الزرفي يحقق تقدماً نحو تشكيل الحكومة العراقية

كسب نواباً من كتل رافضة... ولا شروط مسبقة سُنية وكردية لدعمه

مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة القيارة جنوب الموصل إلى القوات العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)
مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة القيارة جنوب الموصل إلى القوات العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

الزرفي يحقق تقدماً نحو تشكيل الحكومة العراقية

مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة القيارة جنوب الموصل إلى القوات العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)
مراسم تسليم القوات الأميركية قاعدة القيارة جنوب الموصل إلى القوات العراقية أول من أمس (إ.ب.أ)

رغم نهاية الأيام العشرة الأولى من مدة تكليفه برئاسة الحكومة العراقية لا يزال عدنان الزرفي يراهن على إمكانياته الذاتية سواء في فن التفاوض والإقناع أو تكوينه شبكة علاقات جيدة مع النواب كونه أحد أنشط نواب الدورة البرلمانية الحالية.
الزرفي الذي شغل لدورتين منصب محافظ النجف ونجح في الوصول إلى البرلمان خلال انتخابات عام 2018 يجد نفسه حيال موقفين متناقضين، وهما مواقف التأييد التي يحظى بها من غالبية أعضاء البرلمان بمن في ذلك الأعضاء الذين ينتمون إلى كتل سياسية تعلن رفضها له ومواقف الرفض من قادة آخرين من نفس الكتل تدعوه إلى الاعتذار عن قبول التكليف لإتاحة المجال للكتل الشيعية في اختيار البديل الذي تراه مناسباً لها. المحاولات التي يقوم بها الزرفي لإقناع قادة البيت الشيعي ما زالت قائمة في وقت لم يبدأ تحركه خارج البيت الشيعي إلا مرة واحدة، حيث زار مدينة الفلوجة أول من أمس، للقاء رئيس البرلمان وزعيم تحالف القوى العراقية محمد الحلبوسي. وطبقاً للبيان الصادر عن المكتب الإعلامي للزرفي، كان اللقاء ناجحاً لجهة عرض المواقف السياسية المختلفة والاتفاق على المبادئ العامة.
وتبدو الأيام المقبلة حاسمة لجهة فرز وتحديد المواقف من الجميع لجهة قبول الزرفي من عدمه. وبينما أعلن ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي انسحابه من المشاورات الجارية داخل البيت الشيعي، معلناً تأييده للزرفي فإنه في الوقت الذي لا توجد فيه مؤشرات واضحة على اعتراض تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم على رفض الزرفي باستثناء الاعتراض على آلية التكليف فإن الكتلة الوحيدة التي لا تزال تعلن رفضاً واضحاً هي كتلة الفتح بزعامة هادي العامري. أما ائتلاف دولة القانون، وطبقاً لآخر ما صدر عن زعيمه نوري المالكي، فإنه مع موافقة الأغلبية كشرط لتمرير رئيس الوزراء المكلف. وقال المالكي في تغريدته مساء الخميس: «‏لا شك أن موقفنا الثابت هو أننا نؤيّد مرشح الأغلبية في المكون الأكبر والذي لا بد من أن يحصل على موافقة كتل الفضاء الوطني». وأضاف: «لا يمكننا أن نؤيد أي مرشح يفتقر لأحد هذين البعدين لأننا نخشى تبعات التقاطعات وانعكاسها على العملية السياسية المحاصرة بأكثر من تحدٍّ».
ويرى المراقبون السياسيون في بغداد أن تغريدة المالكي تمثل افتراقاً واضحاً عن الرفض القاطع الذي تتبناه كتلة الفتح لجهة التأكيد على الأغلبية الشيعية التي يمكن توفيرها عبر موافقة كتل رئيسية مثل «سائرون» و«الحكمة» و«النصر» مقابل اعتراض «الفتح». أما الفضاء الوطني الذي يقصده المالكي، وهم السنة والكرد، فإن كل المؤشرات تؤكد تأييدهم للزرفي دون شروط مسبقة.
وفي هذا السياق، يرى النائب السابق حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدنان الزرفي سينال ثقة البرلمان وبشكل مريح لعدم وجود أسباب مقنعة لدى الجهات التي لا تزال ترفض أو تتحفظ»، مبيناً أن «هناك أغلبية برلمانية واضحة مع الرجل ويمكن أن تسنده داخل البرلمان لا سيما أنه يسعى لأن يحقق ما يريده الجميع والمتمثل في مواجهة التحديات المستجدة مثل أزمة انخفاض أسعار النفط وكذلك الأزمة الصحية بسبب (كورونا)، فضلاً عن تعهده بإجراء انتخابات مبكرة».
إلى ذلك، وبالتزامن مع بدء الزرفي، الذي يصنفه خصومه على أنه محسوب على المعسكر الأميركي، مباحثاته مع القوى السياسية، بدأت الولايات المتحدة الأميركية تعلن عن انسحابها من بعض القواعد العراقية وتسليمها للعراقيين. وفي هذا السياق يرى رئيس «مركز التفكير السياسي في العراق» الدكتور إحسان الشمري، أن «الولايات المتحدة الأميركية سبق أن أوضحت بشكل قطعي أنها غير راغبة في الانسحاب من العراق وبالتالي فإن انسحابها من بعض القواعد وتسليمها لقيادة عراقية يأتي في إطار إعادة التموضع، حيث إن واشنطن تنظر بقلق إلى طبيعة التطورات الداخلية ومنها الأزمة السياسية وكذلك طبيعة التهديدات التي انطلقت من الفصائل المسلحة، حيث يمكن أن تكون مثل هذه المسائل ضاغطة بشكل كبير جداً في موضوع إعادة الانتشار».
وفيما إذا كان هناك ربط بين مثل هذه الإجراءات وبين تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة يقول الشمري إنه «ربما لا يوجد ربط بين الاثنين خصوصاً أن الولايات المتحدة سوف تتعامل مع الزرفي بوصفه رئيس وزراء العراق وبالتالي فإنها سوف تمضي مع مصالحها بالتأكيد سواء كان الزرفي أو سواه»، مبيناً أن «الانسحاب والتأييد وتقليص المدة التي تزامنت مع مهلة تكليف الزرفي ينطوي على جانبين: الأول رسالة إلى الطبقة السياسية العراقية بأن عليها أن تُنهي عهد عادل عبد المهدي الذي تعرضت فيه الولايات المتحدة لاستهدافات وخسائر في مصالحها الاقتصادية والسياسية، والآخر هو محاولة ضغط واضح لإعادة العراق إلى مساحة التوازن بين إيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى».



تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
TT

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)

في ظل استمرار اليمن واحداً من أخطر البلدان على الصحافيين منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات؛ تعتزم منظمات دولية ومحلية إطلاق شبكة قانونية لدعم الحريات الصحافية في البلاد، بالتزامن مع كشف نقابة الصحافيين عن انتهاكات عديدة طالت حرية الصحافة أخيراً.

وفي بيان مشترك لها، أعلنت 12 منظمة دولية ومحلية تأسيس شبكة خاصة بحماية الصحافيين اليمنيين، لتقديم خدمات الحماية والدعم القانوني إليهم، ومساندة حرية التعبير في البلاد، كما ستعمل على مضاعفة التنسيق والتكامل واستمرارية الجهود، لتعزيز الحماية وضمان سلامتهم واستقلاليتهم والمؤسسات الصحافية والإعلامية.

ويأتي إطلاق الشبكة، وفق بيان الإشهار، ضمن «مشروع ضمان الحماية القانونية للصحافيين» الذي تنفّذه «المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين» (صدى)، بالشراكة مع «اليونيسكو»، والصندوق العالمي للدفاع عن وسائل الإعلام، والذي يهدف إلى تمكين الصحافيين اليمنيين من الوصول السريع والآمن إلى خدمات الحماية الشاملة وخدمات المشورة والمساعدة القانونية.

عدد كبير من الصحافيين اليمنيين غادروا أماكن إقامتهم بحثاً عن بيئة آمنة (إعلام محلي)

وتضم الشبكة في عضويتها 6 منظمات دولية وإقليمية، بينها: «المادة 19»، ومؤسسة «روري بيك ترست»، وصندوق الدفاع عن وسائل الإعلام العالمي، و«فريدوم هاوس»، والمركز الأميركي للعدالة، إلى جانب 6 منظمات ومؤسسات إعلامية محلية.

انتهاكات متنوعة

تأتي هذه الخطوة عقب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين أكدت فيه أن «الجماعة الحوثية تقف وراء نحو 70 في المائة من الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون خلال الربع الثالث من العام الحالي»، ونبهت فيه إلى «استمرار المخاطر المحيطة بالعمل الصحافي والصحافيين، وعملهم في بيئة غير آمنة تحيط بحرية التعبير في البلاد».

