تشكيل «مجلس ثوار حلب» وأنباء عن إعداده لتولي «حوار مع النظام»

خطة دي ميستورا نسخة عن اتفاق البوسنة.. ولقاء ثالث مع «الحر» لإطلاعه على التفاصيل

صورة لقلعة حلب التي تعدها اليونيسكو من الإرث العالمي، وقد دمر جزء منها بسبب القتال الدائر (أ.ف.ب)
صورة لقلعة حلب التي تعدها اليونيسكو من الإرث العالمي، وقد دمر جزء منها بسبب القتال الدائر (أ.ف.ب)
TT

تشكيل «مجلس ثوار حلب» وأنباء عن إعداده لتولي «حوار مع النظام»

صورة لقلعة حلب التي تعدها اليونيسكو من الإرث العالمي، وقد دمر جزء منها بسبب القتال الدائر (أ.ف.ب)
صورة لقلعة حلب التي تعدها اليونيسكو من الإرث العالمي، وقد دمر جزء منها بسبب القتال الدائر (أ.ف.ب)

أعلن 14 فصيلا معارضا مسلحا من الثوار المعتدلين في مدينة حلب أمس تشكيل «مجلس ثوار حلب» لتشجيع الفصائل الأخرى على التوحد، وذلك غداة إعلان دمشق عن درسها «خطة تجميد القتال في المدينة» التي تقدم بها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وهي الخطة التي يتجه المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر إلى رفضها «إذا لم تكن في صورة أشمل، وتعمم على 4 جبهات في سوريا في الوقت نفسه»، كما قال عضو في هيئة أركان الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط».
وبينما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تشكيل «مجلس ثوار حلب» يعود إلى «ما تعانيه الثورة السورية من «تفرقة وتشتت في الرأي والجهود وما تمر به مدينة حلب بشكل خاص من صعوبات ومخاطر محدقة»، كما ورد في بيان المجلس، قالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن تشكيل هذا المجلس «يأتي تمهيدا لحوار مفترض يتولاه المجلس مع أركان في النظام السوري، يلي المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق، وهي تجميد القتال في المدينة والتوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أن تشكيل المجلس «يتزامن مع اقتراحات تقدم بها أشخاص يتواصلون مع دي ميستورا، لتفعيل الحوار المحلي بين فعاليات المدن وممثلين عن النظام، ويتجه نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد للموافقة عليه».
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» المعلومات التي تحدثت عن خطة الحوار الثنائي في المدن، كاشفا أن تقارير دولية تحدثت عن حوار مشابه «تسعى جهات دولية لتفعيله منذ أشهر على أن تتولاه مجالس ثورية محلية»، مشيرا إلى أن هذا النموذج الذي تداوله المهتمون بالشأن السوري في الأروقة الدولية «لا يقتصر على الحوار في حلب، بل يشمل باقي المدن السورية»، لكنه شكك في الوقت نفسه في أن ينجح الحوار في سائر المناطق السورية، قائلا: «إذا كانت إمكانية نجاح المصالحات المحلية داخل المدن ممكنة، فإنه يستحيل ذلك في الأرياف، خصوصا أن تنظيم (داعش) يسيطر على مساحة كبيرة من الجغرافيا السورية». وقال إن المرصد السوري الذي يديره «يرحب بأي مسعى يهدف إلى حقن دماء السوريين، ويضمن انتقال السلطة في سوريا وتحويل البلاد إلى دولة ديمقراطية خالية من سلطة الأسد».
ولم يؤكد عبد الرحمن ما إذا كان المجلس المشكل أخيرا في المدينة سيتولى الحوار، لكنه شدد على أن الموقعين على بيان التشكيل «هم من الثوار المعتدلين وليسوا ضمن التشكيلات الإسلامية الموجودة في حلب».
