق عدة، تحت لافتة «الدورات الصيفية».

وخصصت الجماعة حينها، عبر ما تُسميان هيئتا الأوقاف والزكاة، عشرات الملايين من الريالات اليمنية (الدولار كان وقتها يعادل 520 ريالاً) للإنفاق على عملية الاستقطاب والتطييف في «الجامع الكبير» خلال فترة استمرت 3 أشهر، تحت شعار إقامة «الدورة 31 الصيفية».