وعلى الرغم من إغلاق الجماعة الحوثية كل الصحف والمواقع المعارضة لتوجهاتها، ومنع عمل وسائل الإعلام العربية والدولية في مناطق سيطرتها؛ فإن نقابة الصحافيين رصدت وقوع 30 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الحالي، وقالت إن ذلك يؤكّد «استمرار المخاطر تجاه الصحافة والصحافيين في بيئة غير آمنة تحيط بالصحافة وحرية التعبير في اليمن».

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

ويذكر التقرير أنه، وخلال الفترة من 1 يوليو (تموز) وحتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضيين؛ تمّ رصد 14 حالة حجز حرية بنسبة 47 في المائة من إجمالي الانتهاكات، و6 حالات محاكمات واستدعاء لصحافيين بنسبة 19 في المائة، و4 حالات تهديد وتحريض بنسبة 13 في المائة، وحالتي اعتداء بنسبة 7 في المائة، وحالتي مصادرة لأجهزة الصحافيين بنسبة 7 في المائة، وحالتي ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين بنسبة 7 في المائة.

ووضعت النقابة الجماعة الحوثية في طليعة منتهكي الحريات الصحافية؛ حيث ارتكبت 21 انتهاكاً بنسبة 70 في المائة، في حين ارتكبت الحكومة الشرعية بكل التشكيلات التابعة لها، 9 حالات انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وبنسبة 30 في المائة منها.

ورصدت النقابة 14 حالة حجز حرية، بنسبة 47 من إجمالي الانتهاكات، تنوّعت بين 10 حالات اختطاف، و3 حالات اعتقال، وحالة ملاحقة واحدة، ارتكب منها الحوثيون 10 حالات، والحكومة 4 حالات.

الصحافة الورقية تعرّضت للإيقاف على أيدي الحوثيين الذين منعوا كل إصداراتها إلا الموالية للجماعة (إكس)

ويورد التقرير أن هناك 14 صحافياً رهن الاحتجاز لدى الأطراف كافّة، منهم 10 لدى الجماعة الحوثية، واثنان منهم لدى قوات الحزام الأمني في عدن، وصحافي اختطفه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، وأخفاه منذ عام 2015، وهو محمد قائد المقري.

بيئة غير آمنة

يعيش الصحافيون المعتقلون في اليمن أوضاعاً صعبة ويُعاملون بقسوة، ويُحرمون من حق التطبيب والزيارة والمحاكمة العادلة، وفقاً لتقرير النقابة.

وسجّلت النقابة 6 حالات محاكمات واستدعاءات لصحافيين بنسبة 24 في المائة من إجمالي الانتهاكات استهدفت العشرات منهم، ارتكبت منها الحكومة 4 حالات، في حين ارتكب الحوثيون حالتين.

وتنوّعت هذه المحاكمات بين حكم بالإعدام أصدرته محكمة حوثية بحق طه المعمري، مالك شركة «يمن ديجتال» للخدمات الإعلامية، وحالة حكم بالسجن للصحافي أحمد ماهر، و3 حالات استدعاءات لصحافيين.

كما وثّقت 4 حالات تهديد لصحافيين بالعقاب بنسبة 16 في المائة من إجمالي الانتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، وسُجّلت حالتا اعتداء، منها حالة اعتداء على صحافي، وحالة مداهمة لمنزل آخر.

تدريب صحافيين يمنيين على الاحتياطات الأمنية حيث يعيش غالبيتهم تحت طائلة التهديدات والاعتداءات (إعلام محلي)

ووقعت حالتا مصادرة لمقتنيات وأجهزة صحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية، وحالتا اعتقال سيئة لصحافيين معتقلين لدى الجماعة.

وطبقاً لتقرير النقابة، فإن مختلف الأطراف، خصوصاً الجماعة الحوثية، استمرت في اعتقال الصحافيين والتضييق عليهم، كما استمر استخدام القضاء لمعاقبتهم وترويعهم ومحاكمتهم في محاكم خاصة بأمن الدولة والإرهاب.

ويواجه الصحافيون الترهيب من خلال التهديدات والاعتداءات ومصادرة مقتنياتهم، رغم أن القيود المفروضة عليهم دفعت بعدد كبير منهم إلى التوقف عن العمل الصحافي، أو مغادرة أماكن إقامتهم، والنزوح بحثاً عن بيئة آمنة.

وطالبت نقابة الصحافيين اليمنيين بالكف عن مضايقة الصحافيين أو استخدام المحاكم الخاصة لترويعهم وإسكاتهم.