ولم تعرض تفاصيل الاتفاق بالكامل على أركان المعارضة السورية، وخصوصا على الجهة المعنية فيها وهي الجيش السوري الحر، إذ أبلغت قيادة الأركان في الجيش السوري الحر بمساعٍ للتوصل إلى خطة لتجميد القتال في حلب، خلال اللقاء الثاني بين أعضاء من المجلس العسكري للجيش الحر، وممثلين عن دي ميستورا الذي عقد قبل 20 يوما. وقال عضو هيئة الأركان أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا رؤية كاملة حتى الآن وواضحة لأن الطرح ناقص، ولا يمكن اتخاذ قرار نهائي قبل أن تتضح الصورة»، مشيرا إلى أن ممثلين عن دي ميستورا سيعقدون لقاء ثالثا مع الجيش الحر قريبا «لاطلاعنا على تفاصيل الخطة». وقال إن هيئة الأركان في الجيش السوري الحر «جددت مناقشة الصيغة التي وصلت إلينا أمس، وتوصلت إلى أنه إذا كانت الصيغة تقتصر على حلب فإننا سنتجه إلى رفضها، لأنها تعطي النظام فرصة التحرك في جبهات أخرى وإجهاض تقدم المعارضة بعد أن يسحب قواته من حلب إلى تلك الجبهات».
وكشف العاصمي لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءين السابقين اللذين جمعا ممثلين عن دي ميستورا بأعضاء هيئة أركان الجيش السوري، طرح الوفد الدولي خلالهما إقامة «جيوب آمنة» في مدينة حلب، «شبيهة بما توصلت إليه الجهود الدولية في البوسنة في التسعينات»، مشيرا إلى أن الوفد «لم يقدم تفاصيل عن الخطة، ولا عن الخطوات التي ستليها، لكن الأكيد أنها لن تتضمن قوات فصل دولية في الوقت الحالي، كما لا تتضمن شروطا بانسحاب مقاتلي المعارضة فيها، بل تجميد القتال والقصف».
وقال العاصمي إن المداولات مع المجلس العسكري أمس «أفضت إلى اتجاه لرفض المبادرة»، مشيرا إلى أن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية «ترك لنا مساحة للتقييم، وسنتناقش بكل التفاصيل ونصدر قرارا رسميا». لكنه أوضح أن الرفض «ينطلق من الاعتراض على التوقيت، كون قوات النظام تنكفئ في الوقت الحالي في أكثر من مدينة سوريا، ويستنزفها القتال في جبهة مورك (شمال حماه) وجبهات الجنوب في القنيطرة ودرعا التي تشارف قوات المعارضة على إحكام سيطرتها الكاملة عليها». وقال إن المجلس ناقش أيضا «الموافقة المشروطة بأن لا تكون الخطة مقتصرة على حلب، بل تكون أشمل، وتتضمن وقفا لإطلاق النار في الجبهات المحتدمة، وبينها القلمون وريف دمشق والجبهة الجنوبية وحماه».
ويؤكد القياديون العسكريون أن اعتبارات الرفض والقبول «عسكرية بحتة»، ففي هذا الوقت ينتشر قسم كبير جدا من قوات النظام في مدينة حلب وأريافها القريبة، ما «يستنزف القوة البشرية للنظام التي يحتاج إليها في جبهات أخرى». وعليه، يقول العاصمي إن الموافقة غير المشروطة «تمنحه فرصة كبيرة لتحسين أدائه في مناطق أخرى، بعد سحب مقاتلين من حلب إليها، وهي فرصة نرفض أن نعطيها للنظام»، معربا عن اعتقاده بأن النظام «سيلتزم بالخطة لأنه يحتاج إلى تهدئة في جبهة حلب».
وتشتعل 3 جبهات رئيسية في مدينة حلب، هي جبهة حندرات الواقعة على بعد 20 كيلومترا شمال حلب، إضافة إلى الجبهة الواقعة غرب السجن المركز على المدخل الشمالي الشرقي لمدينة حلب، فضلا عن جبهة جمعية الزهراء على المدخل الواقع شمال غربي المدينة. ومنذ إطلاق النظام حملة عسكرية واسعة قبل 8 أشهر على المدينة، تقدم في المنطقة الصناعية التي استعاد السيطرة عليها، بينما يحكم سيطرته على جنوب شرقي المدينة، وبعض أنحاء المداخل الغربية، على الرغم من أنها تشهد اشتباكات متقطعة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.